كشف كمال العبيدي رئيس هيئة إصلاح الإعلام والاتصال على أن الهيئة بصدد اعداد كتاب ابيض يكشف عن خفايا ما كان يجري قبل 14 جانفي من قبل السلطة للسيطرة على الإعلام. ودعا إلى ضرورة الإسراع بتوفير الأرضية القانونية الملائمة لتنظيم قطاع الإعلام والتصدي لظاهرة الإشهار السياسي والانفلات الإعلامي وفتح ارشيف الوكالة التونسية للاتصال الخارجي. وتحدث العبيدي خلال لقاء جمع اعضاء هيئة اصلاح الإعلام يوم أمس بهيئة تحقيق اهداف الثورة عن وجود اشكاليات عالقة ما تزال تنهش قطاع الإعلام، منها استمرار بقاء بعض وجوه النظام السابق والمقربين منه في مواقع القرار بعدة مؤسسات إعلامية علما ان الهيئة اقترحت تسميات على مؤسسات اعلامية عمومية ما تزال تنتظر التنفيذ. وحذر العبيدي الذي كان مرفوقا بأعضاء الهيئة على غرار هشام السنوسي، وناجي البغوري، ورضا الكافي عن تنامي خطورة تأثير المال السياسي على المؤسسات الإعلامية، وتجاذب قوى راس المال في وسائل الإعلام، أمر يستدعي الإسراع باحداث مجلس للإعلام السمعي البصري.
فتح ملف وكالة الاتصال الخارجي
ودعا أعضاء الهيئة إلى ضرورة فتح أرشيف الوكالة التونسية للاتصال الخارجي التي تحتوي اجابة على عدة نقاط استفهام في ملف الإعلام ما قبل 14 جانفي، مستغربين صمت الحكومة المريب إزاء ملف الفساد في الوكالة ومآل ارشيفها الذي ما يزال مجهولا وقد يحوي عدة حقائق بخصوص كيفية تعاطي الوكالة ومن ورائها التجمع المنحل لتبديد المال العام في تلميع صورته وشراء ذمم الصحفيين من تونس والخارج والتأثير على وسائل الإعلام من خلال السيطرة على الاشهار العمومي. وبيّن العبيدي في نفس السياق أن المؤتمن العدلي المعين على الوكالة كان قريبا من رموز الفساد، وقال "نتطلع الى الاطلاع على وثائق الوكالة وكيف كانت تصرف الأموال، والتعرف على المؤسسات التي كانت تساهم في تكريس الدكتاتورية".
تغول أصحاب المؤسسات الإعلامية
وقال ناجي البغوري الرئيس السابق لنقابة الصحفيين أن قنوات تلفزية خاصة تغولت وأن الاشهار السياسي يضرب استقلالية وسائل اعلام، مشيرا إلى وجود ممولين جدد خلال الفترة الانتقالية التي تمر بها البلاد عوضوا وكالة الاتصال الخارجي ويمكن ان يلحق ذلك ضررا كبيرا بحياد المؤسسة. وقال البغوري أن الإعلام قابل للتردي في وضع فراغ قانوني، منبها إلى وجود لوبي داخل الحكومة الانتقالية ليس من مصلحته اصلاح الإعلام.
إشكاليات ونقائص
من بين الصعوبات التي أشار إليها كمال العبيدي تلكؤ مديري الصحف في تطبيق وتطوير الاتفاقية المشتركة، وعدم احترام المؤسسات الإعلامية الخاصة لقواعد المهنة والتدخل في العملية السياسية وعدم احترام اخلاقيات المهنة. وقال إن البعض منهم يستغلون الفراغ القانوني الموجود لتحقيق مكاسب وتسخير وسائل الإعلام لتحقيق مآرب شخصية. وعدّد العبيدي الأنشطة التي تقوم بها الهيئة خاصة ما يهم مساهمتها في وضع إطار تشريعي جديد ينظم القطاع بما يتلاءم وأهداف الثورة بالتعاون مع لجنة الخبراء بالهيئة العليا لتحقيق اهداف الثورة. ووضعت المقاييس الاقتصادية والتقنية لبعث محطات اذاعية وتلفزية خاصة. ونظمت زيارات إلى مؤسسات إعلامية عمومية للوقوف على ظروف العمل، وفتحت ابوابها لاستقبال الصحفيين واصحاب المؤسسات واستمعت إلى مشاغلهم وناقشت معهم مشاكل القطاع. وأفاد أن هيئة إصلاح الإعلام والاتصال ساهمت في اصدار المرسوم عدد 41 الذي يضمن حق المواطن في النفاذ للوثائق الإدارية العمومية وأعدت دليل الصحفي التونسي اثناء الحملة الانتخابية، فضلا عن المساهمة في وضع مشروع قانون جديد لمجلة الصحافة وهيئة الاتصال السمعي البصري. وأعطت موافقتها على احداث 12 اذاعة خاصة وعدد من مشاريع التلفزات الخاصة، كما تدارست اقتناء برمجية خاصة لمراقبة مدة تدخل ممثلي الأحزاب في وسائل الإعلام السمعي البصري.
سيطرة رأس المال على المؤسسات الإعلامية
وأكد هشام السنوسي بدوره على أهمية اصدار قانون يؤسس لهيئة تعديلية تنظم المشهد السمعي البصري ولها سلطة قرار، وقال إن في غياب ذلك سيسعى اصحاب رؤوس الأموال للسيطرة على المؤسسات الإعلامية وبالتالي على الحياة السياسية. وأكد أن الاشهار السياسي ممنوع اخلاقيا ومهنيا وغير معمول به في الدول الغربية باستثناء الولاياتالمتحدةالأمريكية. وتمحورت تساؤلات أعضاء اللجنة حول كيفية مواجهة الانفلات الإعلامي، وتكوين الصحفيين، ومنع الإشهار السياسي. ودعا بعض الأعضاء إلى تحديد قائمة في الصحفيين المرتزقة خلال العهد البائد، والذين اصبحوا اليوم ناطقين باسم الثورة، وكانوا يمجدون المخلوع وزوجته. واستغربوا من تنامي ظاهرة الدعاية السياسية مثل الحملة الاشهارية التي يقوم بها حزب الاتحاد الوطني الحر. ودعا بعضهم إلى رصد التجاوزات، وتثمين الايجابيات في الإعلام، ووضع خطة وطنية لدعم قدرات الصحفيين. كما انتقد اعضاء الهيئة استغلال اصحاب القنوات التلفزية لنتائج سبر الآراء مشككين في نزاهتها. يذكر أن الجلسة القادمة لمجلس الهيئة العليا لتحقيق اهداف الثورة الذي ستنعقد يوم الجمعة 19 اوت ستخصص لمواصلة النقاش حول مشروع القانون المتعلق بالجمعيات وبداية النقاش حول مشروع القانون المتعلق بالاتصال السمعي البصري.