حياة السايب كان من الوارد أن يكون خبر الإعلان عن المرشح الرسمي للحزب الاشتراكي الفرنسي للانتخابات الرئاسية الفرنسية القادمة حدثا عاديا في صورة لو لم تتعرض كتلة اليسار الفرنسي لرجة هائلة إثر حادثة إيقاف "دومينيك ستروسكان" بالولايات المتحدةالأمريكية. كان الرجل الموقوف على ذمة التحقيق بعد اتهامه في قضية أخلاقية المرشح الأمثل للحزب الاشتراكي الفرنسي في الانتخابات المنتظرة وفق إجماع أغلب الملاحظين للساحة السياسية الفرنسية. كانت نتائج استطلاعات الرأي تمنحه حظوظا وافرة للفوز بالمنصب كما أن "دومينيك ستروسكان" وعلى خلاف "سيغولان رويال" مرشحة الحزب الاشتراكي الفرنسي في الانتخابات الرئاسية السابقة نجح في توفير حد أدنى من الوفاق حول شخصه داخل حزبه.. كان الحزب يعول كثيرا من جهة أخرى على انخفاض شعبية الرئيس الحالي نيكولا ساركوزي ونزول أسهمه في بورصة استطلاعات الرأي ليأمل في فوز يسير وسهل على حزب اليمين الحاكم في الإنتخابات القادمة. لكن ايقاف " ستروسكان" لم يقلب المعادلة فحسب بل وضع الحزب الإشتراكي الفرنسي وكتلة اليسار بفرنسا عموما أمام تحد كبير يتمثل في التقليص إلى أقصى حد ممكن من تأثير الحادثة على الناخب الفرنسي لأنه في صورة فشل اليسار مرة أخرى في فرض مرشحه فإن المستقبل السياسي للحزب قد يصبح غامضا. كان الحزب الإشتراكي الفرنسي قد سجل ثلاث اخفاقات متتالية في الانتخابات الرئاسية وهو ما يجعل من الإنتخابات القادمة محطة حاسمة في تاريخه. وإن لم تكن المرة الأولى التي تتقدم فيها امرأة إلى الإنتخابات الرئاسية الفرنسية إلا أن "مارتين أوبري " الأمينة العامة للحزب الإشتراكي الفرنسي التي أعلنت ترشحها رسميا للإنتخابات الرئاسية الفرنسية القادمة (2012) ستكون أمام مجموعة من التحديات ليس أقلها اقناع الناخب الفرنسي بوضع ثقته في شخصية نسائية لتقود البلاد. "إن مارتين أوبري" رئيسة بلدية "ليل" الفرنسية وإن كانت ذات تجربة سياسية طويلة وإن كانت سليلة العائلة السياسية المعروفة في فرنسا فهي كريمة "جاك ديلور " الوزير السابق والمفوض الأوربي السابق والمستشار السياسي فإنها ستجد نفسها أمام رهان صعب. فهي مطالبة في الآن نفسه بتوحيد الصفوف من حولها وترويض خصومها الألداء داخل حزبها ومن بينهم المرشحة السابقة "سيغولان رويال" التي لا تخفي طموحاتها ولا نواياها في تكرار التجربة حتى وإن كلفها ذلك تقسيم الحزب وكذلك مواجهة الخصوم من "نجوم" اليمين المتطرف بالخصوص واقناع الناخب عموما من خارج حزبها خاصة وأن "مارتين أوبري" هي صاحبة مبادرة الخمس وثلاثين (35) ساعة في الأسبوع، المباردة التي لا تزال تواجه معارضة شديدة حتى وإن كان اليسار يتبناها ويدافع عنها بقوة. "مارتين أوبري" وإن كانت المرأة الحديدية بالنسبة إلى ملاحظي الساحة السياسية الفرنسية، فإنها أمام مسؤولية جسيمة تتمثل بالخصوص في وضع حد لسلسلة إخفاقات حزبها في سباقه نحو الإيليزي. وهي مهمة لا ينوي على ما يبدو الرئيس الحالي "نيكولا ساركوزي" بتحركاته على مختلف الواجهات بالداخل الفرنسي وبالخارج جعلها سهلة أمام المرأة.