قرر المجلس الوطني لجمعية القضاة التونسيين المنعقد بصفة طارئة عشية أمس بقصر العدالة بتونس الدخول في إضراب عام وحضوري بكافة المحاكم غدا الخميس مع مراعاة الحالات الاستعجالية. وذلك للتحسيس بخطورة تسييس الهيئة الوقتية وللدفع من أجل تحقيق بقية ضمانات الاستقلالية. وشددت على ضرورة إسناد الهيئة الوقتية صلاحية إعادة النظر في ملفات القضاة المعزولين بمقتضى الأوامر الصادرة بالرائد الرسمي لتلافي ما طال هؤلاء من حرمان من حق الدفاع. أكدت رئيسة جمعية القضاة التونسيين كلثوم كنو خلال ندوة صحفية عقدت صباح أمس بمكتبة القضاة بقصر العدالة بتونس رفض الجمعية لتركيبة الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي التي تضمنها مشروع القانون الاساسي المتعلق بها. وعبرت عن تمسك الجمعية بالتركيبة القضائية الصرفة للهيئة.
انعقاد الندوة جاء على خلفية صدور مشروع القانون الاساسي المتعلق بإحداث هيئة وقتية التي ستحل محل المجلس الأعلى للقضاء. والذي تضمن حسب نائبة رئيسة الجمعية روضة القرافي نقاطا إيجابية وأخرى سلبية. اعتبرتها في غاية من الخطورة التي تمس من استقلالية الهيئة ومبدأ التفريق بين السلط. لا لتركيبة مختلطة..
اعتبرت رئيسة الجمعية أن المقترح بخصوص تركيبة الهيئة المتكونة من غير القضاة والتي نص عليها المشروع في الفصل السادس مخالف للفصل 22 من القانون المنظم للسلط العمومية. و مخالف للمعايير الدولية لاستقلال القضاء التي تقتضي أن لا ينتمي أعضاء المجالس العليا للقضاء لإحدى السلطتين التشريعية أو التنفيذية وبأن لا يكونوا من قبلهما لما في ذلك من خطر تسييس المجالس. علما وان المشروع اقترح ناشطا حقوقيا عن المجتمع المدني يعينه رئيس الحكومة وعضوا عن الهيئة الوطنية للمحامين يقترحه مكتب الهيئة واحد الأساتذة الجامعيين يعينه رئيس الجمهورية وعضوين من المجلس الوطني التأسيسي من لجنة القضاء التأسيسية..
ولاحظت السيدة كنو أن تركيبة الهيئة بهذا الشكل من شانه أن يدخلها في تجاذبات سياسية ويفقدها بالتالي حيادها. من جانبها أوضحت السيدة روضة القرافي أن وجود أطراف من خارج المؤسسة القضائية أو تعيينها بواسطة هيكل سياسي من شانه أن يهدد حياد القاضي باعتبار أن القاضي الذي يتمسك بحياده يكون عرضة للعقاب. وقالت استقلالية الهيئة تستوجب القطع مع الممارسات السابقة. وأضافت أن الأعضاء المقترحين سيكونون حاملين لخلفية سياسية. والقضاء ليس ملكا للسلطة السياسية. ماذا عن صلاحيات وزير العدل؟
تطرقت القاضية روضة القرافي إلى مسألة صلاحيات وزير العدل وقالت إن الجمعية طالبت بضرورة التنصيص بوضوح على إحالة صلاحيات الوزير المتعلقة بالمسار المهني للقضاة للهيئة الوقتية لأن الإبقاء على تلك الصلاحيات فيه مس وإلغاء لاستقلالية الهيئة. واذا واصل وزير العدل ممارسة الصلاحيات المجحفة حسب قولها طبق قانون 67 المتعلقة بالنقل والترقيات وإنذار القضاة وترؤسه للنيابة العمومية ومركز الدراسات فإن الأمر سيحد بالضرورة من استقلالية الهيئة. النقل والتأديب..
من النقاط السلبية التي تضمنها مشروع القانون الاساسي المتعلق بالهيئة الوقتية حسب الجمعية هي مسألة نقلة القاضي ومسألة التأديب. إذ لا يمكن نقلة القاضي إلا برضاه المعبر عنه كتابيا. كما أن تسييس التأديب أمر خطير حسب القاضية روضة القرافي لما فيه من ترهيب للقضاة وهنا أشارت إلى آلية الإعفاء التي اعتبرتها كارثة على الجسم القضائي.
يشار إلى أن نقابة القضاة التونسيين دعت بدورها إلى الإضراب غدا احتجاجا على تركيبة الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي التي تضمنها مشروع القانون الاساسي المتعلق بها.