أغصان «الكلتوس» و»الريحان» و»الذرو» و»الخلنج» وغيرها من النباتات العطرية والطبية الأخرى مساحات هائلة من الأشجار ثروات غابية طبيعية تقدر بحوالي مليون و32 ألف هكتار بتونس يتم استغلالها في العديد من الاستعمالات وخاصة تقطير الزيوت والعطور التي تحتل مكانة مميزة في الأسواق العالمية ويقبل عليها المستهلك نظرا لقيمتها الصحية والجمالية. مساحة مخصصة للنباتات العطرية تطورت من 1031 إلى 1172 هكتار بين سنتي 2002 و2003 محققة نسبة نمو تقدر 14 بالمائة وهو ما يفسر اهتمام الفلاحين بهذا المنتوج . أكثر من 350 نبتة صالحة للمداواة، يمكن تسويقها، لاستعمالها في صناعة مواد التجميل والصناعات الطبية طن واحد من أغصان «الكلتوس» يفرز قرابة الخمسة لترات من الزيوت النباتية يباع اللتر الواحد منه بحساب 40 دينارا ويوفر قرابة 1000 قارورة عطر، أي بحساب مللتر واحد لكل 99مللترا وفي المقابل تعرف نباتات «الذرو» بمردودها الضعيف، فالطن من أغصانها لا يوفر سوى لتر واحد من الزيوت، وهو ما يبرر ارتفاع سعرها بالمقارنة مع بقية النباتات،الأخرى إذ يباع اللتر الواحد بحوالي 1000دينار أما الطن من أغصان الريحان، فلا يوفر سوى لتر ونصف فحسب من الزيوت الروحية وهي تسوق ب250 دينارا للتر الواحد . بالإضافة إلى ماء الزهر وزيت الزهر المستخرج من «الأرنج» والذي يعد من خصائص الوطن القبلي ويبلغ إنتاجه سنويا 171 ألف طن وقد حضيت زراعته في السياسة الفلاحية الجديدة بالبلاد التي تهدف إلى تنويع الإنتاج ببرنامج خاص انطلق في سنة 2002 لتوسيع غراسة الارنج بمنطقة "غرداية" معتمدية بن خيار وتمكين الفلاحين من مشاتل ارنج مجانا عن طريق المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بنابل وامضاء اتفاقية بين تعاضدية نابل وبني خيار ودار شعبان الفهري مع المجمع المشترك للغلال لتوفير اكثر من 30 الف شتلة بسعر مدروس. 28 وحدة لتحويل الزيوت الروحية المتأتية خاصة من الإكليل والريحان وتساهم تونس في إنتاج أجود العطور العالمية المشهورة حيث تضيف بعض وحدات الإنتاج إلى ماء الزهر غاز مستورد بحساب 200 لتر لكل 1000 لتر من ماء الزهر يقع خلطها لتمتص قوته ويتم الحصول على روح ماء الزهر الذي يستخدم لإنتاج وتوفير اشهر العطور في أوروبا وخاصة منها فرنساوألمانيا التي تستورد المواد الأساسية التي تعتمدها لصناعة العطور من تونس . ومن أشهر النباتات التونسية والتي منحت بعض المنتجين جواز المرور إلى العالمية والشهرة، زهرة الأرنج والعطرشية والبسباس والورد العربي والحبق والنعناع والطرنجية، وكذلك نباتات الفل والياسمين الذي تميز السوق التونسية وهي من أهم النباتات التي تعتمد عليها الزراعات الطبية . شهد قطاع الزهر في القرن الماضي نقلة نوعية تمثلت في تركيز أول وحدة صناعية بالطريقة العصرية بمدينة نابل سنة 1903 مما شجع الفلاحين على الإقبال على غراسة هذه الأشجار وأصبحت بذلك ولاية نابل من أهم المناطق المنتجة لزيت" النيرولي " الذي تصدر منه بين 500 و700 كغ ويعتمد في إنتاج أشهر العطور العالمية وتمتد أشجار الأرنج بولاية نابل على مساحة جملية تتجاوز 350 هكتار بحساب 100 ألف شجرة من بينها 70 ألف منتجة دون حساب الكميات التي تنتجها بعض العائلات التونسية والتي تفوق 400 طن يتم تسويقها محليا لاعتمادها في الاستعمالات الخاصة باعتبار تقطير الزهر تقليدا سنويا وموسما ينطلق في شهر مارس ويتواصل إلى شهر افريل من كل سنة، ويوفر كل طن من الزهور قرابة 1 غرام من الزيت وحوالي 600 لتر من ماء الزهر. وتدريجيا تم تركيز وحدات تحويل أخرى لمختلف النباتات العطرية والتي بلغت إلى اليوم28 وحدة لتحويل الزيوت الروحية المتأتية خاصة من الإكليل والريحان، تتركز اغلبها بولايتي صفاقسونابل تنتج سنويا مايفوق 660 طن من ماء النسرين وزيت الريحان بقيمة 4.8 طن و78 طن من زيت الإكليل الذي تختص في إنتاجه 10 وحدات تقطير منفردة. وتوجه أغلب النباتات التونسية نحو التصدير الذي تطورت نسبته من 3 مليون دينار سنة 1994 إلى 8 مليون دينار سنة 2005، بحساب 2650 طن في السنة من النباتات في أشكالها المختلفة 40 بالمائة منها استعمالات طبية يتم تسويقها خاصة إلى بلدان الاتحاد الأوروبي الذي يعتبر أهم سوق للزهور المجففة وبالأساس فرنسا بلجيكيا ألمانيااسبانياروسيا بالإضافة إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية وبعض الدول العربية مثل ليبيا ومصر السعودية والإمارات ممن يقبلون على شراء النباتات العطرية بشكلها الطبيعي أو بعد تقطيرها. 262 طنا من الزيوت العطرية تم تصدير 58.5 بالمائة منها ومن أهم الأصناف المزروعة في تونس يمكن أن نذكر «الورود» وأزهار «القرنفل» و«القلايول» و«الستيريليزيا»، والقرنفل الذي يتكاثر عن طريق البذور ويزهر في فصل الربيع كذلك "الورد العربي "الذي يتواجد في جميع أنحاء العالم ما عدا المناطق الحارة ويمتاز بسرعة نمو أغصانه الشوكية ويزرع في عدة مناطق بتونس مثل صفاقسالقيروانأريانةبنزرت أين يتوفر المناخ المعتدل ويسعى عديد من المستثمرين التونسيين إلى تجربة أصناف جديدة من الزهور التي تجد طريقها نحو الأسواق الغربية بالأساس حيث يتم استعمالها كزهور طازجة أو مجففة . وتجدر الإشارة إلى أن فلاحة الزهر والنباتات العطرية تعد قطاعا واعدا يتطلب مزيدا من العناية سيما بالجوانب المتصلة بالبحث العلمي وخاصة نوعية المشاتل والتقنيات الزراعية إضافة إلى العمل على تحسين طرق وأساليب ترويج المنتوج بالأساس في الأسواق الخارجية , ويرجع تاريخ إدخال النباتات العطرية وخاصة شجرة الزهر إلى تونس إلى عصر الفتوحات الإسلامية أين تم جلبها عن طريق العرب الفاتحين من الشرق ومن موطنها الأصلي الصين وتطورت زراعتها خاصة اثر تدفق الأندلسيين في القرن 15 الذي شهدت فيه تونس نهضة فلاحية من بينها صناعة العطور والزيوت الروحية التي وصل حجم إنتاجها سنة 2005 أكثر من 262 طنا تم تصدير 58.5 بالمائة منها.