لايزال عدد لا يستهان به في تونس يعيشون تهديدا واضحا في غياب تام لمطابقة التشريعات مع الواقع والتي ظلت مثلما أفادت عدة جهات عارفة بحقيقة وضع الطفولة حبرا على ورق مؤكّدين على أن التشريعات الموجودة تتطلّب إصلاحا عاجلا في وقت تشير فيه جميع أرقام سجلات المحاكم التونسية بأن 3آلاف حالة مهددة تم تسجيلها خلال السنة القضائية 2010-2011 بمعدّل 0,7 % حالة تهديد لكل ألف طفل وحيث تحتل حالات الإهمال والتشرد المرتبة الأولى لتبلغ 57,26% تليها حالات فقدان السند العائلي بنسبة تفوق 23بالمائة والتقصير البين في الإحاطة والرعاية بنسبة تقارب 18 % كما وردت على مندوبي الطفولة حوالي 6968 إشعارا سنة 2010 تم التعهد بأكثر من 71 % منها. غياب الاستثمار العمومي.. وانقطاع مدرسي
فمنذ سنة2000 وحيث كان استثمار القطاع العمومي في مجال الطفولة يقدّر بنسبة 26 % تراجعت في سنة2009 إلى 12 % وبنقص واضح في مجال الاستثمار الموجه للتغطية في خدمات سن ما قبل الدراسة بحكم التطور اللامتكافئ بين الجهات والوسطين الريفي والحضري وخير مثال على ذلك هو غياب كلي للإستثمار في مجال الطفولة المبكرة من قبل الوزارة المشرفة بحيث لا وجود ولو لروضة أطفال واحدة على ملك الوزارة في بعض جهات الجمهورية إضافة إلى كون الطفولة في المناطق الريفية منسية تماما،هذا إلى جانب وجود نسبة عالية من الإطارات التربوية العاملة في هذا المجال غبر مختصة مما تسبب في ضعف نوعية الخدمات المقدمة للطفل.هذا إضافة إلى المنظومة التربوية التي تعيش منعرجا خطيرا من حيث الانقطاع المدرسي باعتبار أن عدد المنقطعين يعدّ هاما وخطيرا إذ يتراوح بين 60 و80 ألفا سنويا من بين البالغين من العمر أقل من 16سنة وهو السن الإجباري للتعليم مع جملة الفوارق المسجلة بين الجهات فيما يتعلق بنسبة التمدرس ونتائج الامتحانات وممارسة العنف ضد الأطفال سواء كان في الوسط العائلي و المتمثل بنسبة 73 % كعنف جسدي و26 % عنف لفظي و30 % حرمان من حق من الحقوق كذلك في الوسط المدرسي وحيث بينت الدراسات أن 58,2 % من التلاميذ قد تعرّضوا إلى شكل من أشكال العنف بالإضافة إلى 94 بالمائة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين السنتين و 14 سنة الذين يُعتبَرون من ضحايا العنف اللفظي أو البدني أو النفسي في محيطهم الأسري.
أطفال الشوارع
محمد بوزويتينة المساعد الأول لوكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية صفاقس2 تناول ظاهرة الطفولة المهددة بالدرس خاصة ما يُعبّر عنها بأطفال الشوارع مبينا بأن الأخصائيين الاجتماعيين قد صنّفوا هذه الفئة إلى صنفين الأولى تهم الذين يعيشون في «فضاء الشارع» بشكل مستمر ومتواصل أي أنهم بلا مقر إقامة ولا مصدر دخل و الصنف الثاني الذي يتكون من الأطفال الذين ينتمون إلى عائلات فقيرة و معوزة مما يضطرهم للخروج إلى الشارع «للعمل» منهم من انقطع عن الدراسة ومنهم من يستغل العطل المدرسية للعمل. وفي ظل غياب كلي لأرقام رسمية بخصوص أطفال الشوارع بحكم ما يقع الترويج إليه بأن هذه الفئة هي «محدودة» فإن المشهد الاجتماعي يعج بهذه الصورة وهي بذلك»ظاهرة» موجودة في المجتمع لا يمكن التغافل عنها. وأضاف المساعد الأول لوكيل الجمهورية موضحا بأنه من ضمن الأسباب الرئيسية لظاهرة «أطفال الشوارع» الانقطاع المبكّر عن الدراسة خاصة في مرحلتي التعليم الابتدائي والمرحلة الأولى من التعليم الثانوي.
صلوحيات محدودة لمندوبي حماية الطفولة
و في ظل السلطة التقديرية في تحديد حالات التهديد التي يتمتع بها مندوب حماية الطفولة وإجرائه للتحقيقات والتدابير الوقائية ورفع التقارير إلى قاضي الأسرة تبقى مهمة المندوب محدودة بحكم التبعية لعدة وزارات وعدم وجود الحماية الكافية له حال مباشرته لوظيفته مع نقص فادح في الإمكانات البشرية والمادية وهو ما يصعّب من دور مندوب حماية الطفولة تجاه الطفل المهدد في ضوء افتقار هذا السلك إلى منظومة استمرار وغياب مراجعة النصوص القانونية المنظمة للمراكز المندمجة للشباب والطفولة إلى جانب عدم تفرّغ قضاة الأطفال وعدم تخصص أعوان الضابطة العدلية والدور الهامشي لمستشاري الطفولة وعدم تفعيل مؤسسة مندوب الحماية المحروسة خاصة مع ما عرفه القضاء الجنائي من ارتفاع في عدد حالات الأطفال المحالين إليه إلى 459 حالة خلال السنة القضائية الفارطة وهو ما يطرح تساؤلا بخصوص مدى فشل الخيارات التشريعية.