من لم يفهم العالمانية أفهّمه أيّاها في أربع سطور: قبل كلّ شيء من يريد أن ينطقها صحيحة فهي (العالمانية) وليست (العِلمانية) كما يُروّج أهلها ودعاتها.. زيّنوا نغمتها فجعلوها مشتقّة من العلم ليفتنوك بها.. العالمانية باختصار جوهرها إزاحة الله من حياة النّاس... أي إزاحته من السّياسة والإجتماع والإقتصاد والتشريع وغير ذلك، إمّا بإنكار وجوده أصلا، وهذا أصبح العالمانيون اليوم يتحاشونه لعدم قدرتهم على نزع الله من قلوب النّاس.. أو بعزله وجعله أمر شخصي روحي صرف في داخل قلب كلّ من يؤمن به... لذلك تسميتها (عِلمانية) بكسر العين لتكون مشتقّة من (العِلم) خطأ.. وإلاّ فإنّه سقابلها كمرادف: (الجهلانية) لمن سواهم كالإسلاميين الّذين يردّون الأمر إلى الله في كلّ شيء ويردّون الكون إلى خالقه.. العالمانية هي إنقلاب شامل على الله.. ليصبح أمر الكون بأيديهم، يفعلون به ما يريدون.. يشرّعون له القوانين بما تمليه أهواءهم.. يغيّرون وجهه إن شاءوا.. فيصبح قاتل النّفس آمن على نفسه، لا يُقتَل بالنّفس أو الأنفس الّتي قتلها.. بل يوضع في السجن يأكل ويشرب وينام، ويتفرّج على قنوات العالم.. و يتزوّج الرّجل مَثيلَه وتتزوّج المرأة مثيلتها، وإذا عمّ هذا الشرّ وانقطع النسل فنبحث ربّما وقتها عن القردة ونستنجد بهم للإنجاب لنا... وإذا رفض القردة نترك الأرض لكائنات أخرى تتناسل وتعمّرها.. والعالمانيون من أهمّ مقولاتهم وأشهرها: الإيمان في القلب.. يقولونها لك وهم يضعون أيديهم على صدورهم فق ربطات أعناقهم... وقال طارق رمضان وهو يردّ عليهم: من يقول الإيمان في القلب، هو كطالب يردّ ورقة الإمتحان فارغة ويقول العلم في الرّأس.. ولا بدّ من التّأكيد أنّ كلّ ما عدا الفكر الإسلامي الّذي يردّ أمر الكون إلى اللّه، فهو عالماني ويساري.. يعني في قفّة واحدة، ولا تغرّنك العباءات والبرانيس الّتي تغطّي ما هو مكتوب على ظهورهم من شعارات واتّجاهات.. ولذلك، في السّباقات الإنتخابية والمنافسات السّياسية من أسلم جنبه لأولئك المنقلبين على الله، و أعطى صوته لتيّار عالماني مهما كان لينه وشعبيته والعباءة التي يلبسها، فقد شارك في الإنقلاب على الله وأزاحه من حياته ولو صلّى وصام وذهب إلى المساجد والكنائس.. لن ينظر الله إليه يوم يلقاه.. مرّة أخرى، إسمعني وحاول تفهمني... لا يغرّنّك عالماني يدّعي أنّه مؤمن ويذهب إلى المسجد ويصوم وهو يزيح الله من الحياة اليومية ومن تصريفه للكون والتّشريع له.. لا يغرّنك أن تجدهم خاشعين، فالماسونية نفسها أصبحت تتحاشى مواجهة قضية الإيمان.. بل أصبحت مؤمنة هي الأخرى ففي سنة 1723 م عندما أعادوا كتابة دستور الماسونية وضعوا البند التّالي: "لا يمكن أن يكون الماسوني ملحداً أحمقاً.."..... أفهمت..؟؟؟