انتخاب تونس عضوا بالمجلس الوزاري الإفريقي المعني بالأرصاد الجوية    عاجل : الكشف عن مصنع عشوائي لتعليب المنتوجات الغذائية و الأمن يتدخل    اتحاد الفلاحة: أسعار أضاحي العيد ستكون باهضة .. التفاصيل    قابس: تراجع عدد الأضاحي خلال هذه السنة    إسبانيا تمنع السفن المحملة بأسلحة للكيان الصهيوني من الرسو في موانئها    الخارجية : نحو إبقرام إتفاقية مع الدول الإفريقية بخصوص المهاجرين .. التفاصيل    حريق بمستودع بين المروج 6 ونعسان    أبطال إفريقيا: الترجي الرياضي يستضيف الأهلي المصري برغبة تعبيد الطريق نحو الظفر باللقب    خلافا لما صرح به شوبير: جماهير النادي الإفريقي لم تكن حاضرة في تمارين الأهلي المصري    مباراة الكرة الطائرة بين الترجي و الافريقي : متى و أين و بكم أسعار التذاكر؟    يصنعون ''مواد المسكرة محلية الصنع القرابا'' و يقومون ببيعها بمدينة أم العرائس    الحماية المدنية: تسجيل 16 حالة وفاة و 503 إصابات في حوادث مختلفة    هام/ مناظرة لانتداب 34 متصرفا بالبريد التونسي..    كأس أوروبا 2024: كانتي يعود لتشكيلة المنتخب الفرنسي    كاتب دولة سابق : تعلية السدود لرفع طاقة إستيعابها جزء من الحل    تونس : 80 % من الشباب ليس له مدخول    الكيان الصهيوني يرد اليوم على اتهامات جنوب إفريقيا بتصعيد "الإبادة"    النائب طارق مهدي يكشف: الأفارقة جنوب الصحراء احتلوا الشريط الساحلي بين العامرة وجبنيانة    اعزل الأذى عن طريق المسلمين    دراسة عالمية: ارتفاع وتيرة الإساءة الأسرية للرجل    روعة التليلي تحصد الذهبية في بطولة العالم لألعاب القوى لذوي الاحتياجات الخاصة    بطولة اسبانيا : برشلونة يتخطى ألميريا بثنائية وريال بيتيس يسقط في فخ التعادل أمام لاس بالماس    محيط قرقنة اللجنة المالية تنشد الدعم ومنحة مُضاعفة لهزم «القناوية»    بطاقة إيداع بالسجن في حق مسؤولة بجمعية تُعنى بمهاجري دول جنوب الصحراء    الجزائر تواجه الحرائق مجدّدا.. والسلطات تكافح لاحتوائها    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يدعم انتاج الطاقة الشمسية في تونس    نجاح الأسرة في الإسلام ..حب الأم عبادة... وحب الزوجة سعادة !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    خطبة الجمعة...الميراث في الإسلام    التحدي القاتل.. رقاقة بطاطا حارة تقتل مراهقاً أميركياً    الشرطة الفرنسية تقتل مسلحا حاول إضرام النار في كنيس بشمال غرب البلاد    منها الشيا والبطيخ.. 5 بذور للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    التوقعات الجوية لهذا اليوم…    الاطاحة بمنحرف خطير بجهة المرسى..وهذه التفاصيل..    الصحة العالمية.. استهلاك الملح بكثرة يقتل 10 آلاف شخص يوميا في أوروبا    عُثِرَ عليه بالصدفة.. تطورات جديدة في قضية الرجل المفقود منذ حوالي 30 سنة بالجزائر    عاجل: لأول مرة: تونس تصل المرتبة الثانية ضمن التصنيف الدولي للبيزبول    المنستير .. المؤبّد لقاتلة صديقها السابق خنقا    ارتفاع عجز الميزان الطاقي    دخول مجاني للمتاحف والمواقع الأثرية    وزارة الثقافة تنعى المطربة سلمى سعادة    صفاقس تستعدّ للدورة 44 لمهرجانها الصيفي    وكالة (وات) في عرض "المتوسط" مع الحرس .. الموج هادر .. المهاجرون بالمئات .. و"الوضع تحت السيطرة" (ريبورتاج)    القيروان: إنقاذ طفل إثر سقوطه في بئر عمقها حوالي 18 مترا    الناطق باسم وزارة الداخلية: "سيتم تتبع كل من يقدم مغالطات حول عمل الوحدات الأمنية في ملف المحامي مهدي زقروبة"    توقيع إتفاقية قرض مجمع بالعملة لدى 16 مؤسّسة بنكية محلية لفائدة تمويل ميزانية الدولة لسنة 2024    باجة: باحثون في التراث يؤكدون ان التشريعات وحدها لا تكفي للمحافظة علي الموروث الاثري للجهة    توزر: تظاهرة احتفالية تستعرض إبداعات أطفال الكتاتيب في مختتم السنة التربوية للكتاتيب بالجهة    جندوبة: وزير الفلاحة يُدشن مشروع تعلية سد بوهرتمة    عاجل: "قمة البحرين" تُطالب بنشر قوات حفظ السلام في فلسطين..    استشهد 3 فلسطينيين برصاص الجيش الصهيوني في الضفة الغربية..#خبر_عاجل    سيدي بوزيد: انطلاق الدورة 19 من مهرجان السياحة الثقافية والفنون التراثية ببئر الحفي    عاجل: متحوّر كورونا جديد يهدّد العالم وهؤلاء المستهدفون    ظهورالمتحور الجديد لكورونا ''فيلرت '' ما القصة ؟    الأيام الرومانية بالجم . .ورشات وفنون تشكيلة وندوات فكرية    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يحزننا ولا يدهشنا
نشر في الحوار نت يوم 09 - 02 - 2016

إذا كان وزير الداخلية قد أبدى دهشته من الشائعات المتداولة حول تورط جهاز الأمن فى مقتل الباحث الإيطالى الذى عثر على جثته فى ضواحى القاهرة، فإننا لا نستطيع أن نخفى دهشتنا إزاء اندهاش الوزير. وإذ أؤيد الانتظار حتى تنتهى التحقيقات فى الموضوع، وأتمنى أن تثبت براءة أجهزة الأمن من تعذيب الرجل وقتله، إلا أننى أتفهم العوامل التى أسهمت فى الإسراع بإثارة الشبهات حول دور الشرطة المصرية فيما جرى للرجل، وإلى أن تتضح الحقيقة فى الموضوع، ينبغى أن نتساءل: لماذا كان أول ما خطر على بال كثيرين فى خارج مصر إن للشرطة المصرية يدا فى الموضوع؟ وأضيف هنا أن بعض التقارير المنشورة فى الصحافة الأجنبية قطعت بذلك الدور ولم تتعامل معه باعتباره شكوكا أو أحد السيناريوهات المطروحة. وأوجعنى كثيرا أن أطالع رسما كاريكاتوريا، تداولته مواقع التواصل الاجتماعى ظهر فيه جبل من الجثث ووقف أمامه أحد ضباط الشرطة المصريين متسائلا: أين يوجد ذلك الإيطالى؟ وكانت رسالة الصورة واضحة فى أن الباحث القتيل ريجينى، من وجهة نظر الرسام والجريدة، ليس سوى واحد من مئات الضحايا الآخرين الذين لقوا نفس المصير فى مصر.
إحدى المشكلات التى كشفت عنها الحادثة أن الذين يوجهون الإعلام الأمنى فى مصر تصوروا أن ما تبثه وسائل الإعلام المحلية من تقارير ينطلى على وسائل الإعلام الأجنبية والمنظمات الحقوقية الدولية. ناسين أن هؤلاء يعرفون ما يجرى فى مصر أكثر مما يعرف كثير من المصريين. وعند الحد الأدنى فلتلك الدول سفارات فى القاهرة كما ان للمنظمات باحثين يتابعون بدقة ما يجرى، فضلا عن أن المنظمات الحقوقية المستقلة المحاصرة إعلاميا فى مصر، تستقبل تقاريرها بثقة واحترام فى الخارج.
ليست المسألة مجرد سمعة أشاعت انطباعا سلبيا عن دور جهاز الأمن فى مصر، لأن ما صدم كثيرين فى الخارج فى جريمة تعذيب وقتل الباحث الإيطالى، لم يقابل بدهشة كبيرة فى أوساط الحقوقيين المصريين فضلا عن أهالى المسجونين، صحيح أن الأمر موجع ومفجع ومثير لمشاعر الحزن والأسى، لكنه ليس باعثا على الدهشة بأى حال. فثمة حالات فى مصر واجه فيها الضحايا ذات المصير الذى انتهى إليه الباحث المغدور لكنها لم تحدث ضجة فى وسائل الإعلام، سواء لكثرتها وتعددها أو لأن الإيطالى وراءه دولة غضبت وحكومة أوفدت وفدا أمنيا وسفيرا عاين الجثة وصدمه ما رآه، ثم إن الجثة نقلت إلى روما وتوفر لها من يستطيع ان يفحصها جيدا، ويعد تقريرا مستقلا عما جرى.
لقد ذكرت قبل قليل ان أول ما خطر على بال كثيرين «فى خارج مصر» إن للشرطة يدا فى الموضوع. ولم أشر إلى أصداء الحادث داخل مصر. وتوا قلت إن ما جرى للرجل أحزننا ولم يدهشنا، ليس فقط لأن الانطباعات فى الداخل أسوأ بكثير، ولكن أيضا لأن الحالات المماثلة مرصودة ومعلومة للكافة، وتشكل مادة لا تغيب عن مواقع التواصل الاجتماعى.
ربما يذكر كثيرون حادث المحامى كريم حمدى الذى ألقى القبض عليه فى شهر فبراير من العام الماضى، وقام اثنان من ضباط الأمن الوطنى بتعذيبه الأمر الذى انتهى بقتله. وأدانتهما فى ذلك محكمة جنايات القاهرة وحكمت على كل منهما بالسجن المشدد مدة خمس سنوات. وفى حيثيات الحكم ذكرت المحكمة التى نشرتها الصحف فى 2015.12.19 أن الرجل قتل جراء «توقف القلب والتنفس نتيجة الإصابات بالصدر والبطن والعنق، وما أصابه من كسور بالأضلاع الصدرية وتهتك بالرئتين وتكدم بالقلب والكبد وكيس الصفن. وما صاحب ذلك من نزيف بتجويفى الصدر والبطن وبالخصيتين وحول الكليتين... إلخ. وتلك تفاصيل لا تختلف كثيرا عما أصاب الباحث الإيطالى.
ما جرى للمحامى كريم حمدى ليس حادثا استثنائيا. يشهد بذلك تقرير مركز «النديم» لعلاج ضحايا العنف والتعذيب عن عام 2015 المنقضى، إذ أورد ما وصفه بأنه «أرقام مفزعة» لضحايا التعذيب (التقرير موجود على موقع المركز). وفى تقديمه إشارة إلى أن التعذيب أصبح منتشرا فى أقسام الشرطة ومقار أمن الدولة، «بحيث كاد يغطى خريطة مصر كلها من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها».
معذورون هم إذا سارعوا بالشك ومعذورون نحن أيضا إذا أصابتنا دهشة الوزير بالدهشة. ومن حقنا فى هذه الحالة أن نردد قول من قال إن الوزير إذا كان لا يعلم بما يجرى فتلك مصيبة، وإذا كان يعلم فالمصيبة أعظم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.