أحدّثكم اليوم عن مُذمّم "أبو الهزائم والكلاب" وقد انتفخت أوداجه من فرط الكِذاب، كان جروا لم يسمع له من قبل نباحا ولا عواء ولم يعرف له اسم ولا انتماء، حتى فار تنّور السابع عشر وتسلل لسفينة الحرية كل البشر، حتى أعداء الشهامة والإنسانية، وحين كانت السفينة تتهادى والأمواج في علوّها تتمادى، قال الجرو: "فرصتي الآن أن أتدرّب على النّباح وإن لزم الصياح فالرّكاب عنّي مشغولون وبتثبيت أرجلهم في مواقعهم مهتمّون"! وأوّل ما بدأ الجرو يجرّب النباح نبح على مُصمّمي السفينة وربّانها وهو من ركّابها، قال: "لا حقّ لكم في ظهر السفينة وإنما في قاعها"! وفي غمرة انتشاء ركّاب السفينة بالكرامة والحرية تجاهلوا الجرو وأمثاله من كلاب وجراء وتركوهم دون أن يصيبوهم بأذية أو يلقوا بهم في بطن الأمواج العاتية ليكونوا من السفيينة للحيتان خير هدية باقية! واستمر في نباحه والعواء دون أن يتعلّم من الكلاب خصلة الوفاء! وما كادت السماء تقلع والأرض تبلع ماءها وتستوي السفينة على اليابسة حتى أصبح الجرو من كبار الكلاب ينبح ويعض ويحاول نهش الأسياد! دون أن يجعل على لسانه البذيء رقيبا من قانون أو ربّ للعباد! ... نبح طويلا وعوى ولكنه لم يحقق بنباحه غير رجع الصدى! أغاضه أنه كل ما نبح أقواما تجاهلوه و"بالصعيد الطاهر" لم يقذفوه، وقد أكرموا الحجارة من نجاسة لعابه فظن الأمر ضعفا ولم يقف عند بابه! ولذلك انتقل جرو الكلاب لينبح في مدينة الرّقاب فبها تجمعّ أطفال من غير كبار يرتّلون القرآن باللّيل والنهار! وبعد أن كشّر عن نابه والغرور انتابه في مواجهة الأطفال، نبح وأسال لعابه ثم انتشى لمّا رأى دموع الصّغار، واعتقد أنه بطل مغوار لا يشق له غبار! وظنّ أنه وطأ موطأ يغيض أنصار الإسلام والقرآن والهويّة وما درى الجرو أنه أصاب نفسه بكل رزيّة، ولم ينل بشنيع نباحه من الذّرية ولا ربّ البرية! وإذا بأحد الضحايا القصّر يحاكي شحرور "الشابي" في مواجهة ثعبان الجبال الذي غمه ما رأى عليه الشحرور "من مرح وفيض شباب" ف"انقضّ مضطغنا عليه"! وتدفق المسكين يصرخ ثائرا: ** "ماذا جنيت أنا فحق عقابي! لا شيء، إلا أنني متغزّل ** بالكائنات، مغرّد في غابي (......) أيعدّ هذا في الوجود جريمة ؟! ** أين العدالة يا رفاق شبابي؟ لا [أين؟]، فالشرع المقدّس هاهنا ** رأي القويّ وفكرة الغلاّب! وسعادة الضعفاء جرم..، ما له ** عند القوي سوى أشد عقاب ولتشهد الدنيا التي غنيتها ** حلم الشباب، وروعة الإعجاب أن السلام حقيقة مكذوبة ** والعدل فلسفة اللهيب الخابي لا عدل، إلا إن تعادلت القوى ** وتصادم الإرهاب بالإرهاب (.....) وكذاك تتخذ المظالم منطقا ** عذبا لتخفي سوءة الآراب"