قناتان عربيتان تتعهدان برصد 850 ألف دولار لوثائقيات حول القدس تونس الصباح شغل موضوع الاعمال الوثائقية التي تهتم بقضية القدس المشاركين في الندوة التلفزيونية حول القدس في الاعمال الوثائقية العربية التي انتظمت صباح أمس بالعاصمة بمناسبة انعقاد الدورة الرابعة عشر للمهرجان العربي للاذاعة والتلفزيون الذي افتتح يوم 11 جويلية الجاري ويتواصل إلى السادس عشر من نفس الشهر. ترأس الندوة الاستاذ فرج شوشان. ومهد الدكتور هاني مبارك (معهد الصحافة وعلوم الاخبار. تونس) لهذا اللقاء بكلمة حدد فيها أهمية اختيار الموضوع فقال بالخصوص "إن اسرائيل تشدد من حملتها ضد مدينة القدس والمقدسات فيها" لانها حسب رأي المتدخل تستغل الاجواء العالمية والمتغيرات الدولية الاخيرة التي يجري فيها حسب تأكيده تناول الاسلام باعتباره دين "الارهاب" والفهم الامريكي الخاطئ والغرب للاسلام. وينتهي المتدخل إلى أن اسرائيل "لم تجد في المقابل سينما عربية فاعلة ومؤثرة قادرة على مواجهتها وكشف تزويرها للوقائع". القدس معاناة انسانية قبل أن تصبح قضية دينية وسياسية لكن الاشكالية بالنسبة للاستاذ خليل التفكجي عضو اللجنة الرئاسية لشؤون القدس لا تنحصر في وجود الوثائقيات التي تعالج قضية القدس من عدمه. المشكلة في رأيه تتمثل في كيفية استخدام الوثائق في طرح ما أسماه بالقضية الانسانية بالقدس. القدس بالنسبة لمخاطبنا الذين سعينا بالمناسبة لتوضيح النقاط الواردة في مداخلته القدس بالنسبة له ليست رمزا دينيا فحسب وهي ليست كما أسماه بقبّة الصخرة والقدس الشريف، القدس ذلك الرمز الديني نعم وهي أيضا الرمز الحضاري وهي أيضا التاريخ. وهو يصف ما يشير إليه دائما ب"هذه الوثائق " بأنها لا تعبر عن الشعور الانساني بمدينة القدس. وكان المحاضر قد استعرض مراحل تطور مفهوم القدس عبر التاريخ وتحديدا من الفترة العثمانية إلى اليوم. الحديث حسب رأيه حول القدس ينبغي أن يكون اليوم حول الديموغرافيا والسكان والجدار الفاصل وأثره من الناحية النفسية وكيف يمكن أن ننقل هذه المعاناة الانسانية - حتى أن أحد المتدخلين قال أن جدار الفصل العنصري بالقدس كان ببساطة وراء 65 بالمائة من حالات الطلاق بالقدس -عبر الافلام الوثائقية. وعن سؤالنا حول ما تحقق للقدس من خلال اختيارها عاصمة ثقافية عربية للعام الجاري أجاب مخاطبنا أنه إلى حد اليوم لم نر ما من شأنه أن يفيد بأن تاريخ القدس وثقافة القدس من مسرح وسينما مثلا قد تم نقلها إلى العالم. ويستحضر مخاطبنا أحد الامثلة التي يعتبرها ناجحة في نقل معاناة المقدسيين إلى الخارج فقال إن الفلسطينيين لما عرضوا فيلما حول هدم البيوت بالقدس أمام هلع أصحابها من الفلسطينيين باليونسكو "خرجت الناس وهي تذرف الدموع" وينتهي بالقول نريد أعمالا تمس المشاعر وتكلم الاخر باللغة التي يفهمها. ...وحدّث الآخر عن القدس باللغة التي يفهمها تابع الحضور أشغال الندوة باهتمام واضح وكان الحضور مكثفا كما أن الاستاذ فرج شوشان اضطر لايقاف سيل الطلبات للتدخل رغبة في تقديم رد حول احدى المداخلات أو رأي حول معالجة القضية الفلسطينية والقضايا العربية بشكل عام بالفضائيات العربية وبمختلف البرامج الوثائقية. واشتملت الندوة بالاضافة إلى المداخلتين المذكورتين على مداخلة ثالثة بعنوان "دور الوثائقيات الاسرائيلية في طمس هوية القدس وتهويدها" للاستاذ عنان بركات كاتب سيناريو ومدير مدرسة السينما العربية الفلسطينية بالناصرة بفلسطين ومداخلة رابعة حول نفس الموضوع بامضاء الاستاذ منتصر مرعي مدير انتاج البرامج الوثائقية بقناة الجزيرة الوثائقية. وكان هذا الاخير قد تعهد بالمناسبة أن تضع قناته على ذمة البرامج الوثائقية الخاصة بالقدس مبلغا يقدر ب500 ألف دولار وأجابه ممثلو قناة القدس الفضائية على الفور بأن هذه القناة ترصد بدورها مبلغا يقدر ب350 ألف دولار لنفس نوعية البرامج. وبصفة عامة تعالى بالمناسبة صوت ينادي بضرورة توفير الارصدة الضرورية لانجاز أفلام تستعرض قضية القدس وما تتعرض له من مخاطر تتمثل في محاولات تهويدها بالكامل وتم التساؤل عن دور جامعة الدول العربية في هذا السياق وعدم حرصها على اطلاق قناة عربية مختصة في الوثائقيات تعرّف من خلالها بمختلف القضايا العربية. لكن الصوت الاخر الذي استمعنا إليه يعلو بالمناسبة تمثل في ذلك الشق الذي لا يرى أن رأس المال عاملا محددا في هذه العملية بل هناك من دعا بوضوح إلى ما أسماه بتحرير الوثائقيات من"أغلال المال والسياسة" وتبنى بقوة فكرة السينما المستقلة أي المحررة من هيمنة رجال الاعمال والسياسة. وتم بنفس المناسبة توجيه نقد شديد اللهجة إلى الفضائيات العربية حيث أن من بين المتدخلين من أشار إلى أن بعض الفضائيات لا تبث حتى البرامج الوثائقية التي تتوجها خلال مسابقات تنظمها هذه الفضائيات بنفسها وتمت الاشارة بالخصوص إلى قناة "الجزيرة" الوثائقية. أطباق الذهب الموجهة للعدوّ عديدة تلك الاسئلة التي طرحت بالمناسبة وعديدة تلك الاشكاليات التي تم التطرق لها دفعة واحدة خلال بضع ساعات التي استغرقتها الندوة التلفزيونية حول "القدس في الاعمال الوثائقية العربية" وإن كانت كل فكرة تطرح تحيل إلى اشكاليات هامة فإنه يمكن تلخيص بعض التدخلات في العناصر التالية. فيما يتعلق بمضامين هذه البرامج المطلوبة هناك من حذر بأن بعض هذه البرامج قد تتحول إلى ما أسماه ب"أطباق من ذهب تقدم للعدو" مشيرا إلى ما اعتبره نقل صورة خاطئة عن القضية مفضلا أن يكون هناك عدم انتاج على انتاج يضرّ بالقضايا العربية. وبخصوص المضامين أيضا طرح تساؤل حول امكانية أن ننجز أعمالا وثائقية في ظل الظروف السياسية الحالية في فلسطين نحترم فيها الحق في الاختلاف الفكري والسياسي. أما على مستوى الشكل فقد تمت الدعوة بالخصوص إلى التعاون مع المحترفين من أهل الاختصاص. كانت الندوة فرصة أيضا لتقديم بعض المعلومات التي أرادها أصحابها تصحيحية حول ما يعتقده البعض من قوة للسينما الاسرائيلية. اعتبرت على العكس هذه السينما داخل اسرائيل ضعيفة لكن الدكتور هاني مبارك كان قد نبه في مفتتح الندوة إلى تغلغل الفكر الصهيوني والدعاية الصهيونية في عاصمة السينما العالمية هوليود منذ بداياتها ودور هذه السينما في نشر الدعاية الصهيونية ضد القضايا العربية. كان الاختلاف باد حول مضامين الوثائقيات التي ينتظر أن تقوم بدور "نضالي" من أجل التصدي لمحاولات تهويد القدس التي تتم مع سبق الاصرار والترصد والتي تقوم كما هو معلوم على أنقاض الحق الفلسطيني في القدس عاصمة أبدية لفلسطين وحول شكل هذه الوثائقيات ولكن الاتفاق كان حاصلا حول الاقتناع بجدوى هذه الاعمال التي وكما هو معلوم أيضا بدأت تكتسح الساحة العالمية رويدا, رويدا حتى أننا بتنا نستمع إلى مختصين يتحدثون عن الوثائقيات كبديل للدراما.