طالب عدد من نواب المجلس التأسيسي القضاء العسكري بالتخلي عن قضية شهداء وجرحى إقليمتونس و5 ولايات أخرى لفائدة القضاء العدلي وإعادة فتح الابحاث وكان ذلك خلال الزيارة التي أدوها أمس الى مقر المحكمة العسكرية الدائمة بتونس. انطلقت الزيارة في حدود الساعة العاشرة صباحا بدءا بالخيمة المحاذية لقاعة الجلسة والالتقاء بعدد من أفراد عائلات الشهداء ثم التحق الوفد بقاعة الجلسة لمعاينة جزء من المحاكمة والاستماع الى بعض المرافعات واثر ذلك انعقد اجتماع بمكتبة المحكمة ترأسه العميد مروان بوقرة وكيل الدولة العام بإدارة القضاء العسكري.
القضاء العسكري وضغط الشارع
أثارت النائبة سعاد عبد الرحيم مسألة الضغوطات التي يتعرض لها القضاء العسكري منذ تعهده بقضايا الشهداء والجرحى وتساءلت حول مدى استقلاليته خاصة بالعودة الى الاحكام التي اصدرها مؤخرا في قضية الشهداء التي نظرت فيها عسكرية الكاف.
وأوضحت أنهم كنواب بالمجلس التأسيسي يتفهمون الامر ولا يمكن إدانة شخص دون دليل قاطع على ذلك لكن ما ذنب المواطن ايضا الذي يريد معرفة الحقيقة. ولم تنكر النائبة عبد الرحيم ان المؤسسة العسكرية درع للوطن وأنها في خطى نحو الديمقراطية لكن يبقى القضاء العسكري محل انتقادات في نظر المواطن.
ضرورة التخلي
أجمعت جل المداخلات من قبل نواب المجلس التأسيسي على ضرورة الا يتخلى القضاء العسكري عن مواصلة التعهد والنظر في قضية الشهداء لفائدة القضاء العدلي. اذ اعتبر النائب محمد ابراهمي ان القضاء العسكري غير مخوّل للنظر في مثل هذه القضايا وقال إنه تورط في ملف الشهداء لأنه لا يملك الادلة التي حجبها عنه السلك الأمني. وأوضح ان هناك من زجّ به في هذه القضية ولا علاقة له بالتهم وإنما قدّم كبش فداء لتحمل المسؤولية. مشيرا الى أن أدلة الإدانة طمست وأعدمت خاصة المتعلقة بإصدار التعليمات باستعمال الرصاص الحي.
وسانده في نفس الوقت نائبان آخران اذ اعتبرا ان القضاء العسكري لم يواكب عمليات القتل منذ البداية وبالتالي صعب عليه الوصول الى الحقيقة الأمر الذي يجبرها على حدّ قوله على التخلي عن القضية.
وقال إن أعضاء المجلس التأسيسي لديهم فكرة سيئة عن القضاء العسكري ولا يثقون في الأحكام التي يصدرها. فيما أبدت النائبة سنية التومي استياءها من الأحكام الصادرة في قضية الوردانين واعتبرتها غير منصفة.
ومن جانبه صرّح النائب ازاد أبادي انهم بصدد إعداد ملف لسحب ملف الشهداء من دائرة القضاء العسكري وقال إن النقد الموجه يخص القضاء العسكري وليس المؤسسة العسكرية التي اعتبرها صمام الامان للبلاد.
وقال إن القضاء العسكري يظل قضاء استثنائيا وهو غير قادر بالفعل على كشف الحقائق وانصاف عائلات الشهداء والجرحى وقال إن هناك استنقاصا من القضاء العدلي في قدرته على حل هذه الملفات.
القضاء العسكري يواكب ضمانات المحاكمة العادلة
أكد العميد مروان بوقرة وكيل الدولة العام ان القضاء العسكري يعمل وفق المعايير الدولية للمحاكمة العادلة منها توفير الضمانات للمتهم مشيرا الى مبدإ التقاضي على درجتين وإنشاء محكمة الاستئناف العسكرية واقرار مبدإ القيام بالحق الشخصي أمام المحكمة العسكرية ومبدإ المجابهة بين المتضرر والمتهم كذلك توسيع آجال الطعن وإلغاء الأمر في التتبع من قبل وزير الدفاع.
وقال إن القضاء العسكري قضاء مختص في مادة القانون الجزائي العسكري ولم يعد قضاء استثنائيا كما كان قبل الثورة. وأضاف انه تماشيا مع الإيمان الراسخ للمؤسسة العسكرية بحقوق الانسان فقد سارع القضاء العسكري باعتباره جزءا من تلك المؤسسة الا انه مستقل عنها في أداء مهامه الى اصلاح منظومته طبق المعايير الدولية للمحاكمة العادلة وتقديم نموذج لقضاء عادل وناجز.
وأوضح العميد بوقرة ان القضاء العسكري لا تقتصر وظيفته على استخلاص الوقائع وتطبيق القانون وإنما تتطلب خصوصيته ضرورة الاحاطة بشخصية المتهم ومعرفة سبب ارتكابه للجريمة على نحو يحقق فهما عميقا لمقتضيات الحياة العسكرية.
وتطرق الى مسألة العدالة العسكرية وقال إنه يمكن ان تختلف الهياكل والقواعد والاجراءات في العدالة العسكرية في نظام قضائي منفصل ذي قواعد أكثر صرامة وذلك بغرض تحقيق الانضباط الداخلي.
وأكد أنه لا مرجعية للقاضي الا مسؤوليته امام الله والضمير والقانون وفي ردّ على الاتهامات بخصوص الاحكام الصادرة عن محكمة الكاف وكذلك تونس قال منير عبد النبي مساعد وكيل الدولة العام ان القضاء العسكري حكم وفق ما توفّر لديه من أدلة ووفق ما تضمنته الملفات ولن نصدر أحكاما ارضاء للشارع.