شهدت ولاية المهدية خلال الفترة المنقضية، وعلى غرار سائر جهات البلاد، نزول كميات هامة من الأمطار تراوحت بين 30 و40 مم كان لها الأثر الطيّب في نفوس الجميع واستبشر بها الفلاحون أيّما استبشار. الفلاح يشكو من قلّة الماء الصالح للزراعة، في جهة يرتكز النشاط فيها بالأساس على الفلاحة وتعتبر المنتج الأول للحليب في تونس... حيث كانت الأمطار الأخيرة فأل خير ومتنفّسا للفلاح لاستئناف نشاطه في كنف التفاؤل بتوفر الظروف الملائمة لسير الموسم الفلاحي، لاسيما وأنّها صالحة ونافعة لكل الغراسات الصغرى والكبرى و الزياتين والبقول والأشجار المثمرة . المعروف عن جهة المهدية أنّها منطقة فلاحية، لكنها تفتقر للسدود والبحيرات والآبار السقوية، التي من شأنها النهوض بقطاع الفلاحة ومساعدة الفلاحين على مجابهة العراقيل الكثيرة التي تعترض عملهم الدوري كلّ موسم فلاحي، كانحباس الأمطار وقلة المرعى وغياب دعم الدولة لصغار الفلاحين وعدم توفّر البذور المناسبة و مادّة « الأمونيتر» التي يلجأ إليها الفلاح في هذا التوقيت بالذات لاستعمالها كأسمدة نافعة للزياتين ومزارع الحبوب.. وهوّ ما انعكس سلبا على الإنتاج الذي يبقى في أحسن الأحوال استهلاكيّا،لا يرقى لقيمة المساحات الشاسعة للأراضي الفلاحية في الجهة والتي تعتبر غير مستغلّة بالشكل الأمثل للأسباب المذكورة آنفا، وهوّ ما ساهم في هجر الفلاحين لأراضيهم وتركيزهم على أنشطة حرفية صغيرة لاتعكس بتاتا طبيعة الجهة التي تتوفّر على آلاف الهكتارات غير المستغلّة خصوصا منها أراضي الدولة (الحبس) المنتشرة عبر أغلب معتمديات الجهة، وقد حان الوقت لمراجعة القوانين المتعلقة بهذه الأراضي واستغلالها في الصالح العام بتهيئتها وتسويغها للخواص قصد خدمتها والانتفاع بما تنتجه من خيرات ستعمّ على البلاد قاطبة دون شكّ. مؤشّرات تشير كلّ المؤشرات تقريبا، ورغم الصعوبات والعوائق الكثيرة، إلى أن الموسم الحالي سيكون طيبا في مجمله مع ما منّ به الله على الجهة من غيث نافع سيكون خير حافز للفلاحين لمواصلة عملهم في ظروف تساعد على الإنتاج، لكن يبقى الفلاح دون شكّ في حاجة لتضافر جميع الجهود والأخذ بيده ومساعدته على توفير الكميات المناسبة من البذور والأسمدة لخدمة الأرض والعلف المركب للمواشي ودعمه بالقروض الصغرى والمتوسّطة والتمويلات الضرورية لهذه الأشغال من طرف البنوك والمندوبية الجهوية للفلاحة، التي باتت في حاجة ماسّة لإعادة تحيين خدماتها وتطوير وسائل عملها بما يضمن التواصل الإيجابي مع الفلاحين الصغار بإجراءات جديدة من شأنها النهوض بقطاع الفلاحة في الجهة، وتوفير المعلومات اللازمة لهم لاستقطابهم في مشاريع سيكون لها دور أساسي في خلق مواطن شغل جديدة وتقليص نسبة البطالة، مع ما توفّره من دعم كبير للإنتاج الفلاحي تزامنا مع الصعود الصاروخي لأسعار الخضر والغلال التي انكوى بنارها الفلاح والمستهلك على حدّ السواء.