عاجل : المحكمة الابتدائية بتونس تكشف حيثيات إيقاف المحامي مهدي زقروبة    الصحفية فايزة الجلاصي في ذمة الله    عميد المحامين: ستتم دعوة مجلس العمداء للتشاور في ما حدث بدار المحامي    فيديو- الدزيري : ''قيس سعيد هو حامل أحلام المفقّرين و المجوّعين و المظطهدين في الأرض''    ملفات «الشروق» (4) كيف تغلغلوا في الجامعات التونسية؟.. عندما يتحكّم الفساد يكون المجد للصامدين    مذكّرات سياسي في «الشروق» (22) وزير الخارجية الأسبق الحبيب بن يحيى... ...لهذا كنّا نستورد الحبوب من أمريكا    لجنة الحقوق والحريات تعقد جلسة استماع حول مقترح القانون الأساسي المتعلّق بتنظيم الجمعيات    معهد الاستهلاك: 570 مليون دينار قيمة الطعام الذي يتم اهداره سنويا في تونس    أخبار المال والأعمال    منها زيت الزيتون...وزير الفلاحة يؤكد الاهتمام بالغراسات الاستراتيجية لتحقيق الأمن الغذائي ودعم التصدير    هام/هذه نسبة امتلاء السدود والوضعية المائية أفضل من العام الفارط..    مع الشروق ..صفعة جديدة لنتنياهو    عاجل : أكبر مهربي البشر لأوروبا في قبضة الأمن    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني على غزة الى أكثر من 35 ألف شهيد وأكثر من 79 ألف جريح..    للمرة الخامسة على التوالي.. مبابي يفوز بجائزة أفضل لاعب في الدوري الفرنسي    مبابي يحرز جائزة أفضل لاعب في البطولة الفرنسية    برشلونة يهزم ريال سوسيداد ويصعد للمركز الثاني في البطولة الإسبانية    حالة الطقس: الحرارة تصل الى 40 درجة مع إمكانية تساقط البرد ببعض المناطق    بعد دعوته التونسيين ...لاعتناق المسيحية ..القبض على مهاجر من جنوب الصحراء و فيديو كشفه    صفاقس .. ينشط ضمن وفاق إجرامي...إيقاف إفريقي يساعد على اجتياز الحدود والإقامة غير الشرعية    صادم/ سائق بشركة يحول وجهة فتاة ويتحرش بها ويحاول اغتصابها..    بادرة فريدة من نوعها في الإعدادية النموذجية علي طراد ... 15 تلميذا يكتبون رواية جماعية تصدرها دار خريّف    مقتل 14 شخصا بعد انهيار لوحة إعلانية بهذه المنطقة جراء عاصفة رعدية..#خبر_عاجل    الهند: مقتل 14 شخصاً بعد سقوط لوحة إعلانية ضخمة جرّاء عاصفة رعدية    الطواقم الطبية تنتشل 20 شهيداً جراء قصف للاحتلال الصهيوني على منازل جنوب قطاع غزة    استاذ موارد مائية يحذر من زلزال إثيوبيا وتداعياته على ليبيا و السودان    على خلفية حادثة حجب العلم الوطني بالمسبح الاولمبي برادس ... فتح بحث تحقيقي ضد 9 أشخاص    الصحة الفلسطينية: القصف الإسرائيلي على غزة يُخلّف 20 شهيدا    سيدي بوزيد: توقّعات بارتفاع صابة الحبوب بالجهة مقارنة بالموسم الماضي    فرنسا.. 23 محاولة لتعطيل مسيرة الشعلة الأولمبية على مدى أربعة أيام    كاس تونس لكرة القدم : برنامج مباريات الدور ثمن النهائي    مصدر قضائي: الإذن بإيقاف شخصين من دول إفريقيا جنوب الصحراء من أجل شبهة القتل العمد مع سابقية القصد    الثلاثاء..ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة    اتحاد تطاوين - سيف غزال مدربا جديدا    القصرين : عروض الفروسية والرماية بمهرجان الحصان البربري وأيام الإستثمار والتنمية بتالة تستقطب جمهورا غفيرا    وزارة الشؤون الثقافية: الإعداد للدّورة الرّابعة للمجلس الأعلى للتعاون بين الجمهورية التونسية والجمهورية الفرنسية    المدير العام لوكالة احياء التراث والتنمية الثقافية : التشريعات الجارية المنظمة لشؤون التراث في حاجة الى تطوير وإعادة نظر ثقافة    نابل..تردي الوضعية البيئية بالبرج الأثري بقليبية ودعوات إلى تدخل السلط لتنظيفه وحمايته من الاعتداءات المتكرّرة    سليانة: تقدم عملية مسح المسالك الفلاحية بنسبة 16 بالمائة    جراحو القلب والشرايين يطلعون على كل التقنيات المبتكرة في مؤتمرهم الدولي بتونس    كرة اليد.. تحديد موعد مباراتي نصف نهائي كأس تونس    المعهد الوطني للاستهلاك: 5 بالمائة من الإنفاق الشهري للأسر يُوَجّه إلى أطعمة يقع هدرها    عُثر عليه ميّتا في منزله: الإذن بفتح بحث تحقيقي في ملابسات وفاة شاب    عاجل/ رئيس تحرير اذاعة الديوان يمثل امام فرقة الابحاث الامنية    جراحة التجميل في تونس تستقطب سنويا أكثر من 30 ألف زائر أجنبي    وزير الفلاحة: مؤشرات إيجابية لتجربة الزراعات الكبرى في الصحراء    الكرم: القبض على افريقي من جنوب الصحراء يدعو إلى اعتناق المسيحية..وهذه التفاصيل..    نور شيبة يهاجم برنامج عبد الرزاق الشابي: ''برنامج فاشل لن أحضر كضيف''    5 جامعات تونسية تقتحم تصنيفا عالميا    وفاة أول متلقٍ لكلية خنزير بعد شهرين من الجراحة    بين الإلغاء والتأجيل ... هذه الأسباب الحقيقة وراء عدم تنظيم «24 ساعة مسرح دون انقطاع»    المالوف التونسي في قلب باريس    دراسة تربط الوزن الزائد لدى الأطفال بالهاتف والتلفزيون..كيف؟    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملف مسكوت عنه : أطفال الشوارع في تونس... "الطفولة ليست سوى كلمة"

"نزار" طفل في العاشرة من عمره، كل صباح توقظه والدته من النوم، ليس للاستعداد للذهاب إلى المدرسة مثل من هم في سنه، وإنما "للعمل"، يجهّز نزار العربة المجرورة والحمار ثم ينطلق إلى أحياء: التحرير والعمران الأعلى وابن خلدون والمنار لجمع الخبز "البايت"...
هو على هذه الحال منذ سنتين عندما انقطع عن الدراسة لأن والده المقعد لم يعد بإمكانه العمل... كلّ من يعرف "نزار" يلاحظ نظرة حزينة في عينيه.. ويلاحظ خاصة أنه يتجنب النظر إلى الأطفال وهم عائدون من المدرسة.
سألت "نزار" في إحدى المناسبات: بعد الانتهاء من عملك ماذا تفعل؟ قال: أذهب مع مجموعة من أصدقائي إلى غابة زيتون غير بعيدة عن حيّنا ونتحدث عن "هموم الدنيا" وماذا يخفيه لنا المستقبل!!! ندخّن السجائر ثم نعود إلى منازلنا.
"نزار" هو واحد من فئة من طفولة وجدت نفسها في الشارع في سن مبكرة... هناك "البرباش" الذي يساعد والده في جمع ما يصلح بيعه من فضلات المنازل وهناك من اختار محطات حافلات النقل العمومي والميترو الخفيف والقطار لبيع المناديل الورقية و"الشيكلي".. وهناك من وجد نفسه أداة يستعملها والده أو أحد أقاربه للتسوّل.
هذه الفئة من الطفولة أصبحت لافتة للانتباه ويمكن ملاحظتها بالعين المجردة.. يطلق عليهم البعض "أطفال الشوارع"... ويطلق عليهم البعض الآخر "الأطفال المهمشين".
"أطفال الشوارع" أو الأطفال المهمشين" يعتبرهم البعض من الملفات المسكوت عنها في تونس رغم خطورته.. ويعتقد آخرون أن هذا الملف غير مطروح في بلادنا "لأنه ليس لدينا أطفال شوارع".. والحالات الموجودة هي حالات محدودة.. وبين الرؤيتين تضيع فئة الطفولة هي في أمس الحاجة للوقوف إلى جانبها وتجنيبها مخاطر مستقبلية حقيقية.
من هم "أطفال الشوارع"؟
ثمة عدة تعريفات لهذه الفئة منها التعريف الاجتماعي الذي يعتبر أنها "فئة اجتماعية خاصة في أوضاعها وظروفها وانتشارها في الفضاء.."
ويعتبر عدد من الأخصائيين الاجتماعيين ممن اهتموا بهذه الفئة أن هناك صنفين من أطفال الشوارع:
- الصنف الأول، الذين يعيشون في "فضاء الشارع" بشكل مستمر ومتواصل أي أنهم بلا مقرّ إقامة ولا مصدر دخل.
- الصنف الثاني يتكون من الأطفال الذين ينتمون إلى عائلات فقيرة ومعوزة مما يضطرهم للخروج إلى الشارع "للعمل".. منهم من انقطع عن الدراسة ومنهم من يستغل العطل المدرسية "للعمل".
وهذه الظاهرة، تعدّ ظاهرة عالمية، فحسب المنظمة العالمية للعمل ومنظمة اليونيسيف فإن عدد "أطفال الشوارع" في العالم يقدر بنحو 120 مليون طفل وأن نصفهم يوجد في أمريكا الجنوبية ونحو 30 مليون منهم في آسيا.
"أطفال الشوارع" في تونس
في تونس لا تتوفر أرقام رسمية حول نسبة هذه الفئة من الطفولة، ولم يصدر أي هيكل رسمي رقما حول "أطفال الشوارع"... بل إنه عند الحديث عن هذه الفئة يتم دائما التركيز على أنها "حالات محدودة" يتم التعامل معها.
غير أن غياب الأرقام الرسمية لا يعني أن هذه الفئة غير موجودة... صحيح أنها لم تتحوّل إلى مستوى الظاهرة التي تدعو إلى دق نواقيس الخطر.. ولكن ذلك لا يعني غيابها.
ثمّة عدة أرقام في مجالات أخرى يمكن أن تشير إلى أن "أطفال الشوارع" في تونس مسألة لا يمكن تناولها من زاوية "ليس لدينا أطفال شوارع".
الانقطاع عن الدراسة
من ضمن الأسباب الرئيسية لظاهرة "أطفال الشوارع" الانقطاع المبكر عن الدراسة، خاصة في مرحلتي التعليم الابتدائي والمرحلة الأولى من التعليم الثانوي... عديد الدراسات والبحوث التي اهتمت بهذا الملف أكدت على أهمية هذا السبب.
في تونس، أشارت إحصاءات رسمية أنه خلال السنة الدراسية 2004/2005 تم تسجيل انقطاع نحو 83 ألف تلميذ عن الدراسة من المرحلة الأولى والثانية للتعليم الأساسي. وأشارت أرقام أخرى إلى أن عدد المنقطعين عن الدراسة في السنة الأولى والثانية ثانوي يناهز 70% من مجموع المنقطعين عن الدراسة في التعليم الثانوي.
وحسب أرقام أخرى نشرت سنة 2007 فإن نسبة الانقطاع المدرسي خلال الخماسية الماضية بلغت 1.7% في مرحلة التعليم الابتدائي و10.9% في مرحلة التعليم الإعدادي و12.7% في مرحلة التعليم الثانوي.
وتعتبر هذه النسب والأرقام مرتفعة، وتدعو للقلق، وتدفع لطرح الأسئلة التالية: هؤلاء الذين انقطعوا عن الدراسة في المرحلة الابتدائية والمرحلة الأولى من التعليم الثانوي، ما هو مصيرهم؟ هل استقطبتهم كلهم مراكز التكوين المهني؟ هل أمكن لهم الحصول على "شغل"؟
لا نعتقد ذلك رغم أهمية الدور الذي تقوم به مراكز التكوين المهني؟ إذ أن نسبة منهم أصبحوا "أطفال شوارع".
هذا الاستنتاج تؤكده دراسة حول "الظواهر السلوكية الجديدة لدى الشباب" أعدّها المرصد الوطني للشباب ونشرها في سبتمبر 2006، جاء في هذه الدراسة ".. إن السلوك الانحرافي المرتكب من قبل الأطفال وكذلك اليافعين (...) من ضمن أسبابه الانقطاع المبكر عن التعليم (...) وأسباب اقتصادية واجتماعية مثل صعوبة استيعاب المسرّحين من التعليم والحصول على شغل بسبب قلة المؤهلات المهنية وتدني المستوى التعليمي..."
هناك صعوبات حقيقية في استيعاب الأطفال المنقطعين عن الدراسة ممّا يعني أن جزءا منهم سيجد نفسه في الشارع مع ما يعنيه ذلك من خطورة.
الانحراف المرتكب من قبل الأطفال
من ضمن الأرقام الأخرى التي تشير إلى أن "أطفال الشوارع" هو ملف حقيقي لا يمكن التعامل معه بالنفي... أرقام متعلقة بانحراف الأطفال.
تشير أرقام صادرة عن وزارة العدل وحقوق الإنسان أنه خلال السنة القضائية 2003-2004 تم تسجيل 3967 قضية سرقة مقترفة من قبل الأطفال أي بنسبة 6.78% من جناية السرقة الموصوفة. وأن عدد جرائم العنف من قبل الأطفال خلال الفترة ذاتها بلغت 3792 حالة، أما الجرائم الجنسية فقد بلغ عددها خلال السنة القضائية ذاتها 920 قضية.
هذه الأرقام تشير بوضوح إلى أن "أطفال الشوارع" في تونس لا يمثلون حالات محدودة كما تشير إلى ذلك بعض التصريحات حول هذا الملف... إنهم واقع ملموس وجب التعامل معه بكل شفافية ووضوح.
تشغيل الأطفال
القانون التونسي يمنع تشغيل الأطفال وهناك قوانين صارمة تعاقب المخالفين لهذه القوانين.. وربما ذلك يمثل أحد الأسباب لغياب أرقام حول تشغيل الأطفال في تونس رغم أن عدة دراسات وبحوث مختصة أشارت إلى أن تشغيل الأطفال في عموم المنطقة العربية هو حقيقة لا يمكن التغاضي عنها.
الأطفال المنقطعون عن الدراسة في تونس نسبة منهم تتوجه إلى "العمل" خاصة في القطاعات غير المنظمة مما يصعب مراقبتهم... هناك من يجمع "الخبز البايت " وهناك من يجمع القوارير الفارغة وهناك من يبيع المناديل الورقية و"الشيكلي" في محطات النقل العمومي وهناك من يعمل في حضائر البناء وهناك من يعمل في ورشات الحدادة تحت غطاء "تعليم صنعة".. الخ. وهناك من يتم استغلاله للتسول.
وقد حاولنا البحث عن أرقام حول تشغيل الأطفال في هذه القطاعات لكننا لم نعثر على ذلك ربما لأنه من الملفات المسكوت عنها. ووجدنا رقما يتعلق بعدد الفتيات وهو من دراسة حول تشغيل الإناث في القطاع غير المنظم بتونس (منظمة العمل العربية- إعداد عماد التركي مدير النهوض بالتشغيل بوزارة التشغيل والإدماج المهني للشباب – مارس 2005).
جاء في هذه الدراسة ما يلي: ".. يبرز توزيع المشتغلات حسب الفئة العمرية في الوسط الريفي المكانة الهامة التي يحتلها القطاع غير المنظم في تشغيل الفتاة الريفية، حيث أن عدد المشتغلات من الفئة العمرية بين 15-17 سنة يتقارب بين الوسطين الحضري والريفي، وذلك بالرغم من أن حجم المشتغلات بالوسط الحضري يتجاوز بكثير عددهن بالوسط الريفي. وتشتغل 14171 امرأة سنة 1999، في هذه الفئة العمرية بالوسط الريفي أي ما يقارب 6.6% من جملة المشتغلات مقابل 15393 بالوسط الحضري أي بنسبة 3.5% فقط، ويصل عدد المشتغلات إلى 29523 امرأة في الفئة العمرية 15-19 سنة..."
إن كل هذه الأرقام (الانقطاع المبكر عن الدراسة، الانحراف المرتكب من قبل الأطفال، "تشغيل" الأطفال...) تشير إلى أن ملف "أطفال الشوارع" هو ملف في حاجة إلى التفكيك ورفع "التابوهات" عليه من أجل مستقبل أفضل لأطفالنا لأنهم مستقبل البلاد.
هناك شبكات لاستقطاب الفتيات الجانحات
تضمنت دراسة "الظواهر السلوكية الجديدة لدى الشباب" التي أعدّها المرصد الوطني للشباب إشارات خطيرة إلى ما يتعرض له "أطفال الشوارع".
جاء في هذه الدراسة: ".. هناك أسباب اقتصادية واجتماعية مثل صعوبة استيعاب المسرّحين من التعليم والحصول على شغل بسبب قلة المؤهلات المهنية وتدني المستوى التعليمي وتعرّض البعض إلى اعتداءات جنسية بصورة قاسية ووجود شبكات لاستقطاب الفتيات الجانحات حال الإفراج عنهن.
وخلال تعرضها للإشكاليات الميدانية في التعامل مع ظاهرة الانحراف شددت الدراسة على أنه بالرغم من المجهودات المبذولة والإمكانيات المبذولة الكبيرة التي وضعتها الدولة فإن بعض الإشكاليات تحول دون تحقيق الأهداف المنشودة (...) بالإضافة إلى ضعف التنسيق والتكامل في الأدوار بين الأطراف المتدخلة في مجال الإحاطة بالأحداث (...) كما تتأكد الإشكاليات الميدانية في افتقاد بعض الهياكل الاجتماعية والتربوية المعنية بإدماج الأطفال بمشاريع بيداغوجية مؤسساتية توجه تدخلاتها وتضبط أهدافها العامة والعلمية بما يضمن حقوق الطفل في الحماية الاجتماعية والقضائية.
التعريف القانوني للاطفال المشردين
بالرجوع إلى النصوص القانونية الخاصة بالطفل في تونس، لا نجد إشارة إلى التعريف بأطفال الشوارع. إلا أنّ مجلّة حماية الطفل الصادرة في 9 نوفمبر 1995 وفي تعريفها بالطفل المهدد أشارت إلى تعريض الطفل للإهمال والتشرد كأحد المخاطر التي يمكن أن يتعرّض لها الطفل والتي من شأنها أن تعرّض سلامته البدنية والمعنوية للتهديد.
والمقصود بالتشرّد هو عدم مراقبة الطفل من قبل والديه أو من هو مسؤول عنه وعدم إلحاقه بأحد المدارس أو مراكز التكوين المهني أو انقطاعه المبكر عن التعليم الذي يعد إجباريا إلى حدود سن السادسة عشر في تونس. كما أنّ اتّخاذ الطفل للشارع مأوى له وعدم عودته إلى محلّ إقامة أسرته يعد ضربا من ضروب التشرّد. ويكون ذلك بسبب طرد الأسرة لابنها لأي سبب من الأسباب أو رفض الطفل مواصلة العيش معها. وتكون إقامة الطفل بالشارع بصفة ظرفية أو قارّة.
2) البعد الكمي للظاهرة :
انطلاقا من التعريف آنف الذكر وبالرجوع إلى التقرير السنوي حول وضع الطفولة 2002، فإن الإحصائيات المتوفرة تتعلق بنشاط مندوبي حماية الطفولة والمصالح الأمنية في التعهد بالأطفال المهددين بالتشرّد والإهمال.
فبالنسبة لعدد الأطفال المتعهد بهم من طرف مندوبي حماية الطفولة فقد بلغ 782 طفلا مهددين بالإهمال والتشرد من مجموع 2780 حالة.
أمّا المصالح الأمنية وفي إطار عملها المتعلّق بمقاومة المظاهر الاجتماعية المزرية، فإنّها تتولّى مكافحة هذه المظاهر في صفوف الأطفال باعتبارها تؤدي إلى الانحراف المبكر في سلوكهم. ويتمثّل تدخلهم في تكثيف دوريات المراقبة الأمنية لتشمل مختلف الفضاءات الثقافية والحدائق والمفترقات والساحات العموميّة والمحيطات الخارجية للمؤسسات التربوية لحماية التلاميذ من الاختلاط بالمتشرّدين والمنحرفين من الشبّان والأطفال لما يمثّله ذلك من خطر عليهم.
جدول إحصائي حول نتائج مقاومة التسول والمهن الوضعية
هذه الطفولة ليست سوى كلمة!
في دراسة تحمل عنوان "طفولة مقصيّة: بحث في العلاقة بين التوغس والإيتوس" كتب الدكتور محسن بوعزيزي (باحث في علم الاجتماع ورئيس الجمعية التونسية للعلوم الاجتماعية):
"تعرّضت هذه الدراسة الميدانية إلى صعوبات منهجية هائلة ومصير هذه الصعوبات طموح بحثي مغامر، يسعى إلى اقتحام عالم الطفولة "الشاردة" التي ارتطمت قصرا بمتاهات الشارع ودهاليزه المظلمة. إنها فئة اجتماعية خاصة في أوضاعها وظروفها وانتشارها في الفضاء (...) وبقدر ما كان الموضوع دقيقا وضيّقا، كانت نتائجه مفاجئة ونافية لفرضياته، فقد تفاجأ الباحث وهو يخوض غمار هذا العالم الطفولي في تفاعلاته العفوية الطبيعية ولحظة مغامراته الجانحة وحين تسكعه في الشارع، أن الطفولة "ليست سوى كلمة" وأن الغائب الأساسي فيها هو الطفل نفسه، فليس ما يحيل إليه إلا في السن وقصر القامة، أما في ممارسته ومناورته وإستراتيجيته فأقرب إلى الكهولة منها إلى غيرها، هذا القفز فوق المراحل العمرية مردّه ما تواجهه هذه الفئة من قمع اجتماعي ومطاردة وتفكك وحرمان أكسبها قدرة على المواربة والتخفي خلف شبكة من الألفاظ الخاصة..."
الآليات التشريعية لتلبية حاجيات الطفل
*المصادقة على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل بمقتضى القانون عدد 29 لسنة 1991 المؤرخ في 29 نوفمبر 1991.
* إعادة توزيع الأدوار بين الوالدين وتعزيز مبدأ المسؤولية المشتركة في تربية الأطفال ورعايتهم بمقتضى القانون عدد 73 لسنة 1993 المؤرخ في 12 جويلية 1993 والمتعلّق بتنقيح بعض فصول مجلة الأحوال الشخصية.
*تسهيل شروط إسناد الجنسية التونسية للطفل بمقتضى القانون عدد 75 لسنة 1993 المؤرخ في 12 جويلية 1993 والمتعلّق بتنقيح بعض فصول مجلة الجنسية التونسية.
*إصدار مجلة حماية الطفل بمقتضى القانون عدد 92 لسنة 1995 المؤرخ في 9 نوفمبر 1995 المتعلّق بإصدار مجلة حماية الطفل.
*إحداث سلك مندوبي حماية الطفولة بمقتضى القانون عدد 92 لسنة 1995 المؤرخ في 9 نوفمبر 1995 المتعلق بإصدار مجلة حماية الطفل (الفصل 28 مجلة حماية الطفل).
*ضبط الأمر عدد 1134 لسنة 1996 المؤرخ في 17 جوان 1996، النظام الأساسي الخاص بهذا السلك ومجالات تدخله وطرق تعامله مع المصالح والهيئات الاجتماعية المعنية.
*تعزيز آليات الحماية الجزائية للطفل : القانون عدد 93 لسنة 1995 المؤرخ في 9 نوفمبر 1995 والمتعلق بتنقيح بعض فصول المجلة الجنائية.
*حماية الطفل من استعمال المخدرات : القانون عدد 94 لسنة 1995 المؤرخ في 9 نوفمبر 1995 والمتعلق بتنقيح وإتمام القانون عدد 52 لسنة 1992 المؤرخ في 18 ماي 1992 المتعلق بالمخدرات.
*حماية الطفل من الاستغلال الاقتصادي : القانون عدد 62 لسنة 1995 المؤرخ في 10 جويلية 1995 المتعلق بالمصادقة على اتفاقية العمل الدولية رقم 138 بشأن السن الأدنى للشغل.
*حماية الأطفال المولودين خارج إطار الزواج الشرعي : القانون عدد 75 لسنة 1998 مؤرخ في 28 أكتوبر 1998 المتعلق بإسناد لقب عائلي للأطفال المهملين أو مجهولي النسب المنقح بمقتضى القانون عدد 51 لسنة 2003 المؤرخ في 7 جويلية 2003.
*تنقيح بعض القوانين بهدف تحسين الوضعية القانونية للطفل في مجالات مختلفة (المجلة الجبائية – مجلة الالتزامات والعقود – قانون المخدرات...).
*إحداث برلمان الطفل بمقتضى القانون عدد 41 لسنة 2002 المؤرخ في 17 أفريل 2002.
المصدر: الوطن (لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي) العدد 40-الصادرفي 20-6-2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.