انطلق يوم 12 من الشهر الماضي موسم جني الزيتون للعام الجاري ومثل حركية كبرى في كافة جهات البلاد التي يختص فلاحوها في انتاج الزيتون ومع الإنطلاقة برزت مشاكل مزممنة تخص قلة اليد العاملة و تأرجح الأسعار. وتشير مصادر وزارة الفلاحة والدوائر التابعة لها أن موسم العام الجاري يعتبر هاما جدا على مستوى الصابة حيث تقدر هذه الأوساط بلوغ الإنتاج 300 ألف طن من الزيت، وهو ما يتطلب أكثر من 450 ألف يوم عمل ويد عاملة لا تقل عن 170 ألفا هذا دون الحديث عن الامكانيات الهامة التي لا بد أن تتوفر لتحويل الزيتون والتي تشغل بدورها قرابة 47 ألفا من اليد العاملة وتشغل زهاء 3200 معصرة زيتون.
وحول الحركية الجارية لتأمين جني صابة الزيتون في الوسط والساحل والجنوب وبعض المناطق الشمالية تابعنا النشاط الجاري بولاية صفاقس باعتبارها من أبرز الولايات المنتجة للزيتون وحاورنا بعض الفلاحين وأصحاب المعاصر الذين انكبوا أكثر من شهر على جني الزيتون وتحويله. فكيف تجري عملية الإحاطة بصابة الزيتون؟ وبماذا أشار الفلاحون إلى السير الجاري للإحاطة بالصابة؟
الفلاحون والاحاطة بالصابة
أفاد بعض الفلاحين أن الإحاطة بالصابة وجنيها يمثل إشكالا كبيرا وأحد أبرز المشاغل التي يعاني منها الفلاحون هذا الموسم، ويؤكدون أن السبب الرئيسي في ذلك يعود إلى النقص الواضح والكبير في اليد العاملة المختصة في جني الزيتون.
ويؤكد هؤلاء على أن عملية الجني تعتبر اختصاصا لا يمكن التهاون به أو اعتباره في متناول الجميع وذلك في إشارة إلى ما تردد في المدة الأخيرة على لسان وزير التشغيل الذي رأى امكانية اعتماد عملة الحضائر وأصحاب الشهائد العليا في عمليات الجني.
وعلق هؤلاء الفلاحون على أن ما يدور من حديث حول امكانية اعتماد أصحاب الشهائد العليا في جني الزيتون يعتبر من باب الجهل والتندّر وهو أمر لا يستقيم مع الواقع الفلاحي الذي يقوم على جني الزيتون بالمشط وليس اعتماد العصا التي تضر بالزيتونة ضررا فادحا يمنعه القانون .
وطالب هؤلاء بضرورة ايجاد حلول في عملية تنقل عمال جني الزيتون في الجهات التي تشهد صابة هامة بعيدا عن الخوض في حديث مضحك وغريب. ماذا قال أصحاب «المعاصر»؟
أفاد السيد حافظ الزايدي (صاحب معصرة بولاية صفاقس) أن قطاع تحويل الزيتون و«المعاصرية» يعانون هم الآخرون من صعوبات كبيرة ومتعددة وبين في جانب أول أن هذه الصعوبات تكمن في عدم تزامن فتح المعاصر، وهو أمر يربك مسار سوق الزيتون والتعامل مع الصابة بشكل يكثر من الارتباك في عمليات التحويل.
كما أكد على أن هناك عوامل أخرى كثيرة تساهم في تفاوت سعر الزيتون وعدم استقرار النشاط حيث تكثر المضاربات والمراكنات وغيرها من المظاهر التي يمارسها البعض رغم توفر الزيتون، وهي عوامل أخرى تمثل ضغطا على الفلاحين واليد العاملة وأصحاب المعاصر وتؤكد على أن هناك ارتباكا كبيرا في التعامل مع الصابة.
السيد نجيب الجلولي (فلاح صفاقس) بيّن أن صابة الزيتون والمحاصيل من الزيت يعتبران هامين في تونس غير أنه أكد على أن هناك جملة من الصعوبات التي مازالت قائمة وتتمثل بالأساس في عدم وجود سعر مرجعي للزيت يمكن اعتماده للتعامل مع الفلاحين والتجار.
كما أفاد أن أسعار الزيت مازالت غير مستقرة بالمرة وذلك بسبب عدم تدخل ديوان الزيت الذي كان يحدد السعر المرجعي للزيت وأفاد أن الآمال تبقى عريضة على السوق العالمية والاسعار التي ستكون متداولة من خلاله وأكد على أن ذلك يمثل نجاح الصابة على اعتبار ان الأسعار العالمية في الأساس خاصة وان نسبة 70 ٪ من الزيت التونسي يخضع للتصدير كما أبدى استغرابه من سكوت الحكومة وعدم تدخلها لتحريك واستقصاء الأسواق العالمية خاصة أن زيت الزيتون التونسي معروف بقيمته وبدوره في العالم.
شهاب الجلولي (رايس معصرة) أفاد أن أنواع الزيتون يجب أن نحترم ولا يمكن خلطها وبين أن الفرق بين الزيتون الحي وما يعرف ب«نشيرة» لا بد أن يكون متوازيا في عملية العصر وذلك للحصول على أنواع الزيت الرفيع.
عمر بن سالم (فلاح) أفاد ان صابة الزيتون تتعرض إلى عمليات سرقة خطيرة وقد سانده في ذلك السيد ابراهيم بن صالح حمودة ليشير إلى أن عمليات دهم وسرقة قد بلغت حد الخوف وأنه لا بد من توفر ما يكفي من الحماية الأمنية حتى يتواصل جني الزيتون في ظروف طيبة. كما أكد على ضرورة الاسراع بعمليات الجني وذلك حفاظا على قيمة الزيتون ومردوديته وانتاج أنواع جيدة من الزيت .
المنصف العيادي (فني في معصرة) أفاد أن بعض جهات البلاد لم تكن ممطرة بالقدر الكافي وهو ما أثر على نوعية الزيتون بتلك الجهات وجعله لا يحمل مردودية هامة من مادة الزيت كما بيّن من جهة أخرى أن نسبة هامة من الفلاحين مازالوا ينقلون الزيتون عبر أكياس بلاستيكية وهو ما يضرّ بالزيتون ودعا إلى ضرورة اعتماد صناديق بلاستيكية لنقل الزيتون وذلك للحفاظ على قيمته.
الهادي الزعيبي (صاحب معصرة) علق في حديثه عن الصابة بقوله ان شجرة الزيتون مباركة وتتميز بها تونس ودعا إلى ضرورة تلقين الاجيال الصغيرة من التلاميذ كيفية التعامل مع الزيتونة في عملية جنيها والاحاطة بها وهو أمر لا بد أن ينطلق من الآن لكي لا نفقد اليد العاملة الفلاحية المختصة .
إن صابة الزيتون التي حققت حركية اقتصادية تشغيلية عالية لا بد من الاحاطة بها على جميع المستويات وذلك لخلق سبل نجاحها وهذا يدعو إلى تكاتف الجهود التي تنطلق منذ أوائل الصيف وحتى الربيع الماضي الذي تمر فيه الزيتونة بعملية التنوير لكن هذا الواقع قد أهملته الحكومة وخصوصا وزارة الفلاحة فهل يقع تفادي هذه الصعوبات في المستقبل؟.