احترف كهل، يبلغ من العمر 54 سنة، الشعوذة وادعى القدرة على شفاء الناس حسب الشبهة التي تعلقت به فنصب شركا أوقع فيه امرأة سلبها مبلغ 2600 دينار ثم اختفى عن الانظار تاركا اكثر من سؤال... غير أن اعوان الفرقة العدلية ببن عروس استطاعوا الوصول اليه وتمكنوا من ايقافه. كان المظنون فيه قد اتخذ من منزل كائن بأحد احياء بن عروس مقرّا له وزين بيتا، خصصه لاستقبال الحرفاء، بسنجق اخضر يغطي الجدران الاربعة فيضفي انطباعا بالخشوع والرهبة ويزيد في ترسيخ وتأكيد قدرات الرجل ويبعد عنه كل شبهة او شكوك قد تخامر أذهان الزبائن. دجل ثمنه 8000 دينار ذاع صيت الرجل وشاع بين الناس خبر قدرته العجيبة على شفاء الامراض المستعصية، وتناهى الخبر الى مسمع امرأة (48 سنة) قضت سنوات عديدة من عمرها في مختلف المستشفيات تبحث عن دواء لكليتيها العليلتين... فاستبشرت وسارعت الى الاجوار تسألهم فأكدت لها جارتها صحة الخبر ودلّتها على عنوان الرجل ذي القدرة الخارقة... لم تضيع المريضة وقتا بل تحوّلت الى مقر المظنون فيه فاستقبلها واستمع اليها ثم وعدها بالشفاء بعد اخضاعها الى «جلسات» حدد ثمنها بثمانية الاف دينار وسمح للمرأة بأن تدفعها على اقساط إن لم تتمكّن من توفيرها دفعة واحدة... لم تتلكأ المريضة ولم تشأ قطع خيط الامل الذي يربطها بالحياة والذي بدا لها ان الكهل يمسك بأحد طرفيه، فعادت الى بيتها وتدبّرت امرها وجمعت مبلغ 2000 دينار ثم قصدت «قبلة الشفاء» مجددا. زئبق وسنجق اخضر تسلم المضنون فيه المال... ثم ادخل المريضة الى الغرفة ذات السنجق الاخضر... أجلسها في زاوية وبدا يتلو تمتمات مبهمة فيما تضع يداه بخورا في الكانون أعدّه للمناسبة... كادت المرأة أن تختنق، جلدت وصبرت لكنها ما لبثت ان غابت عن وعيها بعد ان وضع الكهل حشائش وعطور ومادّة زئبقية في النار نتج عنها تسرّب رائحة لا تقاوم دفعتها دفعا الى الارتخاء قبل الغياب عن الوعي... وجدت وهي تستعيد وعيها المداوي يطمئنها على صحتها ويستحثها على تدبّر المزيد من المال في موعد لاحق حدّده لها. غادرت المرأة «العيادة» غير عابئة بضياع المال ما دام باب امل استعادة العافية مفتوحا ومكثت في بيتها اياما وهي تسعى وتجتهد في جمع الدينارات حتى حصلت على مبلغ 600 دينار... ويجيء الموعد فتعاود المرأة معايدة «الطبيب» تلتقيه فتسلّمه المال وتخضع عدّة ساعات لدجله ثم تغادر على أمل اللقاء في المرّة القادمة ومعها المزيد من المال... ضاع الامل ومعه 2600 دينار استقرت المرأة في بيتها، تحسست مواقع الالم في جسدها فوقفت على حقيقة الوهم الذي باعها ا ياه المضنون فيه... فكرت كثيرا وهي تصارع فكرة ان يكون المتطبب قد تلاعب بها واستغل لهفتها على العلاج فسلبها مالا هي في الاصل لا تملكه لكنّها مع ذلك تدبّرته... فكرت كثيرا وفي النهاية استقر رأيها على أن تعود بعد ايام لمواجهة المظنون فيه وسؤاله عن عدم تحسّن حالتها الصحية، وبالفعل توجهت نحو مقر الرجل وطرقت الباب حتى كل متنها وما كلّمها غير صدى الغرف الفارغة... انهارت وقد تأكّدت تماما من ضياع مالها واختفاء الطبيب الزائف ولم يعد امامها من خيار غير رفع أمرها الى أعوان الامن، فقصدتهم في موقعهم وروت على مسامعهم رحلة بحثها عن الدواء وضياع اموالها. طمأنها اعوان فرقة الشرطة العدلية ببن عروس ووعدوها بالقاء القبض على المظنون فيه... وبالفعل وفوا بالوعد ووضعوا حدا لنشاط الكهل. وباستنطاقه انكر في البداية كل معرفة له بالمرأة لكن نظرا لمتانة حجّتها وقوة أدلتها فقد انهار واعترف خاصة بعد حجز ادوات العلاج في بيته وقد تمّت احالته على العدالة.