قبل أن يسيطر النورمان على صقلية عرفت الجزيرة حياة ثقافية وفكرية مزدهرة رغم الحروب والاضطرابات السياسية، إذ كان الشيوخ في المدارس الملحقة بالمساجد معفيون من المشاركة في الحروب وكانت النخبة في العهدين الاغلبي والفاطمي تضم عددا من العلماء والمفكرين من قادة الجيش وكانت صقلية ملجأ لكل من يضيق به الحال كما كان علماء صقلية يسافرون إلى إفريقية ومصر في حالت الاضطراب وحافظت صقلية على نشاطها الثقافي واشتهر عدد كبير من علمائها في هذه الفترة مثل علي بن حمزة البصري الذي توفي سنة 895 وقد اشتهر كلغوي وراوي لاشعار المتنبي وابن البر الذي شرح ديوان المتنبي وابن القطاع وأبو علي الحسين بن عبدالله ومن بين علماء القرآن أيضاً محمد بن خرسان الذي كان والده من موالي بني الأغلب وإسماعيل بن خلف العالم النحوي ومن اشهر كتبه كتاب العنوان في القراءات ورسالة في شكل النص القرآني الكريم ومن علماء الحديث ابو العباس الذي يضعه البعض في مرتبة ابي داود والطبري. ومن علماء صقلية أيضاً في العهدين الاغلبي والفاطمي نذكر ابن الفراء وموسى بن الحسن وعبد الرحمان بن محمد بكر الذي كان تنقل في مصر والحجاز وإفريقية والحسن بن علي الصقلي عالم النحو الذي توفي فيٍ مكةالمكرمة واشتهرت صقلية بقراءات المذهب المالكي من بينها كتاب ليحيى بن عمر وميمون بن عمر الافريقي ولقمان بن يوسف، وفي علم الكلام كانت صقلية أقرب إلى المذهب الأشعري واشتهر في هذا الباب الامام المازري فقيها ومتكلما كما اشتهر في صقلية عالم اللغة الحسن بن رشيق المعروف بالقيرواني (463 -1070) ولد في مدينة المسيلة وهاجر إلى صقلية توفي في مآزر وانتقاله إلى صقلية كان بعد غزو بني هلال كما هاجر عدد من العلماء هربا من الخراب الذي لحق بالقيروان.
وكان ابن رشيق قبل قدومه إلى صقلية الف كتاب « العمدة» في بلاط المعز بن باديس والف كتبا اخرى في صقلية لكنها فقدت وكان من كبار شعراء صقلية، وكان بعض ولاة صقلية شعراء مثل مجبر بن ابراهيم ومن شعراء صقلية أيضاً ابن الخياط وهاشم بن يونس وأبو الفضل مشرف بن راشد ومن اشهر الكتب التي اعتنت بشعراء الجزيرة «الدرة الخطيرة والمختار من شعر الجزيرة» لابن القطاع.