تونس -الصباح: أحمد العمامي الطرابلسي رجل أعمال تونسي عمره 65 سنة هاجر الى كندا منذ اثنين وأربعين عاما حيث تزوج من امرأة أمريكية وأنجب منها ولدين.. وكان هذا المهاجر قد بدأ حياته العملية في مطلع شبابه كغاسل صحون ونادل بمقهى وسط العاصمة تونس بل انه عمل حمّالا الى ان وضع القدر في طريقه مهاجرا يملك مطعما في كندا عرض عليه السفر معه الى كندا فلم يتردد لحظة واحدة في قبول العرض ولما وصل الى هناك عمل في مطعم ثم في ملهى وشيئا فشيئا جمع مبلغا من المال وفتح مطعما على مقربة من مؤسسة «راديو كندا» وكان ذلك سنة 1969 .. وأطلق عليه اسم «ملك الكسكسي» وشيئا فشيئا أصبحت لمطعمه سمعة طيبة واصبح أغلب رواده من الفنانين والمشاهير والمذيعين وبمرور الأيام كثر زبائنه وذاعت شهرته وأصبح صاحب سلسلة من المطاعم في كندا وكوّن ثروة لا بأس بها... الى هنا تبدو القصّة وكأنها حكاية وردية.. من حكايات كتب الاطفال. سنة 2002 حلّ أحمد الطرابلسي بأرض الوطن صحبة والدته وقضى بها أياما ثم عاد الى كندا وهناك فكّر في بعث مشروع في تونس ..ويقول أحمد:« لما عدت الى بلد الاقامة فكرت في جلب سيارة ليموزين الى تونس لأني علمت خلال اقامتي القصيرة بها أنه لم يسبق لأي كان أن ادخل سيارة من هذا النوع، كما فكرت في تحقيق حلم الآلاف من العرائس اللواتي يحلمن بركوب ليموزين في ليلة العمر.. في سنة 2003 نفذت المشروع وجلبت السيارة وفي ميناء حلق الوادي التقيت صدفة بشخص كان حريفا لأحد مطاعمي بكندا سلّم عليّ بحرارة ولما علم بمشروعي عرض عليّ أن يساعدني في «تونسة» السيارة فسلمته البطاقة الرمادية ولكنه دلّسها دون علمي وعمل سائقا عليها ومن جهتي منحته الثقة الكاملة، ونقلت سيارتي أشهر الفنانين الذين صعدوا على المسارح الكبرى ببلادنا بالاضافة الى عدد كبير من العرسان.. في سنة 2007 اتصل بي سائق الليموزين وطلب مني جلب سيارة فخمة ثانية من نفس النوع فرحبت بالفكرة واتصلت برجل أعمال أجنبي مقيم بميامي وطلبت منه أن يبيعني سيارة فأرسل لي صورها عبر الأنترنيت فأعجبتني وبعد أن اتفقنا على بنود الصفقة جلبها الى مونريال وهناك حرّرنا عقد البيع، ولما أردت ادخالها الى تونس طلب مني السائق أي الشخص الذي كان يشتغل على السيارة الاولى - أن أورّد مجموعة من الأثاث فوافقته ولكني فوجئت بعد دخول السيارة الى تونس أنه سجلها باسمه فرفعت شكاية ضده الى ادارة الأبحاث الديوانية وذلك سنة 2007 واتهمته بالتدليس والتحيل وتم ايقافه وهناك قضية منشورة أمام محكمة تونس في هذا الاطار وسوف تنظر فيها يوم 14 أكتوبر الجاري. كيف كشفت سيارة الليموزين عشرات السرقات؟ واصل رجل الأعمال سرد حكايته مع سائقه وقال «على اثر شكايتي انطلقت التحريات في شأنه وتم ايقافه بجهة مونبليزير لما كان يقود سيارة مرسيديس وعند التثبت في أوراقها تبين أن بطاقتها الرمادية مدلسة كما عثر لديه على 5 بطاقات اخرى مدلسة مسلمة من الوكالة الفنية للنقل البري بزغوان بالاضافة الى ختم يحمل اسم شركة ألمانية لبيع السيارات. الإعتراف أثناء التحقيق مع المشتبه به من طرف ادارة الأبحاث والتفتيش يوم 6 سبتمبر 2009 ذكر أنه من مواليد 1962 وأنه متزوج وأب لأربعة أبناء وقال انه عاد منذ سنة ونصف من كندا بصفة نهائية واشتغل في بيع وشراء السيارات وهو ما مكنه من ربط علاقات بأشخاص ناشطين في ميدان توريد السيارات المسروقة من الخارج أو تلك التي يدعي أصحابها المقيمون بالخارج أنها سرقت للحصول على تعويضات من شركات التأمين ثم يقومون بتهريبها الى تونس وبيعها في السوق التونسية بعد تدليس وثائقها كما تعرّف أيضا على أشخاص أطلعوه على كيفية ادراج هذه السيارات بالأسطول التونسي، وتبدأ العملية بتوريد السيارة من الخارج الى أرض الوطن ثم يتم اخراجها من نقاط العبور القانونية دون القيام بأي إجراء ديواني في شأنها ثم يكوّن لها ملف تسجيل بوثائق مفتعلة بواسطة آلة «السكانير» والمتمثلة في شهادة التسجيل الديوانية والبطاقة الرمادية الأجنبية التي يتم اقتناؤها شاغرة وهي عادة ما تكون ايطالية أو سويسرية وأحيانا فرنسية.. كما يتم افتعال وصل خلاص القباضة المالية وفاتورات شراء السيارات من الخارج، وبعد الحصول على شهادة معاينة فنية أصلية مسلمة من مركز الفحص الفني بسيدي حسين السيجومي يقع ادراج الملف المدلس للسيارة بالادارة الجهوية للنقل البري بزغوان حيث تقوم موظفة هناك بقبول الملفات المفتعلة مقابل حصولها على عمولة قدرها 500 دينار يتسلمها القابض كرشوة . وقد انحصرت الشبهة في ما يزيد عن عشرة أشخاص أحيلوا على قاضي التحقيق بابتدائية تونس، كما اتضح أنه هناك عددا كبيرا من السيارات التي تحمل وثائق مفتعلة وتتجول بشوارع البلاد، وللاشارة فانه وفي اطار البحث في هذه القضية تم حجز 98 ملفا من بعض الوكالات الجهوية الفنية للنقل البري ويشتبه في أنها تحتوي جميعها على وثائق مدلسة. وعلمت «الصباح» في هذا الاطار أن أحد قضاة التحقيق بابتدائية تونس باشر مؤخرا تحرياته في هذا الملف الضخم. وبالعودة للحديث عن رجل الأعمال أحمد الطرابلسي باعتباره أحد الضحايا في هذه العمليات أفادنا أن المغامرة التي عاشها لن تحبط عزائمه وأكد أنه لن يتخلى عن مشروع جلب السيارات الليموزين لنقل الفنانين ولاعبي الكرة والعرائس، وهو حاليا بصدد التفاوض مع المغنية العالمية سيلين ديون لشراء سيارتها وهي من نفس النوع.