كان من المنتظر ان يفتح المجمع القضائي أبوابه لمعالجة ملفات الفساد وخاصة ما يخص رجال الأعمال وتم تحديد أسماء القضاة الذين سيديرونه ومقره بمحمد الخامس ولكن تم تأجيل هذه الخطوة الى وقت لاحق لم يعلن بعد عن الزمان والمكان. ملفات رجال الأعمال المتهمون بقضايا الفساد والقيام بتجاوزات قانونية واستغلال النفوذ والسلطة ستنتظر الاعلان رسميا عن موعد انطلاق المجمع القضائي والذي تأخر بسبب عدم شغور المقر الذي كان من المنتظر ان يكون مقره المجلس الاقتصادي والاجتماعي والذي يضم حاليا حوالي 40 موظفا لم يوزعوا بعد على بعض الإدارات.
أصبح ملف رجال الأعمال يعالج حالة بحالة وهذا ما يفسّر رفع حجر السفر عن عدد منهم وآخرهم رجل الأعمال شفيق جراية الذي رفعت عنه عقوبة منع السفر في احدى القضايا المتعلقة بالفساد.
أرقام مجهولة
نفت وزارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية ان يكون عدد رجال الأعمال الممنوعين من السفر كما هو متعارف عليه 460 بل حددت الرقم الى 80 فقط، عشرين منهم تم رفع حجر السفر عنهم والباقي ينتظرون البت في ملفاتهم وقد اختلفت وتعددت التهم بين الفساد المالي والحصول على قروض بطرق غير شرعية وبلا ضمانات واستغلال نفوذ وسلطة الحزب الحاكم سابقا.
الاستثمار
يشهد الوضع الاقتصادي عزوف رجال الأعمال عن الاستثمار سواء على المستوى الوطني او بين الجهات كما وعدوا عديد المرات بل تأزم الوضع الى درجة الاستثمار خارج حدود الوطن وبعث مشاريع كبرى في البلدان المجاورة كالجزائر والمغرب وقد قام أحد رجال الأعمال المعروفين في الساحة الاقتصادية بإغلاق مصنعه هنا وتحويله الى المغرب تحديدا.
في ورطة؟
العطلة القضائية وتأجيل بعث المجمع القضائي وغيرها من العراقيل وضعت رجال الأعمال الممنوعين من السفر في ورطة كبرى فأعمالهم في البلدان الاوروبية ومشاريعهم تعطلت وخسروا المليارات من المليمات هذا بالاضافة الى الضغط النفسي الذي يتعرضون له وخاصة من الشارع التونسي الذي ينادي بضرورة المحاسبة قبل المصالحة.
العدالة الانتقالية لم تساعد رجال الأعمال في الخروج من عنق الزجاجة لأن المشروع مازال مجرد حبر على ورق ولم يفعّل بعد على أرض الواقع وهذا ما جعل النائب في المجلس الوطني التأسيسي محمود البارودي يطلق عليها تسمية «العدالة الانتقائية».
محاباة..
وفي نفس التصريح لنائب المجلس التأسيسي أكد ان رجال الأعمال يتعرضون للمساومة للتغطية على ملفات فسادهم مقابل دخول بيت الطاعة لأحد الأحزاب الحاكمة، التي تستغل على حد تعبيره هذه الملفات لتضغط عليهم لخدمة أجنداتها السياسية والانتخابية في الفترة القادمة ومما جعل البعض منهم يتودد لهذا الحزب تحت غطاء «المحاباة».
ملف جميع الوزارات
يبدو أن ملف رجال الأعمال الممنوعين من السفر لم يعد ملفا اقتصاديا تابعا لوزارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بل هو ملف يتبع عددا من الوزارات الأخرى مثل حقوق الانسان والعدالة الانتقالية والعدل وغيرها من مؤسسات الدولة وكل وزير يدعي ان الملف ضمن صلوحياته.
يبقى ملف رجال الأعمال من أهم الصعوبات التي تعترض حكومة الجبالي نظرا لارتباطه الوثيق بالاقتصاد الوطني الذي يعاني بدوره عديد الازمات والمصاعب ويحتاج الى جميع الجهود لإخراجه من عنق الزجاجة.