ما تسجله تونس سنويا من خسائر في الارواح جراء حوادث مرور تصنف ضمن النسب المرتفعة في العالم ففي سنة 2007 على سبيل المثال بلغ المعدل اليومي للحوادث 39.78 حادثا خلّف 4.09 قتيل بمعدل 116.4 قتيل لكل 100 ألف وسيلة نقل و29.18 جريح يوميا حسب ما ورد بدراسة علمية مختصة. وهي أرقام مفزعة تفوق ما تخلفه الآلة الحربية الاسرائيلية من خسائر في الأنفس والممتلكات في الأراضي المحتلة لتصبح بذلك الحوادث المرورية أكثر فتكا من الفسفور الأبيض واليورانيوم المخصب أو الدايم.. ولا تكاد ننسى حادثا مروريا أليما مضى حتى يطل آخر ولعل أخيرها وليس آخرها ما أسفر عنه حادث الحافلة رقم 26 الآتية من مرناق من ضحايا وجرحى. ويثير تعدد حوادث الحافلات عدة تساؤلات من بينها: هل التونسي يشعر فعلا بالطمأنينة عند استعماله لوسائل النقل؟ وأين تكمن مسؤولية سائقي الحافلات؟ «الأسبوعي» نزلت الى محطات الحافلات وسألت فكان الريبورتاج التالي: التهور سبب البلية أجمع كل من طال انتظارهم اطلالة الحافلات رقم 20 -6 - ...4 في محطة الجمهورية أو ما هو دارج بين العامة «الباساج» على أن التهور، السرعة، سهو السائق وعدم انتباهه، شق الطريق دون تأكد من خلوه من العربات هي أهم أسباب وقوع الحوادث التي تكون فيها الحافلة طرفا. مسؤولية السواق يقول فخري وهو تاجر في العقد الثالث من عمره عند حديثه عن تهور بعض السواق:«لا وجود للأمان في وسائل النقل العمومي تحديدا الحافلات الصغرى وهو ما جعلني أودعها منذ أشهر لأصبح من رواد النقل الحضري المريح والأكثر أمانا». وقد روى لنا حادثة وقعت له في الحافلة رقم 20 عندما هشّم أحد المارة الزجاج بالحجارة التي تخطت البلور لتستقر في كتفه وقد كانت هذه الفاجعة كما يحلو له تسميتها سبب هروبه لحافلات TCV ويضيف واصفا حافلات النقل العمومي: «الاكتظاظ والسرقات بالاضافة الى الحوادث المرورية المروعة هي سمات الحافلة الصفراء.. وبحثا عن الراحة والطمأنينة المفقودة في عربات شركة النقل بتونس كان لابد من اللجوء الى النقل الحضري بغض النظر عن غلاء التذاكر». ولهيثم وهو مهندس رأي آخر حول قادة السفن الصفراء المؤتمنون على سلامة الآلاف يوميا إذ قال: «يغيب التركيز لدى البعض منهم فتكثر الهفوات القاتلة على غرار الحادثة التي حصلت منذ سنتين في محطة برشلونة والتي دهست فيها الحافلة رقم 74 المتجهة نحو المروج 5 رجلا طاعنا في السن فأردته قتيلا.. بعد هذه المدة لم أستطع نسيان الفاجعة». وبدوره يقول سامي وهو ممرض باستعجالي المنجي سليم بالمرسى متحدثا عن سبب وقوع الحوادث: «بعد وصوله متأخرا عن الموعد المحدد له يضطر سائق الحافلة بل ويلتجئ الى السرعة القصوى لتفادي التأخير وهو ما يشعرني بشيء من الخوف في بعض الاحيان خاصة عندما يزداد غضبه بسبب انتقادات الركاب له التي تصل أغلبها الى عراك بالايدي وهو ما سيؤدي في النهاية الى وقوع الحوادث.. وهو أمر يجب تداركه وردع المخالفين». مسؤولية المواطن شق آخر من الذين طرح عليهم الموضوع ألقوا باللائمة على التصرفات الغير مسؤولية لبعض المواطنين وأثرها السلبي على سير الرحلات اليومية للحافلات يقول زياد وهو طالب بمعهد عال بالعاصمة: «لا يمكن الحديث عن الطمأنينة مادام مسلسل البراكاجات لم يعلن عن آخر حلقاته». ويروي حادثة حصلت منذ فترة لاحدى الحافلات فيضيف:«لم تكن الحافلة يومها مليئة بالركاب حين أشهر 3 شبان أسلحة بيضاء فيما هدد رابعهم سائق الحافلة بتشويه وجهه في حالة عصيان أوامره القاضية بتحويل الحافلة عن وجهتها.. روعوا كل الركاب وسلبونا ما نملك ثم لاذوا بالفرار ومن ألطاف الله لم يصب أحد منا بمكروه». من جانبها لم تنأ علياء وهي موظفة بشركة عن هذا الرأي معتبرة بعض خطوط شركة النقل بتونس سوقا موازية للسرقات خاصة والحوادث في ذلك كثيرة إذ تقول:« نادرا ما تكون الحافلات فارغة خاصة في أوقات الذروة والاكتظاظ يجعل من السرقة أمرا سهلا وهو ما يخيفني عند ركوبي إياها». الحلول لكن كيف يرى المواطن الحلول؟ ولم لا - وإن كان إفراطا في التفاؤل-الحد منها كل لابد من وجود حلول عاجلة يقول الصادق التليلي وهو عامل يومي: «لابد من زيادة عدد الحافلات في الخط الواحد بل وتدعيم الاسطول ككل بحافلات جديدة ضرورة احترام إشارات المرور والالتزام بالسرعة المحددة بالنسبة لكل مستعملي الطريق دون استثناء، كما يجب مراقبة سائقي الحافلات وردعهم في حال مخالفتهم للقانون لأنهم مؤتمنون على سلامة الآلاف من الأشخاص يوميا». حل آخر ذهب اليه وليد وهو إداري بمعهد الصحافة وعلوم الأخبار إذ يقول: «يجب ربط المناطق ذات الكثافة السكانية بشبكات المترو على غرار مدينة المروج لانه -المترو- الحل الأمثل والأنجع لمشكل النقل العمومي أضف الى ذلك فحوادثه قليلة جدا لا تقارن بحوادث الحافلات أو «اللواجات» أو سيارات الأجرة». تتعدد الحوادث المرورية القاتلة خاصة تلك التي تكون فيها الحافلات طرفا والثمن أرواح بشرية بين قتيل وجريح.. وبغض النظر عن المسؤول فالكل مطالب بالتعاون للتقليص منها وبالعمل للارتقاء بالسلوك المروري لدى التونسي وبالتالي الحفاظ على الثروة البشرية في بلادنا. جمال الفرشيشي للتعليق على هذا الموضوع: