تزامنت الزيارتان اللتان قام بهما مؤخراً وزير الطاقة الجزائري، شكيب خليل، ونائب رئيس مجموعة «إيني» النفطية الإيطالية، أنطونيو غالا، إلى تونس بهدف إعطاء دفعة لمشروع مدّ أنبوب ثان لنقل الغاز الجزائري إلى إيطاليا، عبر الأراضي التونسية. ويقضي اتفاقان، توصلت إليهما الحكومة التونسية مع الحكومة الجزائرية في السنة الماضية، بزيادة كميات الغاز الجزائري التي تعبر من تونس قدرها 3.2 بليون متر مكعب سنوياً، اعتباراً من نيسان (أبريل) عام 2008 على ان تتبعها زيادة ثانية قدرها 3.3 بليون متر مكعب سنوياً، اعتباراً من تشرين الأول (أكتوبر) من السنة نفسها. وكان التونسيون وقّعوا في نيسان (أبريل) الماضي اتفاقين مشابهين مع مجموعتين إيطاليتين ستتوليان زيادة حجم الغاز الجزائري المُصدّر إلى إيطاليا عبر الأراضي التونسية. وتتقاضى تونس رسوم عبور حُدّدت ب5 في المئة من كميات الغاز المنقولة عبر أراضيها، ما أتاح لها توسعة شبكة الغاز الطبيعي في البلاد وتكثيف الاعتماد على هذه المادة، بديلاً من النفط الذي تراجع إنتاجه المحلي خلال السنوات الأخيرة. ووقّع خليل مع وزير الصناعة والطاقة التونسي، عفيف شلبي، لرفع طاقة أنبوب الغاز الرابط بين الجزائر وإيطاليا عبر تونس ب7 بلايين متر مكعب إضافية، بكلفة قُدرت ب3 بلايين يورو (3.9 بليون دولار). واتفقا على تطوير نشاط شركة «نوميد» المشتركة كي تقوم بأعمال التنقيب عن المحروقات في بلدان ثالثة. وتأسست «نوميد» في السنة 2003 في تعاون بين مجموعة «سوناتراك» الجزائرية و «المؤسسة التونسية للاستثمار النفطي»، في إطار الجهود المشتركة لتطوير استكشاف المحروقات واستثمارها تجارياً. وفي سياق متّصل، وقع خليل وشلبي اتفاقاً لتزويد المناطق الحدودية التونسية بالغاز الطبيعي الجزائري وتشغيل خط كهربائي هو الخامس من نوعه بين البلدين، بطاقة إضافية تغطي حاجات مزيد من القرى الحدودية للكهرباء. وأتت الاتفاقات التي وقع عليها خليل وشلبي، في إطار اجتماع لجنة الطاقة، تمهيداً لاجتماع اللجنة العليا المشتركة في وقت لاحق من آذار (مارس) الجاري. وأفيد بأن نائب رئيس مجموعة «إيني»، غالا، بحث مع شلبي تطور أعمال التنقيب والتوسع التي تقوم بها المجموعة في حقلي «معمورة» و»بركة»، الواقعين في خليج حمامات جنوب العاصمة تونس، اللذين تعهدت المجموعة الإيطالية أن تستثمر فيهما 220 مليون دولار في الفترة الممتدة من عام 2006 إلى 2010. وتعتبر «إيني» أقدم مجموعة استثمرت في قطاع النفط والغاز التونسي، إذ دخلت البلد في عام 1960. وكان شلبي وقع أواخر العام الماضي مع مدير عام مجموعة «وورلد إينرجي» ورئيس مجموعة «ايديسون سبا» الإيطاليتين، كلاوديو جانوتي وماركو دولسيون، اتفاقين بشأن مرور الغاز الطبيعي الجزائري عبر الأراضي التونسية، نحو إيطاليا. وإضافة الى الإيطاليين تستثمر مجموعة «بريتش غاز» أكبر حقل للغاز في عرض سواحل صفاقس (جنوب البلاد) منذ عشر سنوات، وهو حقل «ميسكار» الذي يؤمن 50 في المئة من حاجات البلاد إلى الغاز الطبيعي. وتُعتبر مجموعة في تونس، إذ رفعت استثماراتها إلى بليون دولار. وكان رئيس المجموعة روبرت ويلسون أعلن خلال زيارة سابقة لتونس أن مجموعته تعتزم توسيع استثماراتها «لمساعدة تونس على زيادة الاعتماد على الغاز الطبيعي والتقليل من استيراد النفط». ويركز التونسيون على الغاز الطبيعي بصفته مصدراً بديلاً للطاقة، وطوروا مشاريع عدة في هذا المجال. وطبقاً ل «الخطة الوطنية لتطوير مصادر الطاقة» التي يستمر تنفيذها حتى عام 2030، تسعى تونس الى رفع حصة الغاز الطبيعي إلى 50 في المئة من الطلب الداخلي على الطاقة، خلال السنوات الأربع المقبلة. ووضعت «الشركة الوطنية للكهرباء والغاز» (قطاع عام) خطة لتوسيع شبكة الغاز الطبيعي في المدن، ترمي إلى ربط 14 منطقة جديدة و290 ألف مشترك بالشبكة قبل نهاية عام 2009، بالإضافة إلى إيصال الغاز الطبيعي إلى عدد كبير من المراكز الصناعية والمناطق السياحية. الغاز الليبي ومع ارتفاع كلفة استيراد النفط ومشتقاته التي أثقلت على الموازنة التونسية وحملت السلطات على زيادة سعر المحروقات ثلاث مرات في السنة الماضية، اتجه التونسيون للاعتماد على جيرانهم بهدف التخفيف من كلفة إنتاج الطاقة الكهربائية. وفي هذا السياق، بدأ العمل في مدّ أنبوب بطول 265 كيلومتراً، لنقل مليوني متر مكعب من الغاز بين مدينتي مليتة الليبية وبوشمة التونسية وهذه الكمية تعادل نصف استهلاك تونس الحالي. وكان مسؤولون في شركة الكهرباء والغاز التونسية الحكومية وقعوا العام الماضي اتفاقاً مع «المؤسسة الوطنية للنفط» الليبية، رمى إلى استيراد بليون متر مكعب من الغاز الطبيعي على مدى عشرين سنة، مع إمكان زيادة الكميات إلى بليوني متر مكعب عند الحاجة. وقال مصدر في الشركة التونسية ل «الحياة» أن الغاز سيوزع من الأنبوب على المدن التي يمر في جوارها، خصوصاً مدينتي قابس ومارث إضافة إلى جزيرة جربة وميناء جرجيس. ويرجح أن يتسلم التونسيون الشحنة الأولى من الغاز الليبي أواخر السنة الجارية أو بداية السنة المقبلة. وتعهد «الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي» تمويل قسم من المشروع، الذي قدّرت كلفته الإجمالية ب200 مليون دولار، ويتوقع أن يساهم أيضاً في التمويل كل من «البنك الإسلامي للتنمية» و «البنك الأفريقي للتنمية». يذكر أن تونس مرتبطة باتفاق مماثل مع الجزائر منذ عام 1983 للحصول على الغاز الطبيعي، لقاء السماح بعبور الغاز الجزائري إلى إيطاليا. وتحصل تونس بموجب الاتفاق على 5 في المئة من كميات الغاز التي تعبر أراضيها في اتجاه إيطاليا.