سيطر الملف الفلسطيني واللبناني على المباحثات التي أجراها الرئيس المصري مع الرئيس الفرنسي، خلال الزيارة التي يقوم بها الرئيس مبارك إلى فرنسا، ولم يغب عن المباحثات ملفات أخرى إقليمية مثل الأزمة في دارفور، والملف النووي الإيراني، وسبل التهدئة في العراق، وأيضا الملف الأثير إلى الرئيس ساركوزي المتمثل في مشروعه الأورو- متوسطي. وكان الرئيس ساركوزي قد قابل أربعة رؤساء عرب منذ وصوله إلى قصر الأليزيه، تطل بلدانهم على البحر الأبيض المتوسط، هم الرئيس الجزائر عبد العزيز بوتفليقة، والرئيس التونسي زين العابدين بن علي، والرئيس الليبي معمر القذافي، بالإضافة إلى عدد من الساسة اللبنانيين، وأخيراً الرئيس المصري حسني مبارك، الذي بدأ زيارة رسمية على فرنسا يوم أمس الأربعاء، وهذا يدل على رغبة الرئيس الفرنسي بدفع مشروعه بقوة مستغلا الظروف الدولية المواتية. شريك لا يمكن تجاوزه وعلى عكس اللقاء الأخير الذي جمع ساركوزي بالقذافي، والذي تميز بالضغوط والمساومات، وانتهى بتوقيع اتفاقات مهمة، منها تزويد ليبيا بمفاعل نووي لتحلية مياه البحر، وعقد تسليح تبلغ قيمته حوالي 100 مليون دولار، فإن لقاء ساركوزي بالرئيس مبارك تميز بالحفاوة، حيث وصف الرئيس ساركوزي ضيفه المصري بأنه "شريك لا يمكن تجاوزه". وفي لقاء مع صحيفة الأهرام المصرية، وصف الرئيس الفرنسي المواقف الفرنسية المصرية بأنها "متطابقة"، وأن الطرفين يسعيان "للعمل معا". في الملف الفلسطيني عرض الرئيس ساركوزي استضافة بلاده للمباحثات بين إسرائيل والفلسطينيين حول الوضع النهائي، مؤكدا أن فرنسا تريد "أن تلعب دور الوسيط عن طريق طرح مقترحات للوصول إلى حل سريع" للنزاع في الشرق الأوسط. مبارك يبارك الاتحاد المتوسطي وقال الرئيس مبارك أنه لا توجد أي عقبات في مجال التعاون المصري الفرنسي، وأوضح أن مباحثاته مع الرئيس الفرنسي تناولت المشاكل الإقليمية وخاصة في فلسطين ولبنان، وأيد الرئيس مبارك فكرة إنشاء اتحاد لدول حوض البحر المتوسط، مستدركا أن ذلك يجب أن لا يكون بديلا عن الأطر الحالية، مبديا رغبته في التعرف أكثر على أفكار الرئيس ساركوزي لبلورة هذا المشروع. ثالث شريك أوروبي لمصر على صعيد التعاون الاقتصادي بين مصر وفرنسا، الذي تحتل فيه فرنسا الترتيب الثالث أوروبيا بعد بريطانيا وهولندا، من حيث حجم الاستثمار في مصر، قال السفير المصري في فرنسا ناصر كامل أن الصادرات المصرية إلى فرنسا حققت "طفرة غير مسبوقة"، حيث ارتفعت من 450 مليون يورو عام 2005 إلى 960 مليون يورو عام 2006، وتوقع السفير المصري بأن الصادرات المصرية إلى فرنسا ستتجاوز المليار يورو هذا العام. من جهة أخرى انخفضت الصادرات الفرنسية إلى مصر من1.4 مليار عام 2005 إلى 1.3 عام 2006. يذكر أن وفدا كبيرا يرافق الرئيس مبارك في هذه الزيارة، يضم وزراء الخارجية والتجارة والصناعة والإعلام، بالإضافة إلى رئيس ديوان رئيس الجمهورية. ترشيح مقابل ترشيح وفي هذه الزيارة أيدت مصر ترشيح فرنسا لوزير اقتصادها السابق لمنصب رئيس صندوق النقد الدولي، ولم تذكر المصادر إذا ما ستؤيد فرنسا محاولة مصر ترشيح وزير الثقافة فاروق حسني لمنصب مدير اليونسكو في الأممالمتحدة. من جهته أعلن المتحدث باسم الرئاسة المصرية سليمان عواد، أن هناك تعاونا كبيرا بين البلدين في المجال السياحي، حيث تحتل فرنسا الترتيب الثالث أيضا في حجم السياحة الوافدة إلى مصر بعد المانيا، وايطاليا. كما يشمل التعاون بين البلدين المجالات العلمية، حيث تقوم فرنسا بإنشاء جامعة فرنسية في مصر. المأدبة الوزارية وحديث التفاصيل من المتوقع أن يلتقي الرئيس المصري اليوم، وقبل ختام زيارته على فرنسا برئيس الوزراء فرانسوا فيون، لبحث التفاصيل الخاصة بالتعاون الفرنسي المصري، في حضور الوزراء المتخصصين، وستمتد المباحثات على مائدة الغذاء التي يقيمها رئيس الوزراء الفرنسي تكريما للرئيس المصري والوفد المرافق له. ومن المتوقع أن تناقش في هذه المأدبة الوزارية تفاصيل المشاريع التي تداول الرئيسان خطوطها العريضة.