تونس الصباح:الوضع لا يختلف كثيرا بين جميع أسواق بيع الملابس المستعملة في العاصمة.. إذ أن مشاهد الاختناق والفوضى تعتبر القاسم المشترك بينها.. فرغم كثرة الاقبال عليها والمداخيل التي تدرها تجارة الملابس المستعملة على أصحابها فقد بقيت دار لقمان على حالها.. بل أن أغلب التجار أصبحوا يتسببون في اختناق حركة المرور في أهم الشوارع كثافة لانهم اكتسحوا جل الارصفة.. وباستثناء بعض الاسواق المخصصة فعلا لبيع الملابس المستعملة أي في الاسواق المجهزة بمحلات للانتصاب المنظم على غرار سوق الحفصية بالمدينة العتيقة بالعاصمة فإن بقية الاسواق نشأت بطريقة فوضوية وهي لا تراعي أبسط شروط النظافة أو جمالية المدينة.. فالمتجول في بعض أحياء العاصمة يلحظ عن كثب ظواهر مزرية.. إذ هناك من الباعة من يضعون كميات كبيرة من الملابس المستعملة على قارعة الطريق لبيعها ويحرمون المارة من السير على الرصيف ويجبرونهم على المشي على المعبد وبالتالي تعريضهم إلى مخاطر حوادث المرور كما يتسببون في عرقلة حركة سير السيارات وينغصون على المتساكنين عيشهم بسبب كثرة الضجيج الذي يحدثونه عند التغني بجودة بضائعهم وانخفاض أسعارها وبصراخهم الذي لا ينتهي إلا مع غروب الشمس.. ومن بين الاسواق الفوضوية لبيع الملابس المستعملة والتي أضحت تتمتع بشعبية كبيرة نجد سوق القلالين وسوق سيدي البحري وسوق باب الفلة وسوق الحلفاوين وغيرها كثير.. ونظرا لصغر المساحة التي تمتد عليها هذه الاسواق فقد أضحت على حالة كبيرة من التدهور.. وللحد من زحف تلك الاسواق على المعبدات.. وللتقليص من ظاهرة الانتصاب الفوضوي تعمل بلدية تونس بين الحين والاخر على تنظيم حملات لحجز سلع الباعة.. وهي حملات لم تؤت أكلها رغم أن الشرطة البلدية بالمرصاد لهؤلاء الباعة.. وعوضا عن تكثيف مثل هذه الحملات وحرمانهم من مورد الرزق الوحيد يرى باعة الملابس المستعملة وجلهم من ذوي الدخل المحدود إن لم نقل من الفئة المدقعة.. أن البلديات مدعوة إلى توفير فضاءات منظمة ونظيفة للاتجار بالملابس المستعملة وهي مدعوة إلى تخصيص مساحات أكبر لهذه الاسواق وذلك للحد من مظاهر الازدحام والفوضى والنشل.. ويقولون إن حوادث النشل أصبحت تتكرر باستمرار هناك إذ يستغل بعض اللصوص ازدحام السوق وانهماك الحرفاء في فرز بعض الملابس ويتحينون الفرص للسطو على المال والامتعة تاركين في قلوب أصحابها حسرة كبيرة. ويخشى الباعة من تراجع إقبال الحرفاء نتيجة الحملات التي تشنها البلدية يوميا عليهم لمنعهم من الانتصاب ويطالبون بإيجاد حل جذري لتلك المعضلة لانهم يعملون بين الكر والفر ولا يوجد مورد رزق بديل. ولا يختلف معهم العديد من الحرفاء في الرأي فهم يطالبون بدورهم بتخصيص أسواق يومية للملابس المستعملة تكون على مقربة من أسواق بيع الخضر والغلال.. تنوع الحرفاء في جولة أجريناها في عدد من أسواق العاصمة على غرار سوق الحفصية وسوق القلالين وسوق الحلفاوين وسوق خزندار وسوق سيدي البحري وسوق باب الفلة لاحظنا أن تجارة الملابس المستعملة "الفريب" تشهد إقبالا كبيرا من الحرفاء وهم من جميع الفئات الاجتماعية.. بل أضحت الكثير من المحلات خاصة تلك التي تروج الملابس الفاخرة وذات الجودة العالية والمواكبة للموضة وجهة مفضلة للموظفين وخاصة للشباب من التلاميذ والطلبة..ومنذ أن تطأ الاقدام أحد هذه الاسواق يجد الحريف في انتظاره أجواء صاخبة حيث تتعالى أصوات الباعة متغنية بجودة بضائعهم ورخص أسعارها.. كما يعثر فيها على عدد كبير من الباعة بعضهم مختص في بيع الاحذية والبعض الاخر في بيع ملابس الجينس أو ملابس الاطفال أو الملابس الداخلية أو الملابس الصوفية وغيرها وآخرون مختصون في بيع الحقائب الجلدية أو الاحزمة أو المفارش أو لعب الاطفال وهناك من يبيع سلعا رخيصة الثمن ومتدنية الجودة وآخرون يروجون سلعا بأسعار معتدلة وذات جودة مقبولة وهناك صنف ثالث مختص في ترويج البضائع الممتازة التي تبدو كأنها من آخر صيحات الموضة وعادة ما تكون غالية الثمن.. ويقول أحد باعة "الفريب" إن أغلب حرفائه يبحثون عن الملابس ذات النوعية الجيدة.. وإن هناك إقبالا كبيرا على محلات بيع الفريب من طرف النساء والفتيات وخاصة الطالبات والعاملات فهن يبحثن عن ملابس متناسقة وحتى عن الماركات العالمية المشهورة.. أما الرّجال فهم لا يترددون كثيرا على باعة الملابس المستعملة وعادة ما يكتفي بعضهم بتقليب البضاعة والانصراف أو باقتناء قطعة أو قطعتين لذلك يفضل البائع ترويج الملابس النسوية وملابس الاطفال والمفارش.. وتشهد أسواق الملابس المستعملة إقبالا كبيرا في عطلة نهاية الاسبوع أو مع مطلع كل شهر أي بعد صرف الاجور وعند تغير الفصول ففي هذه الفترة من السنة يكثر الاقبال على اقتناء الملابس الصوفية والاحذية الجلدية الشتوية والمعاطف.ونظرا لان أسواق الملابس المستعملة تستقطب الكثير من التونسيين فقد دعا بعض التجار إلى تحسين مظهر محلات بيع الفريب والارتقاء بآداء الباعة.. ولا شك أنه مطلب مشروع خاصة مع ما شهده هذا القطاع من دخلاء أضروا به كثيرا.. سعيدة بوهلال