يعدّ تصنيع واستيراد الادوية في تونس من القطاعات الحساسة لان له علاقة مباشرة بصحة المواطنين وله تأثير على ميزانيتهم نظرا لارتفاع أسعار الادوية. فهل توجد مقاييس مضبوطة في استيراد هذه المنتوجات الحساسة؟ وبماذا يفسر ارتفاع أسعار الادوية في تونس؟ يكشف السيد عمر التومي وهو أستاذ في علم الادوية ومدير عام الصيدلة والدواء أن نسبة الادوية التي يقع تصنيعها في تونس تصل الى 45 بينما تبلغ نسبة الاستيراد 55. * شروط واضحة وعن المقاييس التي يتم بها استيراد الادوية حتى لا تتحول السوق التونسية الى مستودع لادوية غير مضمونة الفاعلية يوضح السيد عمر التومي أن استيراد الدواء من أي منطقة في العالم يتم بالاستناد الى مقاييس مخابر تصنيع الادوية وهي مقاييس عالمية تضمن مفعولية الدواء ومدة صلوحيته، وقبل تسويق أي دواء توجد دراسات الثبات وإجراءات التسجيل فتونس مثلا لا تشتري إلا الدواء الذي تم تسجيله وعلى هذا الاساس فإن بلدا مثل الصين قدمت ملفات بغرض تسويق بعض الادوية لكن تم رفضها لانها لم تستكمل شروط التسجيل. اليابان أيضا لا تسوق أدوية بتونس ونصيب الهند محدود جدا (نوعية أو اثنين من جملة ألفيْ دواء) ولكن يوجد تعامل بين معهد باستور وكوريا الجنوبية فيما يتعلق بتلقيح التهاب نوع (ب)». وفي ظل هذا الانفتاح المقنّن والمشروط على الادوية العالمية يتساءل البعض عن سبب ارتفاع أسعار الادوية في تونس. يجيب السيد عمر التومي ان كل المواطنين في مختلف بلدان العالم يعتبرون أن أسعار الادوية أسعار باهظة. فهذا الاشكال لا يقتصر على تونس فحسب بل يمكن اعتباره مشكلة عالمية والاسوأ من هذا ان ارتفاع أسعار الادوية في بعض الانواع من الامراض، عجزت عن مجاراته بعض الدول التي نلاحظ أن الكثير من متساكنيها تقتلهم «السيدا» وبعض الامراض الاخرى. لكن للاسف فإن الشركات العالمية لا تتراجع في أسعارها. ومن ناحية أخرى فإن لارتفاع أسعار الادوية جانب بسيكولوجي خاصة عند التونسي الذي يرى في المرض أنه «كارثة» تقلص امكانياته المادية وتعيق توازنه المالي. لا ننسى أيضا أن ارتفاع أسعار الادوية هو نتاج أيضا لتغير تركيبة تصنيعه وهي تركيبة تجعله أكثر فاعلية وأكثر نجاعة. ويذكّر السيد عمر التومي ان تكاليف معالجة الامراض المزمنة والتي قد تصل في بعض الحالات الى 10 ملايين تساهم في تحملها صناديق التعويض. صناعة الادوية مقنّنة واستيرادها مشروط بمقاييس مضبوطة هي في مجملها مقاييس عالمية كما أن حقوق التصنيع محفوظة أيضا من ذلك أن أي مخبر يصنع دواء معينا له حق ملكيته لمدة عشرين سنة.