الجريدة:يوسف الناصري تعكف مصالح الهيئة العليا للإصلاح الإداري برئاسة الحكومة منذ سنة 2012 على إجراء إصلاحات عميقة ستشمل الوظيفة العمومية في تونس على المستوى التنظيمي والهيكلي والمهني بما يؤسس لإدارة تونسية تواكب التحولات. من ضمن الإصلاحات التي انبثقت عن المؤتمرات الوطنية حول تحديث الوظيفة العمومية والاجتماعات جملة من المقترحات والتصورات تخصّ مختلف مناهج إصلاح الوظيفة العمومية. ومن أهم هذه التصورات والمقترحات إجراءات تتعلق بالترقية من خلال إقرار مبدأ تناسب عدد المراكز المفتوحة مع عدد الأعوان الذين يستجيبون لشروط الترقية عند مناقشة ميزانيات الوزارات والتخفيف في إجراءات المناظرات الداخلية للترقية ، وتفعيل مختلف طرق الترقية الواردة بالنظام الأساسي العام لأعوان الوظيفة العمومية مع مراجعة برامج الاختبارات الملحقة بقرارات كيفية ضبط وتنظيم المناظرات وملاءمتها مع خصوصية الرتب الإدارية والفنية ومجال تدخل الوزارات المعنية. وبالنسبة للترقية عن طريق التكوين المستمر سيتم فتح آفاق التكوين المستمر أمام الموظفين المنتمين لعديد الأسلاك وذلك ببعث مراكز إقليمية أو جهوية للتكوين المستمر مع العمل على إرساء منظومة التكوين عن بعد كوسيلة للتكوين المستمر وتوفير السكن للمتكونين أثناء فترة التكوين. بالنسبة للتسميات في الخطط الوظيفية فسيتم فتح الخطط الوظيفية للتناظر وفق معايير موضوعية محددة تأخذ بعين الاعتبار خصوصية الخطة لضمان المساواة بين الموظفين على أساس الجدراة، وإسناد اختصاص النظر في الإعفاء من الخطط الوظيفية إلى اللجنة الإدارية المتناصفة أو إلى التفقدية بالوزارة المعنية إضافة إلى سحب ضمانات الإعفاء وإنهاء التكليف بالخطط الوظيفية المنصوص عليها بالأمر عدد 1245 لسنة 2006 على جميع الخطط الوظيفية، والتنصيص على إنهاء الإلحاق كوضعية ينتهي معها التكليف بالخطط الوظيفية بصفة آلية صلب الفصل 11 من الأمر عدد 1245 لسنة 2006 مع التأكيد على ضرورة المباشرة الفعلية للخطة الوظيفية بالهيكل الإداري الذي تمت به التسمية، وذلك تفاديا للتجاوزات وضمانا لنجاعة أكبر للعمل الإداري. كما ستتم مراجعة النصوص في مجال التكوين في اتجاه وضع قانون إطاري موحد يضبط منظومة التكوين بالوظيفة العمومية وينص خاصة على أنماط التكوين وآلياته وكيفية تمويله ومضامين البرامج التكوينية وكيفية تأجير المتدخلين في تنفيذ الأنشطة التكوينية مع تحديد مهام المؤسسات التكوينية التي تؤمن هذه الأنشطة. من جهة أخرى و لتكريس مبادئ الشفافية والمساواة في المناظرات سيتمّ تعزيز مبدأ المناظرة كصيغة مثلى بين جميع المترشحين للدخول إلى الوظيفة العمومية بإحداث هيكل مركزي مختصّ في التصرّف والإشراف على مختلف مناظرات الوظيفة العمومية يتمتّع بالشخصية القانونية والاستقلال المالي و تمكينه من الوسائل المادية و البشرية اللازمة وتوسيع العمل بآلية الأسئلة متعدّدة الاختيارات «Q.C.M» ضمن مختلف مناظرات الانتداب وتكريس مبدأ اللامركزية في إجراء المناظرات على المستوى الجهوي والإقليمي بتوظيف الفضاءات الجامعية والتربوية بمختلف الولايات لإجراء المناظرات. و من جملة المحاور التي يتم الاشتغال عليها أيضا إحداث نظام جديد لاستقطاب الكفاءات التابعة للقطاع الخاص والاستفادة من خبرتها وذلك في إطار التعاقد حول إنجاز برامج محدّدة وفي مجالات معينة إلى جانب إحداث بنك معطيات على الخطّ يتمّ من خلاله إدراج معطيات تتعلّق بالمؤهّلات والكفاءات المهنية للأعوان العموميين. كما ستقوم الإستراتيجية على إعادة النظر في سياسة التأجير والتحفيز خاصة في ظل تشعب منظومة التأجير من خلال تضخم عدد المنح الخصوصية وتشتت النصوص التي تنظمها بإعادة النظر في الآليات الحالية للتحفيز ( الترقية، الخطط الوظيفية ،المكافأة الاستثنائية وجائزة العامل المثالي) وتثمين الشهادات العلمية التي يتحصل عليها الموظف خلال حياته المهنية من خلال اعتمادها ضمن تطور المسار المهني مع إقرار حوافز لكبار الموظفين بما يسمح باستقطاب الكفاءات العالية ويضمن استقرارها. وفيما يتعلق بمسألة عطل المرض وحوادث الشغل والأمراض المهنية وفي ظل محدودية آليات الرقابة في منظومة عطل المرض ستتم مراجعة قائمة الأمراض المزمنة ومراجعة إجراءات إسنادها ومدتها وتقييس الشهائد الطبية وفقا لمواصفات موحدة علاوة عن تدعيم آليات الرقابة الطبية والإدراية مع إحالة اختصاص التصرف إلى مصالح الصندوق الوطني للتأمين عن المرض. هذا و قد أشرف على إعداد مدونة السلوك لجنة من الخبراء على مستوى رئاسة الحكومة بالشراكة مع منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية وبمساهمة ممثلين بالخصوص عن وزارة الحوكمة ومقاومة الفساد والمحكمة الإدارية والهيئة الوطنية لمقاومة الفساد. وحرص جميع الأطراف على أن لا تكون المدونة مسقطة على الأعوان العموميين بل سيتم صياغتها باعتماد الديمقراطية التشاركية وفتح باب النقد والإضافة والاقتراح أمام كل الأطراف المتدخلة في منظومة العمل الإداري العمومي. كما تتضمّن مدونة الأخلاقيات والسلوك في القطاع العمومي خمسة أبواب تتناول قيم العمل في القطاع العام و العلاقات بين الأعوان العموميين و علاقة العون العمومي بمحيطه و تضارب المصالح والتصريح بالممتلكات والهدايا و الهيكل المختص بالنظر في المسائل التي تتعلق بمحتوى مدونة الأخلاقيات في القطاع العمومي .و تمّ مؤخّرا الإعلان عن انطلاق استشارة وطنية حول مدونة الأخلاقيات والسلوك في القطاع العمومي والتي تعتبر تذكيرا بقيم وأخلاقيات العمل المتأصلة لدى العون العمومي التونسي .