حركة الشعب تعلن أنها معنية بالانتخابات الرئاسية ترشحا وتصويتا..    البرلمان : لجنة الحقوق والحرّيات تستمع غدا لممثلي وزارة المالية بشأن مشروع قانون الجمعيات    اليوم: وقفة احتجاجية للقيمين والقيمين العامين في كامل المؤسسات التربوية    «الشروق» في حي السيدة المنوبية كابوس... الفقر والعنف والزطلة!    القصرين .. بحضور وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية ..يوم دراسي حول مشروع مضاعفة الطريق الوطنية عدد 13    تستقطب سنويا آلاف الزوار..    الموت يغيب الفنّان بلقاسم بوقنّة..وزارة الشؤون الثقافية تنعى..    أنباء عن الترفيع في الفاتورة: الستاغ تًوضّح    القيروان ...تقدم إنجاز جسرين على الطريق الجهوية رقم 99    مصادقة على تمويل 100 مشروع فلاحي ببنزرت    جندوبة .. لتفادي النقص في مياه الري ..اتحاد الفلاحين يطالب بمنح تراخيص لحفر آبار عميقة دون تعطيلات    ثورة الحركة الطلابية الأممية في مواجهة الحكومة العالمية ..من معاناة شعب ينفجر الغضب (1/ 2)    زلزال بقوة 5.8 درجات يضرب هذه المنطقة..    عاجل/ مقتل شخصين في اطلاق نار بضواحي باريس..    بطولة الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة التتويج): برنامج مباريات الجولة السابعة    قوافل قفصة مستقبل المرسى (1 0)... انتصار العزيمة والاصرار    الرابطة الثانية (الجولة 8 إيابا)    طولة ايطاليا : جوفنتوس يتعادل مع روما ويهدر فرصة تقليص الفارق مع المركز الثاني    تنس: الروسي اندريه روبليف يتوّج ببطولة مدريد للماسترز    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    سيدي البشير: قاصرتان تستدرجان سائق سيارة تاكسي وتسلبانه تحت طائلة التهديد    تقلبات جوية منتظرة وأمطار رعدية غدا..#خبر_عاجل    عمر كمال يكشف أسرارا عن إنهاء علاقته بطليقة الفيشاوي    تونسي المولد و النشأة... ترك تراثا عالميا مشتركا .. مقدمة ابن خلدون على لائحة اليونسكو؟    أهدى أول كأس عالم لبلاده.. وفاة مدرب الأرجنتين السابق مينوتي    بعد تشبيه إدارته بالغستابو.. بايدن يرد الصاع لترامب    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنّان بلقاسم بوڨنّة    فرنسا تنتزع لقب أطول ''باقات'' في العالم من إيطاليا !    اجتماع أمني تونسي ليبي بمعبر راس جدير    بصورة نادرة من طفولته.. رونالدو يهنئ والدته بعيد الأم    الانزلاق الأرضي يهدد هضبة سيدي بوسعيد    صفاقس: إحباط 22 عملية حَرْقة والقبض على 10 منظّمين ووسطاء    عاجل/ مداهمة مكاتب قناة الجزيرة في القدس ومصادرة معدّاتها..    تونس تتحفظ على قرارات قمة منظمة التعاون الإسلامي حول القضية الفلسطينية    سوسة: منفّذ عملية براكاج باستعمال آلة حادة في قبضة الأمن    منوبة: الإحتفاظ بمجموعة من الأشخاص من أجل الاعتداء بالعنف ومحاولة الاغتصاب    وزير الشّؤون الدّينية يختتم الملتقى التّكويني لمؤطّري الحجيج    جمعية مرض الهيموفيليا: قرابة ال 640 تونسيا مصابا بمرض 'النزيف الدم الوراثي'    فص ثوم واحد كل ليلة يكسبك 5 فوائد صحية    تستور: الإحتفاظ بعنصر إجرامي مفتش عنه من أجل " سرقة مواشي والإعتداء بالعنف الشديد ومحاولة القتل".    الاثنين : انطلاق الإكتتاب في القسط الثاني من القرض الرقاعي الوطني    حقيقة الترفيع في تعريفات الكهرباء و الغاز    مختصّة في أمراض الشيخوخة تنصح باستشارة أطباء الاختصاص بشأن أدوية علاجات كبار السن    للمرة ال36 : ريال مدريد بطلا للدوري الإسباني    ظهرت بالحجاب ....شيرين عبد الوهاب تثير الجدل في الكويت    لتحقيق الاكتفاء الذاتي: متابعة تجربة نموذجية لإكثار صنف معيّن من الحبوب    هند صبري مع ابنتها على ''تيك توك''    غدًا الأحد: الدخول مجاني للمتاحف والمعالم الأثرية    منع مخابز بهذه الجهة من التزوّد بالفارينة    لهذا السبب.. كندا تشدد قيود استيراد الماشية الأميركية    "سينما تدور".. اول قاعة متجوّلة في تونس والانطلاق بهذه الولاية    فتحي عبدالوهاب يصف ياسمين عبدالعزيز ب"طفلة".. وهي ترد: "أخويا والله"    رئيس اللجنة العلمية للتلقيح: لا خطر البتة على الملقحين التونسيين بلقاح "أسترازينيكا"    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    العمل شرف وعبادة    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل ستنجح الحكومة التونسية في تمرير مشروع إصلاح نظام التقاعد : بشير الحامدي
نشر في الفجر نيوز يوم 13 - 09 - 2010

/منذ عشريتين ومنذ تبنت الحكومة التونسية مشروع الإصلاح الهيكلي الذي فرضه صندوق النقد الدولي والبنك العالمي ومسلسل الهجوم على الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للطبقة العاملة وعموم المؤجرين و الفئات الفقيرة متواصل دون توقف. فبعد أن وقع التفويت في أغلب مؤسسات القطاع العام وفتحت الأبواب على مصراعيها للمستثمرين الخواص أجانب ومحليين وهي السياسة التي أدت إلى وضع تفقير معمم في صفوف الطبقة العاملة وعموم الطبقات الشعبية ما عادت الإحصائيات الرسمية المظللة والمزيفة وديماغوجيا الحكومة قادرة على إخفاء مؤشراته المرتفعة [بطالة هشاشة تشغيل تدهور المقدرة الشرائية ضعف الأجور... إلخ ].
إن مسلسل التفقير والهجوم على المكاسب الاجتماعية سيظل متواصلا ولا شك سيتعمّق في السنوات القادمة خصوصا وأن لا حلّ أمام الحكومات الليبرالية وتوابعها للخروج من الأزمة الحالية التي يتخبط فيها النظام الرأسمالي غير المزيد من إغراق الطبقة العاملة والأغلبية الساحقة من الفئات الشعبية بالمزيد من الأعباء وتحميل تبعات هذه الأزمة وحلها على كاهلهم.
وها هو هجوم رأس المال وفي العالم أجمع الآن وبعد أن استهدف في مرحلة أولى أنظمة التغطية الاجتماعية والصحية وأغلب المكاسب الاجتماعية التي أحرزتها الحركة العمالية في السابق يتوجه إلى أنظمة التقاعد لمراجعتها بما يضمن للحكومات والرأسماليين المزيد من الأرباح ويغرق في المقابل جمهور المنتجين والشغالين في المزيد من الاستغلال والتفقير.
وأسوة بالحكومات البرجوازية وفي إطار نفس السياسة التي يمليها انخراط بلادنا في التوجهات النيوليبرالية وفي اتفاقيات الشراكة المتعددة التي تلتزم بها هاهي الحكومة التونسية تهيئ لتقنين مشروع لإصلاح نظام التقاعد يقوم على مرتكزات أساسية لا تهدف لغير مواصلة إغراق كاهل الأجراء في المزيد من التفقير والاستغلال وجعلهم يدفعون من جيوبهم أكثر فأكثر لصالح الحكومة والرأسماليين.
مرتكزات مشروع الحكومة لإصلاح صناديق التقاعد التي انطلقت في عرضه على من تسميهم بالشركاء الاجتماعيين يقوم على:
التمديد في سن التقاعد ليصبح في مرحلة أولى 63 سنة عوض 60 وليبلغ 65 سنة 2018
الترفيع في مساهمة المنخرطين في تمويل ميزانية صناديق التقاعد.
التخفيض في مبالغ الجرايات بتفعيل إجراء يتمثل في تغيير قاعدة احتسابها وذلك بالحطّ من النسب المائوية المعتمدة حاليا لاستحقاق الجراية.
تبرر الحكومة لجوءها لهذا الإصلاح بالعجز الذي أصبحت تتخبط فيه صناديق التقاعد وبالوتيرة المتسارعة لهذا العجز معتمدة في ذلك على دراسات وإحصائيات تبين أن عدد المساهمين في الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية (CNRPS) سيبلغ هذا العام حوالي 649.577 مساهما، مقابل حوالي 213.125 منتفعا بالجرايات.أما في عام 2015 فمن المتوقع أن يرتفع عدد المساهمين إلى حوالي 700.468 مساهما، مقابل 264.034 منتفعا بالجرايات.أما في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS) المهتم بصرف جرايات التقاعد لأجراء القطاع الخاص فإن الدراسات تبين أنّ عدد المساهمين سيبلغ قرابة 1.969.445 مساهما، فيما سيبلغ عدد المنتفعين نحو 397.581 منتفعا. وستصل هذه الأرقام عام 2015 إلى 2361511 مساهما و507038 منتفعا بالجرايات. وحسب هذه الإحصائيات فإن هذه التطوّرات ستؤدي إلى بروز ضغوطات على مستوى التوازن المالي لأنظمة التقاعد سواء منها في القطاع العمومي أو في القطاع الخاص، خصوصا إذا ما تطوّرت النفقات والمصاريف بنسق أسرع مقارنة بتطوّر الموارد والمداخيل. وعليه فمن المتوقع أن يتضاعف عدد المنتفعين بجراية في القطاع العمومي أكثر من مرتين ونصف عام 2030، في حين أن عدد الناشطين لن يرتفع خلال نفس الفترة إلاّ بنسبة 35 %. أمّا في القطاع الخاص فمن المنتظر أن يتضاعف عدد المنتفعين بجراية حوالي ثلاث مرات ونصف، فيما سيرتفع عدد النشيطين بأقل من مرتين. كما أنه من المتوقع وحسب هذه الدراسات أن يتواصل ارتفاع نسق النفقات نظرا لارتفاع عدد المتقاعدين وصرف الجرايات لفائدتهم لمدة أطول.
لن نجادل في مدى مصداقية هذه الأرقام والتوقعات ولكن نريد أن نشير إلى أمر مهمّ في هذا الغرض يتغاضى عنه واضعو هذه الدراسات وتتهرب منه الحكومة وهو تحديد الأسباب الحقيقة التي أدت بهذه الصناديق إلى الحالة التي هي عليها .أي لماذا لا يقع تحديد الأسباب الحقيقية لهذا العجز وهذه الانهيارات القائمة أو المتوقعة وكشف المتسببين فيها ؟ طبعا لا يخفى أن أسباب العجز تكمن في السياسات الليبرالية التي تنتهجها الحكومة وفي الاختيارات الاقتصادية المتبعة والتي لم تنتج إلا الأزمات والإفلاس والحيف الاجتماعي.
إن الوضع الذي عليه صناديق التقاعد ناتج عن خصخصة مؤسسات القطاع العام وناتج عن غلق المؤسسات وعن تسريح العمال وعن إنتشار هشاشة التشغيل وإنتشار العمل بالمناولة وضعف مساهمة الأعراف الرأسماليين في ميزانية الصناديق وتهربهم من صرف حتى تلك النسب الضعيفة من مساهماتهم فيها ومن تراكم ديون تلك الصناديق نفسها ومن سوء إدارتها ومن الفساد المستشري في مستوى أعلى مراكز إدارتها وفي النهب المستمر على مدى أكثر من عشريتين في إستعمال مالية هذه الصناديق لتمويل برامج لا تدخل في مشمولاتها لأغراض دعائية لسياسة الحزب الحاكم.
إن دراسة الحجج التي يرتكز عليها المشروع الحكومي في معالجة أزمة صناديق التقاعد ينتهي بنا إلى حقائق مفزعة يقع التسويق لها حاليا على أنها الحل الوحيد الممكن بينما الحقيقة تشير إلى أن هذا الحل الذي تقدمه الحكومة لا يختلف عن الحلول التي دأبت على فرضها منذ أن تبنت سياسة صناديق النهب العالمية ومنذ أن انخرطت في اتفاقيات الشراكة وفي اقتصاد السوق وفتحت البلاد على مصراعيها أمام المستثمرين الخواص.
إن مشروع الحكومة لا يستهدف وفي آخر التحليل غير تحميل الأزمة والمتسببة فيها سياسة هذه الحكومة للأجراء يدفعونها بمزيد تمويل صندوق التقاعد وبالبقاء 3 سنوات ثم 5 سنوات و ربما حتى 7 سنوات بعد سن الستين في العمل وبالحصول على جراية بعد كل هذا وأثناء التقاعد أقل بكثير من الجراية التي كانوا يتقاضونها قبله.
لم يكن المشروع الحكومي التونسي لإصلاح أنظمة التقاعد استثناء في محيطه العربي والمتوسطي. إن الكل يعلم أن نفس المشروع وطبعا باختلافات جزيئة وشكلية يهيئ له الآن في المغرب وفي مصر وفي فرنسا وفي اليونان وفي البرتغال وفي عديد البلدان الأوروبية الأخرى. ولئن أبدت الطبقة العاملة وفئات واسعة من الشعب وتحديدا في المنطقة الأوروبية وفي فرنسا خصوصا وعبر الأحزاب والنقابات والجمعيات المدنية وإلى حد الآن استعداد كبيرا لمعارضة مشروع مراجعة نظام التقاعد فإن الوضع مختلف في الضفة الأخرى للمتوسط حيث تعودت حكومات هذه البلدان على فرض سياسات التعديل ومنذ عشريتين دون مقاومة تذكر وتحديدا في المغرب وتونس ومصر نظرا لضعف النقابات وتبقرط قياداتها ولاندماجها بمؤسسة الدولة وخضوعها لنفوذها ونفوذ الأعراف الرأسماليين.
ففي تونس مثلا يلاحظ أن المشروع وإلى حد اليوم تلفه سرية مطلقة وهو يتنقل بين مكاتب الحكومة والإتحاد العام التونسي للشغل والذي أحكمت قيادته البيروقراطية غلق الأدراج عليه لمنع إي احتمال لتشكل معارضة قاعدية جماهيرية له. ولن نتحدث عن الأحزاب السياسية والمجموعات السياسية التي تنسب نفسها للحركة الشعبية والتي بدورها لم تحرك ساكنا إلى حد اليوم لمعارضة هذا المشروع والسعي لخلق وضع من التعبئة الجماهيرية بمقدورها أن تمنع تنفيذ هذا المشروع .
لكن ولئن بدا وضع الحركة الشعبية بهذا الضعف والانحصار فإن الأمل مازال قائما لبروز مقاومة وتحديدا داخل الإتحاد العام التونسي للشغل يمكن أن تتوسع فيما بعد لتلامس أوسع الجماهير الشعبية لو تتحمل القطاعات والمكاتب التنفيذية لهذه القطاعات والمعارضة النقابية مسؤوليتها وتحوّل شعارلا لتطبيق مشروع الحكومة لإصلاح نظام التقاعد ولا لتحميل الأجراء نتائج السياسات الليبرالية الفاشلة إلى خطة نضالية وتباشر أمر تعبئة المعنيين بذلك وتقودهم في نضالات ملموسة وميدانية.
تونس في 12 سبتمبر 2010


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.