المهدية.. إنتشال 9 جثث لفظها البحر    وزير خارجية نيوزيلندا.. لا سلام في فلسطين دون إنهاء الاحتلال    مبابي يصمد أمام "ابتزاز" ومضايقات إدارة باريس    القصرين.. رعاة وفنانو ومبدعو سمامة يكرمون الكاتبة الفلسطينية عدنية شبلي    أخبار المال والأعمال    الاحتفاظ بالمهاجرة غير النظامية كلارا فووي    صفاقس الإحتفاظ بالكاميرونية "كلارا فووي" واحالتها للتحقيق    أخبار باختصار    تونس تشارك في الدورة الأولى من الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي حول التعاون الشامل والنمو والطاقة بالرياض    عاجل/ جيش الاحتلال يعلن مقتل ضابطين وإصابة آخرين في قطاع غزة    عاجل/ سعيّد: الدولة لن تبقى مكتوفة الأيدي أمام من يحاول المساس بأمنها    وزارة التجارة تنفي توريد البطاطا    مجلس الوزراء يوافق على جملة من مشاريع القوانين والقرارات    دامت 7 ساعات: تفاصيل عملية إخلاء عمارة تأوي قرابة 500 مهاجر غير نظامي    صفقة الهدنة مع «حماس» زلزال في حكومة نتنياهو    النادي الافريقي: 25 ألف مشجّع في الكلاسيكو ضد النادي الصفاقسي    خالد بن ساسي مدربا جديدا للنجم الساحلي؟    درة زروق تهيمن بأناقتها على فندق ''ديزني لاند باريس''    المجمع الكيميائي التونسي: توقيع مذكرة تفاهم لتصدير 150 ألف طن من الأسمدة إلى السوق البنغالية    نائبة بالبرلمان: ''تمّ تحرير العمارة...شكرا للأمن''    الطلبة التونسيون يتحركون نصرة لفلسطين    تعرّض سائق تاكسي إلى الاعتداء: معطيات جديدة تفنّد روايته    بن عروس : تفكيك وفاق إجرامي مختص في سرقة المواشي    نادي تشلسي الإنجليزي يعلن عن خبر غير سار لمحبيه    الجامعة التونسية المشتركة للسياحة : ضرورة الإهتمام بالسياحة البديلة    الرابطة الأولى: تفاصيل بيع تذاكر مواجهة النادي الإفريقي والنادي الصفاقسي    المجر ترفع في المنح الدراسية لطلبة تونس إلى 250 منحة    السنغال تعتمد العربية لغة رسمية بدل الفرنسية    عاجل : وزير الخارجية المجري يطلب من الاتحاد الأوروبي عدم التدخل في السياسة الداخلية لتونس    إنهيار سد يتسبب في موت 42 شخصا    "بير عوين".. رواية في أدب الصحراء    سليانة: 4 إصابات في اصطدام بين سيارتين    كأس الكونفدرالية الافريقية : نهضة بركان المغربي يستمر في استفزازاته واتحاد الجزائر ينسحب    نقطة ساخنة لاستقبال المهاجرين في تونس ؟ : إيطاليا توضح    مدنين : مواطن يحاول الإستيلاء على مبلغ مالي و السبب ؟    قيس الشيخ نجيب ينعي والدته بكلمات مؤثرة    تصل إلى 2000 ملّيم: زيادة في أسعار هذه الادوية    ما حقيقة انتشار "الاسهال" في تونس..؟    تونس : ديون الصيدلية المركزية تبلغ 700 مليار    جائزة مهرجان ''مالمو'' للسينما العربية للفيلم المغربي كذب أبيض    بعد مظلمة فرنكفورت العنصرية: سمّامة يحتفي بالروائية الفسطينية عدنية شبلي    الرابطة الأولى: برنامج مباريات الجولة السادسة لمرحلة التتويج    هام/ بشرى سارة للراغبين في السفر..    زلزال بقوة 4.6 درجات يضرب هذه المنطقة..    يوميا : التونسيون يهدرون 100 مليار سنويا    دكتور مختصّ: ربع التونسيين يُعانون من ''السمنة''    ثمن نهائي بطولة مدريد : أنس جابر تلعب اليوم ...مع من و متى ؟    معز السوسي: "تونس ضمن القائمة السوداء لصندوق النقد الدولي.."    خط جديد يربط تونس البحرية بمطار تونس قرطاج    طقس الاثنين: تقلبات جوية خلال الساعات القادمة    عملية تجميل تنتهي بكارثة.. وتتسبب بإصابة 3 سيدات بالإيدز    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعقيبا على مرسل الكسيبي : القضية هي تربوية وأخلاقية قبل أن تكون مذهبية أو سياسية

نشرت صحيفة الوسط التونسية،وموقع ليبيا المستقبل على شبكة الانترنيت مقالا للصحفي مرسل الكسيبي بعنوان:حول حجم العلاقات التونسية الإيرانية.
http://www.libya-almostakbal.net/MinbarAlkottab/Jully2007/morsel_alkosaibi090707.html
يحمل بين ثناياه تشكيكات وتحذيرات لا مبرر لها من نوايا الجمهورية الإسلامية في منطقة المغرب العربي عموما وتونس خصوصا، مما حدا بي إلى الرد عليه في عدد من النقاط التي تناولها:
يقول مرسل الكسيبي:
مواقف أبديت فيها قلقا عميقا من مآرب سياسية ومذهبية ضيقة لم تعلنها الجمهورية الإسلامية الإيرانية الشقيقة حين قامت بتطبيع علاقاتها مع أنظمة المغرب العربي منذ مقدم الرئيس محمد خاتمي إلى سدة الحكم.
وأقول: لماذا هذا القلق العميق أيها الرجل؟وأنت تعلم والعالم كله يعلم أن لا مآرب مذهبية ولا سياسية ضيقة لإيران الإسلام،من المفروض أن يصدر منك قلق من العلاقات التي تمتنت مع أعداء المنطقة من يهود وأمريكان،وذوي الأطماع والمصالح التي لا تراعي حقوق الشعوب المستضعفة،كفرنسا ومن شاكلها.
المفروض أيضا أن تقلق وبعمق،من ما هو أسوأ،وهي منظومة المغرب العربي الكبير التي لا نزال نعيش فيها الحلم الذي لم يتحقق إلى الآن، ومنذ أن تأسست ونحن نراوح في أماكننا تقريبا.
وفي اعتقادي أنه ليس هناك دولة في العالم،تطرح تعاملها مع الأشقاء والأصدقاء بوضوح،مثل ما تنتهجه الجمهورية الاسلامية في إيران من سياسة في منتهى الشفافية والوضوح.
فلماذا تحترز من نوايا دولة تتخذ من الإسلام الأصيل برنامجا ومدونة عمل،لا يداخلها شيء آخر من دهاء وعبث الذين أداروا ظهورهم للأحكام الإلهية؟ ومن المفروض هنا أن ينقلب القلق إلى صف إيران،فنقلق عليها وبعمق أكبر من تعاملها مع الدول التي ركبت موجة العلمانية لمحاربة الإسلام في ديارها،فنخاف والحال هذه أن تكون ضحية اختلاف موازين التعامل،لأنه شتان ما بين الذي يستمد دستوره من أحكام الله تعالى،وما يستلزمه من تقوى وخشية للخالق،وما بين الذين لا يرون غضاضة في الاستخفاف بأحكام الله وتعطيلها،وما يستتبعه من استهانة بأبسط الحقوق الإنسانية،فيكون المتسلط فيها أقرب للذئاب منه إلى بني الإنسان.
لأجل ذلك أقول لك إن قلقك يا أخ مرسل لو كان على إيران وما يحاك ضدها لكان أولى، وأقرب إلى الواقع.
يقول مرسل الكسيبي:
ليس من الخافي على أحد من المتابعين للشأن السياسي التونسي عن كثب, بأنني عبرت في نصي السابقين سواء من خلال ما أشرت إليه من مسؤولية أمنية وسياسية رسمية تونسية تجاه محاولات توظيف التشيع كظاهرة مذهبية وافدة من أجل تصفية خصومة سياسية مع حركة النهضة التونسية,
أما خوفك من توظيف التشيع كظاهرة وافدة من اجل تصفية خصومة سياسية مع حركة النهضة التونسية، فانه خوف لم يتأسس على دليل حتى نكون معك في مقاسمة الهم والخوف.
ففي ما تعلق بوصفك للتشيع بأنه ظاهرة مذهبية وافدة،أستغرب صدوره منك،ولسان قلمك يحكي عنك معرفة ودراية،فان قلت إن الإسلام كله ظاهرة وافدة،أو أن المذهب المالكي ظاهرة وافدة على المنطقة،لم نلمك على ذلك،أما أن تخص التشيع وحده بكونه ظاهرة وافدة،فألومك على إفراده وحده، والحال أن للتشيع جذور قديمة أقدم من المذهب المالكي نفسه،وهي للمطلع على نشأة الفرق والمذاهب،أول فرقة ظهرت في الإسلام ظهورا واضحا،وتحديدا في حرب صفين حيث كان هناك فريقان يتنازعان ويقتتلان:علي عليه السلام وشيعته، ومعاوية وشيعته، إلا أن شيعة معاوية سرعان ما ذهبوا بذهاب صاحبهم،وبقي شيعة علي عليه السلام،لأن نهجهم وتصورهم مؤسس على نصوص لا تقبل الشك ولا تزول إلا بزوال أصحابها ومعتنقيها وهيهات..هيهات.
فلو كنت يا أخ مرسل في ذلك العصر فأين ستكون؟ أنا أجزم بأنك لن تقصد غير معسكر علي عليه السلام،ولن تيمم وجهك غير راية هداه،وإلا فإنني أراك من الضالين والعياذ بالله.
لذلك فانه من الخطأ أن تصف التشيع بأنه ظاهرة وافدة(من أين؟)
أما الادعاء بتوظيف التشيع لتصفية حسابات سياسية مع حركة النهضة،فانك قد قذفت أناسا بتهمة التواطئ مع السلطة لضرب حركة النهضة،وهذا ما لم ولن يقع أبدا،وتحتاج فيه إلى أن تقيم الدنيا ولا تقعدها من أجل تقديم دليل على صحة افتراضك وخوفك وتوجسك،ولن تستطيع له طلبا، فلماذا هذا القذف بالباطل، وأنت لا تملك دليلا.
ولتعلم أن التشيع نشأ متزامنا مع نشأة حركة النهضة،لكنه لم ينطلق انطلاقة صحيحة إلا في مطلع الثمانينات،بإمكانات واجتهادات شخصية لا دخل للجمهورية الإسلامية فيها،أما توظيف السلطة له من أجل ضرب جماعة النهضة،فان التشيع هو المذهب الوحيد من بين المذاهب الإسلامية التي تحرم التعامل مع السلطان، بينما البقية لا يرون في ذلك بأسا.
يقول مرسل الكسيبي:
ليس من الخافي على المتابع الحصيف بأنني ميزت بين الاعتناق المذهبي التلقائي الذي يحترم عقائد الجمهور الواسع والعريض من أهل السنة في بلاد المغرب العربي وبين المزج بين الانتماء المذهبي والولاء السياسي الذي ينتقل إلى طور التوظيف الأمني من أجل خدمة مصالح إقليمية وتوسعية لدولة تجمع بين الطموح القومي والتطلعات الانتشارية الهادفة إلى تغيير الخارطة المذهبية لمنطقة عرفت بانسجامها الديني والاجتماعي المعتدل.
بودي لو يطلعنا الأخ مرسل عن كيفية التمييز بين الاعتناق المذهبي التلقائي،الذي يحترم عقائد الجمهور الواسع والعريض من أهل السنة في بلاد المغرب العربي،وبين الانتماء المذهبي والولاء السياسي،فانا كشيعي مثلا لم يتسنى لي الوصول إلى التمييز الذي وصل إليه الأخ مرسل،اللهم إلا إذا كان الأخ عنده علم الباطن، أو له القدرة الخارقة على قراءة ما في عقول الناس هذا من ناحية.
أما إذا كان الاهتمام بالشأن الإسلامي- والجمهورية الإسلامية طرف مهم فيه- وتبني مشروعه الإصلاحي في المجتمع والأمة يعتبر ولاء سياسيا،فانا لا أشاطره الرأي،لما نحن ملزمون به كمسلمين من أخوة تستدعي الاهتمام والمساعدة والنصرة، والنصوص التي بين أيدينا،ولدى كل الفرق الإسلامية تكفينا مئونة الاستدلال، من ناحية أخرى.
أما تعبيرك بأن إيران دولة تجمع بين الطموح القومي،والتطلعات الانتشارية الهادفة إلى تغيير الخارطة المذهبية عرفت بانسجامها الديني والاجتماعي المعتدل.
فلا أرى له منطقا ولا حجة،بسبب أن كلامك غير مبني على دليل،وأنت هنا وهناك تقذف بيوت المسلمين الحقيقيين والصادقين بالحجارة وبيتك من زجاج.
ففي إيران مثلا لا توجد حزب لها ميول قومية فارسية، مثلما هي موجودة عندنا،وقد حوربت تلك الظاهرة مباشرة بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران،عملا بقاعدة لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى،وكان الإمام الخميني أول دعاة التخلص من النعرة العرقية البغيضة والبعيدة عن الإسلام،لكن ذلك لا يعني أن يتخلى الإيرانيون عن تاريخهم وتراثهم ولغتهم،والفرق بين المطلبين واضح.
ولعلمك فان المنطقة لم تعرف استقرارا ورفاهية وأمنا،مثلما عرفته في الفترة الفاطمية الأولى قبل أن تمتد أيدي الفتنة،فتشعل نارها بين العامة الذين يأتمرون بأمر السلطان الذين حرضهم على الشيعة، ناهيك أن الشيعة أنفسهم كانوا ضحية مؤامرة خسيسة حيكت ضدهم، وأظهرتهم في مقام بعيد عن الإسلام، فأبيدوا جميعا وبفتاوى قديمة لا تزال تتجدد من طرف أعداء التشيع والشيعة.
أما أسباب استحلال دماء الشيعة التي استدل بها خصومهم،فهي وان صحت فغير كافية لإعمال القتل فيهم.
أما الانسجام الديني الذي تحدثت عنه فلا نراه يتحقق إلا بتعدد القراءات،وتواجد الفرق والمدارس والفقهاء،الذين يعملون بقاعدة:إذا صح الحديث عند غيري فهو مذهبي.
يقول مرسل الكسيبي:
وبخصوص حجم الانتشار الإيراني في تونس,فإنني لست جهة مختصة يمكن أن تقدم أرقاما وإحصائيات دقيقة جدا حول الموضوع,غير أنه من المؤكد لدي بأن إيران قد استطاعت تحقيق اختراق في منطقة المغرب العربي وفي كثير من البلاد العربية مثل مصر والسودان واليمن والبحرين والكويت والإمارات والعراق ولبنان والأراضي المحتلة... وفي تونس تحديدا فان المملكة العربية السعودية حملت رسالة رسمية عبر الأمير صقر تسلمتها السلطات التونسية قبل أشهر ومفادها أن خلايا تونسية تشتغل لفائدة أجندة خارجية قد باتت تنشط بكثافة من خلال تواجدها في حوزات علمية إيرانية على أراضي الخليج العربي, وهو ما عنى تحذيرا أو تنبيها من توظيف ظاهرة التشيع السياسي أو العقدي لفائدة أجندة تطرح كثيرا من نقاط الاستفهام.
أما حديثك عن الاختراق الإيراني للمنطقة فهو كلام لا يعبر عن حسن نية منك،ولولا أن الإسلام هو دين الدولة الرسمي في إيران،لكانت أبعد الدول عن العرب،لأنهم (ونحن منهم والاعتراف بالحق فضيلة)من أصعب الشعوب معاشرة،وأفضهم مكاشرة،وحال إيران في هذا المقام كالذي جاء ليطعم صاحبة لقمة، فأوجأ في عينه عودا.
ومن الحمق الادعاء بأن إيران استطاعت تحقيق اختراق في المنطقة العربية،بل أرى في هذا الادعاء العاري من الصحة تماما،دهاء من صاحبه يحاول فيه نسبة التشيع في تلك البلاد التي عددها إلى إيران، وإيران بريئة منها براءة الذئب من دم يوسف، فلم هذا التحامل على إيران يا أخ مرسل؟
وأنت تعلم أن التشيع عربي النشأة ولم يدخل البلاد الإيرانية إلا في الخمس قرون الأخيرة باستثناء مدينة قم التي كان التشيع فيها قديما.
ثم تعالى وانظر قديما وحديثا إلى أفضال التشيع والشيعة على الأمة الإسلامية،ولو تمعنت لتبينت أن أعظم العلماء وأكبر الشعراء وأبلغ الفصحاء كانوا شيعة.
أما في هذا العصر،فلا أعتقد أنك أعشى لا ترى نور الشمس،وهي تعطي المنظومة الإسلامية ضياء وسحرا،ولولا إيران لاندرست معالم الإسلام المحمدي الأصيل،ولولا إيران لخضع العرب للكيان الغاصب لفلسطين والقدس،ولولا إيران لسقطت آخر قلاع الصمود والتصدي للغطرسة الأمريكية (سوريا ولبنان).
إن الذي جعل الناس يدخلون في التشيع ليس إيران، كما يحاول من يحاول إيهام الناس لصرفهم عن الاطلاع على الحق، بنسبة التشيع إلى الحافز الإيراني،وإنما هم علماء الأمة الأعلام وكتاباتهم التي قبضت على لب الحقيقة، ولم تنصرف إلى التأويل البعيد عن الحقيقة في أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
أما أن نقبل النصح من الأسرة السعودية،فنكون قد عملنا بالمثل حاميها حراميها،ذلك لأن المذهب الوهابي هو الذي جنا على الأمة الإسلامية الكوارث والويلات،لا يزال معششا بين أكناف هؤلاء،فكيف نقبل تحذيرا من سلطة ثبت تورطها في أغلب مآسي الأمة،ولا تزال تظهر علينا منها بين الفينة والأخرى أشياء مريبة، تزيد الحالة الإسلامية سوء وتعقيدا.
فلماذا تتهم إيران أي أخ مرسل،وليس لديك دليل واحد غير الخوف والقلق الذين لا مبرر لهما،ولا تتهم السعودية بنشر بذور التطرف والإرهاب الوهابي وهو مذهب الدولة الرسمي.
وأنت نقلت خبر التحذير السعودي دون أن تعلق عليه بشيء، كأنما أنت مقتنع بالأداء الذي ويقوم به عملاء الاستكبار والصهيونية في المنطقة العربية.
والنتيجة التي يجب عليك قراءتها حصيلة ما جرى ويجري في باكستان وأفغانستان والعراق الآن، والوهابيون غارقون في تلك الأوحال، متورطون في تلك الجرائم التي يندى لها جبين البشرية .
يقول مرسل الكسيبي:
أما بخصوص ما سرده الأستاذ عبدو مبارك في مناقشته لمجموعة من أفكاري المنشورة حول الموضوع, وتحديدا حول طريقة معاملة السلطات التونسية للعناصر الشيعية من خلال استدعائها لمقرات وزارة الداخلية فان ذلك مما يستحق التمحيص والتحقيق, حيث لم يتسنى لي كإعلامي التأكد إلى حد هذه الساعة من هذه المعطيات.
وبالنسبة لموضوع حجز الكتب الإسلامية بما في ذلك الشيعية منها من معرض الكتاب بتونس فإننا نحتاج إلى تأكيد هذا المعطى في جزئه الثاني من خلال مصادر إعلامية وحقوقية مستقلة, ليتسنى لي بعدها حسن التقييم والتعليق.
أما تملصك الذكي من الاعتراف بان السلطات التونسية قد قامت في آخر السنة الفارطة،وبداية هذه السنة باستدعاء عدد من العناصر الشيعية من مختلف المناطق،ليس للتحقيق معهم فقط، بل لإرضاء آل سعود،وتكوين ملفات شخصية لكل فرد منهم،فلم تغب الإجراءات الفنية من أخذ صور بنظام التصوير العادي والتصوير numérique ،وأخذ البصمات والقياس لكل واحد منهم، وهذا مما لا يجب أن يخفى على إعلامي مثلك يا مرسل، اللهم إلا أن تكون خارج البلاد ومنقطعا عنها فلا تصلك أخبارها، وفي هذه الحال فاللوم عليك اكبر، باعتبارك ناقلا غير مطلع على ما يجري داخل البلاد.
أما مسالة حجز الكتب الإسلامية،وخصوصا الشيعية منها فان المرتاد لمعرض تونس للكتاب،تتناهى إلى أسماعه في كل دورة تلك العادة التي دأبت عليها السلطة،من وضع اليد على كتب من مجرد عناوينها،وهو إجراء لا يتسم بالتحضر ولا علاقة له بالعلم والثقافة، ومن شأنه أن يعطي عن السلطة صورة سيئة جدا، وهي التي تنادي بالثقافة.
أما متى ستتحقق من ذلك فإنني سأمهلك إلى الدورة القادمة،حتى تقول كلمة الحق،وقد لا تقولها،لأنني أراك غير محايد ولا نزيه.
يقول مرسل الكسيبي:
بأنني كمسلم سني أحترم معتنقي المذهب الشيعي ما لم يسبوا صحابيا أو يفسقوا عائشة أم المؤمنين رضي الله عنهم جميعا وما لم يدعوا بوجود مصحف آخر يدعى مصحف فاطمة وهو غير المصحف الذي تواتر على معرفته جمهور وعلماء المسلمين منذ أن نزل الوحي على محمد عليه أزكى الصلاة والتسليم ومنذ أن وقع تدوين القران الكريم.
واني لا أراك مميزا شيئا،عندما تحاول توظيف الشعارات والنعرات المريضة،التي يقذف بها عادة شيعة علي عليه السلام،كأني بك مصطفا في خندق هؤلاء الذين دسوا في دسمنا السم الزعاف،بادعاءاتهم الباطلة وإيحاءاتهم السخيفة،فلماذا تتصرف هكذا ولمصلحة من ترفع قميص عثمان مطالبا بدمه وعثمان قد مات؟
لذلك أقول مختصرا حتى لا يأخذني القلم بعيدا،والمسالة لا تحتاج إلى ذلك:
لماذا تحاول إلصاق تهمة سب الصحابة بالشيعة،مع أن الذي سب حقيقة هم الصحابة أنفسهم،فقد تبرأ النبي صلى الله عليه وآله من خالد بن الوليد بعد إسلامه عندما بلغه نبأ قتله لعدد من قبيلة بني جذيمة، ثارا لعمه الفاكه بن المغيرة وقد كان قتله هؤلاء في الجاهلية،وقد سب الصحابي عمر بن الخطاب الصحابي سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة وقال:اقتلوا سعدا قتله الله.وعير الصحابي عثمان بن عفان الصحابي عمار بن ياسر قائلا له:يابن السوداء.يعني بذلك أمه سمية شهيدة الإسلام الأولى،وتبادل السب الصحابي أبو موسى الأشعري الصحابي عمرو بن العاص بعد مهزلة التحكيم، وسب الصحابي معاوية بن أبي سفيان عليا عليه السلام،وجعل سبه وسب أهل البيت عليهم السلام سنة درج عليها الحكم الأموي طيلة ثلاثة أجيال بحالها،فتربى على ذلك السب ملايين المسلمين يتقربون به إلى الله، مع أن السابّ لعلي هو سابّ للنبي صلى الله عليه وآله بلا فصل، لقوله صلى الله عليه وآله : من سب عليا فقد سبني.(وهذه النصوص كلها من أمهات كتب أهل السنة)
ولم يقف الأمر عند هذا الحد،فقد تجاوزه إلى طلب الرضا من المولى لهؤلاء السبابين، فهل هذه تصرفات عقلاء، ومن هو صاحب الجرم الحقيقي للسب؟
أما تفسيق عائشة فذلك ما لم يقل به عقلاء الشيعة،ومنتهى القول في شأنها،أنها خرجت من بيتها وقد أمرت بأن تقر فيه،وتسببت في إثارة فتنة أهلكت أكثر من 13000 مسلم،وعمقت هوة الفرقة بين المتقاتلين،وخرجت على إمام زمانها والحاكم الشرعي للمسلمين،والذي إليه ترجع الأمور للفصل، وهي التي كانت قبل مقتل عثمان من المحرضين عليه لقتله،وقد سجل المؤرخون مقالتها الشهيرة:أقتلوا نعثلا فقد كفر.ولو لم تخرج لمحاربة علي عليه السلام لأمكن للإمام أن يوظف الطاقات المهدورة في تلك الحرب لإخضاع معاوية،وإخماد الفتنة بسرعة.
وكما لا يغيب الملح عن طعام،لم تغب تهمة القرآن الخاص بالشيعة،والذي حلا للبعض تسميته بمصحف فاطمة،ولعلمك يا أخ مرسل فان دعوى ترك النبي صلى الله عليه وآله كتابه المقدس ومصحفه المرتل غير مجموع،وقد استدرك جمعه الخليفة الأول أبا بكر،هي عارية من الصحة،لأنه وبكل بساطة كان القرآن مجموعا على عهد النبي صلى الله عليه وآله،فلم يغادر الدنيا إلا وكتابه بين أيدي الناس يتداولونه ويقرؤونه،فهذا مصحف علي عليه السلام،وذاك مصحف ابن عباس،والآخر مصحف ابن مسعود،والرابع مصحف أبي بن كعب،إلى أخر سلسلة الكتّاب والمدوّنين للمصحف الشريف،والادعاء بأن أبا بكر هو الذي جمع القرآن،هو محاولة لإلصاق فضيلة بالرجل، في مقابل نسبة التقصير للنبي صلى الله عليه وآله، بترك قرآنه مبثوثا وغير مجموع.
ونحن لا نرى النبي مقصرا في شيئ يخص دينه الخاتم، بل لعل أخطر شيئ يتهدد الدين الإسلامي ويضربه في الصميم،عندما تستولي على المسلم فرضية ترك النبي صلى الله عليه وآله لكتابه غير مجموع.
وفي تلك الحال،يكون الخليفة الأول قد شارك المولى في حفظ كتابه، مستدركا بذلك تقصير النبي صلى الله عليه وآله، نعوذ بالله تعالى من هذه السقطات.
أما ما اصطلح عليه بمصحف فاطمة عليها السلام،فهو لا يتعدى كونه كتاب جمع فيه الإمام علي عليه السلام أحاديث النبي صلى الله عليه وآله من حلال وحرام ونحوهما،والمصحف بحسب العارفين باللغة العربية،هو ما حوا بين دفتيه صحفا.
وتهمة تحريف القرآن الملقاة على الشيعة هي باطلة لا أساس لها،ولو نظرنا إلى تعهد الشيعة للقرآن لوجدناهم أكثر الفرق الإسلامية اهتماما به،تفسيرا وطبعا وترويجا وتعهدا،إلى درجة انتشار المسابقات فيه بين كافة الأوساط في إيران، حتى إن القوات المسلحة الإيرانية تقيم كل سنة مسابقات في حفظ القرآن الكريم بين أفرادها،وعلى الصعيد العالمي.
وزاد الله سبحانه وتعالى الشيعة بركة وتأييدا،هؤلاء الصبية الصغار وهم على نعومة أظافرهم، يحفظون القرآن بشكل عجيب وغريب،لم يكن مألوفا من قبل،كأنما تحولت عقول هؤلاء الصبية إلى حواسيب،تعطيهم رقم الآية فيقرؤونها عليك سريعا،وتطلب منهم أن يقرؤوا من مفتتح الصفحة الفلانية، أو في آخرها فلا يترددون لتحقيق ذلك بسرعة.(هذا مع اتهامكم لهم بتحريف القرآن أو إن عندهم قرآن آخر غير الذي عند أهل السنة) فانظر إلى عدل الله تعالى عندما تظهر كراماته للشيعة،كيف يبرئ ساحتهم،وبهذا الأسلوب الرائع البديع.
يقول مرسل الكسيبي:
فان الاختلافات المذهبية الطبيعية بين المسلمين لا تحتاج الى مشروع لائكي معتدل أو متطرف من أجل ادارتها سياسيا, بقدر ماأنها تحتاج الى روح تسامحية وتحقيقية تنقي الاسلام من الشحن التاريخي والطائفي المأزوم بصراع سياسي عفى عليه الزمن
ونحن نشاطرك الرأي يا أخ مرسل،لكن يا حبذا لو تراجع نفسك في ما كنا أشرنا إليه،لأننا نمر بفترات حساسة وعصيبة،تحتاج فيها الأمة الإسلامية إلى مزيد من التيقظ والحذر،من مؤامرات أعدائها،أما الشأن الداخلي فالشيعة على مر التاريخ متسامحون،لم يعتدوا على أحد بينما كانوا دائما عرضة للدعاية المغرضة،التي تسبق عادة عمليات التصفية والإبادة.
لذلك أقول نحن المسلمون اليوم بحاجة إلى الأقلام الواعية التي تكتب بمصداقية ومن أجل مصلحة الإسلام والمسلمين، بقطع النظر عن الانتماء العقائدي والمذهبي،وليس عيبا أن تسبقنا الجمهورية الإسلامية في إيران لبناء منظومة إسلامية عتيدة،وعلى أرضية صلبة،يعم منها الخير على بقية المسلمين، لكن العيب أن ننخرط في طابور المشككين في حسن نوايا إيران الإسلام،والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول:احمل أخاك على سبعين محملا.
فهل حملت إيران يا أخ مرسل على محمل واحد؟
إننا ندرك جيدا حجم وضخامة العبء الذي نحمله كطليعة واعية لهذه الأمة،بقطع النظر عن كوني شيعيا،مناط بها دور التوعية والتحسيس من خطورة التشكيك،وإشارات التخويف التي كانت مرضا ظاهرا على جسد المجتمع الإسلامي الفتي على عهد النبي صلى الله عليه وآله، تلقب أصحابه بالذين في قلوبهم مرض،نحتاج اليوم إلى التخلص منه للزيادة في مستوى الثقة،وتقوية أواصر الأخوة بدل الطعن فيها أو الابتعاد عنها بشتى الذرائع، كأنها لا تعني الجميع.
أخيرا أسال الله تعالى أن يحفظ مكتسبات الأمة ويلم شعثها،ويوحد كلمتها،ويهدي المرتابين والمشككين سواء السبيل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.