الداخليّة تنفي تعرّض المحامي مهدي زقروبة للتعذيب وتتوعّد بمقاضاة هؤلاء    ارتفاع عجز الميزان التجاري للطاقة بنسبة 9 % الى 3025 مليون دينار موفى مارس 2024    شكاية حول شُبهات الفساد بين المَجمع الكيميائيّ وشَركة ''الكيميا ''...و هذه التفاصيل    السعودية تطلق خدمة جديدة للقادمين إلى المملكة ب''تأشيرة حج''    كأس تونس: تعيينات حكام مباريات الدور ثمن النهائي    عاجل/ السجن 8 أشهر ل 50 مهاجرا من إفريقيا جنوب الصحراء..    اليوم : انطلاق الاختبارات التطبيقية للدورة الرئيسية لتلاميذ الباكالوريا    المعهد الوطني للإحصاء: انخفاض نسبة البطالة إلى حدود 16,2 بالمائة    ناجي الجويني يكشف عن التركيبة الجديدة للإدارة الوطنية للتحكيم    سوسة: الإطاحة بوفاق إجرامي تعمّد التهجّم على مقهى بغاية السلب باستعمال أسلحة بيضاء    وزير الفلاحة: الترفيع في طاقة استيعاب سد بوهرتمة    الاقتصاد التونسي يسجل نموا ب2ر0 بالمائة خلال الثلاثي الأول من 2024    رئيس الجمهورية ووزيرة المالية يتباحثان ملف التمويلات الأجنبية للجمعيات    محمد عمرة شُهر ''الذبابة'' يصدم فرنسا    عرب يتعاملون بالعملات المشفرة.. و هذه الدولة في الصدارة    الرئيس سعيد يبحث مع وزير الداخلية الوضع الأمني العام في البلاد ويؤكد على فرض احترام القانون على الجميع    التمويلات الأجنبية المتدفقة على عدد من الجمعيات التونسية ناهزت 316ر2 مليار دينار ما بين 2011 و 2023    ماذا في اجتماع هيكل دخيل بأعضاء "السوسيوس" ؟    عاجل : جماهيرالترجي تعطل حركة المرور    الترجي الرياضي التونسي في تحضيرات لمواجهة الأهلي    بطولة النخبة الوطنية لكرة اليد: الترجي الرياضي والنادي الافريقي في لقاء النهائي    رئيس الجمهورية يبحث مع رئيس الحكومة سير العمل الحكومي    وزارة التربية تعلن قبولها ل100 اعتراض مقدّم من الأستاذة النواب    قيس سعيد يُؤكّد القبض على محام بتهمة المشاركة في وفاق إرهابي وتبييض أموال    ضبط معدات لاسلكية لاستغلالها في امتحان الباكالوريا    مفزع/حوادث: 15 حالة وفاة خلال يوم فقط..    فظيع/ هلاك كهل الخمسين سنة في حادث مرور بالقيروان..    سيدي بوزيد: انطلاق الدورة 19 من مهرجان السياحة الثقافية والفنون التراثية ببئر الحفي    بوكثير يتابع مدى تقدم مشروع البرمجة الفنية للدورة 58 من مهرجان قرطاج الدولي    عاجل: متحوّر كورونا جديد يهدّد العالم وهؤلاء المستهدفون    ظهورالمتحور الجديد لكورونا ''فيلرت '' ما القصة ؟    الأيام الرومانية بالجم . .ورشات وفنون تشكيلة وندوات فكرية    محمد بوحوش يكتب...أدب الاعتراف؟    كتاب «التخييل والتأويل» لشفيع بالزين..الكتابة على الكتابة اعتذار عن قبح العالم أيضا    ناجي الغندري يدفع المجلس البنكي والمالي نحو دعم الاقتصاد الوطني    حزب الله يستهدف فرقة الجولان بأكثر من 60 صاروخ كاتيوشا    الخُطوط التُونسية في ليبيا تتكبد خسائر وتوقف رحلاتها.    سيدي بوزيد: يوم جهوي للحجيج    طقس اليوم ...الحرارة في ارتفاع ؟    بطولة اسبانيا : أتليتيكو يهزم خيتافي ويحسم التأهل لرابطة الأبطال الاوروبية    ديوان السياحة: نسعى لاستقطاب سيّاح ذوي قدرة إنفاقية عالية    أخبار المال والأعمال    زلزال بقوة 5.2 درجات يضرب هذه المنطقة..    محكمة العدل الدولية تنظر "وقف العمليات العسكرية في رفح"    إصدارات.. الإلحاد في الفكر العربي الإسلامي: نبش في تاريخية التكفير    ينشط في عديد المجالات منها السياحة .. وفد عن المجمع الكويتي «المعوشرجي» يزور تونس    المقاعد في رادس محدودة والسوق السوداء تنتعش .. أحباء الترجي في قمة الاستياء    استشهاد 3 فلسطينيين بنيران جيش الاحتلال في الضفة الغربية    أمراض القلب والجلطات الدماغية من ابرز أسباب الوفاة في تونس سنة 2021    عاجل : أحارب المرض الخبيث...كلمات توجهها نجمة'' أراب أيدول'' لمحبيها    أغنية صابر الرباعي الجديدة تحصد الملايين    حاحب العيون: انطلاق فعاليات المهرجان الدولي للمشمش    أكثر من 3 آلاف رخصة لترويج الأدوية الجنيسة في تونس    ما حقيقة سرقة سيارة من مستشفى القصرين داخلها جثة..؟    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شهادات محمد مزالي.. الماجدة وابنة الشقيقة
نشر في الوسط التونسية يوم 16 - 07 - 2007

أمضى محمد مزالي نحو 30 عاما في المسؤولية، آخرها ستة اعوام كرئيس للوزراء انتهت بفراره من البلاد الى الجزائر. ابن بقال بسيط ، ثم خريجا من الفلسفة في السوربون، ثم وزيرا للدفاع والصحة والتربية حيث بدأ مشروع التعريب. لكن عندما اظهر نجاحا في رئاسة الحكومة بدأ بورقيبة يفكر في جعله خلفا له. وعندما ذاعت المسألة بدأت مؤامرات القصر تحاك ضده لمنعه من الوصول. الطامحون كانوا كثيرين. وفي سنه المتقدمة اصبح بورقيبة اكثر اعتمادا على زوجته «الماجدة» وسيلة. وهو اللقب الرسمي لسيدة تونس الأولى التي كانت تشارك الرئيس في كل شيء وفي الرضا والغضب والقرار، وكانت تستجوب الوزراء وتهددهم وتصرفهم وتطلب من بورقيبة معاقبتهم. ولم يكن الرجل يناقش، كان مؤمنا بمدارك «الماجدة» ومقتنعا بجرأتها ومعرفتها بالشؤون التونسية وحدسها حيال الخصوم. وعندما بدأت صحته تنهار أضيفت الى القصر سيدة نافذة اخرى، ابنة شقيقته، التي ستصبح مع الايام اكثر تأثيرا عليه. وكلتاهما لم تكن تنظر بعين العطف الى سي مزالي.
في صفحات مدوّنة بدقة مذهلة يروي محمد مزالي (للاسف بالفرنسية وفي انتظار الترجمة العربية) تفاصيل مرحلة شديدة الاهمية من تاريخ تونس والعالم العربي سواء. ففي خلال رئاسته للحكومة (1980 1986) انتقلت الجامعة العربية الى تونس وانتقلت اليها منظمة التحرير والقيادة الفلسطينية وتعرضت لمحنة الوحدة الفورية مع الجماهيرية العظمى. وعندما حاول بورقيبة الرجوع عن الاتفاق تلقى التهديد بعد الآخر. ذات يوم جاء ابو عمار وابو اياد الى مزالي ليقولوا له ان ليبيا تعد هجوما عسكريا عبر الحدود يقوم به ليبيون بثياب الجيش الليبي، وان الذي أطلعهم على المخطط هو الحسن الثاني. واصيب مزالي بالذعر. وابلغ عددا من الدول العربية بالامر، كما ابلغ فرنسا.
وفي اليوم التالي اهتزت اجواء تونس بهدير طائرات الفانتوم التي أخذت تقصف مقر منظمة التحرير الواقع بين البيوت. لكنها كانت طائرات اسرائيلية. والهجوم الليبي لم يقع. لكن ليبيا نسيت الوحدة مع تونس وانتقلت بها الى المغرب والحسن الثاني بالذات!
يعتقد محمد مزالي ان اهم صفتين في بورقيبة كانتا الشجاعة والرؤية. منذ ان بدأ نضاله ضد فرنسا في الثلاثينات وهو يتكهن بما ستصير الامور اليه في نهاية المطاف. الا انه من العام 1934 الى العام 1952 لم يكف عن دخول السجون والمعتقلات. وعندما وقف امام المدعي العام الفرنسي العام 1939 قال له: «لقد ناضلت وعانيت من اجل الدفاع عن افكاري ضد العنصرية. ومن اجلها ضحيت بحريتي وصحتي وسعادتي. واني مستعد للتضحية بحياتي من اجل ذلك. ان انتصارها يستحق هذا الثمن. ليس لديّ ما اضيفه».
هذا الرؤيوي الشجاع كان ايضا محللا ممتازا. فعندما حاولت الحركة الاستقلالية الالتحاق بألمانيا ودول المحور للانضمام الى الحرب ضد فرنسا، كتب الى رفاقه من سجنه في «قلعة سان نيكولا» يحذرهم: اياكم وهذه المخاطرة. المانيا لن تربح الحرب. «وعندما تنتهي هذه الحرب يجب ألا يرى الشعب التونسي نفسه في معسكر المنهزمين. فلتكن لكم قوة الانتصار على مشاعركم العاطفية وقاوموا تأثير الجماهير التي لا ترى بعيدا والتي في حاجة دائمة الى من ينير طريقها». واظهر حسن التحليل نفسه بعد نهاية الحرب عندما قرر رفض الاغراءات بالانضمام الى المعسكر الشيوعي، قائلا العام 1953 «هل يتخيلون ان شعبا عريقا من الحضارة العربية والدين الاسلامي، شعبا عتيقا عرف ساعة المجد... يمكن ان يذوب في مجتمع غريب؟».
يقول محمد مزالي: «كان بورقيبة يجسد بالنسبة الينا مصير بلدنا لدرجة اعتقدناهما واحدا. وبالاضافة الى ان اب الامة كان رجلا غير عادي فان سحره الشخصي لعب دورا مهما في تاريخنا. كان استراتيجيا عظيما وتكتيكيا لماحا». انتقد فرنسا الاستعمارية لكنه استمال الليبراليين الفرنسيين الى جانب قضيته. وعندما طالب بحق تونس في الحرية كان يستشهد دائما بأقوال المفكرين الفرنسيين. شكرا على هذه الوثائق.
المقال نشر بجريدة الشرق الوسط التونسية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.