تونس الصباح: خرجت المدارس الدامجة للاطفال المعوقين نهاية هذه السنة الدراسية الدفعة الاولى من روادها.. اذ شرع منذ سنة 2003 2004 في ارساء البرنامج الوطني للادماج المدرسي للاطفال المعوقين.. وتطور عدد المدارس الدامجة من 111 مدرسة سنة 2003 2004 الى 300 مدرسة سنة 2008 2009.. ولكن في الوقت الذي يتحدث فيه المسؤولون عن هذا الملف في وزارة التربية والتكوين عن نجاح تجربة الادماج ويستدلون بنسبة ارتقاء التلاميذ المعنين بالامر ويعتبرونها مرضية.. فان هناك اطرافا اخرى ترى انه لا يمكن الحديث عن نجاح التجربة في ظل العوائق الماثلة امام المربين.. تفيد معطيات وزارة التربية والتكوين ان المدارس الدامجة موزعة على مختلف جهات الجمهورية وهي تحتوي على الف و63 قسما مهيئا لاحتضان التلاميذ من مختلف درجات التعليم بالمرحلة الابتدائية ويؤمها حوالي 1378 تلميذا من ذوي الحاجيات الخصوصية. وتشير الى انه بعد ست سنوات من ارساء الاقسام الدامجة نجد انه من بين 299 تلميذا معاقا دخلوا تلك المدارس قبل ست سنوات، هناك 129 تلميذا تابعوا السنة الدراسية 2008 2009 دراستهم في مستوى السنة السادسة اساسي وان هناك منهم من اثبت تميزا ملحوظا في الدراسة.. وتبين معطيات الوزارة ايضا انه تم السعي الى توفير متطلبات الادماج المدرسي سواء من حيث التجهيزات الخاصة او الدعائم البيداغوجية الملائمة وذلك بارساء البرنامج التربوي الافرادي الذي يهتم بكل تلميذ على حدة ويفرده بتمش بيداغوجي خاص به اضافة الى اعتماد الوسائط الرقمية وتأهيل المدرسين بيداغوجيا ونفسيا.. ولكن هل يكفي بعث الاقسام الدامجة وتحقيق نسب ارتقاء مقبولة وتوفير الوسائط الرقمية لانجاح تجربة الادماج المدرسي، في هذا الصدد يرى احد الاخصائيين البيداغوجيين ان انجاح عملية الادماج يتطلب التفكير في الصعوبات التي تعترض المعلمين في تكوينهم واعدادهم في هذا المجال.. فنجاح المعلم في العملية التعليمية ولو نسبيا يرتبط بقدراته على تحقيق اهداف المتعلمين ومراعاة احتياجاتهم وخلفياتهم النفسية والاجتماعية والتكيف مع التغيرات التي تحدث في المدرسة مما يحتم نموه المستمر.. اقرار بالنقائص افادنا الباحث التربوي عبد المجيد السعيدي انه بصدد انجاز رسالة الدكتوراه حول التجربة الاندماجية.. وكان قد انجز خلال السنة الدراسية 2006 2007 بحثا لنيل شهادة الماجستير في علم النفس بكلية العلوم الانسانية والاجتماعية بتونس وقدم خلاله قراءة في مشروع الخطة الاندماجية للمعاقين في المدارس العادية بتونس ومدى تفاعل المعلم معها.. ويرى الاستاذ السعيدي ان الواقع الراهن للعملية التعليمية وما يعترض مسيرتها من مشكلات كالاكتظاظ في الفصول والنقص في الوسائل البيداغوجية يجعل كثيرا من المعلمين يعتقدون ان العمل مع الاطفال المعوقين مرهق.. وعدد كبير منهم لديهم الاحساس بعدم القدرة على التفاعل والتعامل مع المتعلمين الحاملين لاعاقات مهما كانت.. وهم يشعرون انهم سيقومون بادوار جديدة وتقديم مجهودات اضافية حتى يتم ادماج الاطفال المعوقين اضافة الى مجهوداتهم مع الاطفال العاديين.. وفي استبيان قام به الباحث لرصد اراء المعلمين بصفتهم اهم حلقة يمكن ان تساعد على انجاح عملية الادماج المدرسي للاطفال المعوقين، تبين الباحث ان 47 بالمائة من المعلمين يرون ان المشروع الاندماجي لا ينجح ولو تضافرت جهود كل الاطراف الفاعلة فيه ويرى 34 بالمائة منهم ان نجاح المشروع سيكون جزئيا بينما نجد 19 بالمائة فقط من المعلمين يرون ان المشروع الاندماجي يمكن ان ينجح.. ويرى السواد الاعظم من المعلمين انهم يرفضون قبول اطفال معوقين بفصولهم فهم لا يقدرون على التلاؤم والتكيف مع الوضعيات الجديدة.. وفي هذا الصدد تشير المعلمة سناء الى ان الادماج المدرسي مازال في حاجة الى التخطيط المحكم والموارد البشرية والمادية وهو في حاجة الى التصنيف المعمق لحالات الاطفال الحاملين لاعاقات. وتقترح المربية بعث اقسام خاصة بحاملي الاعاقة فقط في محيط مدارس عادية حتى يكون الادماج متدرجا فيتعايش الاطفال العاديون مع الاطفال المعاقين الامر الذي يزيد الحواجز المعرقلة للتفاعل بين الاطفال والاقناع بالاختلاف بكل اشكاله. وليست سناء وحدها من فكرت في هذا المقترح بل هناك العديد من المربين الذين يوافقونها الرأي ويعتبرون ان تجربة الادماج المدرسي لم توفق تمام التوفيق وانه كان من الافضل بعث فصول لاطفال معوقين داخل مدارس عادية من تدريس اطفال معوقين مع اطفال اسوياء في نفس الفصل.. وفي هذا السياق اقترح الباحث عبد المجيد السعيدي التفكير الجدي والمنهجي في الاعمال والممارسات التي من الممكن القيام بها حتى تصبح المدارس العادية اوساطا ملائمة لكيفية استقبال الاطفال المعوقين والقابلين للادماج. كما دعا الى ايلاء المسألة اهمية اكبر صلب وزارة التربية والتكوين.. وهو لاشك محق في قوله.. خاصة وان الملف لم يحظ خلال السنوات اللازمة بالامية التي يستحقها.. وحسب مصادر مطلعة «ظل ملفا مهمشا».. فهل ستشهد السنة الدراسية القادمة اهتماما اكبر ببرنامج الادماج المدرسي؟ وهل سيتم تمكين المربين من الادلة البيداغوجية لمساعدتهم على التدريس وعلى التأقلم مع وضعيات التلاميذ المعوقين؟ وهل سيوزع عليهم الدليل المرجعي للادماج المدرسي للاطفال المعوقين في المؤسسات التربوية العادية الذي وحسب ما توفر لنا من معلومات يحتوي على جملة من النصائح حول كيفية التعامل مع الطفل المعاق ذهنيا وعضويا وبصريا وسمعيا وهو عصارة جهد ثلة من الخبراء؟ ثم ما هو مآل التلاميذ الذين تجاوزوا السنة السادسة اساسي وانتقلوا للدراسةس بالمدارس الاعدادية.. فهل سيتطور برنامج الادماج ليشمل المدارس الاعدادية.. ومستقبلا المعاهد الثانوية.. هذه جملة من الاسئلة التي تتبادر الى اذهان الاولياء والمربين.. حاولنا طرحها على مهتمين بملف الادماج المدرسي بوزارة التربية والتكوين.. فاستفدنا ان دراسة مستجدات العام الدراسي القادم بالنسبة للمدارس الدامجة لم تكتمل بعد وانها لن تكون جاهزة الا بعد اسبوعين على اقصى تقدير.