هجوم مواطنين علىمراكز أمن ومحاولات اخراج صديق موقوف، احداث 15 ألف كشك بصفة غير قانونية بعد الثورة... هجوم على مؤسسات الدولة وسفارة أمريكا... بناء فوضوي في عديد المناطق حرق للراية الوطنية وانزال للعلم... اعتداء على أعوان الأمن... هذه بعض ملامح غياب هيبة الدولة لدى التونسي الذي تغيّرت نظرته للمسؤولين السياسيين الى حد انتقادهم باستعمال الكلام البذيء. «الشروق» سألت عددا من التونسيين عن صورة الدولة لديهم وعن أسباب غياب الإحساس بهيبتها. كما سألت المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي عن شروط استرجاع هذه الهيبة فكانت هذه الشهادات.
مشكل «الكراسي»
في البداية تحدّثنا الى بلال قلال (مهدس) الذي ذكر لنا «لم يعد المواطن يشعر بهيبة الدولة» وأضاف «المواطن مسؤول أيضا عن غياب هذه الهيبة فقد كان مكبوتا وانفجر دفعة واحدة. لكن السبب الرئيسي يعود الى القرارات الخاطئة التي يتم اتخاذها من المسؤولين السياسيين والمسيرين حتى في مجال الرياضة وقرارات الرابطة الوطنية لكرة القدم مؤخرا. ولاحظ أن المواطن يشعر أن المسؤولين يهتمون بكراسيهم أكثر مما يهتمون بحالة المواطن والبلاد رغم أن العديد من المسؤولين السياسيين لم «يملؤوا كراسيهم» فجزء هام منهم ليس له صلاحيات وآخرون لم تكن لهم أي اصلاحات هذا بالاضافة الى التصريحات المضحكة الصادرة عن العديد منهم في المجلس التأسيسي.
نفس الممارسات
من جهتهما ذكر الطالبان سليم ميلاد ومحمد بن عربية أن نفس سياسات العهد البائد مستمرّة على غرار الفساد والرشوة والمواطن لم يلمس اصلاحا بل ان سقف مطالبه وطموحاته يتجاوز بكثير ما يعلن عنه الساسة وما ينجزونه. وأضاف أن الكثير من أعضاء التأسيسي والحكومة أحبطوا المواطن وشعر أنهم لا يتمتعون بالكفاءة اللازمة لإدارة شؤون البلاد ولا حتى المستوى العلمي الضروري لذلك مما خلق غيابا واضحا لهيبة الدولة. كما أن الأمن عاجز عن فرض هذه الهيبة هناك ضعف عام في أداء كل المسؤولين.
... أشياء لا تهمّ الحلزون
إجابة السيد عمر عويني عن سؤالنا له عن مدى شعوره بهيبة الدولة ذكّرتنا ببيت شعر لمنصف المزغني «ارتفاع الأسعار والبنايات... أشياء لا تهم الحلزون» وذلك بقوله إن هيبة الدولة لا تهم مواطنا لا تتجاوز منحة تقاعده 138 دينارا لا يعرف أين ينفقها أمام تصاعد غلاء الأسعار وأضاف لا يهمني شيء من الشأن السياسي الذي لا يجد لي حلولا لمعاشي وقوتي اليومي ملاحظا كل ما أعلمه أن «الى يا خو أمنا بونا» بل انه لا يفكر حتى في متابعة ما يجري على شاشة التلفاز لأن حديث الساسة لا يزيده سوى تضخم في فاتورة الكهرباء وعجز مضاعف في ميزانيته المهترئة أصلا.
كلام وأعمال
أما محمود التليلي رجل أعمال مقيم في اسبانيا فقد ذكر «أن من يرغب في أن يُهاب عليه أن يحافظ على هيبته في كلامه وأفعاله خاصة ولا يمكن أن يتم ذلك سوى بالاكثار من العمل والتقليص من الوعود والكلام.. هكذا يمكن أن تعود ثقة التونسي في دولته ويمكنه أن يشعر بهيبتها. وأضاف «عملت في السنوات الماضية على جلب سبعة مستثمرين اسبان الى تونس واليوم أغلقت هذه الشركات أبوابها وخسر آلاف العمال مواطن رزقهم لغياب مصداقية الدولة وتجاوز القانون وبطء الادارة وبالتالي غياب هيبة الدولة وقد هجرت هذه الشركات بلادنا في اتجاه المغرب ومع ذلك لا نرى المسؤولين في بلادنا جادين لاسترجاع المستثمرين الهاربين الى دول أخرى فكيف يشعر العاطل بهيبة دولته؟ في غياب الاصلاحات وسلطة القانون؟