بين الضرورة الأمنية والتخوف من تسييس القانون واستعماله كتعلّة لحجب الحرّيات، يطرح موضوع تجديد إعلان حالة الطوارئ أكثر من سؤال. فما مدى قابلية المواطنين لها وأي أثر لها على الوضع الاقتصادي؟ «الشروق» نزلت الى الشارع التونسي وحاولت جس نبضه حول رؤيته لاعلان حالة الطوارئ ومدى حاجته لاستمرارها وتخوفه من الوضع الأمني في الفترة الحالية. كما حاولت أن ترصد رأي المختصين في مدى تأثير هذا الاعلان على مستوى الوضع والاستثمار الخارجي والاقتصاد التونسي، اضافة الى تأثير حالة الطوارئ في الحريات. التخوف من السلفية والهجمات الارهابية اضافة الى التخوف من وجود أسلحة وعدم استتباب الأمن وتتالي السرقات هو الهاجس الأكبر الذي وجدناه لدى التونسيين خلال جولة قامت بها «الشروق». ويقول ماهر (عامل) إنّ الوضع لم يعد آمنا وهناك تخوف من الموجة السلفية والتحريض على الكره والتباغض بين التونسيين... اضافة الى التخوف من السرقات المتكرّرة، فالتونسي لم يعد قادرا على التجوّل في أوقات المساء المتأخرة والليل. واعتبر ماهر أن تواصل اعلان حالة الطوارئ ضرورة حتى يتم القبض على «المجرمين» والمنادين بالعنف والمهدّدين للحرّيات والحياة العادية. طوارئ... وإرهاب تقول السيدة زهرة (عاملة) إنه من الضروري أن تتواصل حالة الطوارئ نظرا لحساسية الوضع الأمني حاليا، مؤكدة خوف التونسيين في هذه الفترة مما يجري من سرقات وانخرام في الأمن وأشارت الى المجموعات الارهابية التي تمّ التفطن إليها في بني خداش وفي صفاقس وإلى تدفق الأسلحة... والتخوف من السلفية الناشئة... وقالت إنّ تواصل استنفار الأمن والجيش الوطني مازال ضروريا لمدّة شهور في البلاد. بدوره قال السيد مولدي سليتي (موظف) إن الوضع في البلاد غير مستقر والأمن غير مستتب وإنه من المهم أن يتمّ تواصل اعلان حالة الطوارئ في البلاد حتى يأمن المواطن. ولاحظ مولدي أنّ السرقات متكرّرة والأسواق غير آمنة والتنقل لا يخلو من المشاكل لاسيما في المساء المتأخر وليلا. بدورها اعتبرت الحاجة فاطمة أن المواطن يشعر بالخوف وأن العائلات لم تعد تخرج وتتنقل كما كان عليه الوضع قبل 14 جانفي 2011. كما أنّ ما تبثه الأخبار حول موضوع انتشار الارهاب والسلفية يثير في نفوس التونسيين القلق، وهو ما يقتضي تواصل حالة الطوارئ وانتشار الأمن والجيش حسب رأيها. بين الأمن والحرية طرح فراس الكرّاي (طالب بمعهد الصحافة) اشكالية «تسييس» قانون الطوارئ وتحويله الى وسيلة لكبح الحريات، معتبرا أن الظرف الأمني يتطلب استمرار تطبيق هذا القانون لكن مع مراعاة جانب الحريات. وقال فراس: «إن ما نعيشه اليوم من ظروف أمنية ووجود مجموعات مسلحة دخلت عبر الحدود وتهديد ارهابي يتطلب استمرار وتواصل العمل بقانون الطوارئ على مستوى الحدود ولحماية الجانب الأمني... لكن ما نخشاه هو أن يتم استعمال هذا القانون لكبح الحريات ومنع التجمعات والحق في التظاهر والاعتصام». وأضاف فراس أن ما ينتظره المواطن هو حماية الجانب الأمني مع ضمان حريته فيما يخشى من تحويل القانون لخدمة مصالح النظام ولايقاف موجة الاحتجاجات ضدّ الحكومة. بدوره اعتبر سيف الدين العامري (طالب بمعهد الصحافة) أن تمديد حالة الطوارئ اليوم أمر طبيعي نتيجة للظروف الاستثنائي التي تعيشها تونس وكل الأمة العربية. وقال إن القانون العام يعرف حالة الطوارئ بأنها خطر داهم على المجموعة الوطنية وهذا التعريف يدعمه في حالة تونس اليوم التي تتعرض الى تهديد ارهابي خارجي تحت جبة الدين والجماعات الاسلامية المتطرفة. وأضاف: «لكن حالة الطوارئ لا يمكن لها أن تحيد خارج هذا الاطار لتمسّ الحقوق والحريات الخاصة والعامة للمواطن التونسي... فعلى حالة الطوارئ أن تحدّدمجالها وأهدافها». وذكر بأن الدولة التونسية ومنذ وجودها تختلف عن بقية أقطار العالم العربي مثل سوريا ومصر وهي بلدان الطوق التي تشهد تهديدا صهيونيا. أما في تونس فحالة الطوارئ ضرورة لحماية الشعب التونسي لا لمزيد خنقه وقهره. وبعيدا عن الآراء المنادية بتمديد حالة الطوارئ اعتبر السيد عيادي عبد الرزاق (سائق) أنه من الضروري إلغاء الاعلان على تمديد حالة الطوارئ نظرا لتأثير هذا القانون على الجولان وعلى الحركة التجارية والاقتصادية والاستثمار الخارجي. الأمن والجيش أكد السيد هشام المؤدب في أكثر من لقاء اعلامي على وجود سيطرة أمنية على كل ما يجري في تونس... وأن الأمن بصدد القيام بعمله ومصادرة الأسلحة وإلقاء القبض على المجرمين وكل من يخالف القانون. وخلال سؤال من«الشروق» للسيد العميد مختار بن نصر قال إن مراجعة امكانية تمديد حالة الطوارئ تتمّ كل ثلاثة أشهر وإن أجل هذه الأشهر لم يتمّ بعد... وإنه قد يتمّ تمديد حالة الطوارئ هذه إذا ما تبيّن أن حساسية هذه الفترة تقتضي ذلك. في المقابل قال العميد مختار بن نصر إنه لا دّاعي للخوف وإن الوضع الأمني في البلاد مرضي، وأضاف أنه يتمّ السيطرة على الحدود وعلى تسريب الأسلحة نحو تونس.