ربما كلمة كردي تعتبر لدى البعض ذات دلالات وضيعة، بينما الحقيقة عكس ذلك، حيث عاش الأكراد تحت ظل الحكم العثماني، وإنصهروا مع الشعوب العثمانية، ولم يشاركوا في حركات التمرد والإنفصال، وكانوا أكثر الشعوب العثمانية تديناً وأكثرهم زهداً وتصوفاً، ولذلك عندما نجح المستعمر في توزيع ممتلكات الدولة العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى قَسَم الأكراد إلى أقليات مبعثرة بين الدول الإقليمية المحيطة بهم، ومن ضمنها العراق وسوريا وتركيا وايران. ولم يعترض الأكراد على هذا الفِعل لأن عاطفتهم الدينية كانت كبيرة وطاغية، ولم تتأصل لديهم النزعة الكُرد القومية، ولم يستشعروا في يوم من الأيام بأن لديهم خصوصية ثقافية، وكان ولاء الأكراد كبير نحو السلطان العثماني، وله في نفوسهم عَظيم الإجلال. ولكن بعد تأسيس الدول القومية الوليدة للأتراك والفرس والعرب في العراق وسوريا وبعد أن تولى زمام تلك البلاد اليمين القومي الإشتراكي والماركسي، وصعد على حساب فكرة الرابطة أو الجامعة الإسلامية، مارست تلك الدول القومية الحديثة فاشيتها المعهودة ضد الأكراد، ونجحت في إخراج أسوء ما لدى الأكراد من طباع منذ ما قبل منتصف القرن الماضي، مما دفع الأكراد إلى تأسيس جماعات دموية عنيفة ذات أيدولوجيا يسارية وإشتراكية وقومية إنتهجت مبادئ العلمانية العنيفة على غرار منظومة الحكم العربي والفارسي والتركي والتي جرعتهم ألوان العذاب في حينه، مما دفع الحراك الإجتماعي الكردي نحو علمنة مجتمعاتهم وبشكل إجباري وحتمي، وتسربت شعارات مزيفة إلى نفوس بسطاء الأكراد إستغلت الحالة الكردية تحت غطاء أن تدينكم أيها الأكراد لم ينفعكم منذ أواخر العهود العثمانية ولم يحميكم من بطش العرب والترك والفرس، وأن تصوفكم وزهدكم جاء لكم بالمصائب، ووضع بلادكم عُرضة للإستبداد وللإستغلال الخارجي. وبعد قرن أو أقل بدأت عَجَلة تاريخ الأكراد تدور من جديد، وتحمل معها بوادر مرحلة جديدة، وبدأ يتكشف للأكراد زيف تلك الطُرَهات التي نشرها اليمين الكردي المتطرف، ونحن نشاهد مخراً نمو وتصاعد مظاهر التَدَيُن لدى الشعب الكردي، وربما تنجح الأحزاب الكردية ذات البعد التنموي المحافظ من إكتساح صنادق الإنتخابات البرلمانية المرتقبة في إقليم كردستان العراق وعلى رأسها الإتحاد الإسلامي الكردستاني. باحث فلسطيني مُختَص في التاريخ الإجتماعي والسياسي [email protected] مصدر الخبر : بريد الحوار نت a href="http://www.facebook.com/sharer.php?u=http://alhiwar.net/ShowNews.php?Tnd=28227&t=" الأكراد والعَرب واليَمين القومي المُتَطَرِف"&src=sp" onclick="NewWindow(this.href,'name','600','400','no');return false"