حتى موفى أفريل: تونس غطت 14% من حاجياتها من الكهرباء من الجزائر وليبيا    تعيين ربيعة بالفقيرة مكلّفة بتسيير وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية    توزر: الجمعية الجهوية لرعاية المسنين تحتفل باليوم العالمي للتوعية بشأن إساءة معاملة المسنين    منتدى تونس للاستثمار: تونس امام حتمية تبني أهداف الإستدامة    البنك المركزي يدعو البنوك الى فتح شبابيكها يوم السبت وتوفير الأوراق المالية بالموزعات الآلية    القصرين: تجاوب سريع من السلط الجهوية لتوفير آلة حصاد بمعتمدية ماجل بلعباس لجمع صابة الحبوب المروية وحمايتها من التلف    تواصل ارتفاع حركة مرور المسافرين والشاحنات التجارية بمعبر ذهيبة-وازن رغم الفتح الجزئي لمعبر راس جدير بمدنين    أردوغان يدعو الولايات المتحدة ومجلس الأمن إلى الضغط على دولة الاحتلال بشأن هدنة غزة    ضبط جملة من الإجراءات للتوقي من الحرائق بالغابات والمناطق الخضراء    الرابطة 1 - الترجي الرياضي على بعد نقطة من حصد اللقب والاتحاد المنستيري من اجل تاجيل الحسم للجولة الختامية    كاس تونس لكرة القدم - تعيين مقابلات الدور ربع النهائي    رابطة المحترفين تقاضي الفيفا بسبب قرار استحداث كاس العالم للاندية 2025    طقس الليلة    وزارة التربية تجري عملية للتثبت في معطيات الأساتذة النواب خلال الفترة من 2008 الى 2023    الطريق السريعة تونس المرسى: ترصد زميله في العمل عند نزوله من الحافلة وأجهز عليه بموس    الإطاحة بوفاق إجرامي ينشط في مجال المنقولات الأثرية والدينية وحجز مخطوطات عبرية    مجلس وزاري مضيق يصادق على خارطة الطريق المقترحة لاطلاق خدمات الجيل الخامس في تونس    رهانات الصناعات الثقافية والإبداعية في الفضاء الفرنكفوني وتحدياتها المستقبلية محور مائدة مستديرة    الكاف: تقدّم هام في مشروع تعبيد الطريق المؤدية الى مائدة يوغرطة الأثرية وتوقعات بإتمامه خلال شهر جويلية القادم    165 حرفيا ومهندسا داوموا على مدى 10 أشهر لحياكة وتطريز كسوة الكعبة المشرفة    رئاسة الحكومة تعلن أن يومي 16و17 جوان عطلة لأعوان الدولة بمناسبة عيد الاضحى    وزير الصحة يؤكد أهمية التكوين في مسار تنفيذ السياسة الوطنية للصحة في أفق 2035    سيدي بوزيد: تجربة علمية للقضاء على الحشرة القرمزية بالمركب الفلاحي الطويلة    صفاقس: الانطلاق في تغذية شاطئ الكازينو بالرمال    الشركة الجهوية للنقل بنابل تتسلم 4 حافلات جديدة    الطريق السريعة صفاقس-القصرين : توقيع اتفاقية تمويل لتطويرها بقيمة 210 مليون يورو    فيديو - منتدى تونس للاستثمار : وزيرة التجهيز تتحدث عن الإتفاقيتين المبرمتين مع البنك الاوروبي للاستثمار    بن مبروك: "لا أعتقد ان رئيس الدولة سيشارك في قمة السبع لهذه الأسباب"..    صفاقس : الشرطة العدليّة بصفاقس الشمالية تطيح بعصابة تدليس و تغيير عملة ورقية رائجة بالبلاد التونسية    صفاقس : ايقاف طبيب بيطري ناشط في مجال مقاطعة البضائع المُطبّعة    تونس في المركز الرابع بقائمة أكثر المواطنين مرفوضي طلبات الحصول على التأشيرة نحو فرنسا.    مرضى القصور الكلوي يستغيثون اثر توقف عمل مركز تصفية الدم بمستشفى نابل    قابس: محطة تحلية مياه البحر بالزارات تدخل مرحلة التجربة    ويمبلدون تقدم جوائز قياسية تبلغ 50 مليون إسترليني    يهم المنتخب الوطني: موعد سحب قرعة تصفيات كأس أمم إفريقيا "المغرب 2025"    عاجل/ وفاة طفل ال9 سنوات بحريق في منزله: توجيه تهمة القتل العمد للوالد    سليانة: وضع 7 أطباء بياطرة لتأمين المراقبة الصحية للأضاحي أيام العيد    إستعدادا لكوبا أمريكا: التعادل يحسم مواجهة البرازيل وأمريكا    بطولة كرة السلة: تعيينات منافسات الدور النهائي    الصوناد: هذه الإجراءات التي سيتم اتّخاذها يوم العيد    مفتي الجمهورية: "هكذا تنقسم الاضحية في العيد"    انطلاق أولى رحلات قطار المشاعر المقدّسة لموسم حج 2024    هكذا سيكون طقس اليوم الأوّل من عيد الإضحى    الكنام تشرع في صرف مبالغ استرجاع مصاريف العلاج لفائدة المضمونين الاجتماعيين    محمد بن سلمان يعتذر عن عدم حضور قمة مجموعة السبع    الرابطة المحترفة الاولى: الجولة الختامية لمرحلة تفادي النزول    عاجل: تفاصيل جديدة في حادثة وفاة أمنيّ اثناء مداهمة بناية تضمّ مهاجرين أفارقة    باجة: تقدم موسم حصاد الحبوب بنسبة 30 بالمائة    بعد استخدامها لإبر التنحيف.. إصابة أوبرا وينفري بمشكلة خطيرة    دواء لإعادة نمو أسنان الإنسان من جديد...و هذه التفاصيل    120 مليونا: رقم قياسي للمهجرين قسراً حول العالم    صديق للإنسان.. جيل جديد من المضادات الحيوية يقتل البكتيريا الخارقة    «غفلة ألوان» إصدار قصصي لمنجية حيزي    قربة تحتضن الدورة التأسيسية لملتقى الأدب المعاصر    قصة..شذى/ ج1    بهدوء ...أشرار ... ليس بطبعنا !    صابر الرباعي يُعلّق على حادثة صفع عمرو دياب لمعجب    شيرين تصدم متابعيها بقصة حبّ جديدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مهرجان تنغير الأول ... والانفجارات ... !!
نشر في الحوار نت يوم 31 - 07 - 2010


مهرجان تنغير الأول ... والانفجارات ... !!

بقلم : خالد ناصر الدين

أخيرا تم الالتفات إليك يا مدينتي الصغيرة ، أخيرا أصبحت أهلا لأن تذكرك وسائل الإعلام الوطنية بعدما أصدرت الأعتاب الشريفة عفوها السامي على ذنب اقترفك و لم تقترفيه ، أخيرا تمت ترقيتك إلى رتبة " عمالة إقليم " أنت التي حباك الله عز وجل ما به تستهوين أفئدة السياح من كل بقاع العالم : مضايقك الفريدة / آيات الله ناطقة بجلاله وجبروته وعظمته " وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار ، وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء ، وإن منها لما يهبط من خشية الله " البقرة / 74 ، جبالك الشاهقة الأبية الصامدة في وجه الزمن تُسَبِّحُ بحمد ربها آناء الليل وأطراف النهار " إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق " ص/18 ، وكنوز الفضة والذهب تستقر بوداعة في أحشائك الآمنة المطمئنة " وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة " القصص/76 ، وواحة وارفة الظلال فيحاء مخضرة ممتدة على امتداد " نيلك " الذي يجود على الحقول المحادية له بكل ما يملك كلما تساقطت من السماء قبلات تجدد ميثاق الحب الرباني الأزلي الرابط بين السماء والأرض " وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون " يس / 34 ... أخيرا تذكرت السلطات العليا وأدرجت اسمك ضمن قائمة المدن المنعم عليها ... اسبتشر سكانك الطيبون البسطاء خيرا ، وانتشر الخبر في كل أحيائك ، وفي كل قراك انتشار النار في الهشيم ، ما الذي يتوقعه هؤلاء وهم يتناقلون هذا الخبر السار ؟! ما التغيرات التي ستعرفينها بمقضتي هذه الرتبة الإدارية الجديدة ؟ ما الأماني المعسولة التي عُلقت على هذا الوسام الذي اهتزت له الدنيا ولم تقعد ؟!
أول الغيث هذا المهرجان الذي يهز جنباتك هذه الأيام هزا ، بعد استعدادت ماراطونية متعبة وشاقة ، مهرجان أعلن أمام الملإ أنك أصبحت أهلا لأن تنظم فيك كباقي مدن المملكة السعيدة / الشريفة مهرجانات تجمع بين كل الفنون في طبق واحد ، تُنْتَهَكُ فيها كل الحرمات ، وتُسْتَحَلُّ كل المحرمات ، ويطلق فيها العنان لكل الغرائز والشهوات ، وتستثار فيها كل الرغبات ، وتستباح فيها كل الموبقات ... باسم الفن طبعا ، وباسم التنمية التشاركية ، وباسم الإقلاع الحضاري ...
تنتشر الإشاعات مرة أخرى ، لتعطي للمواطن المستضعف المغلوب على أمره فرصة التنفيس وتفجير ما يدور في خُلْدِه ، وفرصة تغيير المنكر بالقلب وذلك أضعف الإيمان ، قيل بأن تكلفة المهرجان الذي يستغرق ثلاثة أيام 600 مليون سنتيم ، وقيل بل 700 مليون سنتيم ، وقيل بل 1200 مليون سنتيم ، وبالغ بعضهم وقال بأن التكلفة وصلت إلى حدود المليار ... هكذا تنتقل عدوى الاستنكار الخفي من مجلس إلى آخر ، ولا أحد يجرؤ على إخراج هذا الغيظ الدفين إلى حيز الوجود ، وإلا فإنه سيتعرض لأقصى العقوبات ليكون عبرة لمن لا يعتبر ، هذا هو منطق التربية المخزنية الصارمة التي تتعامل مع الرعية تعامل المتهم الذي يجب أن يثبت براءته ، والتي تحاسبه حتى على أحلامه سواء أكانت أحلام يقظة أم أحلام منام ...
وبينما كنا نستنكر بقلوبنا هذا المنكر ، وبينما كنا نردد فيما بيننا وبين أنفسنا خفية بأنك يا مدينتنا الصغيرة ما زلت تفتقرين لكل شيء ، وأنه كان حريا بهؤلاء المسؤولين أن يسخروا هذه الملايين مهما بلغ عددها في إصلاح بنيتك التحتية المهتزة والمهترئة : شوارعك الضيقة التي لم تعد قادرة على تحمل هذا القدر الهائل من السيارات التي تزورها خلال مواسم الصيف ، وأرصفتك المرقعة الشوهاء ، ومجاري الصرف الصحي التي كلما انفجرت أحالت السوق إلى مرتع خصب للروائح الكريهة والحشرات الضارة ... أو لإخراج المشاريع التي دشنت ذات يوم إلى حيز الوجود : دار الشباب ، والمحطة الطرقية ... أو لإنشاء قنطرة تفك العزلة التي تفرض عليك كلما تهاطلت الأمطار وتدفقت المياه على ضفتي الوادي ... أو لتوفير مناصب شغل لعشرات الشباب المجازين المعطلين ... أو لإيقاف نزيف الهجرة السرية التي أصبحت ملاذا وحلا وحيدا أمام شباب ضائع حائر أغلقت كل الأبواب في وجهه ... بينما كنا نلوك هذا الكلام الصامت ، فوجئنا ليلة أمس بانفجار عظيم يهزك هزا عنيفا ، كنا وقوفا خلف إمام المسجد نصلي صلاة العشاء ، كان الإمام يقرأ آيات القرآن بخشوع وتدبر يجعلك تنفصل عما حولك تماما في كثير من الأحيان ، وفجأة اهتزت قلوبنا وارتعشت لهذا الانفجار الهائل الذي أضاع منا حلاوة الخشوع ، وكاد يخرجنا تماما من صلاتنا دون إذن ولا سلام ، كدنا نصرخ رهبة وخوفا بعدما اهتزت قلوبنا فزعا ، حسبنا الأمر انفجارا مفاجئا لقنينة من قنينات الغاز ، ومنا من حسب الأمر حربا مفاجئة تشن ضدنا على حين غفلة ... ذهبت بنا الظنون كل مذهب ونحن بين يدي الرحمن الرحيم ... وسرعان ما استعدنا بعضا من هدوئنا عندما تتالت الانفجارات التي أخبرتنا عبر تتاليها أنها انفجارت الاحتفال والفرحة بهذا المهرجان العظيم الذي خصصت له كل تلك الملايين ... أتممنا الصلاة بمشقة وامتعاض كبيرين ، لم نملك ونحن نخرج من المسجد إلا أن نحوقل ونحسبل ونشكو أمرنا إلى الله ، بعد أن فوضنا إليه الأمر كله ... الأطفال امتقعت ألوانهم ولم يملكوا إلا أن يصرخوا بملئ أفواههم ، وهم يعانقون أمهاتهم المذعورات عناق الضعيف الخائف الذي لا حول له ولا قوة ...
وفهمنا الرسالة أخيرا ، يبدو أن السلطات المخزنية لا يخفى عليها شيء في الأرض ولا في السماء ، يبدو أن شبكات المخابرات المنتشرة في كل مكان اطلعت على السر ، سر تغيير المنكر بأضعف الإيمان ، وهو ما لا يسمح به طبعا ، لذلك فقد عمد المنظمون إلى إحداث تلك التفجيرات التي أحدثت تلك الأصوات المفزعة المدوية التي ارتعدت لها فرائصنا ، واقشعرت من هولها جلودنا ، واضطربت لشدتها وقوتها قلوبنا ، وفهمنا الرسالة أخيرا : " موتوا بغيظكم ، وانفجروا كمدا ، وتبعثروا في كل اتجاه كما هذه القنابل الاصطناعية ، نحن الأقوى والأعلى ... ما نريكم إلا ما نرى ، وما نهديكم إلا سبيل الرشاد ... !! "


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.