بعد سنوات من الغياب عاد ملتقى الأمام المازري في شكل جديد إذ اكتفت المندوبية الجهوية للثقافة بالمنستير بيوم واحد في هذه الدورة الاولى بعد التوقف . احتضن المركب الثقافي بالمنستير على مدى يوم السبت الماضي ملتقى الامام المازري وقد كانت المداخلات والمائدة المستديرة حول الخطاب الديني في المواقع الاجتماعية مناسبة لاكتشاف هذا العلم الذي يعتبر رائدا للمدرسة الفقهية التونسية وخاصة كتابه «المعلم بفوائد مسلم» .
والأمام المازري كما جاء في مداخلة الدكتور عادل بن يوسف ينتسب الى مدينة «مازرة» في صقلية التي هاجر اليها والده من مدينة القيروان وهو ينحدر من قبيلة تميم التي حكمت افريقية وجنوب أوروبا قبل سقوط الدولة الأغلبية وكان جده شارك في فتح صقلية في جيش اسد بن الفرات وقد نشأ في بيت يجل العلم والادب واستقر في المهدية في عهد روجار الذي استولى عليها .
نشأ المازري يتيما في ظروف اجتماعية صعبة ومن شيوخه عبد الحميد السوسي وأبو الحسن النخلي الصفاقسي وابن الحداد ومن تلاميذه القاضي عياض وقد عرف برده على الغزالي في كتابه «احياء علوم الدين «الى جانب الفتاوى على المذهب المالكي وهو متوفى بالمهدية في 1141 م في الثمانين من عمره ودفن في المنستير وتحول مرقده الى مزار للتبرك .
الفتاوى
حاز الامام المازري على شهرة واسعة مشرقا ومغربا لأهمية فتاويه التي قال عنها الدكتور عادل بن يوسف انها تجيب عن اسئلة المسلمين وشواغلهم . اما الدكتور جمال دراويل فأبرز ان الامام المازري عاش في فترة اضطرابات دفعته الى الاجتهاد وقد انتصر الى الاقليات بعيدا عن كل اشكال التمييز وقد عرف بمنزعه الواقعي وهو يعتبر ابا للمنزع المقاصدي خلافا للامام الغزالي وقد رفض المازري التكفير والتعصب على المذهب الاشعري كما رفض الاقصاء ورفض تجريم المعتزلة ودافع عنهم كفرقة اسلامية لها مذهب في التفكير وقد كان له وعي كبير بخطورة الاقتتال بين المسلمين .
وقال دراويل ان الامام المازري هو اب الفقه التونسي وخصوصيته هي «المصلحة» التي اقام عليها منهجه وهو المنهج الذي اجاد ابن عاشور الاب والابن شرحه وتفسيره بما يعد اثراء للمدرسة الفقهية التونسية ومن ابرز علاماتها اسد بن الفرات والمازري والقاضي عياض تلميذه والامام سحنون والطاهر والفاضل بن عاشور . واهتم ضمن فعاليات الملتقى الدكتور منير الرويس بمساهمات الوافدين من صقلية في اثراء المدونة التونسية سواء في الفقه او الادب او العلوم وقد استقر معظمهم على الضفاف .
قراءة جديدة
الامام المازري الذي كان موضوعا لعديد الاطروحات من المفروض ان تتم طباعة اعماله من جديد وما كتب عنه واحياء ذكراه ففي هذا الظرف السياسي الذي تمر به تونس وعدد من البلدان العربية نحتاج الى قراءة جديدة للامام المازري واعماله لان قراءة المدونة الفقهية المالكية التونسية من شانها ان تقطع الطريق على القراءات الغريبة للاسلام وانتشار التفكير الوهابي الذي من شأنه تهديد وحدة المجتمع التونسي وانسجامه .