عضو بمجلس هيئة الانتخابات: لا يمكن تجاوز هذا التاريخ كأقصى موعد للرئاسية    آمر المركز الأول للتدريب بجيش الطيران صفاقس: قريبا استقبال أول دورة للجنود المتطوّعين    المبادلات التجارية الجزائرية - الأوربية تلامس 47 مليار دولار    قريبا.. الحلويات الشعبية بأسعار اقل    الوطن القبلي.. صابة الحبوب تقدر ب 685 ألف قنطار    رئيس إتحاد الفلاحة: أسعار الأضاحي 'معقولة'    تسمّم تلاميذ بالحلوى: الإحتفاظ ببائع فواكه جافّة    افتتاح معرض «تونس الأعماق» للفنان عزالدين البراري...لوحات عن المشاهد والأحياء التونسية والعادات والمناسبات    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    شبهات فساد: الاحتفاظ بمعتمد وموظف سابق بالستاغ وإطار بنكي في الكاف    سبيطلة : القبض على مجرمين خطيرين    مصر: رفع اسم أبوتريكة من قائمات الإرهاب والمنع من السفر    المهرجان الدولي للمشمش بحاجب العيون في دورته الثانية ...مسابقات وندوات وعروض فروسية وفنون شعبية    قراءة في أعمال ومحامل تشكيلية على هامش معرض «عوالم فنون» بصالون الرواق .. لوحات من ارهاصات الروح وفنطازيا الأنامل الساخنة    عاجل : مسيرة للمطالبة بإيجاد حلول نهائية للمهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء    تحذير: عواصف شمسية قوية قد تضرب الأرض قريبا    كرة اليد: الاصابة تحرم النادي الإفريقي من خدمات ركائز الفريق في مواجهة مكارم المهدية    صفاقس اليوم بيع تذاكر لقاء كأس تونس بين ساقية الداير والبنزرتي    فقدان 23 تونسيا شاركو في عملية ''حرقة ''    مدير عام الغابات: إستراتيجيتنا متكاملة للتّوقي من الحرائق    وزارة الصناعة : ضرورة النهوض بالتكنولوجيات المبتكرة لتنويع المزيج الطاقي    بنزرت: جلسة عمل حول الاستعدادات للامتحانات الوطنية بأوتيك    المنستير: إحداث أوّل شركة أهليّة محليّة لتنمية الصناعات التقليدية بالجهة في الساحلين    بلاغ مروري بمناسبة مقابلة الترجي والأهلي    خبير في التربية : ''تدريس الأولياء لأبنائهم خطأ ''    بسبب الربط العشوائي واستنزاف المائدة المائية .. قفصة تتصدّر خارطة العطش    تضم منظمات وجمعيات: نحو تأسيس 'جبهة للدفاع عن الديمقراطية' في تونس    الحماية المدنية: 8 وفيّات و 411 مصاب خلال ال 24 ساعة الفارطة    كأس تونس: النجم الساحلي يفقد خدمات 4 لاعبين في مواجهة الأهلي الصفاقسي    نهائي دوري ابطال إفريقيا: التشكيلة المتوقعة للترجي والنادي الاهلي    هذه القنوات التي ستبث مباراة الترجي الرياضي التونسي و الأهلي المصري    ليبيا: إختفاء نائب بالبرلمان.. والسلطات تحقّق    عاجل/ القسّام: أجهزنا على 15 جنديا تحصّنوا في منزل برفح    والدان يرميان أبنائهما في الشارع!!    ضمّت 7 تونسيين: قائمة ال101 الأكثر تأثيرا في السينما العربية في 2023    طقس اليوم: أمطار و الحرارة تصل إلى 41 درجة    ألمانيا: إجلاء المئات في الجنوب الغربي بسبب الفيضانات (فيديو)    قانون الشيك دون رصيد: رئيس الدولة يتّخذ قرارا هاما    إنقاذ طفل من والدته بعد ان كانت تعتزم تخديره لاستخراج أعضاءه وبيعها!!    جرجيس: العثور على سلاح "كلاشنيكوف" وذخيرة بغابة زياتين    5 أعشاب تعمل على تنشيط الدورة الدموية وتجنّب تجلّط الدم    مدرب الاهلي المصري: الترجي تطور كثيرا وننتظر مباراة مثيرة في ظل تقارب مستوى الفريقين    الكاف: انطلاق فعاليات الدورة 34 لمهرجان ميو السنوي    منوبة: إصدار بطاقتي إيداع في حق صاحب مجزرة ومساعده من أجل مخالفة التراتيب الصحية    كاس تونس لكرة القدم - نتائج الدفعة الاولى لمباريات الدور ثمن النهائي    وزير الصحة يؤكد على ضرورة تشجيع اللجوء الى الادوية الجنيسة لتمكين المرضى من النفاذ الى الادوية المبتكرة    نحو 20 بالمائة من المصابين بمرض ارتفاع ضغط الدم يمكنهم العلاج دون الحاجة الى أدوية    تضمّنت 7 تونسيين: قائمة ال101 الأكثر تأثيرًا في صناعة السينما العربية    القدرة الشرائية للمواكن محور لقاء وزير الداخلية برئيس منظمة الدفاع عن المستهلك    معلم تاريخي يتحول إلى وكر للمنحرفين ما القصة ؟    غدا..دخول المتاحف سيكون مجانا..    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يدعم انتاج الطاقة الشمسية في تونس    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    التحدي القاتل.. رقاقة بطاطا حارة تقتل مراهقاً أميركياً    منها الشيا والبطيخ.. 5 بذور للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخطاب الديني في تونس .. الواقع و المآلات بقلم عبد الرحمان بوقرنوس
نشر في الحوار نت يوم 04 - 08 - 2011


بسم الله الرحمان الرحيم
في الشأن التونسي .. ما بعد الثورة :
الخطاب الديني في تونس .. الواقع و المآلات
بقلم أبو قدس عبد الرحمان بن أحمد بوقرنوس
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله...أما بعد:
لاشك أن أهم أثر للثورة الشعبية التونسية ( ثورة 14 جانفي ) ضد الطغيان العلماني هو تحرر التدين من قبضة الأمن وتحرر المساجد من سطوة التخدير , والتي مورست خلال 50 سنة متتالية حتى ولدت شعباً تونسياً طيب الأعراق لكنه مبتوت الصلة أو يكاد بالدين و الأخلاق ([1]).
وخلال تواجدي بتونس و لمدة عام - وفي فترات متقاربة - لاحظت كما لاحظ كل أحد ذلك الانفجار السريع لعامل التدين بين التونسيين بعد سقوط نظام بن علي مباشرة ، فأصبحت المساجد عامرة بالذاكرين - وفي الصلوات الخمس- , وانتشر الحجاب بشكل يكاد معه ينعكس السؤال الذي كنا نطرحه دائماً عند زيارة تونس ومدنها ، فقد كنا نسأل : كم عدد المحجبات ؟ والآن يكاد السؤال يأخذ سياقًا آخرًا مفاده : ما نسبة المتبرجات مقارنة بالكم الهائل والرائع للمحجبات ؟ , كما أن بعض مظاهر التدين بدأت تغزو الشارع فلا تتعجب إن صادفك في الشوارع الرئيسية لمدينة سوسة شاب ملتحٍ يلبس قميصًا سعوديًا أو أفغانيًا أو تونسيًا ([2]) ؛ بل لا تتعجب ولا تندهش - كما اندهشت أنا في بادئ الأمر - إذا رأيت ملتحياً بقميص واقفاً مع مجموعة من رجال الأمن وهو يوزع عليهم قصاصات و مطويات متعلقة بالعقيدة ، ويدعوهم إلى الصلاة بل إلى الالتحاء وترك الأمن..., فمن كان يجرأ أن يحلم مجرد حلم بهذه الصورة ؛ ثم إنه ليس من العجب أن يمثل المحجبات الآن نصف نساء مدينة سوسة .
إذاً فقضية التدين والمتدينين أصبحت أمراً عادياً في عهد الثورة الشبابية إلى درجة أن تستضيف قناة تلفزية تونسية شابًا وسيمًا أنيقًا ليقدم أنشودة رائعة تدعو الفتيات إلى الحجاب والفقه ([3]) , وتستضيف أخرى دكتوراً أو سياسياً ليتكلم عن منهج الإسلام في الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي... , فتونس الثورة الآن تتكلم بالإسلام في كثير من مجالات الحياة دون خوف أو رهبة , الأمر الذي يدفعنا إلى محاولة التقرب من الخطاب الديني الموجود حالياً في المساجد والمنتديات وبين الشباب والرجال والنساء لمعرفة كنهه و واقعه ومستقبله في ظل واقع اجتماعي وديني واقتصادي ربما له خاصيته التونسية المميزة له .
وقبل الوصول إلى ذلك لابد من ملاحظات هي نتاج نظرة شخصية ومعايشة يومية لواقع الشعب الشقيق الحبيب :
1. خلال عقود من التعتيم والتعويم افتقد غالبية الشعب التونسي المفهوم الصحيح للإسلام ولمعاني الانتماء لهذا الدين وللمعالم الكبرى للحلال والحرام.
2. يغلب على الحياة المعيشية النمط الأوروبي- أو ما يشابهه - في مختلف جوانب الحياة , في الشارع و الأسرة و المدرسة
و المقهى... فلا تكاد ترى من أثر للحياة التونسية - خصوصًا في المدن الساحلية – إلا النزر القليل وهو موجه في غالبيته لاستقطاب السياح .
3. تختلف المدن الساحلية عن المدن الداخلية - خصوصًا الجنوبية منها- , فهذه الأخيرة لا تزال محافظة على كثير من العادات والتقاليد و الأخلاق , ولا يزال للشرف والعرض معناً فيها على عكس الساحلية ، وان كانت جميعها تشترك في سوء فهم الإسلام بشموله ، وذلك نتيجة سنوات من التجهيل والتحريف والتخويف.
4. غالبية الشباب المتدين اختاروا طريق التدين بعد الثورة أي في وقت العافية والحرية المطلقة ، وهذا راجع للتعطش الكبير للدين , وللفراغ الروحي الذي كانوا يعيشونه خلال السنوات العجاف , و إن كان له أثر سلبي و هو عدم معاناة التربية الصحيحة لكثير من المتدينين , و غلبة التدين الحماسي .
5. السجن في وقت النظام السابق تحول الآن في عهد الثورة إلى علامة تميز وافتخار ، فمن سجن سابقًا لسبب سياسي أو ديني يحتل الآن بين الجميع مكانة مرموقة ، فيكفيك أن تقول أنّ فلانًا سجين سياسي سابق حتى تتفتح أمامه الأبواب ، و تتفسح المجالس , ويعتلي المنابر , ويصبح صوته هو وحده المسموع.. ألم يتحدى بن علي في وقت سكت فيه الجميع ؟ و لهذا قد يعتلي المنبر من لاحظ له من العلم إلا أنه تحدى فسجن أو سجن فبرز.
6. غياب وتغييب العلماء الأعلام كان له اثر واقع في التدين ، فغالبية الدعاة هاجروا في وقت النظام الطاغي أو سجنوا أو قتلوا ، ولا يزال نفر منهم يعودون إلى تونس تباعًا مما قد يقلب الصورة بشكل جذري في القريب.
7. مصادر التوجيه الديني المعتمدة الآن : بعض الخطباء في المساجد ، القنوات الفضائية ، الشبكة العنكبوتية ، بعض المطويات والكتب التي بدأت تدخل من الجزائر والسعودية..., مع ملاحظة أن غالبية خطباء المساجد هم شباب مسجون سابقًا بتهم الانتماء لحركات إرهابية أو لحركة النهضة...
بعد هذه الملاحظات السريعة والتي سنجد لها أثراً في الكلام اللاحق ، نتناول الآن واقع الخطاب الديني الموجود حاليًا ، منطلقين أساسًا من المساجد لأنها تعد الآن تقريبًا الساحة الرئيسية للمتدينين ، إذ أنهم مازالوا بعيدين- بنوع من المبالغة- عن الواقع والشارع ، وعليه يمكن تصنيف الخطاب الديني وفق توجهاته و طروحاته وخصائصه ورواده إلى ما يلي ([4]):

1) بحسب التيارات الفكرية الإسلامية :
فبالنظر إلى الخطاب الديني انطلاقاً من التيارات الإسلامية الناشطة في الساحة الدعوية و الدينية و الاجتماعية نجد :
أ- الخطاب السلفي : كما يحب أصحابه إطلاقه على أنفسهم , والجدير بالذكر أن هذا الخطاب بدأ بالظهور حتى قبل سقوط نظام بن علي ، ويعتمد هذا الخطاب في أبجدياته على التركيز على ضرورة العودة بالمجتمع التونسي إلى الفهم السلفي أو إلى الدين على فهم السلف الصالح - طبعًا كما فهمه أصحاب هذا الخطاب - ولا يصعب عليك العثور على منتسبيه : فالهيئة والشكل وكذلك المفردات المستعملة واعتماد المبالغة في ذكر مصطلح السلفية عند الخطباء المنتمين لهذا التيار...كلها علامات تدلك بسهولة عليهم .
ولهذا تجد التركيز عند هؤلاء على طرح مواضيع العقيدة والتحذير من البدعة والدعوة إلى التزام السنن كاللحية والتقصير في الثوب... مع التشدد في الطرح و في المصطلحات المستعملة بحسب رأيهم و قناعاتهم إلى درجة المسارعة أحياناً بنوع من التساهل إلى الحكم على المخالف - و لو كان الخلاف في مسألة فرعية فقهية - بالبدعة و محاربة السنة ...
والناظر السريع يعتقد أن هذا الخطاب يشكل تياراً واحداً يسمى سلفية ، ولكن الغوص في مضامين الخطاب يظهرهم جماعات قد تكون متنافرة أحياناً ، وهذا ما سنقف عنده عند نقطة مضامين الخطاب الديني الآتية .
ب - الخطاب الصوفي : و هو أهم ما ورثه العهد الجديد من العهد القديم , و إن كان هذا الخطاب يكاد يكون منحصراً في فئة ضيقة من المجتمع التونسي بسبب انتشار الخطابات الأخرى بين الشباب ([5]) , إلا انه لا يزال له تأثير في كثير من المجالات , على أساس أنه كان و لزمن طويل الصورة الظاهرة للتدين و ملجأ الكثيرين في فترات الضيق و الشدة , و حتى في الأفراح و الأحزان ( الجنائز ).. و نجد له تأثيراً بشكل واضح في المدن الجنوبية ، طبعًا و التصوف في تونس له جذوره المشرقة و شيوخه الأعلام و طرقه و مناهجه و تاريخه الناصع...
و تقوم مفردات الخطاب الصوفي الحالي على مصطلح التنقية و العودة إلى الله تعالى..و الإغراق في تعابير من مثل العشق النبوي و الوجد و الحب ... و هي مفردات لها في وجدان التونسيين الأثر الكبير و الغريب أحياناً ، فيكفيك أن تذكر المدينة المنورة حتى تتحرك المشاعر و تدمع العيون و تعلن الألسنة عشقها للنبي صلى الله عليه وسلّم , و هي على ما أعتقد خصلة موجودة عند سكان المغرب الإسلامي منذ القرون الأولى و الحمد لله رب العالمين , و إن كانت أخذت عند هذا التيار منحى آخر قد يكون سلبياً قاتلاً .
و لكن يبدو أن هذا الخطاب في الفترة الأخيرة قد تخلى عن بعض أهدافه ليخصص جلّ خطبه للانخراط في الصراع مع التيار السلفي , فتجد التركيز على سوق الأدلة بشكل مبالغ فيه على جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه و سلّم و الأولياء الصالحين ، و تبرير طقوس زيارة القبور... و هكذا في ردّة فعل على ما يبدو على الطرح السلفي ، و يشار هنا إلى أن هذا الصراع في كثير من الأحيان ما يتجاوز الخطب و الطرح الشرعي والنقاش الفكري و الفقهي إلى استعمال القوة و المغالبة للسيطرة على المساجد .
ج - الخطاب الدعوي الروحي : و ألخص به هنا خطاب أنصار الدعوة و التبليغ ، هذه الأخيرة كانت تنشط علنا في عهد نظام بن علي حيث كان لها نوع من الرخصة القانونية ، مما جعل كثيراً من الشباب المتدين يلجأ لها كمحضن لممارسة بعض الأنشطة الدعوية ؛ و إن كانت قد انساقت في كثير من الأحيان إلى الطريق الصوفي و ركزت على التربية الروحية و الخروج في سبيل الله للدعوة إلى الصلاة و الذكر ، وبعد الثورة الشبابية انطلقت جماعات الدعوة والتبليغ بنفس جديد يركز على معاني الحب في الله تعالى وصفاء القلوب و الإكثار من الذكر... وهي مفردات مترجمة لخطابات هذا التيار ؛ ويلاحظ انه انخرط هو بدوره في صراع كما الصوفية مع التيارات الأخرى خصوصاً السلفية و التي تعتمد على نقد سلبيات هذا الخطاب سيما ما تعلق بتأثره بالتربية الصوفية وبعض المآخذ حول الاعتماد على الأحاديث الضعيفة وغيرها...
وتبقى ميزة هذا التيار هو القبول الشعبي الملاحظ لأفراده نظرًا لمعاني الطيبة و الإيثار وخدمة الناس...التي تربى عليها أنصاره.
د - الخطاب السياسي: رائد هذا الخطاب هم أنصار حزب التحرير ، الذين فاجؤوا الملاحظين بكثرتهم وتجندهم في تونس ، فمن المستغرب أن تجد حزب التحرير في شمال إفريقيا عمومًا نظراً لعوامل متعددة – ليس هنا المجال لذكرها - ولكن هذا الاستغراب زال الآن في تونس حيث فرض هذا الفكر نفسه أنصاراً و تواجداً، وإن كان سريعًا جدًا في صناعة العداوات من خلال خطابه الصارم حول الخلافة الإسلامية – التي لا يفهمها غالبية الشعب حتى المثقفين - وطرحه الاستئصالي اتجاه الأفكار الأخرى طبعاً بعد تمكنه من إقامة الخلافة .
وإن كان أنصار هذا الفكر لم يركزوا على الخطاب المسجدي كتركيزهم على المظاهرات و الاعتصامات و التحركات في الشارع...إلا أن بعض المنابر في بعض المساجد أصبحت وسيلة لتبليغ أفكار هذا التيار المتميز باعتداد أصحابه وجرأتهم الكبيرة في الصدح باعتقاداتهم ، وصولاً حتى إلى استعمال العنف والتحطيم مثلاً لبعض أوكار الفساد.
ومفردات هذا الخطاب واضحة تكاد تختزل في مصطلح واحد: : " الخلافة الإسلامية " وما يوصل إليها من قول أو عمل.
وهو أيضًا منخرط كغيره في صراعات – قد تكون عنيفة- مع باقي التيارات خصوصاً التيار السلفي بأطيافه.
ه - الخطاب الدعوي التربوي : وعماده الإخوان المسلمون أو كما يسميهم التوانسة : النهضويون أو جماعة النهضة أو جماعة الغنوشي... , وكما يسميهم السلفيون : جماعة المرحلية... ؛ قد يصعب عليك – كما صعب عليّ- الجمع بين الكلمتين : الإخوان و تونس ، فكل الحرب التي كان يقودها النظام السابق اتجاه التدين كانت موجهة أساساً للإخوان المسلمين على اعتبار أنهم أول من هدد أركان النظام العلماني عبر صناديق الانتخابات في بداية التسعينات من القرن الماضي ، فوجهت اتجاه هذا التيار كل ألوان القهر والتنكيل والنفي والتعذيب وحتى القتل... , لدرجة أن ألافاً من أبنائه هربوا لخارج تونس ، وكان نصيب آلاف آخرين غياهب السجون لفترات قد تتجاوز العشرين سنة... , حتى لكأنك تكاد تجزم أن هذا الفكر اختفى نهائيًا من جنبات – وحتى خفايا - المجتمع التونسي ، لكن ثورة التغيير أظهرت واقعًا آخراً أكثر إشراقاً ، فالعمل كان يسير بهدوء كبير وببطيء شديد، حتى إذا كشفت الحرية عن وجهها كشف الإخوان عن تواجدهم ([6]).
وهذا الخطاب إلى جانب الخطاب السلفي يعد من أقوى الخطابات الدينية الموجودة في المساجد بصرف النظر عن
قوته في الشارع بسبب مكانة قادته التاريخية في شعور التونسيين , ثم بسبب هدوئه وتركيزه على معايشة الآخر والقبول بوجود الآراء المضادة , والمرحلية في الدعوة إلى الإسلام إلى درجة التساهل أحياناً ، وربما ذلك راجع إلى طبيعة المجتمع التونسي الذي يعاني من تغلغل العلمانية في كل أركانه , و التي فرضت على النهضويين أسلوباً دعوياً مرناً.
وإن كان غالبية المجتمع التونسي كانوا متخوفين من الخوانجية ([7]) ، وينتظرون أن تكون عودة الشيخ راشد الغنوشي لتونس كعودة الخميني لإيران , إلا أن مفردات خطاب هذا التيار ساهمت في بث نوع من الراحة والثقة ؛ وتقوم مفرداته على التربية المتدرجة والدعوة بالتي هي أحسن واستعمال مصطلحات قد ترفضها التيارات الأخرى كالديمقراطية وحرية المرأة..., أما الخطاب المسجدي فيركز على مفهوم التربية الشاملة والمرحلية في التطبيق... , ويبدو أن انخراط هذا التيار هو الآخر في معارك ملهية مع التيارات الأخرى خصوصاً السلفية قد تعيقه وتؤخره إن لم ينتبه القائمون عليه لهذا الجانب . ويمكن من خلال استغلال تقبل الشعب لأفراد هذا التيار ومفرداته للوصول إلى تحقيق نشر الوعي الإسلامي المعتدل الوسطي الواقعي ، فهو يمثل عند الكثيرين النموذج التركي بصيغته التونسية , أو النموذج الجزائري بالنسبة لإخوان الجزائر.
- وكملخص لهذه النقطة فإن الخطاب الديني بناءً على التيارات الإسلامية المحتضنة له يتخلص في:
- خطاب سلفي بأطيافه المتعددة .
- خطاب روحي تمثله الصوفية والدعوة والتبليغ .
- خطاب سياسي بحت كجماعة حزب التحرير.
- خطاب شامل تربوي للإخوان المسلمين .

2) بحسب مضامين الخطاب :
لاشك أن مضمون الخطاب لا ينفك عن تجسيد أفكار التيار الذي يتبناه ، ولكن سنركز هنا على أهم المحاور المتبناة في الخطابات الدينية المختلفة وأثر ذلك على الواقع التونسي . و نذكر بداية أن كل الأجواء في تونس مازالت تعيش تداعيات الثورة وسقوط النظام العلماني ، فحديث الثورة والعهد الجديد والحرية ومصير الطغيان وما شابه ذلك تشكل في غالبها محور الحديث والنقاش ، والخطاب الديني الحالي في تونس لم يكن بعيدًا عن ذلك ، ورغم ذلك يمكن وضع معالم لأنواع الخطاب الديني بحسب المضمون وفق ما يلي :
* خطاب يعتمد على المضمون الأصولي : نسبة إلى العودة إلى الأصول ، فهذا الخطاب يركز على أن تونس وصلت إلى مرحلة الهاوية الأخلاقية فلابد لها من العودة إلى أصول الدين ومبادئه واعتماد كل الأساليب من أجل ذلك ولو كانت المغالبة هي السبيل الأنجع ، وينطلق هذا الخطاب من رفض مطلق لكل مظهر يخالف طرحه , انطلاقاً مثلاً من رفض السياحة – وهي عماد الاقتصاد التونسي- على أساس أن التفسخ الأخلاقي سببه السياح الأجانب وحتى العرب ( جزائريون و ليبيون غلباً ) , كذلك رفض أسلوب الحياة التي يتبناها غالبية التونسيين خصوصاً في المدن الساحلية , ويتجسد هذا المضمون على عدة أطروحات :
ü الطرح الجهادي : أو ما يسمى السلفية الجهادية والتي كانت وليدة السجون وسياسة القهر التي اعتمدها النظام البائد ، وهي الآن موجودة بشكل كبير في كثير من المدن ولها شيوخها وروادها وحتى أمراؤها , وهي تركز على فكرة الطاغون والولاء و البراء .. , وتعتمد أسلوب المسارعة إلى التكفير خصوصاً للأنظمة الحاكمة ، وعند أنصارها القابلية والاستعداد للعمل المسلح والتعبئة الجهادية ودعم الجماعات المسلحة وعلى رأسها القاعدة , فليس غريباً أن تسمع الدعاء للمجاهدين من تنظيم القاعدة – طبعًا حسب اعتقادهم – فوق المنابر.
وإن مما يثير التساؤل هو الامتداد السريع لهذا الفكر في ظل غياب العلماء المعاملين ، وغياب الفهم الصحيح للإسلام من طرف شباب متحمس حديث عهد بالتدين ، وتولي فئة من أصحاب الفكر التكفيري – رغم أنهم يرفضون هذه التسمية – القيادة والتوجيه ، في ظل غياب تام للدولة وهو ما أظن أنها سياسة مقصودة لجر الشباب إلى العنف لتنفيذ سياسات معينة ضد الحركة الإسلامية الواعية ؛ ويبدو أن بعض الدعاة في المساجد قد تأثروا بهذا الزخم الذي صنعه هذا الفكر فاعتمدوا أسلوب ترضية الأنصار المتحمسين على حساب بيان الحق والله المستعان .
كما يبدو أن الواقع التونسي بدأ يضيق ذرعاً من هذا الفكر الذي اعتمد أسلوب المواجهة و المغالبة و الحكم على الناس من أول يوم خصوصاً وأن خطابه يركز على نقطة واحدة : الطغيان ، الطاغوت ، الكفر، البدعة وصولاً إلى النار و بئس المصير ([8]).
* الطرح التكفيري : وهذا الطرح لا يختلف عن الأول إلا في أنه يتبنى التكفير مباشرة للحاكم والمحكوم وحتى للجهاديين.. , وهو نسبياً قليل التواجد إن لم يكن منعدمًا إلا في بعض المدن .
* الطرح العلمي : أو ما يسمى السلفية العلمية ، ويسميها الجهاديون في إطار الصراع التافه الملهي ب : مرجئة العصر , ولها انتشار محدود وإن بدأت تأخذ نسقًا آخراً تأثراً بعودة بعض ما يسمى طلبة العلم من أرض الحجاز، وطرحها يركز على العقيدة والسنة كما يفهمها أنصارها إلا أنها لم تخرج إلى حد الساعة من الصراعات القائمة منذ البداية حول بعض المسائل الخلافية كموضوع النقاب واللحية والتقصير... , وقد بدأت الآن تنتهج في نوع من الجرأة – نظرًا لسطوة السلفية الجهادية - خطاباً جديداً يقوم على فكرة حرمة الخروج عن الحاكم وحرمة المظاهرات و الاعتصامات و الإضرابات...في واقع مشبع بهذه القضايا ، ولهذا أصبحوا عند الجهاديين مرجئة لأنهم لا يكفرون الحكام , وأصبحوا عند عامة الشعب عملاء لأنهم لا يعارضون الحكومة , وهم عند أنفسهم الفرقة الناجية والسلفية الحقة ، ومنهجهم الاقتداء بالسلف و وسيلتهم طلب العلم وغايتهم نشر العقيدة الصحيحة.
وهذه الأصناف الثلاثة والتي تمثل ما اسميه الخطاب الأصولي وإن كانت تختلف كثيرًا في الأصول الدعوية التي
تتحرك من خلالها إلا أنها تشترك في نقاط أهمها:
- التسمية : فكلها تتسمى بالسلفية وتنتسب إلى السلف , وتحاول تقوية جانبها بالاعتماد على أقوال علماء من أمثال الشيخ ابن باز و الشيخ العثيمين و العلامة الألباني والشيخ الحويني..
- الغرق في الصراعات مع الأفكار المخالفة و إغراق المساجد بالخلافات ، مع إهمال الواقع الذي يسيطر عليه الشيوعيون أو يكاد.
- غالبية نقاشاتهم تدور حول مسائل خلافية كاللحية والنقاب و الإسدال و الإسبال...
- خطاباتهم مشبعة بالتحذير من الأشاعرة ومن التأويل...وهو أمر مستغرب في ثقافة تونسية لا تفقه أولى أولويات الدين .
- غياب العلماء الأعلام ، وانتشار بعض المطويات والكتيبات الصغيرة والتي أصبحت مصدرًا للتلقي أسست لظهور قيادات عندها أقل ما توصف به : ضعف العلم وشدة الخلق (عنيفة) وسوء فهم الواقع والجهل بالدين... , فهم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام في نظر الكثيرين ، باستثناء بعض الدعاة القلائل.
ويمكن القول – ومن خلال نظرة شخصية - أنه و في خلال فترة قصيرة نجح هذا الخطاب في صناعة حاجز نفسي مع غالبية المجتمع التونسي الذي لازال متأثراً بالصورة السلبية التي رسمها النظام السابق للفكر السلفي , الأمر الذي يلزم الدعاة المخلصين إلى ضرورة مراجعة منهجية السير الحالية ، وكبح جماح الشباب المتحمس دون علم ، والتركيز على نشر العلم الصحيح عند الشباب وفق الفهم الصحيح للإسلام .
* خطاب يعتمد على المضمون السياسي : يركز هذا الخطاب في المساجد وغيرها على ضرورة الحكم بما أنزل الله ، و قد يكون هذا الكلام مشتركاً عند كل الخطابات الدينية حتى الرسمية ، ولكن المقصود هو ذلك الخطاب الذي لا يتكلم إلا عن الحكم والسلطة و ممارسة السياسة ، فهو خطاب يركز بنوع من المبالغة على إقامة الخلافة الإسلامية ويعدد فوائدها ويذكر صورها التاريخية , وكيف كانت الأمة عندما كانت موحدة وأين أصبحت بعدما غابت الخلافة .
* خطاب يعتمد على المضمون الروحي : فالتربية الروحية و التنقية و التوبة و العودة إلى الله و محاربة الشيطان...هي أهم أسباب النصر ، فيركز هذا الخطاب على دور الفرد اتجاه نفسه في هذا الجانب ، ودور الذكر في بعث الروح الإسلامية في أوساط المجتمع .
* خطاب يعتمد على الشمولية: أي طرح الإسلام شاملاً : فالإسلام منهج حياة ، يتعلق بالفرد طولاً وعرضاً وارتفاعاً وعمقاً ، يتابع الفرد في البيت و العمل و الشارع و الملعب...بل في كل نواحي الحياة .
ويركز هذا الخطاب على مفهوم الوسطية و الاعتدال و على وسيلة التدرج في الدعوة إلى الله تعالى , خصوصاً مع واقع تونس البعيد كل البعد عن فهم الإسلام نتيجة عقود من التمييع والتحريف .
فهذا الخطاب يدعو أنصاره إلى ممارسة السياسة والانخراط في العملية السياسية بكل تداعياتها لإثبات البديل الإسلامي ,
و لمنع تهميش الإسلاميين , و لفتح فضاءات عمل و دعوة و تدريب أيضاً , و في نفس الوقت التركيز على التربية في البيت و المسجد و المدرسة، و إعطاء القدوة في الشارع .
* خطاب رسمي: وهو الخطاب الموجود عبر بعض المساجد والقنوات التلفزية , وهو يمثل النظرة الرسمية للحكومة ، ويركز على الأخوة وبعض المعاني الإيمانية ، القائمة على حب الخير للغير ، ومعاملة غير المسلمين بالتي هي أحسن ، وفي الحقيقة أن هذا الخطاب لا يلقى أي قبول ولا تأثير في الأوساط الشعبية , لأنه لم يتجدد و في نفس الوقت لأنه مازال ناطقاً رسمياً باسم السلطة ، ويظهر ذلك جلياً في تركيزه على أنه لا علاقة بين الإسلام و السياسة ولا بين الإسلام و الحكم ، فهو خطاب ميت وإن كان موجوداً .
هذه أهم مضامين الخطابات الدينية الموجودة في واقع تونس الجديد .
3) بحسب الفئة المستهدفة :
وهذا تقسيم آخر ينظر إلى الخطاب الديني غير الرسمي من حيث الفئة المخاطبة أو مجال تحركه ، ويمكن تقسيمه إلى قسمين أساسين :
- خطاب قاصر على المساجد : وهو ما تبنته غالبية التيارات الناشطة , فنجد أن المساجد بعد الثورة تحولت إلى خلايا نشاط حقيقية ، فاستقطبت غالبية الدعاة و المتدينين ، وصولاً إلى تمركز البعض داخل المسجد وتقوقعهم في أركانه ، تاركين الواقع في فراغ ديني استغله العلمانيون و الشيوعيون بشكل مثير للانتباه .
والتقوقع داخل المسجد كرس فكرة عزل الخطاب الديني عن المجتمع التونسي و عدم اهتمامه بواقع التونسيين و الحالة الاجتماعية و النفسية و المادية للفرد و المجموع ... ، أضف إلى ذلك حالة الصراع التي يثيرها بعض الشباب المتحمس دون علم ، ثم تكرر المواضيع المطروحة من طرف البعض و التي لا تكاد تتجاوز فكرة الطواغيت و الولاء و البراء في كل محاضرة و خطبة جمعة و درس ومداخلة...كل هذا بدأ يعطي صورة نمطية بدأت تتشوه عند التونسيين .
- خطاب واقعي ميداني: يحاول الجمع بين النشاط المسجدي و النشاط في أروقة الواقع ، وهو خطاب تبنته جماعات محسوبة على الفكر المعتدل الوسطي , تحاول من خلاله الوصول للجامعة و الثانوية و السوق و الشارع و كل المنتديات و التجمعات العامة ، و تمزج فيه بين العمل الدعوي الموجه للرجال و ذلك الموجه للنساء و حتى الموجه للطفل و التلاميذ. و إن كان لا يزال ضعيفاً إلا أن ثماره بدأت تينع خصوصاً على مستوى المعاهد و الجامعات... , ويبدو أن العقلية التونسية الهادئة تقبلت هذا الفكر – و الذي تمثله حركة النهضة ( الإخوان المسلمون ) و جماعة الدعوة والتبليغ في بعض جوانبها – خصوصاً و أنه اعتمد المرحلية في التغيير ، و الذهاب إلى المدعوين أينما وجدوا حتى لو كانوا لا يصلون .
مآل الخطاب الديني :
قد يصعب التنبؤ بما سيصل إليه الخطاب الديني في تونس ، إلا أنه و من خلال استقراء سريع لتجربة الجزائر و التي تشبه في منطلقاتها الأولى في بداية التسعينات من القرن الماضي ما يقع في تونس الآن ، فإنه يمكن طرح محاذير و توقعات :
* أما المحذور الأساس فهو جنوح بعض الجماعات و الأفراد إلى سلوك سبيل العنف الموجود أصلاً في فكرهم و أبجدياتهم , و ذلك إما كرد فعل على تحركات أتوقع أن تقوم الحكومة بها ضد بعض الناشطين في المساجد والمتبنين لفكر التكفير ، أو كتحرك غير محسوب ضد السياح الأجانب من خلال اعتداءات أو تفجيرات تغذيها أفكار – قد تكون واقعية ولكنها ليست مبرراً - مفادها أن السياحة هي سبب الانتكاسة الأخلاقية في تونس ، فيكون في ذلك كل العذر لمحاربة الإرهاب بالنسبة لأطراف و ما يحمله ذلك من تداعيات .
* المحذور الآخر: أن تتوسع دائرة الصراعات بين الجماعات الإسلامية الناشطة خصوصاً من أجل السيطرة على المساجد، لتتحول هذه الصراعات إلى عنف بيني يعطي الحجة للعلمانيين للقيام بتحركات أو وضع قوانين مقيدة للعمل الإسلامي .
أما التوقعات فيمكن تلخيصها في :
- انحصار بعض الخطابات إلى درجة زوالها ، خصوصاً خطاب جماعة الدعوة و التبليغ و التي ستذوب في باقي الجماعات ، وكذلك الخطاب الصوفي والذي سينحصر شعبياً و يتكرس كخطاب رسمي للنظام الحاكم .
- سيصل الصراع بين ما يسمى السلفية الجهادية و التكفيريين و السلفية العلمية إلى سيطرة هذه الأخيرة على الواقع , واكتساحها باقي الاتجاهات المشابهة , خصوصًا إذا فتح النظام السياسي الأبواب أمام بعض العلماء والدعاة من أرض الحجاز و المشرق بصفة عامة .
و طبعًا ستوظف السلفية العلمية لمحاربة ما يسمى بجماعات الإسلام السياسي خصوصاً حزب التحرير و الإخوان.
- و أخيراً .. أعتقد أن العقلية التونسية الهادئة و المثقفة ستتبنى بشكل سريع جدًا الخطاب الوسطي و المعتدل , و لكن بشروط أن ينئ بنفسه عن الصراعات المصطنعة , و أن تبقي طبقة من الدعاة بعيداً عن المعترك السياسي ، و المواصلة في الأسلوب الهادئ و العمل التربوي المركز و التركيز على الشباب والطلبة .
ختامًا:
هي صرخة التماس موجهة لكل المتدينين في تونس ، أن تأكدوا : " من جاءته النعمة و لم يشكر ذهبت و لم يشعر" ، فلا تجعلوا الشباب التونسي يندم لأنه قام بالثورة , خصوصاً أنه لم ينس أن بعض المتدينين المعروفين كانوا متفرجين أيام الثورة ؛ و التزموا ضوابط الشرع في واقع تونس و ليس في أحلامكم , و اعلموا " أن المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى"
ثم هو نداء لسادتي العلماء العاملين و الدعاة المصلحين من خارج تونس أن يجعلوا من شباب تونس اهتمامهم و من أرضها موطئ أقدامهم ، عسى العلم أن يرفع وطأة الجهل و التهور.
و الله الموفق والهادي إلى سواء السبيل
و صلى الله على سيدنا محمد و آله و سلم

أبو قدس عبد الرحمان بن أحمد بوقرنوس
الجزائر
------------------------------------------------------------------------
[1] انظر مقال: تونس الغد...أو عندما يؤسس الطغيان لعودة الإيمان :http://moslimonline.com/?page=artical&id=4066
[2] هي تسميات لأقمصة رجالية تختلف في الشكل أو اللون وتنسب لبلد منشأها، والقميص الأفغاني هو الذي يصل إلى الركبة فقط وتحته سروال من نفس النوع واللون.
[3] على الرابط: http://www.youtube.com/watch?v=FRdSq3vuEUs
[4] أشير أنني انطلق من واقع مدن محددة هي: سوسة، الحمامات، نابل، القيروان، قابس، زغوان والعاصمة، واعتقد أن باقي المدن لا تكاد تبعد كثيرًا عن هذا الواقع.
[5] من بين أولويات الخطاب السلفي محاربة الصوفية أو كما يسميهم السلفيون :الأحباش.
[6] صور استقبال الشيخ راشد الغنوشي تنبئك بالخبر: الرابط : http://www.youtube.com/watch?v=PSJAx5lPGm0
[7] الإخوان المسلمون أو المتدينون بتسمية التونسيين .
[8] قد أكون ملت عن الموضوعية في تناول الطرح الجهادي وما ذلك إلا للخطر الذي يشكله مثل هذا الفكر على الإسلام خصوصًا وأعداء الإسلام يتربصون ويدعمون...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.