انبنت دولة الاستقلال على المكر والخداع والغش والحيلة ، وتربّت على ذلك كل الأجيال التى حكمت تونس حتى اندلاع ثورة الغضب ضدّها في ديسمبر 2010 فاسقاط نظامها في جانفي 2011 ، واحسن "التجمع الجديد" استثمار تلك النظرية في الانتخابات الاخيرة 2014، ونجح السبسي في تقمص دور الزعيم بورقيبة ونجحت دموعه التى انهمرت فجاة لما حدّثته امراة في السوق انها لا تقدر على شراء لحم الظأن، نجحت تلك الدموع ، في خداع شعب باكمله ، بمساعدة الآلة الاعلامية الفاسدة المعتادة على صنع الاصنام بحسب الطلب والحاجة، وللموضوع امتداداته داخل البلد ، فليست فقط مدينة الكاف هي المدينة ذات الشارع الواحد ، فكل مدن القحط في الداخل هي مدن بشارع واحد ، تنفق على ارصفته كل عام كل الاموال المرصودة من المركز(على قلتها ) ارضاء للقوّادين ، وافضل وايسر طرق الاستيلاء على المال العام هي اعمال الترميم في نفس الشارع ،وهو نفسه الذي يمر عبره كل المسؤولين في زيارات التفقد ويمنع عليهم طوعا او كرها او عن طيب خاطر ، يمنع عليهم الالتفات يمينا او شمالا لرؤية حطام الازقة الموازية ، الاشغال حثيثة هاته الايام لترميم الشارع المحيط بمركز الولاية ، اتمنى الا يكون ترميما على النّمط المعهود ، وفي كل الاحوال واضح ان التجمعيين لم يفهموا حتّى بعد ثورة شعبية عارمة هزّت عروشهم بعد حكم استمر قرابة الستين عام ، لم يفهموا بعد ان مركز السيادة الحقيقي ليس في المباني والمقرات ولكن على رؤوس البسطاء الذين استطاعوا خداعهم بسهولة ووضعوا " الطلامس " على اعينهم فاصبحوا لا يرون الاف السكان بلا قنوات صرف صحّي في حي سيدى منصور المطل على قصر "الزعيم " سابقا ودار السيد الوالي حاليا ، ويرون في ترميم محيط الولاية انجازا قد لا يفوت نشرات الاخبار المزوّرة ، نظرية التزوير ناجحة ومستمرة ما دامت نسبة الفقر و الامية في المدينة هي الأعلى على مستوى البلد ، ولا شك اننا سنحقق الديمقراطية البورقيبية او النوفمبرية في الانتخابات القادمة ونصبح ب "كل فخر" مدينة الشارع الواحد والحزب الواحد ب تسعة وتسعين بالمائة من عدد الاصوات للتجمع "المنحل"..