معظم رياض الأطفال تدخل في عطلة صيفية.. فأين البعد الاجتماعي في وظيفتها الأساسية؟ تونس الصباح: مع بداية كل صيف وانطلاق العطلة السنوية للمؤسسات التربوية، يتعطل نشاط معظم رياض الأطفال، ويدخل عدد هام من الأولياء وخاصة منهم الموظفين في حيرة من أمرهم بخصوص الصعوبات الجمة التي يجدونها في إيواء أطفالهم. هذه الظاهرة بقيت قائمة منذ سنوات، وتتجدد في مثل هذه الفترة من كل سنة، رغم أن نظام عمل رياض الأطفال لا علاقة له بعطلة المؤسسات التربوية، ولا يشملها، بل يتقيد بكراس شروط واضح لو عدنا إلى فصوله للاحظنا البعد الاجتماعي الأساسي القائم عليه، والذي لا يخول لرياض الأطفال النسج على منوال النظام التربوي في مجال العطل، بل أن نشاطه لا بد أن يبقى مسترسلا حتى خلال العطلة الصيفية. "الصباح" تابعت هذه الظاهرة داخل عدد من رياض الأطفال، فسألت المشرفين عليها بخصوص تعطل نشاطهم أثناء الصيف، والأسباب الكامنة وراء ذلك. كما سألت بعض الأولياء عن هذه الظاهرة وما تخلفه من صعوبات بخصوص إيواء أطفالهم. وما ينجر عن ذلك من صعوبات مادية ونفسية، واجتماعية على وجه الخصوص بالنسبة للأطفال. وعن مدى احترام كراس الشروط الخاص بنظام سير رياض الأطفال ومدى الالتزام بتطبيقه في هذا المجال؟ إيجابيات وسلبيات الجمع بين الروضة والمحضنة رغم أن للروضة والمحضنة كراسي شروط مختلفين من حيث النشاط والفضاء والشروط حتى على مستوى الإطار التربوي، فإن سلط الأشراف المسؤولة سمحت لرياض الأطفال في الجمع بين النشاطين، واحتضان التلاميذ الصغار والأطفال دون سن المدرسة، كما سمحت أيضا لرياض الأطفال باحتضان ما يسمى بأقسام التحضيري، شأنهم في ذلك شأن مدارس الأساسي. هذا الجمع والترخيص في احتضان أطفال المدارس والصغار دون سن المدرسة، كأن إيجابيا بالنسبة لكافة الرياض، وساعدهم على استقطاب عدد هام من الأطفال طوال السنة الدراسية، وتحقيق المردودية المالية، وتغطية المصاريف والنفقات التي توظف عليهم، مثل أجور العاملات، والمربيات والضمان الاجتماعي وما إلى ذلك من المصاريف. لكن ما أن تحل العطلة الصيفية، حتى يتعطل توجه أطفال المدارس إلى الرياض، وكذلك تلاميذ التحضيري، ولا يبقى من المترددين على الرياض سوى القليل من الأطفال، الذين لا تغطي دفوعاتهم نفقات أصحاب الرياض والتكاليف اليومية للروضة. هكذا تغيب المعادلة في هذا الجانب، وتعمد عديد الرياض إلى غلق أبوابها صيفا بحجة العجز الذي يحصل داخلها، ولعل هذا التصرف الذي تمارسه نسبة 80 في المائة من رياض الأطفال يبقى اعتباطيا، وغير مسؤول أمام القانون والشروط الواردة في كراسات الشروط الخاصة بها، وخاصة تجاه الأولياء والأطفال، والبعد الاجتماعي الذي من أجله بعثت هذه الرياض. وبناء على تواصل هذه الظاهرة، وخاصة غياب الحزم في مقاومتها باحترام تراتيب عمل رياض الأطفال، تنطلق رحلة معاناة عديد الأولياء في البحث عن سد هذا الفراغ الذي يحصل، والصعوبة التي تنتج عنه. ويتثبث العديد منهم بالحلول التي تتوفر، والتي تكون بالبحث عن روضة أخرى بعيدة تواصل نشاطها صيفا، أو الالتجاء إلى الأهل والأقارب والجيران لاحتضان الأطفال طيلة الصيف، أو إيداع الأطفال لدى بعض العائلات التي تقبل باحتضان الأطفال بمقابل. الأولياء ورحلة البحث عن سبل إيواء الأطفال إيواء الأطفال صيفا خاصة بالنسبة للأولياء العاملين يمثل فعلا كابوسا وحيرة للنسبة الهامة منهم. وتنطلق رحلة البحث لتأمين احتضان الأطفال من الآن، خاصة أن هذا الجانب يتسم بالصعوبة من حيث إيجاد روضة مفتوحة صيفا، أو أقارب أو جيران يقبلون بإيواء الأطفال، أو عائلة تتوفر لديها إمكانيات القيام بهذه الخدمة. هذا البعد الذي يشغلهم الآن كان محل حديث مع البعض منهم. فأمام روضة " النجاح" إلتقينا بالسيدة إيناس م، فقالت في هذا الموضوع أن حيرتها كبيرة بخصوص تأمين احتضان طفليها الصغيرين خلال فترة الصيف، وأفادت أنها ستكون مجبرة على قطع الكيلومترات يوميا لأيداعهما لدى أم زوجها، وذلك قبل الإلتحاق بالعمل، واعتبرت ذلك معاناة بالنسبة للعائلة، وعدم استقرار للأطفال. أما السيد محمد بن عمارة (ولي فتاتين صغيرتين) فقد قال: هذا الموضوع يدخل علينا ارتباكا، رغم أن فترة احتضان الأطفال صيفا لا تدوم الا سويعات بحكم الحصة الإدارية الواحدة. إني أتهيأ لهذه الحالة منذ شهر جوان، وأحاول في كل سنة البحث عمن يقوم لي بهذه الخدمة، وكثيرا ما التجئ إلى عائلتي الكبرى التي أشعر بأنها تقبل باحتضان الأطفال عن مضض. لكن ما حيلتي في حل هذا الاشكال. وقالت السيدة منى الجويني (أم لطفل) أنها تجبر أمام غلق الروضة على الحرمان من ابنها، على أساس أنها تجد نفسها مجبرة على نقله للعيش مع أمها، ولا تتصل به إلا نهاية الأسبوع. في روضة "المعرفة" كان حديث الأولياء مخالفا، حيث عبروا عن امتنانهم لما تتسم به هذه الروضة من انتظام وتواصل في نشاطها، حتى أثناء العطل المدرسية، وعطلة الصيف. فقد أكدت لنا السيدة سامية بالحاج أنها مطمئنة البال، على اعتبار تواصل نشاط هذه الروضة خلال الصيف. وأكدت أن العديد من زميلاتها وزملائها في العمل يجدون صعوبات في ايواء أطفالهم صيفا مما يجبر البعض منهم على المبادرة بأخذ عطلتهم السنوية منذ أن تغلق المحاضن أبوابها، وكذلك السعي للحصول على رخصة مرض من أجل البقاء مع الأطفال. مديرو الرياض.. الأولياء وأسباب غلق الرياض صيفا البحث في أسباب غلق الرياض خلال فصل الصيف، وما ينجر عنه من صعوبات في صفوف العديد من الأولياء كان محور زيارتنا لروضة "المعرفة" وحضانتها الخاصة، وكذلك إلى روضتي "النجاح" و"أطفالنا". هناك إلتقينا بالمشرفات على هذه الرياض، وسألناهم عن أسباب غلق رياضهم صيفا، ومدى انعكاس ذلك على الأطفال والأولياء وسير المحاضن. الآنسة عائشة عثمان (مديرة محضنة): إن نشاط المحضنة يبقى مرتبطا على الدوام بالمؤسسة التربوية. فنحن لا نقبل سوى تلاميذ التحضيري أو المستويات الاساسية من التلاميذ. ومن الطبيعي أن هؤلاء يدخلون في عطلة كامل الصيف. ولهذا فنحن مجبرون على غلق المحضنة رغم تواصل مصاريف الكراء. السيد فاطمة الشوباني (مديرة روضة): أنا ألتزم بكراس الشروط المنظم لنشاط رياض الأطفال، ولا أغلق الروضة صيفا، بل تبقى مفتوحة للأولياء والأطفال، رغم تقلص عددهم، وتواصل جملة المصاريف. هذا الجانب أعتبره التزاما أخلاقيا وقانونيا من طرفي، ولا أرضى بأن أترك حرفائي من الأولياء في حيرة بخصوص إيواء أبنائهم الصغار. السيدة وهيبة الطبيب (مديرة روضة): الحقيقة ان عملنا يكون ممتازا طوال أشهر السنة الدراسية، لكن مع حلول فصل الصيف والعطلة، يتراجع عدد الأطفال داخل الرياض إلى حد لا يسمح لنا بمواصلة العمل، على اعتبار محدودية المداخيل وتواصل التكاليف المتصلة بالكراء، ومعاليم أجور العاملات والإطار التربوي. كل هذا يمثل ثقلا كبيرا بالنسبة لنا، لذلك ندخل في عطلة صيفية تتواصل على إمتداد شهرين، ثم نعود للعمل مع بداية شهر سبتمبر، وقد تحولت هذه الطريقة في عملنا إلى عادة، ,أسلوب عادي يعرفه الأولياء والسلط المشرفة، ولم يقع إشعارنا بأن ذلك مخالف للقانون.