سيد الوزير قليل من الحياء : حكومة بديلة من قلب الشارع الثائر : مارس و ذكرى الاستقلال الحقيقي :
أعتقد أن حكومة الغنوشي أخذت نصيبها من الحظ و من الفرصة و من الوقت بما فيه الكفاية الا أنها لم تثبت ولائها للشعب بما يسمح لها الاستمرار أكثر من ذلك لقد سقطت في الامتحان الذي كان في متناول أي سياسي مبتدأ أو سياسي هاو شريطة ان يكون مخلصا لوطنه و محبا لشعبه ناهيك عن سياسي محنك ذا خبرة طويلة بطول عمر المشوار السياسي التونسي الذي عايشه الغنوشي في العهدين البائدين ... فلقد خذلت حكومته الشباب و النخبة و الجماهير المتعطشة لحياة كريمة ملؤها الأمن و الايمان و الصلاح و الاصلاح ...تونس التي دفعت مهرا غاليا لا يمكن مقايضته بأي ثمن مهما غلا سعره...دفعت تونس دم شبابها الزكي الذي يفوح عطرا و مسكا للفوز بعروس الحرية و فرحة النصر و ارادة الحياة . لا رجعة بعد اليوم ، لقد ولى عصر الطغاة غير مأسوف عليه ، ذهب زمن الاستخفاف بالشعوب و لم يعد ، رحل عهد الاستبداد و أصبح قصة من قصص الماضي ، طوى الشعب التونسي صفحة تاريخه الأسود للأبد و أقسم أن لا ذل و لا اذلال بعد اليوم، تونسي اليوم ليس كتونسي الأمس ،أصبح تونسي اليوم عاشقا للحرية لحد الهيام ، و محبا للوطن لحد الغرام ، و عائدا لله بعد طول غياب ، و متصالحا مع الهوية و الذات بعد طول خصام ، لا مكان هنا لأهل السوء و المكر و الخديعة ، فتونس طيبة و لا تقبل الا طيبا .
سيد الوزير قليل من الحياء :
سيد الوزير تعلمنا في الفقه الاسلامي أنه لا تجوز صلاة امام و الناس له كارهون فاذا كان الحال كذلك لامام يؤم بعض العشرات من المصلين فما بالك برئيس يرأس عشرة ملايين من المواطنين و هم له كارهون ، سيد الوزير انك شبهة و امتداد لرموز الفساد و لم تصدق لحظة منذ التفافك على السلطة في سلسلة وعودك الطويلة و تصريحاتك الشبه اليومية ، فترة ادارتك للحكومة امتازت بالمراوغة و التلكأ و الخدعة و جس النبض و اللعب على الوقت و توزيع حبوب مسكنة للألام كلما ارتفعت درجة حرارة الانتقاد و الغضب ، تعددت بياناتكم و تصريحات وزرائكم المتتالية كلما انكشفت مخططاتكم الغادرة . سيد الوزير ذكرت في يوم استيلائك على السلطة أنك زاهد في الحكم و لا ترغب في أي منصب و أنك اكتفيت ...فها نحن ندعوك بالايفاء بوعدك و لو لمرة واحدة وأنت على اعتاب السبعين و تحقق طلب الجماهير الثائرة التي تطالبك بالرحيل وآمل أن تعمل العقل و تجنب البلاد من مجزرة دموية تكون أنت لوحدك و لا سواك مسؤول عنها لانك رفضت التنحي عن السلطة التي سرقتها و تسببت في مذبحة كبرى و حينها لن يرحمك الشعب و لا التاريخ و لا المجتمع الدولي و ستتم محاكمتك في قضايا جرائم ضد الانسانية ، سيد الوزير نأمل ان تعمل العقل و تعمل على حقن الدماء قبل فوات الأوان . أما اذا رغبت في العمل السياسي فذلك من حقك و القانون التونسي يكفل لك ذلك و لغيرك من ممارسة النشاط السياسي رغم أنك لا تمتاز بسجل نزيه و تحوم حولك شبهات عدة في مقدمتها كنت الذراع الأيمن للمخلوع و شاهد زور على الفترة السابقة و سارق للثورة من أيدي الشباب الثائر و متواطئ في التستر على أكبر مافيا في تونس .
يمكن التسامح معك و غض الطرف على ما فات و لكن شريطة أن تقدم استقالتك من رئاسة الحكومة الحالية و تنشأ حزب سياسي جديد و تخوض المعركة السياسية مثلك مثل بقية الأحزاب الأخرى و الشعب هو الفاصل بينكم و لك مطلق الحرية في اقناع الناس من برامج و مشاريع تقرؤها على سامعيك ، و بهذه الطريقة تكون قد دخلت البيوت من أبوابها خلافا للمرة السابقة التي قفزت فيها من النافذة خلسة و تحت جنح الظلام .
حكومة بديلة من قلب الشارع الثائر :
قد فشلت محاولات كثيرة لصناعة الرعب و زرع الخوف في أوساط المجتمع و من بعده توجيه الاتهامات الجاهزة ضد الحركة الاسلامية مثل عادتهم السيئة و التي نجحوا فيها سابقا في تأجيج العالم الغربي ضد أبناء الوطن و لكن افتضح أمرهم هذه المرة و فوجئ العالم أمام الاجرام المنظم للعائلة الحاكمة من نهب و قتل و تعد على القانون الى درجة أن لقبتها الخارجية الأمريكية بالمافيا و بما أن هذا السيناريو سقط من أيدي الحكومة المغتصبة فاضطرت للانتقال للسيناريو الثاني و هو اللعب على الوقت لخلق مساحة زمنية كافية لطمس الحقائق و تهريب الأموال و اتلاف الوثائق التي تدين شخصيات ما تزال قابعة في دواوين الحكومة و وجوها خائفة من ملاحقة قانونية دولية بتهمة جرائم ضد الانسانية و القتل العمد .
فاذا لم يستح الغنوشي و صحبه مما هم فيه و لم يفهموا رغبة شعبهم مثلما فهم المخلوع في آخر ساعات عمره الرئاسي فان صبر الشعب قد نفذ بعدما أن سلك كل الطرق الديمقراطية و السلمية عبر النداءات و المظاهرات و الاعتصامات فلم يبق له بد من تشكيل حكومته البديلة بالشارع تمثل كل فئات النخب السياسية و سيتم استلام الوزارات واحدة تلو الأخرى الى أن يستقيل الغنوشي من تلقاء نفسه و أفضل أن يقال له الرئيس المستقيل و لا الرئيس المخلوع .
مارس و ذكرى الاستقلال الحقيقي :
لم تبقى سوى أيام عن ذكرى استقلال تونس عن الاستعمار الفرنسي و أعتقد أن هذه المرة الأولى التي سيكون للاستقلال طعم يختلف عن الذكريات السابقة ، طعمه بالتأكيد له مذاق خاص و احساس مختلف بفضل الثورة المباركة التي أشعلها الشهيد البوعزيزي و ملاحقة المجرمين ممثلي الاستعمار البائد و تطهير البلاد من كل خائن و مخادع و مستبد ،و ستكون الفرحة فرحتان : فرحة الاستقلال و فرحة تشكيل الحكومة الوطنية الجامعة و بداية عهد جديد يشعر فيه المواطن التونسي بكرامته و عزته و سيادته .