اليوم: وزارة التربية وجامعة التعليم الأساسي تمضيان اتفاقا هذه تفاصيله    اليوم: دائرة الاتهام تنظر في تقرير ختم البحث فيما يسمّى بقضيّة التآمر    عاجل/ وزيرة التربية تكشف بشرى سارة وتعلن عن انتدابات جديدة..    وفاة غامضة ثانية لمسؤول كشف العيوب في طائرات 'بوينغ'    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    أمطار غزيرة بالسعودية والإمارات ترفع مستوى التأهب    الشرطة تحتشد قرب محتجين مؤيدين للفلسطينيين بجامعة كاليفورنيا    تركيا ستنضم لجنوب إفريقيا في القضية ضد إسرائيل في لاهاي    وفاة حسنة البشارية أيقونة الفن الصحراوي الجزائري    مندوب روسيا لدى الامم المتحدة يدعو إلى التحقيق في مسألة المقابر الجماعية بغزة    طيران الكيان الصهيوني يشن غارات على جنوب لبنان    بعد اتفاق اتحاد جدة مع ريال مدريد.. بنزيما يسافر إلى إسبانيا    حالة الطقس يوم الخميس 2 ماي 2024    المرسى.. الاطاحة بمنحرفين يروّجان الأقراص المخدّرة    الجمعية العامة للأمم المتحدة تستأنف الدورة الاستثنائية الطارئة بشأن الشرق الأوسط يوم 10 ماي    في خطإ على الوطنية الأولى: دكتور وكاتب يتحول إلى خبير اقتصادي    مدرب بيارن : أهدرنا الفوز والريال «عَاقبنا»    أخبار الاتحاد المنستيري...رهان على «الدربي» وفريق كرة السلة يرفع التحدي    وفاة الفنانة الجزائرية حسنة البشارية    سعيد يعود احد مصابي وعائلة احد ضحايا حادثة انفجار ميناء رادس ويسند لهما الصنف الأول من وسام الشغل    بنزرت ..أسفر عن وفاة امرأة ... حادث اصطدام بين 3سيارات بالطريق السيارة    وزارة الشباب والرياضة تصدر بلاغ هام..    اتفاقية تمويل    غدا الخميس: وزارة التربية والجامعة العامة للتعليم الأساسي يوقعان اتفاقا ينهي توتر العلاقة بينهما..    النادي الافريقي- جلسة عامة عادية واخرى انتخابية يوم 7 جوان القادم    روبليف يقصي ألكاراز ويتقدم لقبل نهائي بطولة مدريد المفتوحة للتنس    عيد العمال العالمي: تدشين المقر التاريخي للمنظمة الشغيلة بعد أشغال ترميم دامت ثلاث سنوات    الاحتفاظ بعنصر تكفيري مفتش عنه من اجل الانتماء الى تنظيم ارهابي    جندوبة: فلاحون يعتبرون أن مديونية مياه الري لا تتناسب مع حجم استهلاكهم ويطالبون بالتدقيق فيها    وزارة السياحة تقرّر احداث فريق عمل مشترك لمعاينة اسطول النقل السياحي    المؤتمر الإفريقي الأول حول "آفاق تنمية الدواجن بإفريقيا" على هامش الدورة 20 للصالون المتوسطي للتغذية الحيوانية وتربية الماشية    الاحتفاظ بتلميذ تهجم على استاذته بكرسي في احد معاهد جبل جلود    المجلس الوطني للجهات والاقاليم ...لجنة صياغة النظام الداخلي تنطلق الخميس في النظر في الاحكام العامة والعضوية والحصانة (الناطق باسم اللجنة)    عقوبات مكتب الرابطة - ايقاف سيف غزال بمقابلتين وخطايا مالية ضد النجم الساحلي والملعب التونسي ونجم المتلوي    الكاف: اليوم انطلاق فعاليات الدورة التاسعة لمهرجان سيكا جاز    ندوات ومعارض وبرامج تنشيطية حول الموروث التراثي الغزير بولاية بنزرت    بعد تتويجه بعديد الجوائز العالمية : الفيلم السوداني "وداعا جوليا " في القاعات التونسية    مدينة العلوم بتونس تنظم سهرة فلكية يوم 18 ماي القادم حول وضعية الكواكب في دورانها حول الشمس    القيروان: إطلاق مشروع "رايت آب" لرفع الوعي لدى الشباب بشأن صحتهم الجنسية والانجابية    اعتراف "أسترازينيكا" بأن لقاحها المضاد لفيروس كورونا قد يسبب آثارا جانبية خطيرة.. ما القصة؟    الفنانة درصاف الحمداني تطلق أغنيتها الجديدة "طمني عليك"    تفاصيل الاطاحة بمروجي مخدرات..    التشكيلة الاساسية للنادي الصفاقسي والترجي التونسي    هام/ إصدار 42 ملحقا تعديليا من جملة 54 ملحقا لاتفاقيات مشتركة قطاعية للزيادة في أجور العاملين في القطاع الخاص    هام/ وزارة التربية تدعو إلى تشكيل لجان بيداغوجية دعما لتلاميذ البكالوريا..    وزارة التجارة: لن نُورّد أضاحي العيد هذه السنة    تونس تشارك في معرض ليبيا للإنشاء    غرفة القصابين: معدّل علّوش العيد مليون ونص    مهرجان سيكا جاز: تغيير في برنامج يوم الافتتاح    اليوم: تونس تحيي عيد الشغل    وزارة الفلاحة تضبط قيمة الكيلوغرام من التن الأحمر    عاجل/ "أسترازينيكا" تعترف..وفيات وأمراض خطيرة بعد لقاح كورونا..وتعويضات قد تصل للملايين..!    مختص في الأمراض الجلدية: تونس تقدّمت جدّا في علاج مرض ''أطفال القمر''    مدينة العلوم بتونس تنظم سهرة فلكية يوم 18 ماي القادم حول وضعية الكواكب في دورانها حول الشمس    يوم 18 ماي: مدينة العلوم تنظّم سهرة فلكية حول وضعية الكواكب في دورانها حول الشّمس    خبراء من منظمة الصحة العالمية يزورونا تونس...التفاصيل    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تغطية قناة الجزيرة للثورات العربية -رشيد شريت
نشر في الحوار نت يوم 22 - 04 - 2011


تغطية قناة الجزيرة للثورات العربية

رشيد شريت
لا ينكر إلا جاحد أو حاقد الدور الهائل لقناة الجزيرة القطرية في تحريك عجلة النقاش السياسي العام، وفتح الباب أمام المعارضة السياسية والفكرية والثقافية العربية للإدلاء بوجهات نظرها، ورفع سقف الحوار والانتهاء من عصر المحرمات الإعلامية العربية نسبيا، بيد أن هذا الجميل لا يمكنه أن يبقى سرمديا أبديا! لاسيما بعد اندلاع الثورة العربية المباركة التي أطاحت بالأوثان السياسية والمسلمات الفكرية الخانعة المستسلمة لشعارات الواقعية، فكان الشارع العربي أكثر واقعية وأقدر على تغيير أعقد الخرائط السياسية بعود ثقاب واحد أضرم النار في جسد شهيد الأمة وماحي الغمة وبطل التحرير العربي الشهيد محمد البوعزيزي ومن سار على دربه.
ماذا حدث لقناة الجزيرة؟ سؤال كثر تداوله وطرحه في هذه الأيام. ومع توالي الأحداث وانتقال الثورة العربية إلى مناطق من المغرب العربي إلى المشرق والخليج العربيين ومناطق كان مجرد الهتاف بشعار ضد النظام الحاكم فيها ضربا من الخيال والخرافة. ومع تسارع وتيرة الثورات بدأت مؤشرات غير إيجابية تلوح على كون قناة الجزيرة تفضل ثورة على أخرى؟ بل أحيانا ويؤسفني أن أقولها بملء الفم تعتم على بعض الثورات بشتى الحجج والطرق التقنية والإعلامية التي تبرع فيها القناة، لأنها أصبحت مدرسة قائمة بذاتها. ولن نسارع إلى اتهام الجزيرة باتهامات جاهزة ورخيصة، ولكن أيضا لن نستسيغ حجج القناة مهما كانت، بل الدهشة الكبرى كانت عندما توقف عدد من برامج القناة الأسبوعية بشكل غير مبرر عند المشاهد العربي؟ وهو ما يعكس أن شيئا ما يحدث داخل القناة، وأن هناك من هم داخل القناة ربما قد يكونون غير راضين على طريقة تدبير الثورة العربية الكبرى غير المستثنية لأية شبر من العالم العربي.
ثورة تونس والمواقف المعادية للنظام التونسي للجزيرة، جعل القناة أكثر من طرف إعلامي، بل تعبير عن الصوت المعارض. هذا الموقف ستجني الجزيرة عبره مكاسب جمة، لا سيما في الأيام الأخيرة لسقوط أول وثن سياسي العربي، ولعل احتضان القناة للانتفاضة الشعبية المنطلقة من سيدي بوزيد والقصرين وتالة من دون أن تدري أن المسألة أكبر من انتفاضة ولكنها انعطافة تاريخية غير مسبوقة تتوج وفي ظرف زمني قياسي بسقوط للنظام التونسي! قبل أن تنتقل عدوى السقوط إلى باقي الجملوكيات العربية الأخرى. والظاهر أن الجزيرة قد استوعبت الدرس بعد ثلاثة أيام من 25 كانون الثاني/يناير في مصر، حيث كانت التغطية الأولى متواضعة جدا جدا ومحل مساءلة وحتى اتهام؟ إلى غاية يوم 28 يناير حيث رفع السلاح الشعبي الفتاك: الشعب يريد إسقاط النظام! وحينها رمت الجزيرة بكل ثقلها في مصر متخذة موقفا غير مسبوق بالاحتضان الإعلامي للثورة، وفازت الثورة وسقط الرئيس محمد حسني مبارك. وللأمانة فالإعلام المواطن والمقصود به الصور والمقاطع الملتقطة بواسطة هواتف المواطنين المصريين المرفوعة على اليوتيوب والفيس بوك قد ساهم في تقريب الثورة المصرية والعربية عموما إلى المشاهد العربي والاعجمي وكسر احتكار الإعلام الكلاسيكي، وكل ما قامت به الجزيرة هو أنها فتحت خطوط هواتفها للمواطنين 24س/24س لاسيما مع المرابطين بميدان التحرير، هذا علاوة على مهارة الجزيرة في استضافة الضيوف والتحليل والتمطيط ومحاولة المغنطسة الإعلامية للمشاهد، وقد زاد من الإقبال على الجزيرة ما قامت به إدارة القمر الاصطناعي نايل سات من مطاردة لها وحذفها من باقتها، وبذلك استحقت لقب لسان حال ثورة ميدان التحرير، وزاد من ذلك الغباء الإعلامي غير المسبوق لقنوات مجمع ماسبيرو بهديتها المجانية للجزيرة حين أوغل الإعلام الرسمي المصري في الافتراء والكذب ومهاجمة شباب الثورة. من دون أن ننسى الثقل الاستراتيجي والعمق العربي لبلد الكنانة، الذي كان قبل الثورة يحظى بنصيب وافر من التغطيات والحضور على القناة في ظروف السلم والرخاء قبل الثورة. فما بالك أثناء الثورة وما بعدها حيث أفردت القناة لمصر قناة خاصة؟
إذن، انتزعت الجزيرة ثقة واحترام الجميع وأبانت أنها صوت الثورة المصرية وقبلها التونسية، وبدأت التحليلات الغربية تنفخ صراحة في دور الجزيرة حيث اعتبرتها جزءا من معادلة الثورة، وهي مبالغة كبيرة تنم عن عدم القدرة على التمييز بين الدور والوظيفة والخصوصية وطبيعة ما يحدث وعلاقة كل ذلك بسياسة الجزيرة نفسها؟ فإذا كانت الجزيرة قد ساهمت في رفع التعتيم عن تونس ومقاومة التشويش عليها إبان ثورة مصر، فإنها لم تستطع بعد ذلك أن تكون محط إجماع ورضا مريديها قبل روادها العاديين، خاصة بعد اندلاع أحداث البحرين وسورية. ودعنا من ليبيا فالجزيرة احتضنت الثورة إعلاميا وسياسيا والظاهر أن القضية أكبر من مجرد عمل إعلامي؟ وهذه تحتاج إلى وقفة كاملة لفك خيوط الاشتباك بين التغطية الإعلامية والطموحات السياسية؟
والذي حصل أن القناة حققت مكاسب إعلامية جمة بعد ثورتي تونس ومصر وزهوا بالانتصار مشروعا غير مغتصب. بيد أنها دفعت في منعطف إعلامي كبير برفعها لسقف مواكبتها للثورة، بمعنى أنها أرادت أن تكون قناة الثورة العربية وقبلتها الإعلامية وهذا طموح طبيعي لكنها اصطدمت بأجندة سياسية وخطوط حمر عندما وصلت الثورة إلى دول الجوار الخليجية، خاصة الأخت الكبرى المملكة العربية السعودية التي أظهرت ضعفا غير مسبوق في تعاملها مع شرارات الانتفاضة الأولى، حيث سارعت إلى رشوة المواطنين علانية ومحاولة إنشاء مجالس نيابية وسباق محموم للترميم قبل الانفجار الكبير؟ وإذا كانت حالة المخاض الثوري أو الانتفاضي للأخت الكبرى لم تتضح معالمها بعد، فإن ما حدث في البحرين من ثورة عارمة وإن بدت فيها الطائفية حاضرة إلا أن هذا لا يمنع من كون مطالبها مشروعة ولا تتعلق بمن يطلبها سواء كان شيعيا أم سنيا، لأن الديمقراطية والحريات مسألة كونية لا لون ولا طعم لها ولا يمكن المزايدة في عدالة المطالب، وضاعف من إرباك الجزيرة تفاقم الأوضاع بإعلان حالة الطوارئ ودخول قوات درع الجزيرة لمساندة النظام الملكي البحريني المهدد بالإسقاط من أجل إخماد الثورة الشعبية العارمة؟ وللتاريخ فتغطية الجزيرة اتسمت بالتعتيم والتعميم الفضفاض! وظهر الفرق واضحا بين تغطية تونس ومصر خاصة وبين تغطية البحرين؟ فهل ما حدث ويحدث الآن في البحرين هو مجرد نزهة للقوات الخليجية بهذا البلد؟ أم محاولة جادة لإخماد الثورة الشعبية هناك؟ ولنا أن نتفهم مدى تعقيد المشهد في البحرين بتركيبته الطائفية وتدخل الجهات الخارجية كلها عوامل فاقمت الأزمة، ولكن ما يهمنا أن المواطن البحريني مطالبه جد مشروعة ومعقولة، فلم يدع إلى إسقاط النظام ولكن فقط إسقاط الحكومة ومحاسبة سافكي دماء المواطنين؟
انتقال الثورة إلى سورية ساهم أيضا في إرباك القناة التي اتخذت موقفا تعتيميا في الأول، بل إلى حدود الأسبوع الماضي كانت سورية مجرد خبر ووقفة استراحة ريثما يتم استئناف البث المتواصل مع ليبيا ثم اليمن بدرجة أقل! والعجيب كيف لم يغلق مكتب قناة الجزيرة بدمشق ولم يعتقل لها صحافي واحد كما حدث لها من قبل؟ سورية الدم المهدور والمواطن المقهور !
بيد أن هذا الوضع المتذبذب تارة والانحيازي تارة أخرى للقناة أعطى ثماره بان فتح الباب أمام قنوات أخرى لتظهر حنكتها الإعلامية والأهم من ذلك اتزانها الإعلامي، وفعلا كانت تغطية كل من بي بي سي عربي وقناة فرانس 24 بالعربية أفضل بكثير من قناة الجزيرة التي ركزت على الملف الليبي ثم اليمني بدرجة أقل على حساب باقي الثورات العربية الأخرى، ولم تنتظر القنوات الجديدة الصاعدة لتجني الثمار، فقد افتكت قناة فرانس 24 منطقة المغرب العربي من الجزيرة وأضحت القناة الإخبارية الأولى الأكثر متابعة بعدما كانت قناة الجزيرة متربعة على الساحة المغاربية بدون منازع. أما قناة بي بي سي عربي فمن دون شك وبتغطيتها المتوازنة والهادئة، ستنافس قناة العم خنفر في عقر دارها، إن لم نقل أنها ستسحب البساط من تحت أرجلها رويدا رويدا، وذلك نتيجة اللخبطة الإعلامية الحاصلة حاليا بالدوحة.
لقد كان على الجزيزة قبل أن ترفع سقف التغطية وتتبنى الثورة في مصر أن تجيب عن سؤال جوهري، وهو هل قناة الجزيرة مستعدة لاحتضان باقي الثورات العربية وعلى قدم المساواة المهنية بغض النظر عن موقع البلد الذي ستنطلق فيه العبارة السحرية 'الشعب يريد إسقاط النظام'؟
كاتب وإعلامي من المغرب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.