سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
العثور على مادة مخدّرة بجسم الضحيّة لا تروّج إلا في المستشفيات العمومية غدا أولى الجلسات: مفاجأة من العيار الثقيل تسبق محاكمة المتهمة بقتل زوجها المهندس الفلاحي
تضارب أقوال المتهمة... ودائرة الاتهام توجه لها تهمة القتل العمد ماهي الكلمات التي ردّدها الضحية لحظات قبل وفاته؟.. وكيف تضاربت أقواله أيضا؟ الأسبوعي- القسم القضائي تباشر الدائرة الجنائية بمحكمة تونس غدا الثلاثاء النظر في قضية هلاك المهندس الفلاحي المهدي بوعاشور (39 سنة) بغابة سيدي ثابت في ظروف جد مسترابة وغامضة في ظل إنكار المشتبه بها الوحيدة (زوجته) مسؤوليتها عن مصرعه حرقا. وستمثل الزوجة المتهمة غدا بحالة إيقاف في أولى جلسات محاكمتها بتهمة القتل العمد مع سابقية القصد طبق الفصلين 201 و202 من القانون الجنائي وهي التهمة التي وجهتها لها دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس اعتمادا على بعض القرائن المتوفرة. بداية الواقعة وتعود أطوار هذه الحادثة إلى يوم 30 أفريل 2008 عندما تلقّى أعوان فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بأريانة إعلاما من قبل الحماية المدنية عن تعرّض سيارة نوع «كنغو» للحرق أثناء تواجد سائقها بداخلها رفقة امرأة بمكان منزو بأرض تابعة لإدارة الغابات كائنة بسيدي ثابت فتحوّل المحققون على عين المكان فلم يجدوا المرأة فظنّوا أنها تحوّلت إلى المستشفى لتلقّي الإسعافات ولكنهم لم يعثروا عليها فيما علموا أن الهالك دخل في غيبوبة نتيجة الحروق التي لحقت بكامل جسمه قبل أن يتم إعلامهم بوفاته. إيقاف الزوجة أوقف الأعوان لاحقا الزوجة بينما كانت بمنزل والديها واقتادوها إلى المقر الأمني وبالتحرّي معها أنكرت أن تكون رافقت زوجها إلى غابة سيدي ثابت وأكّدت على أنها لم تغادر منزل عائلتها في مساء ذلك اليوم. وبمزيد التحرير عليها أفادت بأن زوجها حلّ بمنزل والديها في حدود الساعة الرابعة من مساء يوم 30 أفريل 2008 ودار نقاش بينهما حول عدم انفاقه على العائلة قام أثناءه بخدشها في وجهها على مرأى ومسمع من والدتها وشقيقتيها ثم غادر المكان. شاهدا عيان استدعى أعوان فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بأريانة عون إطفاء بإدارة الغابات ذكر أثناء الإدلاء بشهادته أنه في حدود الساعة الثامنة والربع مساء كان رفقة زميل له على متن دراجة نارية عندما تفطنا لاشتعال نار داخل الغابة فنزلا لاستجلاء الحقيقة وعندما كان العون المذكور في طريقه نحو موقع النار شاهد امرأة تجري فاعترضها وسألها عن سبب اندلاع الحريق فأجابته بأن انفجارا وقع وواصلت الجري فالتحق بها وطلب منها الاستظهار بهويتها فأعلمته بأنها عون أمن واستظهرت له ببطاقة مهنية قبل أن يطلب من مرافقه إيصالها إلى أقرب مركز أمن. وأشار إلى أنه عثر إثر وصوله إلى موقع الحريق على سيارة تحترق وشخص ملقى على الأرض والنار تشتعل في جسمه فأطفأ النار المشتعلة في جسم الرجل الذي أعلمه -حسب ما ورد بشهادته- أن زوجته كانت معه في السيارة وأنها تعمل عون أمن فتأكد من أنها هي نفسها المرأة التي شاهدها تجري وتحدّث إليها. وأفاد أيضا بأن زميله الذي تولى مهمة إيصال المرأة إلى أقرب مركز أمن طلبت منه إنزالها قرب مسجد سبّالة بن عمار لغسل وجهها الملوّث بالدماء ولكن بدخولها المسجد ظلّت هناك إلى حين مغادرته المكان. وقد تطابقت أقوال هذا العون مع أقوال زميله الذي كان معه على متن الدراجة النارية. تضارب وبسماع شهادة أم المظنون فيها ذكرت أن صهرها حل مساء ذلك اليوم بالمنزل وتجاذب أطراف الحديث مع ابنتها (زوجته) قبل أن تتركهما بالمنزل وتغادر نحو روضة لجلب حفيدها وأضافت أنه بعودتها لم تجد صهرها... لقد عثرت على ابنتها تبكي وباستفسارها عن سبب بكائها أعلمتها أنها تشاجرت مع مهدي فاعتدى عليها بالعنف. وذكرت الأم أنها عاينت آثار عنف بأحد خدّي ابنتها. وختمت إفادتها بالقول أن ابنتيها الأخريين عادتا بعد هذه المعركة وعاينتا آثار العنف على وجه أختهما المظنون فيها التي لم تغادر المنزل - حسب إفادتها - منذ عودتها من العمل. تراجع وأمام تضارب الأقوال المسجلة تولّى محققو الإدارة الفرعية للقضايا الإجرامية بالقرجاني مواصلة التحريات، وباستنطاقهم للمظنون فيها تراجعت عن أقوالها السابقة واعترفت بنشوب خلاف بينها وبين المهدي بمنزل والديها تولى أثناءه لكمها وخدشها ثم مسكها بقوة من شعرها وجرّها نحو السيارة ثم توجه إلى الحي الأولمبي حيث اشترى أربع لترات بنزين وعلبة كبريت رغم أنه لا يدخّن قبل أن يسلك طريق سيدي ثابت. وذكرت المظنون فيها أن بعلها تعمّد شتمها أثناء الطريق وبوصولهما إلى ضيعة فلاحية أوقف السيارة وشرع مجددا في شتمها واتهمها بربط علاقات مشبوهة قبل أن يسكب البنزين على السيارة وأضافت أن زوجها هدّدها لاحقا ب«مربوع» ثم أخرج علبة الكبريت ومسك بعود ثقاب وراح يهدّدها بإضرام النار رغم توسلاتها إليه بالعدول عن ذلك. في الأثناء انطلقت شرارة من عود الثقاب مما تسبّب في وقوع انفجار داخل السيارة واشتعلت فيها النار فألقت بنفسها بعد أن تمكنت من فتح الباب وكذلك الشأن بالنسبة لزوجها الذي شاهد النيران تشتعل في ملابسه فلاذت بالفرار غير أنه على بعد عشرين مترا اعترضها شخص يعمل بمنبت الغابات (من قام بالإطفاء) واستفسرها عن سبب اندلاع الحريق وطلب منها الاستظهار ببطاقتها المهنية بعد أن أعلمته بأنها عون أمن ففعلت ثم طلبت منه مساعدتها على الوصول إلى مركز الأمن فسخّر مرافقه ودراجته النارية إلى حين وصولها إلى مسجد سبالة بن عمار حيث اختفت وعند انصرافه غادرت المسجد واستقلت سيارة أجرة (تاكسي) باتجاه منزل عائلتها حيث ظلت إلى حين اتصال أعوان الحرس الوطني بها. الارتباك ثم التراجع وأشارت الزوجة لدى التحري معها من طرف محققي الإدارة الفرعية للقضايا الاجرامية أنها لم تقم بالإبلاغ عن الحادثة كما لم تقدم لزوجها أية إسعافات ونفت في ذات السياق حرق بعلها. كما اعترفت بأنها نفت لأعوان فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بأريانة مرافقتها لزوجها قبيل الواقعة وأرجعت ذلك إلى حالة الارتباك التي كانت عليها. ورغم هذه الاعترافات المدقّقة أحيانا فإن المظنون فيها تراجعت مجددا في أقوالها أمام قلم التحقيق وذكرت أنها اختلقت تلك الرواية نتيجة التهديدات التي طالتها أثناء التحري معها وطعنت أيضا في شهادة الشهود مستغربة توجيه الشكوك نحوها. ولكن أثناء المكافحة قالت أنها شاهدت فعلا العاملين بإدارة الغابات ولكن دون أن تعترف بمسؤوليتها في خصوص مصرع زوجها. اللحظات الأخيرة وفي ذات السياق أشار أعوان الحماية المدنية في إفاداتهم أن أحدهم حاول استفسار المهدي عن هويته بحضور زميليه فأعلمه بأنه يدعى المهدي بوعاشور وأنه مهندس فلاحي بشركة دليس دانون وظل يكرّرها في عدة مناسبات قبل أن يضيف «مرتي» فسأله عون الحماية «آش بيها» فأجابه «حرقتني» فاستفسره قائلا: «باش حرقتك» فأجابه: «ما نعرفش» فسأله العون مجدّدا: «منين بدات النار» فقال له: «من وسط الكرهبة» فاستفسره عن السبب الذي جعلها تحرقه فأجابه «عندنا برشة مشاكل بيناتنا»... ثم استفسره مجددا: «آش تعمل في البلاصة هاذيكة؟» فأجابه: «عيّطلها باش نتصالحو» فسأله: «وين تسكن؟» فأجابه: «نسكن في حي الصحافة أريانة». وأضاف عون الحماية المذكور في إفادته أنه بوصولهم إلى المستشفى استفسرته إحدى الممرضات بالقول: «مرتك حرقتك؟» فأجابها: «لا موش مرتي... لا موش مرتي» ثم سألته: «وين تسكن؟» فقال لها: «بماطر» والحال أنه يقطن بأريانة حينها أدخل إلى قسم الانعاش حيث قام الإطار الطبي أيضا بطرح بعض الأسئلة عليه ومنها: «كم عمرك» فأجاب «48 سنة» والحال أن عمره 39 سنة فقط ثم سُئل «كيف احترقت؟» فأجاب: «أثناء عودتي من العمل على متن السيارة أثناء تشغيلها» فسئل مرة أخرى: «هل احترقت السيارة أثناء تشغيلها» فأجاب بنعم ثم سئل كذلك: «هل كان معك مرافق؟» فقال: «كانت معي امرأة» دون أن يحدّد هويتها فسئل «لماذا لم تظهر معك؟» فأجاب «لقد هربت أثناء الحادث» ثم سئل «هل هي زوجتك؟» ولكنه لم يجب عن السؤال بعد تدهور حالته الصحية. مادة مخدرة في جسم الضحية طبّيا، وبعد سلسلة من التحاليل المخبرية الدقيقة أشار تقرير الطبيب الشرعي إلى وجود مادة مخدرة بجسم الضحية لا تروج إلا في المستشفيات العمومية وهو معطى جديد من شأنه أن يطرح أكثر من سؤال... يتعلّق أساسا بالطريقة التي وصلت بها هذه المادة للضحية وكيفية تناوله لها. وأكيد أن المحاكمة ستكشف عدة جوانب مهمة في حادثة هلاك المهندس الفلاحي بما قد يمكن من معرفة الحقيقة. صابر المكشر للتعليق على هذا الموضوع: