اضطّر المشرف (أدمين) على الصفحة الرسميّة للسيّد راشد الغنوشي على الفايس بوك إلى نشر التوضيحات التالية بعد أن تلقّى موقف حركة النهضة المتمسّك بنص الفصل الأوّل من دستتور 1959 سيلا من الانتقادات،
في ما يلي نص التوضيحات التي تدافع عن سبب الموقف المتّخذ: «نشكر جميع المشاركين بالتعليقات في الصفحة ونثمن ونقدر مشاعرهم الفياضة بحب الإسلام ونتفهم غضبهم أو عدم فهمهم للقرار الأخير للهيئة التأسيسية حول الاكتفاء بالبند الأول من الدستور ونريد توضيح النقاط التالية لعلها تساهم في إثراء الحوار وشرح الموقف:
- مبادئ الحركة إسلامية ولن تحيد عن هذا أبدا ولا اجتهاد في ما فيه نص قطعي الدلالة والثبوت.
- موضوع التنصيص على الشريعة من عدمه يندرج ضمن ما يعرف بالسياسة الشرعية حيث تقدير المصلحة هو المحدد الأساسي للاجتهادات والخيارات.
- مبدأ التدرج في تنزيل الأحكام مبدأ ثابت في السنة النبوية.- فرض تشريع من التشريعات دون أن يكون المجتمع مستعدا لتقبله ربما يؤدي إلى رفضه بما يخالف المصلحة. نرى هذا من حادثة منع الخمر في المدينة حيث لم يقع فرض منعه من أول وهلة, ولكن حكمة الله ومعرفته بعباده أدت إلى أن المنع سبق بتهيئة وبتدرج وبصنع ما يمكن أن نسميه بالمصطلح العصري «رأي عام» مطالب بالمنع ومستعد لتنفيذ الأمر دون إكراه في حال تنزيل التشريع وهذا مثبت في سورة البقرة حيث وصل الرأي العام الإسلامي إلى درجة من الاستعداد للمنع والتشوف له وذلك في آية (يسألونك عن الخمر والميسر) نسبة كبيرة من التشريع التونسي الموجود والمجلة القانونية الموجودة مستمدة من الشريعة الإسلامية بشهادة خبراء التشريع.
إذا كان الإسلام هوية الدولة فإن الشريعة جزء من الإسلام لذا لا يجب بالضرورة التنصيص على الخاص إذا كان مشمولا في العام. هناك العديد من الدول التي تنص على الشريعة ولكن هذا لم يمنع انتشار الفساد الأخلاقي والمادي وطغيان الحاكم وحاشيته. لذا وجود النص لوحده لا يكفي.
تنوي النهضة إقتراح التنصيص على مبادئ الإسلام في توطئة الدستور ليكون الدستور مستلهما من مبادئ الإسلام, ومن أهداف الثورة, ومن مبادئ الحداثة.
لا أحد ينكر أن هناك نسبة كبيرة من الشعب تطالب بالشريعة الإسلامية كمصدر للتشريع وهذا من حقها الديني والديمقراطي ولكن لا ينكر أحد أن هناك نسبة من الشعب التونسي التي لديها تخوفات من هذا الأمر بسبب عدم الفهم الصحيح لمبادئ الشريعة السمحة بسبب حملات التشويه المتواصلة. لذا الأولوية ليست في فرض الشريعة على هذا الجزء من شعبنا لأنه (لا إكراه في الدين) ولكن الأولوية هي في إيجاد أرضية دنيا مشتركة بين شعبنا والعمل على إشاعة الفهم الصحيح للشريعة. يجب أن نتذكر أن النهضة حظيت بحوالي 42% فقط من الأصوات التكليف في الإسلام هو حسب الوسع والاستطاعة والقدرة. لذا ما لم نستطع تنفيذه في الحاضر فلسنا شرعا مطالبين به في هذا الوقت, وإنما علينا العمل على صنع رأي عام يفهم الشريعة فهمها الصحيح بما هي عدل ورحمة وأخوة ونظام.
تبنى الدساتير على الإجماع والوفاق وليس على مبدأ الأغلبية لكي يقبل عموم الناس بالقوانين المنبثقة عن الدستور.
هناك إجماع في الشعب التونسي حول البند الأول الذي يحدد هوية الدولة ولغتها ولكن ليس هناك إجماع على موضوع الشريعة بسبب حملات التشويه والمفاهيم المغلوطة عن الشريعة.
ليس من الحكمة تقسيم الشعب التونسي بين مناصر للشريعة ومعارض لها, ولكن الحكمة في التروي وأخذ الوقت الكافي في نشر الفهم الصحيح للدين والشرع.هذه مساهمة بسيطة لشرح حيثيات قرار الهيئة التأسيسية والتي تهدف لإشاعة الوفاق بين أطراف شعبنا والنجاح في هذه الفترة الحساسة من تاريخ بلادنا.