يبدو لي أن عقلي وعقول أمثالي باتت هي الأخرى تمارس الإضراب والاعتصام وحتى الانفلات من التفكير بمنطق معقول حماية لنا من الاصابة بالجنون لأن كل ما يدور على الساحة حولنا من أوضاع وضياع وخطط وقطط (تصطاد لربي) وترهات وأبهات وزعامات مزعومة هو فعلا «يجنن» والعقول التي تمتلك من الوعي ولو ذرة هي رحيمة بأصحابها حتى لا يبقى«ذو العقل يشقي في النعيم بعقله وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم» لذلك أعتذر إن كنت سطحيا في كلامي فأنا أخيّر أن أكون مجنونا حتى وإن كانت في الجنون فنون جميلة.
أنا لا أملك رخصة سياقة ولا أفقه من علامات المرور سوى علامتي «قف» وانتبه حيوانات «ولا أعرف عن مجلة الطرقات شيئا ولكني مللت السماع إلى من يطنبون في الحديث عن «الطريق المستقيم» والطرقات المقطوعة بسيول الفيضانات أو بتدفق المواطنين أو بأوحال الأحوال وبالتالي لا أعرف كالسواد الأعظم «وين ماشين»؟ وأرفض قول القائلين بأن «البلاد داخلة في حيط» فمن أين لها أن تدخل في الحائط وهي هامدة جامدة لاحراك لها واقفة في نقطة الصفر على قدم وساق وحزمة «عكاكيز» تتكئ عليها تارة وتهش بها على الرؤوس الأخرى فالعكس هو الصحيح فالحائط هو المتحرك وبالتالي فإن الحائط هو الذي سيدخل في البلاد وليس «البلاد داخلة في حيط» ولذلك لا نرى في الساحة إلا المتمرنين على القفز العالي فوق الأوضاع الهامدة الجامدة الباركة حتى إذا دخل الحائط في البلاد تجاوزوه قفزا بالزانة تلك العصا الطويلة سهلة الإعوجاج سريعة الاستقامة و«ضربة في غير جنبك كأنها في حيط» ولهذا لا غرابة إن تعالت أصوات تنادي بإزالة «صف الياجور» من ساحة الاعلام وما على أسرة الإعلام إلا أن تمشي «الحيط الحيط» ومن مهامها أن تخضع لنصيحة جحا وتكتفي بأن «تشد الحيط لا يطيح». ولكن هل «تشد صحيح ضد الريح»