الجريدة رغم وصول القضية إلى انظار المحكمة إلا أن ''الحرب'' التي اندلعت بين زعيم حزب التحرير تونس رضا بلحاج والكاتب والباحث مختار الخلفاوي يبدو أنها لم يحن لها أن تهدأ. حيث اصدر رضا بلحاج اليوم بيانا عنونه ''كفى كفى تهافتا وعبثا'' قال فيه ''مسكين مختار الخلفاوي..فعلا أمره يدعو الى الشفقة و أنا أوّل المتعاطفين و المشفقين..فالجميع يعلم أنّ انتماءه الاييدولوجي لحزب البعث هو حافزه في الحقد الأسود ضدّي.. سي مختارمتأثر و مقتنع بمنهج حزب البعث المرعب الى حدّ النّخاع و رغم ذلك يتستّر وراء صفة"اعلامي" ليعلّم حزب التحرير ماذا يقول؟ و ماذا يفعل؟..يا للمفارقة هذا الحزب ينصّ دستوره في البدان التي حكم فيها أنّ "حزب البعث هو الحزب الوحيد القيّوم على الدولة و المجتمع" حزب أجرى انتخابات في العراق كانت نتيجتها فوز القائد بنسبة مائة في المائة أي نعم 100 ب100 ..حزب ينصّ دستوره على أنّ من يثلب رئيس الدولة أي القائد الأوحد حكمه الاعدام.. و فعلا أعدم أزيد من 40 شابا من شباب حزب التحرير كما أعدم المئات من السياسيين الآخرين.. حزب ذكّرنا بالبراميل التي لم نعد نستعملها كيف تصبح بعبقريّة الحقد متفجّرة على النّاس لتقتلهم بالجملة..'' ويضيف ''أؤكّد للمرّة الألف لم أكفرّك البتّة و لا يهمّني إسلامك من عدمه..و كفى لعبا دور الضحيّة و هذا التصابي و انزع عنك القناع و أسفر عن هويّتك الإيديولوجية البعثيّة فهي من كوارث الأمة في هذا العصر... و عليها و على مثلها وقعت الثورات''. ولم تمضي سويعات حتى أجاب مختار الخلفاوي معنونا ''حديث خرافة برواية جند الخلافة..''علمتُ الآن من تدوينة لرضا بالحاج صاحب حزب التحرير أنّني بعثي أطير بجناحيْن، عراقي وسوري أو في البين بين''. واضاف ''صدقا، لم أكن أتصوّر أنّ الرجل "خارج الخدمة" إلى هذه الدرجة. صحيح، كنت موقنا أنّه في قطيعة عن الواقع تجعله يتصرّف كما لو أنّه قد خرج للتوّ من كهفه، وأنّه في غيبوبة عن التاريخ تجعله يحلم باستعادة رسوم الخلافة في القرن الحادي والعشرين. كنت أعلم أنّ الرجل في "منامة عتارس" تجعله يذهل عن عصر الدول الوطنيّة والقانون الدوليّ ومواثيق حقوق الإنسان، ويهجس بالامبراطوريّات والفتوح والمغازي وحملة الرايات.. كنت أعلم أنّه حالة مرضيّة ذهانيّة لا أكثر ولا أقلّ، وأنّ الترفّق به أجمل من التشنيع عليه، تماما مثلما نترفّق بأحد المحاربين القادمين من القرون الوسطى، وفي البال دون كيشوت محارب طواحين الهواء. لكنْ أنْ تصل به الأوهام التي يتصوّرها أمانيَ، فيبني تواريخ يختلقها لخصومه حتّى يتسنّى له ضربهم من حيث يتصوّر أنّه يصيب الرمية، فذلك يضيف إلى حالة الذهان فيه نوعا من "التبوهيل" الفريد الذي لم يظفر بتعريفه أبو التحليل النفسي "فَرْوِيدْ". أمير المؤمنين رضا بالحاج، حين أعياه وأعيى غلمان دار الخلافة الظفر بما يمكن أن يعيبني أو يمسّ من صورتي وسمعتي ومصداقيتي وشرفي الشخصيّ والوطني والإنساني هرع يستذكر "حديث خرافة". ورغم أنّ الانتماء إلى البعث (والبعثان السوري والعراقيّ لا يلتقيان إلاّ في ذهن - أردت كهف- صاحب حزب التحرير) ليس معرّة تُدين، ولا تهمة تشين، فالحقّ أنّ هذا "شرف" لم أنله لا ماضيا ولا حاضرا ولا مستقبلا بالنظر إلى "رذائلي" الليبراليّة المتمرّدة على كلّ الأنساق المغلقة والنظريّات الرماديّة والعقائد الخلاصيّة والتماميّة. والحديث لم يعد رجما بالغيب ولا حديث خرافة، فأنا امرؤ حرفتي الكتابة لا بيع الريح للمراكب، ومادام الصبّ تفضحه عيونه، ويخبر عنه بنانُه، ويشفّ عنه لسانُه فالأوْلَى الرجوع إلى كتبي المنشورة التي يبقى وسْمُها بين الناس، لا تباريح الخلافة التي تلهج بذكرها - يا أمير المؤمنين - وتذهب مع الأنفاس، والأحرى العودة إلى مداخلاتي التلفزيونيّة والإذاعيّة، وإلى ما حُفظ من منشوراتي منذ أواخر الثمانينات في مركز التوثيق الوطني (CDN)، ثمّ إنّ لدى "أمير المؤمنين" جنّا من شبكة العفاريت اسمه الشيخ "غوغل" فليسأله عنّي، سيخبره بما كان منه ومنّي! حذّر القدامى من شرب اللّبن ثم المقيل تحت ظلّ النخيل، فذلك مدعاة إلى كثير من الخيالات والأشباح والأوهام والكوابيس.. ويبدو أنّ أمير المؤمنين قد هاجه ذكري بالأحزان والكدَرِ فقد فعلها.. ولم يدْرِ !''