تحذيرات من انتشار داء الكلب خلال هذا الصيف...30 ألف كلب سائب في تونس الكبرى فقط    لمسة وفاء : في الذكرى ال66 لوفاة الزعيم علي البلهوان.. زعيم الشباب عاش 26 شهرا وتونس مستقلة (2 /2)    كفانا بيروقراطية إدارية    منوبة : انتفاع 500 شخص بقافلة صحية متعددة الاختصاصات للهلال الأحمر في حي النسيم بوادي الليل    عاجل/ بعد الاحتفاظ به: هذا ما كشفه محامي الاعلامي مراد الزغيدي..    اليوم: برهان بسيس وسنية الدهماني ومراد الزغيدي أمام النيابة العمومية    نجيب الدزيري : ''عندي ثقة في رئيس الجمهورية وهو جورج واشنطن تونس ''    الهند ستحقق نمواً اقتصادياً قوياً على الرغم من التحديات الهيكلية    «السابعُ من أكتوبر» يطوي شهرهُ السابع    السلطة الفلسطينية ترفض إدارة معبر رفح "تحت حكم دولة الاحتلال"    نتنياهو: نناقش "نفي قادة حماس.."    مصر: انهيار عقار مأهول بالسكان في الإسكندرية وإنقاذ 9 أشخاص    أرسنال يستعيد صدارة البطولة الإنقليزية بفوزه على مانشستر يونايتد    دربي العاصمة 1 جوان : كل ما تريد أن تعريفه عن التذاكر    عاجل - تونس : إيقافات مرتقبة لرجال أعمال وموظفين    بداية من الغد: درجات الحرارة تتجاوز المعدلات العادية لشهر ماي    بين الإلغاء والتأجيل ... هذه الأسباب الحقيقة وراء عدم تنظيم «24 ساعة مسرح دون انقطاع»    المالوف التونسي في قلب باريس    بعد اجرائها في مارس.. وفاة المريض الذي خضع لأول عملية زرع كلية خنزير    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    اليوم..محاكم تونس دون محامين..    دراسة تربط الوزن الزائد لدى الأطفال بالهاتف والتلفزيون..كيف؟    مئات الحرائق بغابات كندا.. وإجلاء آلاف السكان    وفاة أول مريض يخضع لزراعة كلية خنزير معدلة وراثيا    عاجل/حادثة "حجب العلم"..الاحتفاظ بهذا المسؤول..    أمام دعوات لمقاطعتها ...هل «يضحّي» التونسي بأضحية العيد؟    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    لأول مرة منذ 37 عاما.. الرجال أكثر سعادة بوظائفهم من النساء    القيروان: غرق ثلاثة شبان في صنطاج ماء بالعين البيضاء    سوسة حجز 3000 صفيحة من القنب الهندي وحوالي 15 ألف قرص من مخدّر إكستازي    كرة اليد: الترجي يتفوق على المكارم في المهدية    حفوز: العثور على جثث 3 أطفال داخل خزّان مياه    باجة: اطلاق مشروع "طريق الرّمان" بتستور لتثمين هذا المنتوج و ترويجه على مدار السنة [صور + فيديو]    وفاة 3 أشخاص وإصابة 2 اخرين في حادث مرور خطير بالقصرين    البطولة العربية لالعاب القوى (اقل من 20 سنة): تونس تنهي مشاركتها ب7 ميداليات منها 3 ذهبيات    مؤشر جديد على تحسن العلاقات.. رئيس الوزراء اليوناني يتوجه إلى أنقرة في زيارة ودّية    شركة "ستاغ" تشرع في تركيز العدّادات الذكية "سمارت قريد" في غضون شهر جوان القادم    مدنين: نشيد الارض احميني ولا تؤذيني تظاهرة بيئية تحسيسية جمعت بين متعة الفرجة وبلاغة الرسالة    سيدي بوزيد: تظاهرات متنوعة في إطار الدورة 32 من الأيام الوطنية للمطالعة والمعلومات    افتتاح نقطة بيع من المنتج إلى المستهلك وسط العاصمة لعرض منتوجات فلاحية بأسعار الجملة وسط إقبال كبير من المواطنين    وزارة التجارة: تواصل المنحى التنازلي لأسعار الخضر والغلال    قادة الجيش يتهمون نتنياهو بتعريض حياة الإسرائيليين والجنود للخطر وهاليفي يؤكد إن حرب غزة بلا فائدة    جربة.. 4 وفيات بسبب شرب "القوارص"    زهير الذوادي يقرر الاعتزال    صفاقس تتحول من 15 الى 19 ماي الى مدار دولي اقتصادي وغذائي بمناسبة الدورة 14 لصالون الفلاحة والصناعات الغذائية    ر م ع الصوناد: بعض محطات تحلية مياه دخلت حيز الاستغلال    في الصّميم ... جمهور الإفريقي من عالم آخر والعلمي رفض دخول التاريخ    سيدي بوزيد.. اختتام الدورة الثالثة لمهرجان الابداعات التلمذية والتراث بالوسط المدرسي    حضور جماهيري غفير لعروض الفروسية و الرّماية و المشاركين يطالبون بحلحلة عديد الاشكاليات [فيديو]    اليوم: إرتفاع في درجات الحرارة    انشيلوتي.. مبابي خارج حساباتي ولن أرد على رئيس فرنسا    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    الدورة 33 لشهر التراث: تنظيم ندوة علمية بعنوان "تجارب إدارة التراث الثقافي وتثمينه في البلدان العربيّة"    نحو 6000 عملية في جراحة السمنة يتم اجراؤها سنويا في تونس..    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    بعيداً عن شربها.. استخدامات مدهشة وذكية للقهوة!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القضاء بسجن أمنة الشرقي: عندما يجهل أولو الأمر التاريخ والأدب والدين

أثار قرار المحكمة الابتدائية بتونس العاصمة الصادر أمس الثلاثاء 14 جويلية 2020 ضد "المدونة" آمنة الشرقي والقاضي بسجنها ستة أشهر بتهمة "الدعوة والتحريض على الكراهية بين الأديان والأجناس والسكان، وكذلك بغرامة مالية بقيمة ألفي دينار، أثار العديد من ردود الأفعال .
فقد عبر العديد من الحقوقيين والأساتذة الجامعيين عن مساندتهم للشرقي التي تمت إدانتها بعدما تداولت على الإنترنت نصاّ فيه محاكاة بعنوان "سورة كورونا" اعتبره البعض سخرية من القرآن الكريم وقرر التحقيق بعد سماعها بالمحكمة الابتدائية بتونس أن يوجه إليها تهمة "المس بالمقدسات والاعتداء على الأخلاق الحميدة والتحريض على العنف"، علما أنه لم يتم توقيفها آنذاك.
فقد اعتبر بعض مساندي الشرقي أن إدانتها تدل على جهل قاتل وانغلاق ذلك أن "سورة الكورونا" تسمى في الأدب العربي "التناص" أو "المحاكاة الشكلية" وهو كذلك "فن المعارضة" حسب المختصة في النقد الأدبي بجامعة منوبة سلوى السعداوي التي عبرت عن مساندتها للآمنة الشرقي على صفحتها الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي "فايس بوك"
وأضافت الأستاذة موجهة كلامها للقاضي الذي حكم بسجن المدونة: "عفوا سيدي القاضي، لا أعتقد أنّ الله سيعاقب الفتاة لأنّها حاكت لغة القرآن: تسمى هذه الطريقة المحاكاة الشكلية وفنّ المعارضة..وكان الأدباء يقتبسون لغة القرآن ويضمّنون نصوصهم النثرية والشعرية آياته البديعة البليغة .
وأضافت أنها لا تعتقد أنّ شغف الفتاة المتهمة الإبداعي هو المحفز للمحاكاة ، كما لا تعتقد أيضا أنها قصدت الإساءة إلى القرآن ..بل "إنها طفلة تلعب باللغة مستحضرة نصّ القرآن..نعم إنها لعبة جميلة تمتعت بها الطفلة فكانت نتيجتها السجن..وستكون الصدمة قوية نفسيا."
من جهتها عبرت الأستاذة في علم الاجتماع فتحية السعيدي عن تضامنها الكامل مع آمنة الشرقي و نشرت على صفحتها الرسمية على موقع "فايس بوك" سورة "الستات" التي كتبها بيرم التونسي وهي محاكاة لسورة "النساء" في القرآن الكريم والتي تقول كلماتها:
"يا أيّها المحافظ إذا أبصرتم النّساء يقصّرن ملابسهنّ، ويبدين صدورهنّ، فأصدروا لهنّ منشورا ۞ ألاّ يتخطّطن ويتحكّكن ويقوّرن الثّوب تقويرا ۞ إنّما الأحمر والأبيض والكحل والأقلام زينة من عمل الشّيطان، وليست شيئاً مشكورا ۞ صنعة الله التي تعجب المتّقين من الرّجال، ولا يعجب الأحمر إلاّ رجلاً غفيرا ۞ وقل للمتزوّجات يسترن أفخاذهنّ، ويغطّين سمّانات أرجلهنّ، ولا يلبسن فستاناً قصيرا ۞ ذلك بأنّهنّ تزوّجن، ومن تتزوّج فقد فازت فوزاً كبيرا ۞ العانسات والأبكار يغسلن وجوههنّ، ويمشّطن شعورهنّ، ولا يضعن جبساً ولا جيرا ۞ ليعلم الذين يخطبون ذات البعل وغير ذات البعل وكفى بذلك تفسيرا ۞ ما كان لرجل يتبع المرأة وهو مؤمن، إنّ الرّجل كان خنزيرا ۞ يا نساء الشّعب إن يملك منكنّ الرّجال أغراضهم فلن تتزوّجن أبدا، ولو أعجبتهنّ كثيرا ۞ الرّاقصون للرّاقصات، والصّرماحون للصّرماحات، والمعلّمون للمعلّمات. ولا تتزوّج شريفة خنزيرا ۞ حرّمت على المؤمنات السّمكة والأساور من القشرة والحجل، وما جعل الله من أرجلهنّ جنزيرا ۞"..
ونشرت الأستاذة الجامعية ألفة يوسف تدوينة على حسابها الشخصي عبرت فيها عن تعاطفها مع المدونة آمنة الشرقي معبرة عن رفضها لحكم القضاء القاضي بسجن الفتاة ستة أشهر "لمجرد محاكاة ساخرة لأسلوب القرآن وهو أسلوب عمد اليه قدماء الكتاب والأدباء ومحدثوهم".
وكتبت الأستاذة بدورها نصا في محاكاة لسورة المسد تقول فيه:
" تبت يدا كل جاهل وتب... ما أغنى عنهم قضاؤهم وما كسب
وزبانيتهم حمالة الحطب ... في جيدهم حبل من مسد...
اللهم لا تؤاخذنا بجهلهم، وارحمنا منهم في أقرب الآجال، انك مجيب الدعاء.
فالعديد من الأساتذة الجامعيين والمثقفين أكدوا أن هذا الأسلوب في الأدب قديم واعتمده كبار الأدباء والكتاب، .
ومثالها السّيوطي في "رشف الزّلال من السّحر الحلال"، والمعرّي في "رسائل الغفران" و "الفصول والغايات" وعند المعاصرين مثل بيرم التونسي.
غير أنّ المحاكاة تتجلّى أكثر في شعر العرب.
ففي بعض الاقتباسات القرآنية التي نجدها في بعض الأشعار القديمة كما هو الحال مع قصيدة الشاعر أحمد بن محمد بن زيد التي يقول فيها :
سل الله من فضله فإن التقى خير ما تكتسب
ومن يتق الله يجعل له وبرزقه من حيث لا يحتسب
كذلك "رسائل الغفران" للشاعر والفيلسوف أبي العلاء المعري التي رد فيها على رسالة أديب وشيخ حلبي يعرف بابن القارح، فوصف حاله بعبارات استقاها من الآيات القرآنية من قصة الإسراء والمعراج
ورسالة الغفران عبارة عن رسالة يصف فيها المعري أحوال الناس في الجنة وفي الجحيم.
وينقد المعري في كتابه معتقدات معينة ويسخر من الواقع الاجتماعي والسياسي السائد آنذاك.
كما وجه سهام النقد إلى فكرة "صكوك الغفران"، ومن سماهم بشعراء المال الموالين للحكام، فيصور مآلهم في الآخرة وهم مقيدون بالسلاسل.
كذلك في شعر أبي تمّام تقع الآيات والمفردات القرآنيّة من البيت موقع القافية.
من ذلك قوله:
وبيّن الله هذا من بريّتهِ في قوله "خُلقَ الإنسانُ من عَجَلِ"
فقد ضمّن أبو تمّام جزءا من الآية السّابعة والثّلاثين من سورة «الأنبياء»: «خُلقَ الانسانُ من عَجلٍ سأوريكم آيتي فلا تستعجلون»، من دون أيّ تغيير؛ وتمّ له ذلك من دون عنت لأنّ هذا الجزء «موزون»: (فعلن/ مستفعلن/ فعلن) كما هو الشّان في كثير من آيات القرآن.
وقوله:
السّالباتُ امرءا عزيمتهِ بالسّحر والنّافثاتُ في عُقَدِهْ
فالقافية في البيت الثّاني، مأخوذة من سورة «الفلق»: «ومن شرّ النّفّاثات في العُقد»، وقد أجرى الشّاعر عليها ما أجرى، من استبدال صيغة المبالغة «فعّال» بصيغة اسم الفاعل، وإحلال التّركيب بالإضافة «عقده» محلّ الاسم المجرور «العقد»، حتّى يناسب المعنى.
وقوله:
ومَنْ يأذنْ إلى الواشين تُسْلَقْ مسامعهُ بألسنةٍ حِدَادِ
فالتّركيب بالنّعت «ألسنة حداد» مأخوذ من الآية "سلقوكمْ بألسنةٍ حِدادٍ"
فالمحاكاة أسلوب في الأدب قديم واعتمده كبار الأدباء والكتاب، لكن رغم ذلك يصدر قرار قضائي بسجن ألفة الشرقي ولمدة ستة أشهر سالبة للحرية، فهل هو جهل لأدبنا وثقافتنا العربية الإسلامية أو هناك أسباب لا يعلمها إلا الله من أجلها أدينت الفتاة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.