رغم موقعها الجغرافي والاستراتيجي ورغم ثقلها الديمغرافي والاقتصادي، فان معتمدية بوحجلة لم تحظ بأية فرصة تنموية ولم تجد حظها من المرافق الأساسية ولا من برامج التشغيل والتأهيل الاقتصادي والاجتماعي وتصنف هذه المعتمدية ضمن أكثر الجهات التي تنتشر بها البطالة بشكل لافت. اذ تفتقر بوحجلة إلى معامل تستقطب اليد العاملة وهو ما ساهم في ارتفاع نسبة البطالة خاصة في طبقة الشباب وأصحاب الشهائد العليا. إضافة إلى أن البنية التحتية غائبة كليا مما حرم الجهة من فرص الاستثمار والاستفادة من الموارد الطبيعية والبشرية علما وان عدد سكان بوحجلة يبلغ 120 ألف ساكن موزّعون على 14 عمادة لم يتحصّلوا على حظّهم من التنمية.
«الشروق» زارت بوحجلة. واعتبر سكان الجهة ان حضورها في ظل غياب الإعلام والتعتيم عن الواقع المرير وإقصاء الجهة من التلفزة، أمر مطمئن ودفعهم إلى الحضور من اجل ابلاغ أصواتهم. وعبروا عن استيائهم من تجاهل نداءاتهم وطلباتهم المتكررة وحقهم في العيش الكريم. أمام تفاقم المعاناة ورغبة شباب الجهة في نحت حياة جديدة وواقع يتماشى والطموحات بعد ان تحول المقهى إلى مطمورة احلام ومقبرة طموحات.
الحاج عمّار أفادنا أنه رغم مرارة الواقع فإنهم يتطلعون إلى الأفضل. وبين أن ما تحتاج اليه الجهة هو مشاريع تنموية وانخراط أبناء الجهة في المسار التنموي من خلال الإسهام في بعث المشاريع من اجل تحقيق حياة سليمة وكريمة بعيدة عن ظاهرتي الهجرة والنزوح والوقوع في المحظور وعواقبه كما سبق وحصل.
المنجي الشامخي (مدير مدرسة) تحدث عن هشاشة بنية التعليم وقال انّ رجال التعليم ببوحجلة، هم أشبه بمحاربين. حيث يتعين عليهم مغالبة الظروف الطبيعية مثل المسالك الفلاحية ونقص التجهيزات وغياب الوسائط التعليمية، إضافة إلى هشاشة البنية التحتية للمؤسسات. وطالب بتسييج وتجهيز المدارس على غرار مدرسة الفتح وأولاد فرج الله وابن خلدون وغيرها. كما أشار إلى نقص الاطار التربوي كما طالب بالتسريع في تسوية وضعية عمال الحضائر وأعوان الآلية 16 بجهته ومزيد العناية بالمرأة في الريف.
«المثانين» و«الشرائطية» و»أولاد عاشور» و»الجهينات» و»المويسات» وجهينة وغيرها من أسماء العمادات تختلف التسمية وتشترك في النقائص. وأكد فوزي الرمضاني أن الخدمات مفقودة بهذه الجهة حيث يضطر الأهالي إلى التوجه إلى المدينة أو إلى وسط الولاية لقضاء شؤونهم وهو ما يثقل كاهلهم بمصاريف إضافية. وطالب بمراجعة المشاريع المقترحة لميزانية 2012 التي تكاد أن تجعل بوحجلة مغيّبة الا قليلا من المشاريع القديمة التي لم تنجز.
أما إسماعيل الظاهري (نقابي) ومن منطلق متابعته الدقيقة لظروف الجهة، فتعرض إلى غياب المرافق الصحية وأكد أن المستشفى المحلي يفتقر إلى ابسط التجهيزات والمعدات مع غياب كلي لعدة اختصاصات طبية. وعبر عن رغبة المواطنين في مستشفى جهوي أمام عجز المحلي الحالي عن استيعاب الأعداد المتزايدة من المرضى، كما طالب بتهيئة المنطقة الصناعية بالجهة.
وتعاني عديد العائلات ببوحجلة من فقدان ماء الشرب. وهو ما جعلها تستنجد بالخزانات أو التنقل بواسطة الدواب إلى مسافات طويلة لجلبه. وقد أنهكت رحلات البحث عن الماء الكبار والصغار خصوصا في منطقة أولاد عاشور والقطيطير وأولاد فرج الله وقد طالب المواطن شاكر الشريقي الجهات المعنية بتوفير ماء الشرب الذي يعد من أوكد المطالب وقال ان صبر المواطنين في ذلك قد نفد.
لا يخلو الحديث مع المعطلين من المرارة وهم يتحدثون بمعجم من الإحباط. وعبروا من خلال «الشروق» عن أملهم الكبير في الحصول على شغل. خاصة أن معظمهم من عائلات فقيرة تحتاج إلى الرعاية المادية. وعجزوا عن مساعدتهم رغم تقدم العمر بالأبناء المعطلين والآباء المتعطشين. وأفادنا زيدان الجهيناوي أن واقع المعطلين ببوحجلة له خصوصية في ظل غياب قطاع خاص مهيكل ومنظّم وفي ظل انعدام المشاريع الاقتصادية. وأشار إلى أن المعطل ينتظر الوظيفة العمومية دون ان يطال الحلم. وقال «ان التصريحات الاستفزازية لوزير التشغيل تقتل في المعطلين أمل الحياة وطموح الغد وتمزق إحساسهم بالكرامة. ودعا المسؤولين إلى معالجة جادة ومسؤولة لقضية البطالة بشكل جدي وتنفيذ الوعود. وطالب بالإسراع بالإفراج عن نتائج مناظرات 2011 والتسريع في فتح مناظرات بعنوان سنة 2012.
تحقيق تنمية ترتقي بمستوى عيش المواطن ببوحجلة وتحقيق العدالة الاجتماعية ل«فرسان جلاص» هو ابرز عنوان يجتمع حوله أبناء الجهة. ويؤكدون ان جهتهم قادرة على تغيير واقعها انطلاقا من المقدرات الطبيعية والبشرية لتوفر أرضية خصبة وصالحة لتحقيق التنمية. ناهيك أن «فرسان جلاص» معروفون بكرمهم وأصالتهم. فهل تدفع الجهات المعنية والوالي الجديد للجهة باتجاه تشجيع المستثمرين الذين مازالوا غائبين عن الجهة خاصة أن هناك صعوبات تنفرهم. وهل يتم التدارك من اجل تحقيق أحلام الشبان الحالمين...؟