ووري جثمان رئيس تركمانستان صابر مراد نيازوف الثرى الاحد بمشاركة عشرات الالاف من مواطنيه الذين طبعهم بطابع شخصيته والقلقين في ظل عدم معرفة من سيخلفه. ووقف التركمانيون بالصف مرتدين الاسود وحاملين الزهور تحت سماء غائمة لالقاء النظرة الاخيرة على جثمان رئيسهم الراحل المسجى في احد قصوره. وانطلق موكب عسكري مؤلف من عربات عسكرية مصفحة بعد ظهر الاحد لنقل جثمان الرئيس الراحل الى مسقط راسه في كيبتشاك حيث ووري الثرى في ضريح العائلة الذي يرقد فيه والده المتوفي في الحرب سنة 1943 وشقيقاه ووالدته المتوفين جراء زلزال في العام 1948. ووضع نعش الرئيس الذي توفي الخميس عن 66 عاما محاطا بالزهور ومغطى بعلم تركمانستان على عربة جرتها الية عسكرية مصفحة. ويقع الضريح ذات القبة الذهبية والجدران الرخامية على بعد امتار من المسجد الكبير المجاور الذي نقشت على جدرانه اقوال للرئيس الراحل وبجانبها ايات قرانية وقد استعان الرئيس نيازوف في بناء هذا الجامع بالمجموعة الفرنسية "بويغ". واصطف على جانبي الطريق المؤدية الى الضريح مئات المواطنين الذين حملوا الازهار وصور نيازوف التي لفت بشريط اسود وبالاعلام التركمانية. ويقول بياشيم وهو طالب في العشرين من عمره بعدما انحنى احتراما للنعش الذي مر من امامه "ارى النساء والشيوخ يبكون وحتى انا اجد صعوبة في منع نفسي من البكاء لم اختبر في حياتي ابدا شعورا مماثلا". اما اتاموريت نيبيسوف وهو موظف عمره 44 عاما فقال "لقد فرغ راسي من الافكار لم يعد لدي الا التعاسة في روحي". وعلق مذيع في التلفزيون الرسمي الذي نقل وقائع الجنازة "جمع لا ينتهي من الناس جاؤوا لوداع القائد الكلي القدرة (...) كل البلد غارق في الحزن". ووصل المدعوون بسيارات ليموزين سوداء اللون لالقاء تحية الوداع على من اطلق على نفسه لقب "تركمان باشي" (ومعناها "اب كل التركمان") والذي ارسى خلال سنوات حكمه الاحدى والعشرين دعائم احد اشد الانظمة تشددا وانغلاقا في العالم. وللوصول الى القصر كان على الجماهير المرور امام "قوس الحياد" وهو نصب يعلوه تمثال لنيازوف يدور حول نفسه لكي يظل دوما مواجها للشمس. وداخل القاعة الكبرى للقصر سجي جثمان نيازوف محاطا باربعة جنود في نعش مكشوف وبقربه جلست زوجته وولده وابنته الذين يعيشون منذ سنوات في المهجر وكان اتصالهم بالراحل نادرا. ووضع رئيس الوزراء الروسي ميخائيل فرادكوف باقة من الزهر اسفل النعش وبعده بقليل اجتمع حول النعش نظيره التركي رجب طيب اردوغان والرئيس الافغاني حميد كرزاي. وعلى الرغم من سياسة عبادة شخصيته التي مارسها والقمع العنيف لكل اشكال المعارضة الا ان تركمان باشي لم يعين خلفا له مما اثار الصدمة والقلق وكثيرا من التساؤلات في هذه الجمهورية السوفياتية السابقة في آسيا الوسطى والغنية بالمحروقات. وفي انتظار اجراء انتخابات رئاسية خلال الشهرين المقبلين عين نائب رئيس الوزراء قربان قولي بردي محمدوف رئيسا بالوكالة. واملت الولاياتالمتحدة اليوم الاحد في انتقال "سلمي ومستقر" للسلطة في تركمانستان الجمهورية السوفياتية السابقة في اسيا الوسطى والغنية بالغاز مؤكدة انها ترى "فرصا" بعد وفاة رئيسها مدى الحياة صابر مراد نيازوف. وقال مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون وسط اسيا وجنوبها ريتشارد باوتشر الذي شارك في مأتم نيازوف للصحافيين "ثمة فرص كثيرة في المنطقة (...) ونأمل ان تنتهز الحكومة الجديدة هذه الفرص لمصلحة شعب تركمانستان" (...) ونأمل طبعا في انتقال سلمي ومستقر" للسلطة. واثارت سياسة نيازوف الذي حكم البلاد منذ 1985 حين كانت لا تزال احدى جمهوريات الاتحاد السوفياتي موجة عارمة من الانتقادات والاتهامات اثر وفاة الصحافية التركمانية في اذاعة "راديو ليبرتي" اوغولسبار مورادوفا في ايلول/سبتمبر الماضي في السجن في ظروف غامضة.