تونس الصباح: تزايد إقبال العائلات التونسية خلال السنوات الأخيرة على اقتناء الحواسيب والهواتف الجوالة وغيرها من المعدات الالكترونية.. كما تضاعف الوقت الذي يخصصه الأطفال والمراهقون للعب أمام شاشات الحواسيب أو أجهزة التلفزيون وذلك على حساب الأوقات التي يجب أن يخصصوها للدراسة والتحصيل والمطالعة وغيرها من الأنشطة الضرورية.. وقد باتت هذه المسألة تؤرق الأولياء والمربين على حد سواء خاصة وقد تبين لهم أن الطفل أو المراهق أصبح شديد الانجذاب إلى اللعب بتلك المعدات حتى أنه أضحى يفضل العزلة داخل غرفته لعدة ساعات على الخروج من المنزل لممارسة الرياضة أو للعب مع أترابه أو لزيارة مكتبة عمومية أو دار ثقافة.. ولتبين مدى تأثير ألعاب الفيديو على صحة الأطفال والمراهقين وعلى نموهم الذهني والجسدي استفسرنا الدكتور عماد الرقيق الأستاذ المساعد بكلية الطب بتونس سابقا والأخصائي في الأمراض النفسية والعصبية والمهتم بمشاغل الأطفال والمراهقين.. وفي هذا الصدد يرى محدثنا أن الطفل بطبعه ميال للعب واللهو والترفيه على نفسه ويعد ذلك أمرا ضروريا لتنشئته ونموه الذهني والجسدي والعاطفي ولكن إذا بالغ في اللعب وخصص له من الوقت ما يزيد عن الحاجة فإن ذلك ستكون له تأثيرات سلبية عليه. وعن ألعاب الفيديو أو اللعب التي توفرها الحواسيب وأجهزة الهاتف النقال قال إنها في حد ذاتها لا تشكل خطرا عليهم ولكن في صورة إذا ما كان استغلالها على نحو سيء فإنها تصبح ضارة.. وفسر الأخصائي في الأمراض النفسية والعصبية أن قضاء الطفل أو المراهق وقتا طويلا أمام تلك الأجهزة وخاصة إذا كان في عزلة عن المجموعة وفي مكان تنقص فيه الإضاءة الطبيعية فإن تلك الألعاب تتسبب له في الإصابة بنقص في التركيز وبنقص في النظر وشرود الذهن وأوجاع في الرأس وارتعاش في العضلات وتشتيت للذاكرة لأن هذه الألعاب تستنزف الذاكرة وإذا ما أدمن الفرد عليها فإنه سيصبح كثير النسيان قليل الكلام محبا للعزلة.. دور الأولياء لاحظ الدكتور عماد الرقيق أن الكثير من الأولياء ورغبة منهم في قضاء بعض الشؤون المنزلية أو المحافظة على الهدوء داخل البيت أو على ترتيبه يحبذون انشغال ابنهم في غرفته باللعب أمام شاشة الحاسوب.. بل يعتبرون ذلك أفضل له بكثير من اللعب خارج البيت أو من زيارة قاعات الألعاب وغيرها من الفضاءات الترفيهية البعيدة عن أنظارهم وعن منازلهم.. وذكر محدثنا أن هذا الاعتقاد خاطئ وأن الأولياء مدعوون إلى مراقبة أبنائهم خاصة إذا كانوا في سن الطفولة أو المراهقة.. كما أنهم مطالبون بتوجيه النصح لهم وتأطيرهم ومساعدتهم على اختيار نوعية الألعاب المفيدة لهم والمنمية للذاكرة والذكاء والقدرات الذهنية. والملاحظ أن الطفل أو المراهق يميل في عديد الأحيان إلى الألعاب العنيفة.. ونجده خلال العطل يقضي بين خمس وست ساعات يوميا بعيدا عن الأنظار وهو يتصارع افتراضيا مع عملاق مفتول العضلات لا يوجد له مثيل في الواقع.. رغبة في الانتصار عليه وإشباعا للفضول.. ويرى الدكتور الرقيق أن الأولياء مسؤولون بدرجة أولى عن كيفية استعمال أبنائهم لتلك التجهيزات الالكترونية وأنه لا يعقل أن يغضوا الطرف عنهم أو أن يستسلموا لإلحاح صغارهم وينسون أن كل شيء تجاوز الحد ينقلب إلى الضد. كما يتعين عليهم تعويد أبنائهم منذ البداية على حسن اختيار الألعاب الالكترونية وتفضيل الألعاب التي لها فوائد تربوية وتثقيفية على غيرها من الألعاب وخاصة على تلك التي تحرض على العنف الجسدي.. وبين الدكتور أن اللعب أمام الحاسوب والتلفزيون يشجع الطفل والمراهق على الخمول والكسل ويصرفه عن المطالعة وهو ما يتسبب في ضعف مستواه الدراسي.. وحث محدثنا الأولياء على استغلال العطل المدرسية للترفيه على أبنائهم ولتعويدهم على ارتياد الفضاءات المفيدة لهم ولصحتهم وعلى ممارسة الرياضة لأنها مفيدة للأجسام والعقول على حد سواء. سعيدة بوهلال