احتضن مؤخرا المعهد الثانوي ابن رشيق بغنوش أشغال اليوم الدراسي حول الانتهاكات البيئية بشاطئ غنوش من تنظيم جمعية أكسيجين للبيئة والصحة بغنوش بالتعاون مع جمعية صيانة واحة شنني ومركز تونس الدولي لتكنولوجيا البيئة بحضور عدد من ممثلين عن الجمعيات. كما حضرت الملتقى الهياكل الفلاحية المحلية وبلدية المكان في افتتاح أشغال هذا اليوم الدراسي حيث أبرز السيد عبد الحفيظ حجاج رئيس جمعية أكسيجين للبيئة والصحة بغنوش أنه نظرا لتفاقم ظاهرة الاعتداءات المتكررة على الشريط الساحلي لمدينة غنوش ومختلف مكوناته البيئية وهوما يلاحظه الجميع من تدهور متنامي لاتلاف رماله نظرا للافراط المسجل في التصرف العشوائي للتربة في ظل غياب الرادع الاداري والأمني الذي شجع العديد من المواطنين على القيام بالتجاوزات الصارخة في حق هذا الفضاء الطبيعي وأضاف قائلا إنه بات من الضروري مشاركة مختلف مكونات المجتمع المدني والمنتمين للهياكل الفلاحية بين فلاحين وبحارة في تشخيص الممارسات الخاطئة في الرمال الساحلية والتفكير بجدية في ايجاد الحلول الملائمة لحماية المنظومة البيئية بالشاطئ انطلاقا من تبادل الآراء والمعلومات والتشاور القائم بين كافة الأطراف المعنية.
ولتحديد الاشكاليات البيئية المسجلة بشاطئ غنوش والوقوف على الصعوبات القائمة أمام ردع المخالفين والوصول الى حلول ملائمة أشرف الأستاذ محمد بن صالح على تنشيط ورشة تكوينية اعتمادا على التواصل الأفقي في التشخيص التشاركي لهذا الوضع البيئي من خلال التعريف بظاهرة استغلال الرمال الساحلية بشاطئ غنوش وكيفية رسم ملامح مقاربة تشاركية بين الأطراف المعنية بالشأن البيئي من هياكل عمومية وجمعيات بيئية بالخصوص وقد تناول المنشط بدراسة خمسة عناصر متعلقة بالوضع البيئي لشاطئ غنوش منها أغراض استعمالات الرمال وصنف المنتفعين والمناطق المتضررة وحجم الضرر الذي لحق بالشريط الساحلي والمتساكنين بالاضافة الى تحديد الحلول الممكنة في المحافظة على التوازن البيئي بالشاطئ.وأكد المشاركون أنه خلال السنوات الماضية يعد استغلال الرمال الساحلية مشكلة تقليدية باستخدام طريقة لم تكن مؤثرة سلبيا على البيئة بالمرة الا أن هذا السلوك أصبح ظاهرة ملفتة للنظر ومصدر قلق للجميع نظرا لتفاقم هذه الاشكالية بعد الثورة بالخصوص كما أن التوسع الملحوظ في المساحات الفلاحية وتملح الأراضي وتعدد حضائرأشغال البناء دون رخصة قانونية دفع بالفلاحين ومربي الماشية والأبقار والمقاولين وأصحاب الجرارات والآليات الجارفة الى مزيد الاستحواذ على كميات هائلة من الرمال البحرية ضمن قطاعي الفلاحة والبناء خاصة خلال فصول الخريف والشتاء والصيف بغية تحسين نفاد التربة والمردود الزراعي وتعهد المسالك الفلاحية وتجفيف أرضية الاسطبلات بالاضافة الى استغلالها في الأشغال العامة كبناء المساكن وصيانة البنية الأساسية ودعم قاعدة البناءات.
وكشف التشخيص التشاركي في هذه الورشة عن أرقام مفزعة وحقائق خطيرة تهدد المكونات الطبيعية للشاطئ وحياة الانسان حيث تم التأكيد على أن الكميات المستنزفة من الرمال الشاطئية لاستخدامها في المجال الفلاحي تصل الى 6 آلاف شاحنة أوما يعادلها 10 آلاف جرار سنويا فيما يستحوذ قطاع البناء من جانبه على حوالي 15 % مما يستهلكه القطاع الفلاحي من هذه التربة الطبيعية خلال نفس الفترة وهوما ساهم في تسجيل أضرار جسيمة واخلال بالمنظومة البيئية شملت عديد الشواهد الطبيعية المحيطة بالشاطئ كسبخة المخاضة وعين الرمال والمنشر ووادي التين والنجيلة وأفرزت هذه الأضرار أيضا تأخرا في مستوى البحر عن اليابسة وزوال الكثبان الرملية وتقلصا في كميات الأسماك والأعشاب والطحالب البحرية الى جانب القضاء على النباتات البرية وتصحر بعض المناطق المحيطة بالشاطئ كما أن للانجراف الذي استهدف الشاطئ تأثيرا مباشرا على الصيد التقليدي بالخصوص وجمالية المشهد الطبيعي.
التوعية هي الحل
وحول تفعيل الجهود من أجل المحافظة على شاطئ غنوش وحمايته من المخلين بمكوناته البيئية توصل الحاضرون الى الاتفاق على أهمية توخي الطرق التحسيسية والتحفيزية والردعية من خلال التأكيد على ضرورة التكثيف من الحملات التوعوية في صفوف المواطنين وخاصة الناشئة منهم والبحث عن أشكال التعويضات المادية وتشجيع الفلاحين على استخدام بديل الرمال الساحلية كرمال المقاطع والعمل على فرض الاجراءات القانونية لوضع حد للتجاوزات في حق المنظومة البيئية بهذا الفضاء الطبيعي واستصلاح المناطق الفلاحية لتحسين خصوبة الأرض ودعوة مربيي الماشية الى استخدام فضلات الأخشاب لتجفيف أرضية الاسطبلات. ولمزيد تعزيز الجهود من أجل حماية الشاطئ يعول المشاركون في هذا اليوم الدراسي على أهمية الوعي الاجتماعي في احترام الأخر والممتلكات العامة والخاصة رغم أن الأضرار من شأنها أن تلحق بالجميع.
ولضمان تشاركية واقعية في الشأن البيئي دعوا مختلف مكونات المجتمع المدني وخاصة الجمعيات ذات الصبغة البيئية ووكالة حماية الشريط الساحلي والبلدية ومصالح الفلاحة والتجهيز والمنظمات الدولية والمربين والمؤسسات الثقافية والشبابية والأئمة الخطباء الى ضرورة ايلاء الاشكالية البيئية المسجلة بشاطئ غنوش كل الاهتمام والمتابعة خاصة ما يهم توعية المواطنين وردع المخالفين.
ورغم توفر القوانين الردعية والاجراءات الجزائية يرى المشاركون أن الوصول الى تحقيق حماية الشاطئ وضمان استدامة المنتوج رهين مدى وعي المواطن بضرورة المحافظة على مكونات البيئة.
ومن التوصيات المعتمدة في خاتمة هذا اليوم الدراسي أيضا اعداد وثيقة بيداغوجية للمؤسسات التربوية والتعليمية والجمعيات المدنية غير الحكومية من أجل تطبيق هذه الاجراءات المتخذة.
كما حذروا من بطء التحرك للحد من ظاهرة الاعتداءات المتكررة على المنطقة الساحلية ومكوناتها البيئية. كما تبنت جمعية أكسيجين للبيئة والصحة بغنوش توفير كميات رمال المقاطع وجعلها على ذمة فلاحي المنطقة.
هذا وشهد اليوم الدراسي عرض شريط وثائقي بعنوان : شاطئ غنوش بين الأمس واليوم وقد عكس مضمونه ما تعرض اليه الشاطئ من عمليات تخريب واخلال بمحيطه باستخدام آليات ميكانيكية وتقديم شهادة حية لفلاح حول تجربته الناجحة والمشجعة على استخدام رمال المقاطع في الزراعات السقوية.