لم يكد يمر أسبوع واحد على تزكية جمال العتروس لتولي مقاليد التسيير بالحديقة «أ» حتى جاءت الحقائق الحاصلة وكأنها عملية استنساخ لحقائق الأمس وعلى نحو شديد التشابه الى درجة التماثل. ففي بداية كل موسم -إلا في حالات نادرة- يجد الافريقي نفسه بين مطرقة من يسيّر وسندان من يموّل وعلى صورة أقرب الى لعبة المقامرة على المكشوف ورغم الهالة الإعلامية التي سبقت ورافقت عملية التزكية وتحولت في بعض اللحظات الى عملية تشويش منظم غير أن بعض العقلاء من المنتسبين لهذا الصرح الرياضي العريق تفطنوا الى أن مياها تجري تحت الجسور فبدأوا يتحركون في ظل جهود خارقة للعادة لكي يمسكوا بالزمام ويحولوا دون قفزة الى المجهول لا تضمن عواقبها وهذه الوقفة مع الفريق بأسبابها الموضوعية ووقائعها المثيرة قد تؤدي الى إعادة توزيع الأوراق. فالنادي الافريقي يرزح تحت حزمة من المشاكل. أولها: تلكؤ في عقد الجلسة العامة لإكساب الرجل الشرعية القانونية. - ثانيها: مجموعة من اللاعبين يعرف الكل أنها من ركائز الفريق ولعلي أقول أنها عموده الفقري مازالت تزايد وتناور متهربة من إبرام العقود ولا أخجل من القول بأنها على حق ففي زمن الإنفتاح المادي فالكل يريد أن يضمن حقوقه أملا في ضمان مستقبله ومستقبل لاعبينا قصير والأمثلة كثيرة.. ثالثهما: غياب مدرب قادر على قيادة السفينة فالبطولة قادمة والوقت ضاغط وكل الاتصالات الجارية في هذا الاتجاه إنفعالية وبعضها صبياني والمدرب الهولندي الذي جاء في بحر الأسبوع الفارط يؤكد ذلك . رابعا: ديون متخلدة من الهيئة السابقة قابلها تعيينات أولية قام بها العتروس قبل أن يبدأ قانونيا حيث تولى تكليف مدير إداري ومدير للحديقة وهو ما يزيد في الاعباء فالوضع المادي مخيف وتجاوز مخلفاته في هذا الظرف يكاد يكون مستحيلا رغم الوعود التي تلقاها الوافد الجديد وهللت لها وسائل إعلام تبحث عن السبق المزعوم في ظل تسابق إعلامي أغلب فرسانه خارج الخط.. في زمن انتهكت فيه الكلمة وابتذل الحرف واختلطت السبل عند البعض فألبسلوا الباطل عمامة الحق ولا أريد الدخول في التفاصيل فبعضها مقرف.. لكن ما يثلج الصدر أن جماهير النادي الافريقي لها قوة في الاستشعار عن بعد لا تقل عن حساسية الاجهزة الالكترونية المحمولة على الاقمار الاصطناعية فجماهير الأحمر والأبيض وهي جزء من الرأي العام ليست تعبيرا غبيا وإنما هي نقطة القوة الوحيدة في الفريق ولها القدرة على توجيه الاختيارات والاهداف ومعرفة الحقائق من طلاسم الباطل وحتى لا تكون هناك أخطاء في فهم ما يجري على خشبة المسرح وما يدور خلف الستار أستطيع أن أقول -وبلا تردد- أن كبار النادي بدأوا يشعرون بالقلق من الوضعية الحالية للفريق ومن بعض الخطوات التي تمت في بحر الاسبوع المنقضي ومن بعض التسريبات التي جرت وأغلبها كان يصب في خانة إلهاء الجماهير ورسم صورة وردية على لوحة قاتمة السواد. ولا أعرف إذا كنت أتسبب -عن غير قصد- في مشكلة لأحد إذا قلت أن الربان الجديد للنادي الافريقي مازال يدور في حلقة مفرغة لأن الجانب المادي حبس تحركاته التي يفترض أن تكون قاطعة ومحددة ففي غياب المال أصبح الرجل مقيدا لا يملك أية مساحة من الحرية التي يتحرك فيها على مسؤوليته ويلائم فيها شراعه مع الرياح ويملؤه بالهواء ويحصل لنفسه بذلك على قوة إندفاع أكبر نحو نقطة وصول يرى عندها هدفه. ورغم أني لست من أنصار ترك كل شيء لاي فرد مهما بغلت درجة الثقة فيه لكن الوضعية الحالية للقلعة الحمراء بما فيها من تعقيد وتشابك الملفات وتزايد سرعة الحوادث واحتمالات تراكم وتصادم الاعتبارات تضع كلها على كاهل العتروس أعباء وتبعات لم تكن تخطر على البال وهو سيد العارفين بهذه الحقيقة.. ولا أذيع سرا إذا قلت أن الأيام القليلة القادمة ستكون حبلى بالمفاجآت والتقلبات والمتابعة عن قرب ضرورة ورصد الحوادث واجب وللموضوع عودة.