إذا اردنا ان نحصي عناوين الكتب التي كتبت عن البحر الابيض المتوسط فإننا سوف لن نستطيع حصرها فكما هو بحر متعدد الثقافات والحضارات فإن الكتابات عنه تعددت وتنوعت وشملت كل المواضيع فمن «فرنان برودال» مؤرخ المتوسط الى غوستاف فلوبار الى جاك بارك الى صالح ستيتية وغيرهم كثر.. ان المتوسط عبقري في الزمان والمكان وقد شكل مصدر إلهام للروائيين الشعراء وعلماء الاقتصاد وعلماء الاجتماع والمؤرخين يدخلون عبابه فتحلو لهم الاقامة به. ينهلون من ثرائه الحضاري وثرواته المعنوية والمادية. فموقعه نقطة لقاء قارات ثلاث ان لم نقل على انه يشكل سرة العالم والمقيمون على ضفافه سواء كانت الشمالية منه او الجنوبية او الشرقية تجمع بينهم ما اصطلح على تسميته بالحضارة المتوسطية يقول فيه صالح ستيتية يمكن ان يكون البحر المتوسط هو الذي اخترع مفهوم التواصل.. « ويقول «برادراغ ماتقيفيتش (Predrag Matvejevic) عن الكتابة عنه «نذكر بأن هناك طرقا مختلفة للكتابة عن المتوسط فمن المقال الى الرواية الى القصيدة الى الدراسة ويقول «جيوفاني دوتولي (Giovanni Gotoli) «ان اغلب الكتب التي كتبت عن المتوسط هي من فصيلة الكتب الشعرية والتاريخية والأثرية وكتب في ادب الرحلة..». فالمتوسط اذن بهذا الثراء الحضاري والشعري عبقري ما ينفك يشكل مصدر إلهام الشعراء والأدباء والرحالة وغيرهم يكتبون عنه ويجعلونه موضوعا لقصائدهم ولملاقاتهم وتجاربهم الادبية. ان هذه البقعة الزرقاء في قلب العالم والتي تراكمت على ضفافها حضارات مختلفة في الزمان والمكان ستظل معطاءة ولادة لثقافات سكان ضفافها وللحضارة الانسانية عموما. رؤى المتوسط جمعية الثقافة والفنون المتوسطية تبر الزمان 2003 رؤى «المتوسط» مختلفة باختلاف مظاهر ثقافاته وتنوعها وباختلاف الحضارات المتراكمة على ضفافه والكتاب الذي نقدم يضم بعضا من هذه الرؤى كتاب جاؤوا من مختلف انحاء هذا البحر واجتمعوا في مدينة المنستير ما بين 18 و21 نوفمبر 1999 في اول ملتقى تنظمه جمعية الثقافة والفنون المتوسطية وتتعرض فيه للتغيرات الثقافية والفنية عن «المتوسطية». عدد المتدخلين في هذا الملتقى ستة عشر متدخلا. اربعة عشر فردا منهم تحدثوا باللغة الفرنسية وإثنان فقط تحدثوا بلغة الضاد. اما المواضيع التي تطرق اليها هؤلاء المحاضرون فقد اختلفت من شخص الى آخر ومن مقال الى مقال ولقد اجتهدت هالة وردي في جمعها في هذا الكتاب وتقديمها وتبويبها وفق اجزاء عنونت الجزء الاول ب «المتوسط وديناميكية التاريخ» وضمت تحت هذا العنوان مقالات كل من حاتم بن عثمان «العولمة والمتوسطية» ومحسن حسين فنطر» حديث عن المتوسط ويان لوبوهاك (Yann Le Bohec) المتوسط الغربي والحرب خلال القرنين الثاني والثالث قبل الميلاد. اما الجزء الثاني فقد اختارت له عنوان «الرؤية والتواصل المتوسطي» وقد ضمنته مقالات كل من عثمان بن طالب «ثقافة الحوار وحوار الثقافات» و»عمران دركونت» (Umran Derkunt) «لغة تواصل في المتوسط» وجيوفاني دوتولي (Giovanni Dotolo) «عين أوروبا المتوسطية» ورافآل نقرو (Raphaëlle Negro) «في المتوسط رؤية ايطالية» وماريا انجالس روك (Maria Angels Roque) وإكزافي مدينا (Xavier Medina). رؤى المتوسط: مقاربة اجتماعية ثقافية. الجزء الثالث جاء تحت عنوان «متوسط الكتاب» وقد ادرجت فيه مقالات الهادي بوراوي «المتوسط: استعارة حية» وسلفاتور لمباردو «المتوسط وتونس» وفرانسيس لكوست «فلوبار والمتوسط» وصالح ستيتية «بقعة زرقاء خارطة الكرة الارضية» ودومينيك راباتي «المتوسط فضاء حكايا». أما الجزء الرابع فكان عنوانه «المتوسط ورؤى فنية» تحدث فيه مجيد الحوسي عن الفن البيزنطي والمتوسط وتحدث عبد الرحمان تنكول عن الفنانين التشكيليين المغربيين عبد الله حريري وفؤاد باللامين اللذين تجاوز فنهما حدود الهوية الضيقة. المقالان العربيان اللذان قدما في الملتقى اهتم احدهما بالتعددية الثقافية في البحر المتوسط واهتم الآخر بالرواية العربية وتحولاتها الوظيفية. الكتاب في كلمة مجموعة رؤى مختلفة حامت كلها حول المظاهر المتصلة بالمتوسط بتاريخه وحضاراته وثقافاته. المتوسط التونسي La méditerranée Tunisienne آمنة بالحاج يحي وصادق بوبكر سيرت الدار المتوسطية لعلوم الانسان خلال سنة 2000 وقبلها برنامج بحوث اهتم محوره بالبحر الابيض المتوسط جمع البرنامج عشرة باحثين وكتاب من ضفتي المتوسط اشتغلوا ما يقارب السنتين لتفضي اعمالهم الى جملة من الكتب حاولوا فيها كل من جهته ان يقدم رؤيته لهذا البحر. وقد نشرت دار «ميزون نوف اي لا روز» (Maisonneuve et Larose) هذه الكتب تباعا من ضمنها هذا الكتيب الذي نقدمه والذي يتضمن مقالين الاول كتبته الاديبة آمنة بالحاج يحيى وكان عنوانه «كيف نبني فوق مشهد بحري» والثاني كتبه المؤرخ صادق بوبكر. نص الاديبة آمنة بالحاج يحيى شاعري حالم متوهج بمشاعر الادبية وانطباعاتها عن هذا البحر الازرق يبدأ ب «المتوسط قوة كلمة يرتفع في وسطها نشيد الصبا ونغمة تطاول عنان السماء ثم تنزل انسانية اليفة وكأنها تهدهدك وتسليك. وما ان تنطلق الكلمة حتى تحس وكأن مشهدا وذكرى وأملا تسكن كل مقطع من مقاطعها اللفظية. ومن الماء الى ان ينتهي البصر او لا ينتهي البصر او لا ينتهي وفي نقطة وسطى ارض تدفؤها شمس منتصف النهار..». وينتهي هذا النص الجميل ان رؤيتي للمتوسط المكفوفة بالزبد والمعطرة بالطحالب والتي تتغذى من الاساطير تمضي في مسبرها الازرق في حميمية عمق الصلة بالذات أكثر من اتصالها بموضوعية تاريخ وجغرافيا قائمين من قبل..». أما مقال صادق بوبكر فقد عنونه «رؤية المتوسط في تونس» تحدث في مطلعه عن رؤى مختلفة عبر التاريخ لمفهوم المتوسط ليتحدث بعد ذلك مباشرة عن البحر من وجهة نظر المصادر الجغرافية والخرائطية والادبية ليخلص في مرحلة ثالثة للحديث عن مكانة هذا البحر في الحياة السياسية التونسية منذ القرن السادس عشر الى اليوم ثم تحدث عن تونس من وجهة نظر الاقتصاد المتوسطي لينتهي قائلا في خاتمة المقال»... ان الفضاء المتوسطي الجديد الذي هو في طور البناء اليوم هو نتاج سياسة اورو متوسطية وهو مرتكز ايضا على الانضمام الطوعي للدول وهذا يعني ان انجازه لا يمكن ان يكون على حساب البعض ولفائدة البعض الآخر. مخيلة «المتوسط» Lصimaginaire méditérranéen جمع وتقديم بيرات رنارد (Pierrette Renard) ونيكول بونتشرا (Nicole Portchara) ميزون نوف أى لاروز (Maisonneuve et Larose 2000) هي مجموعة من النصوص المختلفة المواضيع والأغراض من الشعر الى القصة والمقال جمعها هذا السفر كتابة عن «المتوسط». خمسون شاعرا وروائيا وجامعيا ورساما ومختصون في الفن والموسيقى ضمنوا هذا الكتاب مدادهم عن البحر الابيض المتوسط. رغبة في الكشف عن هذا العالم الثقافي الزاخر وفي تأمل مخيلته باعتباره نقطة تقاطع تقع في مركز العالم. نقرأ على صفحة الغلاف الظهرية... ليس الغرض من مشروع هذا الكتاب حصر تعدد المسائل التي طرحتها الكتب المرجعية عن هذا البحر وإنما ان نعكس الصور والأساطير التي يرسلها لنا عن الثقافات والآداب والفنون التشكيلية والهندسة المعمارية والطقوس والموسيقى وغيرها... ان طرافة هذا التمشي تنعكس في النص ذاته الذي يعكسها بدوره بالاعتماد على تنوع الاحاديث وثراء الرسوم والصور..». فقارئ هذا الكتاب بإمكانه ان يتجول من خلال النصوص الواردة فيه عبر ثنايا تاريخ المتوسط وجغرافيته من ضفة الى أخرى متتبعا مخيلات المواقع من طنجة الى الحمراء من مراكش الى اسطنبول.. منتبها للوحات «فرومنتان (Fromentin) ونصوص كامر» الوصفية ومتخيلا الإنصات الى الموسيقى اصواتا وإيقاعات. ينقسم الكتاب الى خمسة اقسام بعد مقالات ثلاثة تمهيدية تحدثت عن مخيلة المتوسط. اما الاقسام فقد كانت عناوينها متتالية كالآتي: «الميراث المنسي» وقد جمع سبعة مقالات عن المتوسط «مخيلة الأماكن» وقد احتوى على تسعة مقالات «أساطير وكتابة» وقد احتوى على إثنى عشر مقالا. أما القسم الخامس فقد كان عنوانه «كلمات وموسيقى» وضم كما من القصائد التي قيلت في لغات مختلفة عن المتوسط كالفرنسية والايطالية والاسبانية كما ضم ترجمات حياة بعض الشعراء المنتمين لثقافة المتوسط.