إيداع الرضع والأطفال لدى عائلات أخرى ولكن ماذا عن ظروف الإحاطة والمخاطر؟ تونس الصباح مع نهاية السنة الدراسية وإقفال المدارس أبوابها في عطلتها الصيفية، يتراجع نشاط رياض الأطفال والمحاضن، ويعمد الكثير من أصحابها الى غلقها تحت عنوان العطلة السنوية، وكأن هذه المؤسسات تابعة لوزارة التربية والتكوين وتتعطل بتعطل الدروس. وهذا المفهوم بات سائدا لدى أصحاب الرياض والمحاضن الخاصة، فباتوا يتصرفون على قاعدته وكأنه قانون عام يتولون تطبيقه. ومقابل هذا تظهر معاناة في الاوساط الاجتماعية، وعلى وجه الخصوص بالنسبة للعائلة التي يكون طرفاها موظفين فتنتابهم الحيرة المتصلة بإيواء أطفالهم، وينطلقون في رحلة البحث عن روضة أو محضنة تواصل نشاطها صيفا، وذلك بقطع النظر عن أسعارها أو المسافة التي تفصلها عليهم. هذا الواقع يظهر كل صيف، ورغم ما فيه من تجاوزات وصعوبات للعائلات، فلا وزارة المرأة والأسرة والطفل والمسنين تحركت لحل المسألة ولا النقابة التي نراها دوما تدافع على القطاع، سعت الى تنظيم نشاط الرياض والمحاضن صيفا وأنصفت العائلات في هذا المجال. فهل من حلول لتجاوز هذه الوضعية الصعبة التي باتت تشتكي منها عديد العائلات؟ ولماذا لا يصدر قرار عن الوزارة باعتبارها المسؤولة الأولى عن الرياض العمومية والخاصة لتنظيم هذا النشاط صيفا؟ عطل الرياض والمحاضن الطويلة لا مبرر لها تشير التقديرات بأن نسبة عالية من الرياض والمحاضن الخاصة تخضع للراحة بداية من منتصف شهر جوان، ويتواصل غلقها الى غاية النصف الأول من سبتمبر، أي أن نشاطها يعود مع العودة المدرسية. وهذا الواقع لا يتصل بالعاصمة فقط، بل يحصل في كل جهات البلاد ومدنها الكبيرة. والظاهرة على ما يبدو تشكل تعطلا لنشاط القطاع بنسبة عالية، وتفسح المجال لمعاناة كبيرة يعيشها على وجه الخصوص الأولياء من صنف الموظفين. فتتملك هؤلاء الحيرة في البحث عن سبيل لإيواء أطفالهم، وذلك على الرغم من أن مدة غيابهم عن البيت تصبح غير طويلة، وتقتصر على بعض ساعات العمل باعتبار دخول الادارة في الحصة الواحدة. ونعتقد أن الإشكال برمته يعود الى سوء تنظيم في القطاع بما يشمله من غالبية مؤسسات الرياض والمحاضن الخاصة، التي تتعطل كما تشاء ، وتربط نشاطها بالمردودية المالية التي تتقلص بغلق المدارس أبوابها، خاصة أن مجمل الرياض باتت تجمع بين نشاطيها كروضة ومحضنة مدرسية. إن الواقع غير هذا، وهذه المؤسسات تمثل قطاعا قائما بذاته، ولا علاقة له بوزارة التربية وعطل مؤسساتها، بل هو قطاع تربوي، لكنه يخضع لوزارة المرأة والأسرة والطفولة والمسنين. كما أن نشاطه لا يتصل بقطاع التعليم وروزنامة عطله. كما أن للقطاع بعد إجتماعي كبير، ونعتقد أن نشاطه يخضع لهذا البعد بالأساس وقبل كل شيء، وأن تعطله صيفا لا بد أن يكون منظما وفي تناسق بين وحداته وتداول بينها، ولا مبرر له بالمرة بأن يتعطل في نسبة مرتفعة جدا منه حتى وإن كان ذلك تحت عنوان العطلة الصيفية باعتبار ما يتركه من فراغ في الوسط الاجتماعي وصعوبات تعيشها آلاف العائلات. معاناة العائلات والمشاكل التي تنجر عنها ما من حي لا يخلو من روضة في كافة المدن التونسية، وما من روضة لا يؤمها الأطفال. فكيف يكون التصرف على امتداد الصيف وهذه الرياض معطلة عن النشاط؟ هذه المعاناة حدثتنا عنها عديد العائلات، حيث ومنذ بداية شهر جوان تراها مستنفرة في البحث عن طريقة لإيواء أطفالها. فالبعض يدخل في رحلة البحث عن روضة تواصل نشاطها صيفا، وذلك بقطع النظر عن المسافة التي تفصلها عن مقر سكناهم، والبعض الآخر يرمي بثقل أطفاله عن العائلة الكبرى والاقرباء والاصدقاء ، وآخرون لا يجدون بدا في انتداب معينة لمراقبة الاطفال في المنزل، والبعض يسلم امر رعاية أطفاله لبعض العائلات والسيدات ضعيفة الدخل لتتولى أمر الاطفال. وهكذا يصبح االبحث عن أي حل لتجاوز هذه الوضعية في ظل غلق الرياض والمحاضن صيفا. ويبدو أن جملة هذه الحلول لا تسلم من بعض المشاكل لأن أية طريقة من هذه الطرق التي أشرنا أليها لا تعوض الروضة والمحضنة، ولا ترتقي خدمتها لمستواها، فيكون الاطفال بذلك عرضة للأمراض، والاهمال والتسيب واللعب في الشارع وحتى التعرض لبعض المخاطر. تنظيم القطاع وعدم ربط نشاطه بالمؤسسات التربوية رغم السعي الهام الذي تم في السنوات الاخيرة لتنظيم القطاع ونشاطه، والارتقاء بآدائه، وتسهيل مهمة الباعثين فيه والمستثمرين، وما تم ضمن ذلك من صدور كراسات شروط في الغرض لأنواع هذه المؤسسات وذلك لمزيد أحكام نشاطها وتطويره، فإن جانب تعطلها صيفا لم يدرس بالمستوى والحجم والقيمة والابعاد الكافية. فصحيح أنه من حق كل روضة أو محضنة أن تتعطل صيفا ليأخذ الناشطون داخلها نصيبا من الراحة، وربما أيضا لاعادة تهيئتها بعد سنة نشاط، لكن هل يعقل أن تتعطل بهذا الشكل وهذه النسبة العالية، وبطرق إعتباطية دون النظر الى أبعاد دورها الاجتماعي والتربوي الذي يمثل البعد الاساسي في بعثها ونشاطها؟ فرغم العلاقات العضوية التي تربط هذا القطاع بالمؤسسات التربوية وتكامل نشاطهما، فإن لكل منهما أسس أخرى يقوم عليها. ويكفي أن نشير الى البعد الاجتماعي في دورهما حتى ندرك الفوارق، وطبيعة الانشطة التي تختلف ولو جزئيا. لقد كان من الأحرى أن يخضع تعطل هذه المؤسسات الى روزنامة تضعها وزارة المرأة بالتعاون مع النقابة، وتكون عطلها منظمة وبالتداول حسب كل جهة. كما أنه لا يفوتنا في هذا الجانب أن نذكر الوزارة وأهل القطاع بأنه لنا تجارب في الغرض، ويكفي أن ننظر لسير نشاط الصيدليات وفتحها وغلقها بالتناوب حتى نقف على سيرها المنظم. فلماذا لا يقع النسج على هذا المنوال، ونتفادى بذلك الصعوبات التي تعيشها بعض العائلات، كما نضمن في نفس الوقت دخلا محترما للرياض التي تتوالى في نشاطها صيفا؟