وزارة التربية: صرف أجور المتعاقدين بالتزامن مع عطلة عيد الأضحى    دعما للإشعاع الاقتصادي.. إطلاق فرع للشبكة الأوروبية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة بتونس    منتدى تونس الاقتصادي 2024: توصيات الخبراء لتحديث القطاع الصناعي    مديرة الخزينة بالبريد التونسي: عدم توفير خدمة القرض البريدي سيدفع حرفائنا بالتوجّه إلى مؤسسات مالية أخرى    كرة السلة: برنامج مواجهات اليوم من الدور نصف النهائي للبطولة    اليوم: نشر أعداد ورموز المراقبة المستمرة لمترشحي البكالوريا    نظّمه المستشفى المحلي بالكريب: يوم تكويني لفائدة أعوان وإطارات الدائرة الصحية بالمكان    نقابة الأطباء و الصيادلة و أطباء الأسنان ترفض قانون حقوق المنتفعين بالخدمات الصحية    في تونس وبن عروس: قائمة الشواطئ الممنوع فيها السباحة    الحرس الديواني يحجز بضائع مهربة قيمتها فاقت المليار    خلال اليومين الأولين : رصد 99 حالة غش في إمتحانات الباكالوريا    موعد صيام يوم عرفة...وفضله    رئيس غرفة القصابين: بداية من الغد أضاحي العيد ب21.900 دينار للكغ    شركة السكك الحديدية: سيتم برمجة سفرتي ذهاب وإياب يوميّا لخط تونس– الجزائر    عاجل/ الأمم المتحدة تعتزم إدراج إسرائيل في هذه القائمة..    لأجل قضية عملت عليها زوجته.. جورج كلوني ينتقد بايدن    تطاوين : بدء الاستعدادات لتنظيم الدورة السابعة للمهرجان الدولي للمونودراما وإسبانيا ضيف شرف    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الجمعة 07 جوان    إستعدادا ليورو 2024: المنتخب الهولندي يمطر شباك نظيره الكندي وديا    سفير الصين يقدّم أبرز مخرجات زيارة الرئيس قيس سعيد إلى الصين..    المنتخب الوطني التونسي يصل إلى جنوب إفريقيا    تصفيات مونديال 2026 : فوز مصر والسودان .. وخسارة الجزائر    البريد التونسي يُغطّي 25 % من قيمة الادخار الوطني    استشهاد رئيس بلدية النصيرات وسط غزة في غارة صهيونية..#خبر_عاجل    عاجل/ قتلى ومفقودين في حادث سقوط حافلة تقل أطفالا في سوريا..    خطير/ الإحتفاظ بمجموعة من الأشخاص من أجل الإتجار في الأسلحة والذخيرة بهذه الجهة..    محرز الغنوشي يُحذّر من ارتفاع درجات الحرارة    أمان الله ممّيش: تمّ رفض طلبي لاجتياز الباكالوريا في وقت لاحق    مدنين: رصد حالة غش في اليوم الثاني من اختبارات البكالوريا    وصول حوالي مليون و200 ألف حاج الى البقاع المقدسة    بهدف راحة الحجاج.. استخدام الإسفلت المرن للمرة الأولى    عاجل/ بشرى سارة للتونسيين الراغبين في الذهاب الى الجزائر..    وكالات إغاثة تحذر من انتشار المجاعة في 18 دولة    السكك الحديدية التونسية تعلن عن إطلاق السفرة التجريبية الأولى للرحلة الرابطة بين الجزائر وتونس    طقس اليوم: الحرارة تصل الى 42 درجة مع ظهور الشهيلي    الخارجية اليابانية: روسيا تهدّد باستخدام الأسلحة النووية    اكتشاف السبب الرئيسي لمرض مزمن يصيب الملايين حول العالم    هند صبري تلفت الأنظار في النسخة العربية لمسلسل عالمي    إعلان نتيجة تصويت أندية "البريمير ليغ" على إلغاء تقنية الفيديو "VAR"    رجال أحبهم الرسول ..أسامة بن زيد .. الحِبّ بن الحِبِّ    الأم مدرسة إن أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق    الفنان شريف علوي .. خلاصة مسيرتي ستكون على ركح قرطاج    المهدية...أصرّ على تحقيق حُلمه بعد 20 سنة من الانقطاع عن الدّراسة ...شاكر الشّايب.. خمسينيّ يحصل على الإجازة في الفنون التشكيليّة    الدورة 48 لمهرجان دقة الدولي من 29 جوان إلى 10 جويلية و11 سهرة في البرنامج    ديوكوفيتش يخضع لجراحة ناجحة في الركبة بعد انسحابه من رولان غاروس    الإعلان عن الفائزين في المسابقة الوطنية لفن السيرك    قبلي: تنظيم ورشة تكوينية بمدرسة علوم التمريض حول استعمال المنظومة الاعلامية في تلاقيح الاطفال    وفد صيني في القيروان من أجل مشروع مدينة الأغالبة الطبية    عاجل/ تونس تطرح مناقصة دولية لشراء القمح والشعير    عاجل/ قرار قضائي بمنع حفل "تذكّر ذكرى" المبرمج الليلة    ديوان الطيران: تسجيل ارتفاع لحركة عبور المجال الجوي بنسبة 20،7 بالمائة    اليوم رصد هلال شهر ذي الحجة 1445    عاجل: هيئة كبار علماء السعودية تكشف موعد عيد الأضحى    تزامنا مع ارتفاع درجات الحرارة: وزارة الصحة تصدر بلاغ هام وتحذر..#خبر_عاجل    الدورة 65 لمهرجان سوسة الدولي: يسرى محنوش في الافتتاح ومرتضى في الاختتام    النادي الافريقي يصدر بلاغ هام..#خبر_عاجل    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الخامسة والعشرين    الصحة العالمية تعلن تسجيل أول وفاة بشرية بمتحور من إنفلونزا الطيور..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تراجع بابا الفاتيكان ومقال لوفيغارو .. حرية التعبير وحق الرد

للمرة الثانية حاول بابا الفاتيكان التخفيف من حدة اطلاقاته ،واعتبر ما اقتبسه عن الامبراطور البيزنطي أمانوال الثاني عشر "سلبيا " وأنه لا يتبنى مقولته ، وغير ذلك مما ورد على لسانه في 12 سبتمبر بالمانيا ، وهو تراجع مهم وإن لم يصل إلى حد الاعتذار . ولم نكد نفرغ من قضية بابا الفاتيكان حتى طلعت علينا لوفيغارو، بمقال يصف الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه " قاطع طريق " و" أن الاسلام انتشر بالسيف "و أنه يدعو للعنف " وما إلى ذلك من الجهالات التي وردت في المقال .
مشكلتنا مع الجهالات :المشكلة أن الجهالات منتشرة في ربوع وطننا الاسلامي الكبير ،وفي المغرب العربي وتونس بالتحديد . فمسألة (انتشار الاسلام بالسيف ) ،و( العنف في الاسلام ) غير محسومة لدى الكثير ممن أبتلي بهم القراء ومشاهدوا بعض القنوات الفضائية . حتى أن أحدهم يسأل أستاذا جامعيا على قناة فضائية عما إذا كان " ما قاله بابا الفاتيكان في المانيا صحيحا من وجهة النظر الاكاديمية "و" هل قول البابا حق "وما إذا كانت سورة التوبة تؤكد ذلك ؟!! ولم يكن ذلك الاستاذ الجامعي آخذا بزمام الردود المطلوبة باعترافه ، وإن حاول الدفع بقدر المستطاع .
لقد كشفت قضية الاساءة البابوية عن جهل الكثير ممن يوصفون بالكتاب ممن نكبت بهم صحافتنا المحلية بتعاليم دينهم إذا كانوا فعلا يعتبرون الاسلام دينهم . ولا سيما جهلهم بطرق الاستدلال الشرعي بالنصوص من القرآن و السنة ،في قضايا علاقة العقل بالدين ،والجهاد وغيرها من القضايا بما فيها التاريخية ، ولا سيما الفتوحات .
تساءل مقدم البرنامج عن الاحتجاج بالنصوص لدى من يوصفون بالمتطرفين والمعتدلين للتدليل على آرائهم ،و لم يدرك أن المشكلة تكمن في غياب أجواء الحرية في المجتمعات الاسلامية ، وتاميم الاسلام داخل مؤسسات رسمية تتلق آراءها من أشخاص لا علاقة عضوية لهم بالدين ،وإن انتسبوا إليه من الناحية التاريخية . وهو ما أدى إلى فقدان الثقة في تلك المؤسسات ولا سيما من قبل الشباب ، الذين ارتكبوا خطأ كبيرا بتعاملهم المباشر مع النصوص في القرآن والسنة بنفس الطريقة التي يتعامل بها أصحاب الجهالات ككاتب المقال في لفيغارو ومقدم البرنامج الحواري في القناة الفضائية سالفة الذكر . الأمر الذي أدى إلى التباس الافهام بسبب الجهل بمنهج الاستدلال الاسلامي ،الذي لا يتأتى سوى لعالم فقيه يعرف تنزيل الاحكام وفق مقتضياتها الشرعية ،و يعرف حال النصوص وما إذا كانت محكمة أو منسوخة ،إضافة لاسباب النزول و ما إذا كانت عامة أو خاصة ، وغيرها من الشروط والاحكام . فالتعامل المباشر مع النصوص كما يؤكد علماء الاسلام لا يمكن أن يقود للمعرفة الحقيقية لمدلولات النص دون العودة للعلماء الراسخين. فالناس أمام النصوص الشرعية الاسلامية ثلاثة أصناف ، علماء يفتون للناس ، أما طلبة العلم شرعي كطلبة الدراسات الاسلامية والباحثين في الشريعة ،يمكنهم فهم النصوص لانفسهم دون غيرهم ، والبقية عوام يسألون العلماء العاملين .
العقل بين الاسلام والنصرانية : علاقة العقل باللاسلام كعلاقة العقل بجسم الانسان ، فالعقل في الاسلام "مناط التكليف "والقرآن في مجمله خطاب للعقل ، حيث أن آيات احتفاء الاسلام بالعقل ، قائمة في سور القرآن الكريم ، وحول ذلك كانت تدور مساجلات ومطارحات ومناظرات الفرق الاسلامية ، دون أن تتطور تلك المواقف إلى حروب دينية كالتي شهدتها أوربا . بل أن تلك الحوارات شملت اليهود والنصارى والملحدين داخل المساجد الاسلامية . وكل الخلافات التي تسببت في قتال بين المسلمين كانت لأسباب سياسية . ولم يسجل التاريخ أن عالما مسلما تم حرقه أو قتله بسبب العقل والعلم التجريبي ، لكن ما الذي جرى فوق الارض الاوروبية عندما كانت الكنيسة تحكم الناس ، كما تسعى حاليا للعودة من خلال حرب الاسلام ،ففي هولندا اعتقل العالم الكيميائي والطبيب ،فان هيلمونت ، بعد محاكمة غاليلي مباشرة. وفي بلجيكا اضطر العالم ، بيرنوي ، إلى الهرب. وأما البروفيسور ، فان فيلدين، من جامعة ،لوفان، فقد سجن أيضا بتهمة تأييد النظريات العلمية الحديثة عن نشأة الكون. وهي تتعارض بالطبع مع ما ورد سفر التكوين. وفي إسبانيا حيث كانت محاكم التفتيش تخنق الأنفاس قبل العقول نشر الطبيب ،سابيكو، كل مؤلفاته تحت اسم ابنته، ولم يكتشفوا الخديعة إلا بعد أربعمائة سنة من موته! وشاعت في ذلك الزمان ممارسة الرقابة الذاتية على النفس. فالعلماء لم يكونوا ينشرون أبحاثهم إلا بعد موتهم، وإذا ما نشروها كانوا يحذفون منها المقاطع الخطرة التي تتعارض مع أفكار رجال الكنيسة. وفي عام 1546 أُعدم المفكر الإنساني ،ايتيان دوليه، حرقا بتهمة الزندقة والإلحاد لأنه كان يدافع عن التسامح الديني. وأما المفكر الإيطالي ،كامبانيلا، فقد اعتقل اكثر من ربع قرن بعد ان سرقت محاكم التفتيش مخطوطاته. و العالم والفيلسوف الشهير ، جيوردانو برينو، قتل قتلة رهيبة ثم ألقي بجسده طعمة للنيران في كهوف الفاتيكان المظلمة عام 1600 بالضبط. وبالتالي فكيف يمكن لديكارت ألا يخاف منهم ومن بطشهم؟! لذلك فإنه نشر كتابه الشهير "مقال في المنهج " عام 1637 بدون توقيع. نقول ذلك على الرغم من انه اتخذ فيه كل الاحتياطات اللازمة وصرح أكثر من مرة بأنه متقيد بمبادئ الدين الذي ولد في أحضانه، بل واهدى كتابه الكبير "التأملات الميتافيزيقية" لفقهاء السوربون الكبار لكي يكسب رضاهم. والسوربون آنذاك لم تكن هي الجامعة التي نعرفها الآن.كانت عبارة عن كلية لاهوت مسيحية وذات سمعة ضخمة داخل فرنسا وخارجها.كانت هي التي تصدر الفتاوى بإدانة الكتب وتحريمها، أو على العكس إجازتها وإعطائها رخصة الانتشار. كما وكانت تصدر الفتاوى اللاهوتية بحق المفكرين فتكفر من تكفر، أو تبرئ من تبرئ على هواها. ولكن كل هذه الاحتياطات والمجاملات لم تنفع ديكارت كثيرا في نهاية المطاف. ففي عام 1649، أي قبل موته بسنة واحدة، أصدر احد اليسوعيين فتوى تدين كتابه " مبادئ الفلسفة " باسم الزندقة. وفي عام 1663 أي بعد موته بثلاث عشرة سنة وضع الفاتيكان كتبه على لائحة الكتب المحرمة. وهي الكتب التي تنصح الكنيسة الكاثوليكية رعاياها بعدم قراءتها بأي شكل لأنها مخالفة لصحيح العقيدة.. وقد عاش ديكارت وهو يتحسر لأن العلم الطبيعي لم يحصل على استقلاليته بالقياس إلى العلم اللاهوتي. وموقفه من هذه الناحية لا يختلف في شيء عن موقف غاليلي وباسكال. كانوا يقولون بما معناه" إذا ما حصل تعارض بين تعاليم الكنيسة وأفكارها وبين إحدى نظريات العلم الحديث من جهة أخرى فإنه ينبغي أن نعيد تأويل تعاليم الكنيسة لكي يتماشى مع العلم والعقل " وسارت حركة التاريخ في الاتجاه الذي رسمه هؤلاء الفلاسفة فيما بعد. صحيح أن عصرهم لم يستمع لهم، لكن العصور اللاحقة اتبعتهم واكتشفت أنهم كانوا على صواب والفاتيكان على خطأ . ونرجو أن لا يرتكب الكثيرون نفس الخطأ مع الاسلام ، فيتوقفون عن محاربته و يستفيدون من علمه و تعاليمه دون التسرع في إصدار الاحكام وترديد أقوال بعض المستشرقين الذين كانت لهم أهداف غير البحث العلمي وتقصي الحقائق .
الجهاد والعنف : نحن نشهد فصولا جديدة من السفسطائية في التعامل مع الاسلام ، ومع ذلك يجب أن نواجهها بما ينيغي ، المقال بالمقال و الكتاب بالكتاب و الراي بالرأي ، ولكن نطلب من مخالفينا سواء من وراء البحار أو الطابور الخامس فوق أرضنا أن يلتزموا بأمرين " حرية التعبير وحق الرد " في نفس الصفحة وعلى نفس المساحة . فإذا قبلوا فأهلا بانتقاداتهم والافذاذ لها ، أما في حالة الرفض فهم محاربون بما تعني الكلمة من معنى . يجب أن نتوقف عن الاحتجاجات السفسطائية على مقولات سفسطائية . يجب أن نرفض عمليات مصادرة الصحف وإن صدمت قناعاتنا وحملت من الاساءة لديننا و نبينا الشئ الكثير ولكن نرد على الاساءة من جنسها ، فليس لدينا ما نخشى منه ، وليس في ديننا ما نخجل منه ، بل به نفتخر ونرفع رؤسنا عاليا ، فهو الحصن الحصين و السلاح الأقوى الذي نمتلكه نبارز به . إن مشكلتنا مع الجهلة تحل بالتبيين لا بالادانات والتمثيل.
وحول الجهاد والعنف نريد أن نؤكد في البداية بأن الكتب المقدسة وغير المقدسة ولا سيما التوراة التي يؤمن بها الفاتيكان والنصارى جميعا على اختلاف طوائفهم الكاثوليكية والبروتستانية والارثذوكسية مليئة بالقصص المرعبة التي تقشعر منها الابدان ولا سيما التوراة وخاصة التلمود . هناك ،نعثر عن قصص الإبادة الجماعية التي ينبغي إقامتها للمخالفين ، إبادة بدون فدية ، وقتل بدون رحمة ، وهتك أعراض بدون تحريم ، واستيلاء على الاراضي بدون شراء ،بل تدمير منازل العدو وحرقها ، وقتل جميع ذكورهم بما في ذلك الأطفال ،وما تفعله العصابات الصهيونية في فلسطين اليوم هو تطبيق لجزء بسيط جدا إلى حد التبسيط لتلك التعاليم . وهناك أيضاالكثير الكثيرعن جهاد داوود عليه السلام و طالوت وغيره من أنبياء بني اسرائيل . ورغم أن النصارى يظهرون الجانب السمح من النصرانية كالقول " من ضربك على خدك الايمن فأدر له خدك الأيسر " إلا إننا نعثر في أناجيلهم المنسوبة للسيد المسيح قول " لم آت لأضع سلاما بل سيفا ".والاسلام شرع الجهاد للدفاع عن النفس ، وتأمين الدعوة الاسلامية الناشئة من خطر الاعداء المتربصين بها ، وكانت غزوة بدر لاستعادة الاموال التي اغتصبها المشركون في مكة ، ولم تكن عملية قطع طريق كما ذهب إلى ذلك الكاتب في لوفيغارو ، وكانت الغزوات في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم ، ردود أفعال على عمليات عدوانية قام بها الأعداء . أما الفتوحات التي تمت في عهد الخلفاء الراشدين فكانت بين الدولة الناشئة و قوات أجنبية كالرومان سواء في الشام أو مصر ، و كان الرومان يسومون أهل البلاد الأصلية أشد العذاب و عندما دخل المسلمون إلى مصر كان زعيم النصارى الديني هاربا في الجبال و لم ينزل و يعود إلى بيته آمنا إلا بعد دخول الاسلام إلى مصر . كما كان الرومان في المغرب العربي اليوم ، وكان يخشى من غدرهم حيث فعلوها في مصر واعادوا احتلال البلاد ، فاراد الفاتحون أن يطهروا افريقيا من الرومان وهو ما تم حيث هزمو القائد الروماني في تونس جرجير . ولم تكن الكاهنة سوى عميل محلي لقوى أجنبية هي الرومان .
ورغم الحجج التي سقناها في الحديث عن الفتوحات إلا أننا نريد التأكيد على أمور مهمة هي :
1 ) أن الاسلام غير مسئول عن السلطات السياسية بعد فترة الخلافة الراشدة
2 ) الاسلام قدم نموذجا للحكم اتسم بالعدل و الحكم الرشيد لم يكن سائدا في القرن السادس و السابع الميلاديين
3 ) الحكم الاموي والعباسي لم يكن مختلفا عن أشكال الحكم السياسية في العالم إبان تلك الحقبة
4 ) لا نستبعد العامل السياسي والاتقصادي وراء الفتوحات التي تمت بعد العهد الراشدي ، وصرف الانظار عن الخلافات الداخلية ، و شرعية بعض الأنظمة الحاكمة آنذاك .
5 ) لا نستبعد وجود رغبة لدى السلطات السياسية في التوسع من أجل التوسع
6 ) لا نعتقد بشكل مطلق بأن نشر الاسلام كان وراء بعض الفتوحات ، وأكبر دليل على ذلك الاندلس ، حيث كان جميع المطرودين والمقتولين في أفران محاكم التفتيش الكنسية إما عربا أو يهودا
7 ) لم يسجل التاريخ أن شخصا ما أجبر على اعتناق الاسلام أثناء الجهاد أو بعد الفتح
8 ) كانت معركة بواتييه في فرنسا أكبر دليل على تغير أهداف العرب من الحرب حيث كانت الغنائم وراء تخاذل الجيش وخوف كل جندي على نفسه من الموت وضياع غنائمه وهو ما أدى للهزيمة التي أوقفت زحف العرب باتجاه أوربا ، وبدء العد التتازلي لوجودهم بالاندلس ، بينما كان المقاتل المسلم في عصر النبوة أو الخلافة يموت من أجل أن يحيا الاسلام .
9 ) كانت الحروب والانتشار للامم القوية أحد أكبر سمات عصر السيف على مدى التاريخ البشري
10 ) بقي القول أن الجزية التي كان يدفعها غير المسلمين ضريبة مدنية تدفع لخزينة الدولة وهي تقابل الزكاة التي هي أيضا ضريبة مدنية ولكن ذات ضبغة وابعاد دينية تعبدية ،حيث لا يمكن فرضها على غير المسلمين . والجزية لها مزية تختلف عن الزكاة فهي أيضا بمثابة الضمان الاجتماعي حيث تتكفل الدولة الاسلامية بتوفير المعاش لمن بلغ سن التقاعد بالتعبير المعاصر ، وفي قصة عمر بن الخطاب مع الذمي الذي وجده يستجدي معروفة ، حيث أمره بالجلوس في بيته وصرف معاش له ، إذ أن الدواوين التي تسجل فيها الحالات لم تكن أنشأت بعد .
ومن مفاخر الفتح الاسلامي أن عمر بن العاص أراد شراء قطعة أرض تملكها يهودية لاقامة مسجد ، ولكن المرأة رفضت ، ولم يقم القائد المنتصر باغتصاب أرضها كما فعل النصارى في الاندلس وتحويلهم المساجد إلى كنائس ، أو كما يفعل الصهاينة اليوم في فلسطين حيث يغتصبون الارض والمساجد ويحولونها إلى مقاهي وغير ذلك أو كما فعل الشيوعيون في الاتحاد السوفياتي سابقا وأوربا الشرقية . أو تفعل أميركا في العراق و أفغانستان اليوم .ولا ننسى فرنسا ( العلمانية ) وفرنسا ( الانوار ) وفرنسا الاستدمار،التي كانت تحول مساجد الجزائر إلى كنائس ومنها مساجد العاصمة و تشجع التنصير . كيف رضي الفاتيكان بذلك ،و كيف قبل القساوسة أن يكونوا وعاظا في كنائس كانت مساجد .وهذا يذكرنا بعمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما دخل كنيسة القيامة في فلسطين بعد فتح القدس فلم يصل فيها خشية أن يأتي المسلمون من بعده و يصادرونها بحجة أن عمر رضي الله عنه صلى فيها .
أي الحضارتين أعظم ،وأي عنف أشد من هذا العنف ، و أين يقف العقل مع ديننا أم دينهم ؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.